⏫⏪
شكرا على اهتمامك ودعواتك الطيبة سيدي الكريم، وصدّقني؛ لست أقل منك احتراما للإسلام وسائر الديانات. لكن؛"لا ينفعُ السيفُ المُجرّدُ، إن تراخى المعصمُ". أنا أتهم المسلمين قبل أن أتهم الإسلام، ولا أريد أن ندخل في سجال عقيم ومضيعة للوقت لن تؤدي بنا
إلى مطرح. لأنني بلغت عمرا لن تتغير معه قناعاتي؟ وما ردي إلا من باب احترامك وحسب.
فعلاقة التاريخ والجغرافيا والدين أيضا وحسن الجوار والوفاء للخبز والملح، واللغة والأرض والمصير المشترك..؟ تلاشت بين سائر العرب "والمسلمين" وتحوَّلت إلى تناحرٍ وفرقة، بفعل المصالح الضيقة والغباء المستحكم، "وبات الواحد من يحمل في الداخل ضده"، ولم يقتصر تخلّفنا على تجدّد الغزوات فيما بيننا، وما سموه بجهاد "المعاشرة" في سفح مستودع أسرار النساء، وقتل بو بريص للدخول إلى الفردوس.! والحبل على الجرار في استنباط ترهات جديدة في الجهالة والغباء.
بينما تعززت العلاقة بين الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، فتحولت بعد الدماء الغزيرة إلى نهضة شاملة في وقت قياسيٍّ قصير، وسخّروا لمصالحهم الوجه الحضاري لنهاية الحرب. هم يجتمعون على الباطل ونحن نتفرق في الحق.
هل من حقنا الإفادة من الحاسوب والمحمول، أو التحليق عاليا للسفر فوق المحيطات..؟ عندما لم يتوصل الغرب إليها بالمجان، بل نتيجة أبحاث جادة وتضحيات واسعة في سائر العلوم. نحن نشتري بالمال "الوَسِخ" فكر الغرب الشافر بلغة أطفال اليمن. أما مالنا..؟ سينفد يوما وفكر الغرب يتواصل، لكنني سأحترم حالنا عندما نبلغ مستوى أولئك الكفار.
ومفردة علماء مشتقة من علم، وليست محصورة بعمائم أو تيجان "علماء" الدين الملوك، ممن انتسبوا إلى التسمية على نحو باطل. فالعلم كما أراه لا يتعدى أبحاث الفيزياء والكيمياء والرياضيات والكهرباء والصناعة وعلم الآلة والفضاء، وغيرها من مختلف المعارف والعلوم الأكثر إفادة في حياة البشر. وأما "علم" الدين فمسألة تعني الموعظة الحسنة، والغيبيات المتنوعة المختلفة، التي لا تتفق على مذهب أو رأي واحد، خلافا لسائر العلوم التي تتوافق غالبا فيما بينها.
وبناء عليه فرجال الدين في الحقيقة، ليسوا علماء حينما لم يكتشفوا أقله مما يتكون الماء!؟ ولو شئتَ أن تسميهم بدقة؟ فهم منظرون ومفتون في التفريق، بين ما هو حلال أو حرام وما هو طاهر أو نجس، دون أن يدرسوا ماهية الميكروبات، التي لم يعرفها "علماء" الدين إلاّ عن طريق الأبحاث. لكنهم مبشرون يثيرون الرعب، من تجديد الجلود والترويج للنار.
ونحن لا نملك في الوقت الراهن ما يسعفنا من الحرية والحق "المُزَأْبَق"، أكثر مما كانت عليه أحوالنا في الماضي. لأن النظام السياسي الاقتصادي العالمي، قد غيَّر أساليب الاستغلال، لكنه لم يغيِّر كثيرا في ماهية وجوهر الأشياء؛ ودعك من التفكير بالأسلمة! فقد لوَّحْنا مرة للحكم باسم الإسلام ودخلنا في حرب أهلية.. فتعززت الطائفية؛ والفساد صار يتلطى وراء الطوائف، وأستطيع الإشارة إلى المرتكبين بالأسماء، وهكذا تراجعنا زمنا إلى الوراء! والإنسان العربي أيضا ليس أفضل حالا مما عليه أحوالنا في لبنان.. عاجز ويكتفي بردة الفعل، دون أن ينجح ويحدث تغييرا ملحوظا في خريطة الفكر العام. لكنه قادر على قول بعض المسموح في حدود ضيقة للغاية. والشواهد على العقاب كثيرة ولم يمض عليها زمان طويل.
فهل رهان اليوم على من "يُقَصْقِصْ وَرَقْ وِيْساوي عَرَبْ"!؟ وما دمتُ من "المؤمنين" وحروبُنا تتواصل لنصرة الإسلام؟ فلن أستأذن أحدا للقول إننا منذ فجر الدِّين، ونحن نتمسك ونحرِّض على ما حصل من مظالم، بما لا يتعدى ما يحدث اليوم بآلاف المرات. ولا زلنا نتقاتل أفرادا وجماعات في الدّين وضمن المذهب الواحد. ولئن كانوا في الغرب "أولاد حرام" وهم من ورطونا بفعل غبائنا، مع من ساءك طلب المغفرة لهم؟ فأين عقل وحكمة وبأس وشئمة وشهامة المسلمين والعرب!؟
تناحرنا وتذابحنا فلم نتعب ونلقِ سلاحنا بعد ونخرج من تحت العباءآت، ولا زلنا نشهد بالزور على ما اقترفناه، ونفسّر ونجتهد في التفسير عما قالوه ويقولوه وماذا كانوا يقصدون، ولا زلنا نصلي وندعو الله ليبيد اليهود ويشتت شمل الكفار.
ونحن نملك من الثروات بما لا يُقدَّر بمال، وعدد المحرومين عندنا في ازدياد. وحينما كانوا يدعسون على سطح القمر ويعملون على انشطار الذرة؟ كنا نستسلم للنوم في أحضان النساء والثروات، ولا زلنا نتدارس كيف يصحُّ الوضوء وطريقة دخول المرحاض، وكيف نطهِّرُ الآنية من ولغ الكلاب، ثم نحجُّ لنغسل ذنوبنا ونرجم الشيطان! والشياطين لا تتكاثر إلاّ في بلاد المسلمين. خلاصة القول وزبدته أن الدين وحده "ما بيعمل أخلاق!؟ لكن الأخلاق هِيِّ اللي بتعمل الأديان" نشف الريق في حلقي يا صاحبي وقلت "بتهذيب" وبلا ترميز بعض ما في خاطري، وما يفرِّج قليلا من كربتي.. وانتهيت.
* إبراهيم يوسف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسالة إلى الأخ الكريم محمود بشارة وكل من يعنيهم الأمر
شكرا على اهتمامك ودعواتك الطيبة سيدي الكريم، وصدّقني؛ لست أقل منك احتراما للإسلام وسائر الديانات. لكن؛"لا ينفعُ السيفُ المُجرّدُ، إن تراخى المعصمُ". أنا أتهم المسلمين قبل أن أتهم الإسلام، ولا أريد أن ندخل في سجال عقيم ومضيعة للوقت لن تؤدي بنا
إلى مطرح. لأنني بلغت عمرا لن تتغير معه قناعاتي؟ وما ردي إلا من باب احترامك وحسب.
فعلاقة التاريخ والجغرافيا والدين أيضا وحسن الجوار والوفاء للخبز والملح، واللغة والأرض والمصير المشترك..؟ تلاشت بين سائر العرب "والمسلمين" وتحوَّلت إلى تناحرٍ وفرقة، بفعل المصالح الضيقة والغباء المستحكم، "وبات الواحد من يحمل في الداخل ضده"، ولم يقتصر تخلّفنا على تجدّد الغزوات فيما بيننا، وما سموه بجهاد "المعاشرة" في سفح مستودع أسرار النساء، وقتل بو بريص للدخول إلى الفردوس.! والحبل على الجرار في استنباط ترهات جديدة في الجهالة والغباء.
بينما تعززت العلاقة بين الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، فتحولت بعد الدماء الغزيرة إلى نهضة شاملة في وقت قياسيٍّ قصير، وسخّروا لمصالحهم الوجه الحضاري لنهاية الحرب. هم يجتمعون على الباطل ونحن نتفرق في الحق.
هل من حقنا الإفادة من الحاسوب والمحمول، أو التحليق عاليا للسفر فوق المحيطات..؟ عندما لم يتوصل الغرب إليها بالمجان، بل نتيجة أبحاث جادة وتضحيات واسعة في سائر العلوم. نحن نشتري بالمال "الوَسِخ" فكر الغرب الشافر بلغة أطفال اليمن. أما مالنا..؟ سينفد يوما وفكر الغرب يتواصل، لكنني سأحترم حالنا عندما نبلغ مستوى أولئك الكفار.
ومفردة علماء مشتقة من علم، وليست محصورة بعمائم أو تيجان "علماء" الدين الملوك، ممن انتسبوا إلى التسمية على نحو باطل. فالعلم كما أراه لا يتعدى أبحاث الفيزياء والكيمياء والرياضيات والكهرباء والصناعة وعلم الآلة والفضاء، وغيرها من مختلف المعارف والعلوم الأكثر إفادة في حياة البشر. وأما "علم" الدين فمسألة تعني الموعظة الحسنة، والغيبيات المتنوعة المختلفة، التي لا تتفق على مذهب أو رأي واحد، خلافا لسائر العلوم التي تتوافق غالبا فيما بينها.
وبناء عليه فرجال الدين في الحقيقة، ليسوا علماء حينما لم يكتشفوا أقله مما يتكون الماء!؟ ولو شئتَ أن تسميهم بدقة؟ فهم منظرون ومفتون في التفريق، بين ما هو حلال أو حرام وما هو طاهر أو نجس، دون أن يدرسوا ماهية الميكروبات، التي لم يعرفها "علماء" الدين إلاّ عن طريق الأبحاث. لكنهم مبشرون يثيرون الرعب، من تجديد الجلود والترويج للنار.
ونحن لا نملك في الوقت الراهن ما يسعفنا من الحرية والحق "المُزَأْبَق"، أكثر مما كانت عليه أحوالنا في الماضي. لأن النظام السياسي الاقتصادي العالمي، قد غيَّر أساليب الاستغلال، لكنه لم يغيِّر كثيرا في ماهية وجوهر الأشياء؛ ودعك من التفكير بالأسلمة! فقد لوَّحْنا مرة للحكم باسم الإسلام ودخلنا في حرب أهلية.. فتعززت الطائفية؛ والفساد صار يتلطى وراء الطوائف، وأستطيع الإشارة إلى المرتكبين بالأسماء، وهكذا تراجعنا زمنا إلى الوراء! والإنسان العربي أيضا ليس أفضل حالا مما عليه أحوالنا في لبنان.. عاجز ويكتفي بردة الفعل، دون أن ينجح ويحدث تغييرا ملحوظا في خريطة الفكر العام. لكنه قادر على قول بعض المسموح في حدود ضيقة للغاية. والشواهد على العقاب كثيرة ولم يمض عليها زمان طويل.
فهل رهان اليوم على من "يُقَصْقِصْ وَرَقْ وِيْساوي عَرَبْ"!؟ وما دمتُ من "المؤمنين" وحروبُنا تتواصل لنصرة الإسلام؟ فلن أستأذن أحدا للقول إننا منذ فجر الدِّين، ونحن نتمسك ونحرِّض على ما حصل من مظالم، بما لا يتعدى ما يحدث اليوم بآلاف المرات. ولا زلنا نتقاتل أفرادا وجماعات في الدّين وضمن المذهب الواحد. ولئن كانوا في الغرب "أولاد حرام" وهم من ورطونا بفعل غبائنا، مع من ساءك طلب المغفرة لهم؟ فأين عقل وحكمة وبأس وشئمة وشهامة المسلمين والعرب!؟
تناحرنا وتذابحنا فلم نتعب ونلقِ سلاحنا بعد ونخرج من تحت العباءآت، ولا زلنا نشهد بالزور على ما اقترفناه، ونفسّر ونجتهد في التفسير عما قالوه ويقولوه وماذا كانوا يقصدون، ولا زلنا نصلي وندعو الله ليبيد اليهود ويشتت شمل الكفار.
ونحن نملك من الثروات بما لا يُقدَّر بمال، وعدد المحرومين عندنا في ازدياد. وحينما كانوا يدعسون على سطح القمر ويعملون على انشطار الذرة؟ كنا نستسلم للنوم في أحضان النساء والثروات، ولا زلنا نتدارس كيف يصحُّ الوضوء وطريقة دخول المرحاض، وكيف نطهِّرُ الآنية من ولغ الكلاب، ثم نحجُّ لنغسل ذنوبنا ونرجم الشيطان! والشياطين لا تتكاثر إلاّ في بلاد المسلمين. خلاصة القول وزبدته أن الدين وحده "ما بيعمل أخلاق!؟ لكن الأخلاق هِيِّ اللي بتعمل الأديان" نشف الريق في حلقي يا صاحبي وقلت "بتهذيب" وبلا ترميز بعض ما في خاطري، وما يفرِّج قليلا من كربتي.. وانتهيت.
* إبراهيم يوسف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسالة إلى الأخ الكريم محمود بشارة وكل من يعنيهم الأمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق