*بقلم : شاكر فريد حسن
اختطفت يد المنون صباح هذا اليوم الكاتب والشاعر والمربي علي الظاهر زيداني، بعد معاناة قاسية مع مرض السكري، وبعد مشوار حياة زاخر بالعطاء التربوي والتعليمي والنشاط الثقافي والابداع الأدبي.
علي الظاهر زيداني من مواليد قرية الدامون المهجرة في الجليل الغربي العاك 1939، لجأ مع عائلته إلى طمرة، وفيها عاش وكبر وأقام حتى آخر أيام حياته، عمل مدرسًا ثم مديرًا لمدرسة الزهراء ج في قريته.
بدأ الكتابة عام 1961، ونشر مقالاته وأشعاره في المرصاد واليوم ومجلات دار النشر العربي لأولادنا وزهرة الشباب ومجلتي، وفي
صحيفة الانباء، وكان له فيها زوايا ثابتة منها : " ملاحظات عابرة " و " هبنقة العصري "، كذلك كتب في مجلة " المصور "، وعمل محررًا أدبيًا في مجلة المعلمين " صدى التربية " وكان له فيها عدة زوايا منها : " على متن الصدى " و " همسات عاتبة ". وعمل ايضًا محررًا في مجلة " الجيل الجديد " ومسؤولًا عن زاوية الشعر في مجلة " زهرة الشباب ".
كذلك نشر زيداني نتاجه الشعري والأدبي في العديد من المجلات والصحف المحلية كالشرق ومشاوير والصنارة وكل العرب وسواها.
صدر له في العام 1976 ديوانه الشعري الاول بعنوان "دمعة على خد نيسان " ومن اعماله الناجزة والمطبوعة ديوان " عشيات جليلية ".
ومنذ نشأته مارس علي الظاهر زيداني كتابة الشعر بوزن وقافية، والوزن بالنسبة له، كما قال مرة في احد الحوارات الصحفية، قيد جميل يحدد له معالم اللفظة الجميلة والتعبير الصادق.
كتب زيداني أشعارًا في الكثير من الموضوعات، فكتب في الحب والغزل، وحاكى الدامون والمهجرين والأرض والوطن والديار والبيادر والمروج الخضراء، ووصف سحر الربيع والطبيعة الغناء والبحر والكون والمراة.
وامتازت كتاباته الشعرية بالبساطة والوضوح والرقة والجمال اللفظي والتعبيري والعفوية الشفافة واعتماد المحسنات البلاغية البديعة.
من أشعاره قصيدة له عن مسقط رأسه " الدامون " المهجرة ، يقول فيها :
دامون
يا مرتع اشواق
يا مهبط عشاق
بهواها مفتون مفتون!!
ملعون.. ملعون
من روّع اصحاب
من شتت اتراب
واغتال القانون!!
ستون عليها ستون
وأضيفوا عاما آخر يضبط جرد حساب
سموها ما شئتم.. نكبه؟؟ غربه؟؟!
---
حمْلي اُجهض في ايار
وجنيني يسقط ليل نهار
دون عقار
رميت دهماء خطيئتهم بحجار!!
---
تضغطني ذاكرة النسيان.. لا املك حق النسيان
وعقارب ساعاتي ترجع للخلف وتوقف دولاب البهتان
عن زيف الدوران
غلط في الحِسبه
--
دامون
يا ديمومة جرحي يا نزف الاشجان
يا صمت عشياتي الخرسا
من قال بأني قد انسى
مجنون.. مجنون!!
في ذكرى النبكه
خاتمة الاحزان
وبداية حقبه؟!!
ومن شعره الغزلي الشفيف الرهيف الخلّاق :
وشطرت حنيني شطرينِ
وزعتِ حلاوة حلمي
ونشرتِ غمامة همّي
وزرعتِ الحسرة في أشواق العنينِ
اذني ملّت صوت " التقسيم على القانون
يا جُرح القانون !!
يا موجة بردِ بين " الفصلينِ "
---
رحلوا فبكيت
ورميتُ هنائي خلف البيت
وصبَرْت ...
أطفأت بمنفضتي حزن الأيام
وسجنتُ ببندقتي نهر الآلام
فغدًا تجلو عن صفوي تلك الغيمة
وغدًا تمحو يا بدْري جون العتمة
إن تمضي انتِ فلا اسفٌ !!
فامضي يا نصفي الآخر لا الفة بين
النصفين
ضيعي ما بين الدُرّ بين.
مضى الصديق علي الظاهر زيداني شاعر الحب والإنسانية والجمال، وارتحل إلى عالم الخلود، لكنه سيظل في القلب وذاكرتنا الثقافية، فسلامًا لروحه وعاشت ذكراه الطيبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق