(مقطع مِن النص بعنوان: كيمياء)
مُصادفة رُبّمَا وضعني القدر على سطوره اللاهثة،
أحاولُ جهدي التوازن والاستمرار ..
شبه مُتأكدة لو خيروني سأختار وجعي ذاته ..
إنّها حياتي، اعتادت خربشتي وقرقعتي وشغبي المنذور ..
لفرط فضولي كنتُ أرقبُ رقص لظى موقد النار،
مِن صغري تشدّني عفاريت الليل المُشاغبة، أمدّ أصابع يديّ نحو لهب المدفأة بجرأة، يُحرضني ويُغريني لونها البرتقالي الممتزج بجني مُحبّر.
تنهرني أمّي خائفة: - لا تحرقي أصابعكِ.
لا أجد مسوّغاً ولا تفسيراً لقلقها المُمرض، كلّ شخص لا يتعلم إلاّ مِن خبايا كيسه..
كنتُ أخفي علب الكبريت في جيبي، أستمتعُ برقص نور العيدان وسط العتمة ..
مع صوت شخير الليل وعربدة ظلال مُعفرتة، أقضي على العيدان وأنا أبتسم
كوني تمرّدت على أشباح الظلام ..
ورائحة حلوة تداعب أنفاسي ورئة مُخيلتي الناهضة.
تستغربُ أمّي: - أيّ عفريت يسرق علب الكبريت مِن درج المطبخ الغافل والبشر نيام؟
بمكر وخبث أضحك وأنا أجمع عيداني المُحترقة، أعيدها
إلى رحم أمّها الصغير وأرميها مِن شرفة ساكتة لا تخبر أمّي عن عبث لهوي وتخريبي.
إلى أنْ انكشف المستور وبان دون طلب أمان.
مسكتني ذات مرّة بجرمي المشهود، كزّت على أسنانها القوية وربطتني بجورب نسائي طويل إلى طرف سرير حديدي ساعات طويلة ..
حدث يومئذ أنْ فك الرباط أبي عند عودته مِن دوامه
من القصر العدلي ..
مُشفقاً على دموعي يقول: - بوسي التوبة يا بابا.
إلى الآنْ لا أظنني عرفت معنى التوبة.
أذكر أيضاً كيف كنت أتلصصُ مِن ثقب مُفتاح غرفة نومهما علّني أستدل تفاصيل أجهلها، مُصيبتي لمْ أر أيّ شيء غريب وقتئذ ..
ههه على ما يبدو كانَ التحفظ أول شعاراتهما،
كنت فقط أرى أمّي تسأل بحيويّة وأبي يهز رأسه بالإيجاب
أو بالنفي وهو يقرأ سطور جريدة أو يسمع
نشرة أخبار الراديو باهتمام ..
كان الفضولُ واضحاً على تعبير ملامحي وحركاتي ونقطة سوداء وسط جبيني لا تراها سوى أمّي حين أقترف ذنباً جديداً واتضح فيما بعد أنّها كانت تكشفني لحظة هروبي الجبان ..
بحزم كانت تقول: - أرني جبينك كي أعرف صدقك أو كذبك.
أركضُ مهرولة مذعورة، لو كنت أدري أنها تعرفني حينئذ مِن الهرولة الغبيّة لقبعت دون أيّ حراك ..
وتأتي شكاوي الجيران إلى أمّي: هُناك مَنْ يكتب على جدران البناية ويلون الغسيل بالطباشير والألوان.
كنتُ أغسلُ يديّ دون أنْ تراني وتعرف جريمتي كي أمحي الآثار وأمسحُ بمريول المدرسة ما بقي مِن ثرثرة مُتعدية ثمّ أنتظر غفلة الجميع لأعود و أبحر في مُحيط مُغاير ..
أشكّلُ الأشكالَ التي تعجبني وتروق لي وكأنّها طلاسم جان ..
إلى الآن ما زلتُ أموج
وأنقّب في أرجاء المحيط بين خطوط شائكة، عن شيء لا أعرف كُنهه بالضبط.
أبحثُ عنْ مفاتيح وخلطات حياة أظنّها عصيّة على الفهم والإدراك ..
لكن مهما عرفنا مِن الأمور يبقى هُناك أشياء ومنمنمات كثيرة
نجهل كيمياء خلطاتها العجيبة ..
مُصادفة رُبّمَا وضعني القدر على سطوره اللاهثة،
أحاولُ جهدي التوازن والاستمرار ..
شبه مُتأكدة لو خيروني سأختار وجعي ذاته ..
إنّها حياتي، اعتادت خربشتي وقرقعتي وشغبي المنذور ..
لفرط فضولي كنتُ أرقبُ رقص لظى موقد النار،
مِن صغري تشدّني عفاريت الليل المُشاغبة، أمدّ أصابع يديّ نحو لهب المدفأة بجرأة، يُحرضني ويُغريني لونها البرتقالي الممتزج بجني مُحبّر.
تنهرني أمّي خائفة: - لا تحرقي أصابعكِ.
لا أجد مسوّغاً ولا تفسيراً لقلقها المُمرض، كلّ شخص لا يتعلم إلاّ مِن خبايا كيسه..
كنتُ أخفي علب الكبريت في جيبي، أستمتعُ برقص نور العيدان وسط العتمة ..
مع صوت شخير الليل وعربدة ظلال مُعفرتة، أقضي على العيدان وأنا أبتسم
كوني تمرّدت على أشباح الظلام ..
ورائحة حلوة تداعب أنفاسي ورئة مُخيلتي الناهضة.
تستغربُ أمّي: - أيّ عفريت يسرق علب الكبريت مِن درج المطبخ الغافل والبشر نيام؟
بمكر وخبث أضحك وأنا أجمع عيداني المُحترقة، أعيدها
إلى رحم أمّها الصغير وأرميها مِن شرفة ساكتة لا تخبر أمّي عن عبث لهوي وتخريبي.
إلى أنْ انكشف المستور وبان دون طلب أمان.
مسكتني ذات مرّة بجرمي المشهود، كزّت على أسنانها القوية وربطتني بجورب نسائي طويل إلى طرف سرير حديدي ساعات طويلة ..
حدث يومئذ أنْ فك الرباط أبي عند عودته مِن دوامه
من القصر العدلي ..
مُشفقاً على دموعي يقول: - بوسي التوبة يا بابا.
إلى الآنْ لا أظنني عرفت معنى التوبة.
أذكر أيضاً كيف كنت أتلصصُ مِن ثقب مُفتاح غرفة نومهما علّني أستدل تفاصيل أجهلها، مُصيبتي لمْ أر أيّ شيء غريب وقتئذ ..
ههه على ما يبدو كانَ التحفظ أول شعاراتهما،
كنت فقط أرى أمّي تسأل بحيويّة وأبي يهز رأسه بالإيجاب
أو بالنفي وهو يقرأ سطور جريدة أو يسمع
نشرة أخبار الراديو باهتمام ..
كان الفضولُ واضحاً على تعبير ملامحي وحركاتي ونقطة سوداء وسط جبيني لا تراها سوى أمّي حين أقترف ذنباً جديداً واتضح فيما بعد أنّها كانت تكشفني لحظة هروبي الجبان ..
بحزم كانت تقول: - أرني جبينك كي أعرف صدقك أو كذبك.
أركضُ مهرولة مذعورة، لو كنت أدري أنها تعرفني حينئذ مِن الهرولة الغبيّة لقبعت دون أيّ حراك ..
وتأتي شكاوي الجيران إلى أمّي: هُناك مَنْ يكتب على جدران البناية ويلون الغسيل بالطباشير والألوان.
كنتُ أغسلُ يديّ دون أنْ تراني وتعرف جريمتي كي أمحي الآثار وأمسحُ بمريول المدرسة ما بقي مِن ثرثرة مُتعدية ثمّ أنتظر غفلة الجميع لأعود و أبحر في مُحيط مُغاير ..
أشكّلُ الأشكالَ التي تعجبني وتروق لي وكأنّها طلاسم جان ..
إلى الآن ما زلتُ أموج
وأنقّب في أرجاء المحيط بين خطوط شائكة، عن شيء لا أعرف كُنهه بالضبط.
أبحثُ عنْ مفاتيح وخلطات حياة أظنّها عصيّة على الفهم والإدراك ..
لكن مهما عرفنا مِن الأمور يبقى هُناك أشياء ومنمنمات كثيرة
نجهل كيمياء خلطاتها العجيبة ..
*هُدى محمد وجيه الجلاّب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق