وفي مجموعته التي تقع في نحو مئة صفحة يستهل القاص مجموعته بقصيدة يهديها إلى القدس، ومطلعها:
"أنا القدس أم الدنا
وروض وبيت الهدى
أنا نبض معجزة
تكالم بها الأحمدا
بأمر صدوق نزل
ترى فيه صدق الصدى"
ويلتقط غالبية قصصه وشخوصه من الأماكن المتحركة أو المحال التي يتوافد إليها الناس ويغادرونها، ومنها المقاهي والشوارع والراحلات والقطارات.
وغالبية القصص تتصل بشخوص وأماكن مغربية لأناس التقاهم عرضيا، ولم يختارهم، وهم ليسوا أبطالا ليقوموا بأشياء خارقة، بل أناس عاديون، وبطولتهم تنبع من حكاياتهم الفارقة أو المؤلمة للحياة الرتيبة التي يعيشونها في القرى أو الأحياء الشعبية من الواقع المؤلم.
يسرد القاص حكاياته كراوٍ جوال بمشاهدات من الحياة التي يراها، ومعظم قصصه تنطوي على إسقاطات سياسية مرمّزة بتساؤلات أو بناءات تقوم على المفارقة، ومنها القصة التي حملت عنوان "الفانوس.. أين العفريت؟" التي يسرد فيها حكاية عن سلوك اليهود "العفريتي" في المغرب.
وتبدو تلك الرمزيات حتى في الأسماء التي يختارها القاص للطفل المغربي اسم أحمد، وللرجل اليهودي اسم شارون بما توحي الأسماء من دلالات، حيث يرتبط اسم شارون بالإرهابي الصهيوني الذي غزا بيروت.
ومن مناخات القصة: "ألم يخبرك ابني (مردوشيه) قبل أن يبيعك إيّاه؟ إننا تقاسمنا إرث الفوانيس قديما.
رد الطفل أحمد، هذا كلام أكبر من سني، وضّح كلامك، ابنك غاظني.
تظاهر شارون بضحكة محلها الخداع والكذب، والتقت عيناه بعيني أحمد، ثم قال بلغة ركيكة معرّبة: "أخبر والدك أن نصيبكم من الإرث هو الفانوس، أما العفاريت فقد احتفظنا بها نحن اليهود لتخدمنا. أي باليهودي: الفانوس لعبتكم، والعفاريت ملك لنا".
ويركز القاص على المقارنات بين زمنين أو مكانين حزهما الزمان، ملتفتا إلى سيطرة شبكات التواصل الاجتماعي على الأجيال، والتغيرات الاجتماعية التي أحدثتها سلطة المال والتي انعكست على المجتمعات البسيطة بالمعاناة والبطالة وتأثير العولمة على الفقراء.
ولا يستعمل القاص في حكاياته بعض مفردات اللهجة المغربية وأمثالها الشعبية، وإنما الروح المغربية في القص التي توحي بالبيئة المغربية في شوارعها ومقاهيها وبيوتها وناسها.
اشتملت المجموعة على عدد من عناوين القصص، ومنها "حملة شغب"، "وطأة الإهانة"، "الزاوية"، "الأقزام"، "لا صياح..لا نباح"، "مهرّب الأحلام" (التي حملت المجموعة اسمها)، "هوميروس الكذاب"، "الأجلاف"، "خريطة الغد"، "بعوضة كافية لإطعام فيل"، و"الفانوس .. أين العفريت؟".
فيما وصفه القاص والناقد العربي بنجلون، بأنه أحد الذين ظلوا متشبتين بوطنهم، وانتمائه لبلده.
يشار إلى أن الكاتب محمد التطواني صدر له مؤلفات عدة نذكر منها: في مجال القصة "الحيتان والثعابين"، وفي مجال الرواية "مكاشفة تلاحق الزعيم"،
وفي مجال الشعر "أنا لا أتكلم لغتك ولكن أتفهَّم شعورك، وهو عمل مشترك عربي هولندي"، وفي مجال المذكرات "رحلة مع محمد زفزاف وعبدالسلام عامر، قراءة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق