اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

حرب التحريرما زالت قائمة في رأس جدي ...**احماد بوتالوحت

في تلك الليلة ، حمل جدي بندقيته العتيقة وكان ـ حسب ماقاله لجدتي ـ قد سمع أصواتاً غريبة في البيت ربما تكون آتية من المطبخ أو من إحدى الغرف ، أصوات تشبه قعقعة أدوات ثقيلة وأحياناً تشبه أزيز الرصاص ، أصاخت العجوزة ماسكة بيد العجوز التي كانت تضم البندقية إلى صدره ، لم تلتقط أذنيها نأمة ، عَيَرَهَا جدي بسمعها الثقيل وبِكَونِ أذنيها تلتقطان فقط ، ما تريد أن تسمعه هي .
على ضوء مصباح كهربائي يشتغل بالبطاريات ـ الذي عمَّر كذلك حتى بلغ أرذل العمر ـ تقدم جدي نحو المطبخ ، تفحص جنباته ،لاشيء كان ينبيء بوجود حياة هناك ، كان الصمت سائداً . عرج على الحظيرة ثم الهُري، يسبقه ضوء مصباحه. في الحظيرة كانت بعضة أبقار تجتر ما أكلته في كسل ورؤوسها خالية من الهَمِّ ، بينما رؤوس الأغنام أمسكت عن الأكل وبدأت تنظر إليه ببلادة ورؤوسها منعكسة بفعل الضوء على الحيطان، وفي الهري وجد الفئران أكبر مما كانت عليه قبل ، حتى أصبحت تفوق قامة جدتي.
ـ يجب أن نعثر على مبيد لهذه المخلوقات الغريبة التي تبدو كأنها نزلت من كوكب آخر، قال جدي لجدتي. ثم أخد وجهة الباب الخارجي بعد أن دعا العجوز أن تلتحق بغرفتها مجبراً أياها على ذلك .
وَ دُون مقاومة توجهت الكثلة الضئيلة إلى مرقدها لِمَا تعرفه في العجوز من صرامة. تمددت على حشية ، لكنها لم تنم ، تذكرت تلك الليلة التي خرج فيها زوجها مصحوباً ببعض الرجال الأشداء في القرية لمواجهة العدو الذي أغار على القرية ، كانت الفئتان غير متكافئتين في العدد والعتاد ، ورغم ذلك أظهر المجاهدون بسالة قوية لا نظير لها ، أسقطوا بعض المغيرين لكنهم إضطروا أن ينسحبوا بعد أن قَلَّ زادهم من العتاد الحربي ، توجهوا خارج القرية محاولين ان يجبروا العدو تعقبهم ، حتى يجنبوا القرية الدمار ، لكن العدو لم يتعقبهم إلا بعد أن نهب القرية وقتل بعض الأطفال والعجائز وخربها ثم أضرم النار فيها . ومنذ تلك الليلة إختفى المجاهدون ولم يظهروا بعد ذلك لا في قريتهم ولا في الأرياف المجاورة ، إنقطعت أخبارهم ، وعَدَّهُم الأهل من المفقودين. وبمجرد ما وضعت الحرب أوزارها في البلاد ،عَادُوا ! كانوا مُشعثِي الشعر وعلى رؤوسهم القش والغبار وبدت عيونهم كأنها خرجت من أديم الأرض ، كانت عظامهم بارزة ،ومطاياهم منهكة ومريضة توشك أن تَخُرَّ ومن أحذيتهم برزت أصابعهم المشققة ، تذكرت جدتي سنين الحرب الطويلة ومعاناة القرويين من الجوع والعطش والمرض والتهميش.
تتبع جدي الاصوات التي أصبح الآن يسمعها هناك ! خلف التلة المشرفة على واد قفر غير ذي ماء ولا زرع ، أطل على السفح وعلى ضوء مصباحه الذي إبتلعه الفراغ ، تهيأ له أنه شاهد أشباحاً تتحرك في إتجاه القمة ، سحب كيسه الذي يحوي بعض أصابع الرصاص الفاضلة من الحرب السابقة ،التي مر عليها الآن عشرة عقود ، ألقم بندقيته رصاصة وانتظر حتى أصبح أحد الاشباح قاب قوسين أو ادنى من قمة الربوة ، حرر الرصاصة التي لم تذهب بعيداً بعد ان اضاءت جبين الليل وإنما ' طشَّت ' أمام بسطانة البندقية وكادت شرارتها ان تؤدي عينيه ، جرب رصاصة أخرى لكنها خانته ، إمتلأ جدي بالغضب وظن أنه سمع نباح كلاب تصعد التلة ، كما خال أن طيوراً ليلية عبرت فوق رأسه واختفت مقهقهة في الظلام ، كما حسب أن ريحاً صرصراً عاتية عوت في عتمة الليل ، إستعرض في ذاكرته سنين الحرب ،تأججت نار الحقد في صدره ، أصبح يلقم آلته الكئيبة بلوطات الرصاص ويفرغها أسفل الوادي بطريقة جنونية حتى أضحى الكيس فارغاَ من محتواه ، قام العجوز من على الربوة التي كان جاثياً عليها وهو مثقل بالهم ولم ينم تلك الليلة ولا الليلة التي أعقبتها حيث بات ينتفض ويتوعد ويصرخ خلال حرب نشبت بينه وبين الغزاة بالسلاح الأبيض وقد أصاب جدتي ليلتها مالا يحصى من اللكمات والضربات التي كان يسددها جدي في إتجاه عدو متوهم ـ لما فقد مديته خلال المواجهة ـ هو الذي لم يصدق يوماً أن حرب التحريرإنتهت ولم تعد قائمة إلا في رأسه .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
احماد بوتالوحت

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...