اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

المُهْلة ــ قصة قصيرة ...** محمد أبوالدهب ــ مصر

الخامسة والأربعون. شِختُ قرابة التعفّن، وإن لم أزل أرمح فى المُهْلة..... (المهلة: تسميةٌ أطلقها عبدالله على السنوات التى بين الوصول إلى الدنيا والرحيل عنها، الفرصة التى يُعطاها الواحد لتسوية أوضاعه فى الآخرة، قال إن لها أصلاً فقهيّاً. ما كنتُ أسمّيه أنا شيئاً آخر، دون التركيز على مسألة تسوية الأوضاع. كنت صغيراً على أية حال، حدث ذلك قبل ثلاثين عاماً، عندما طلع لى عبدالله من كتاب "أهوال القيامة" الذي استعرته من مكتبة المدرسة، تحديداً من صفحة "صفة وديان جهنم"، ولم يفارقني بعدها. توترت علاقتنا أحيانا، لدرجة أنى تجرّأت مرةً فسألته: هل يعنى تفاوت سنوات مهلةٍ عن أخرى عدم تكافؤ الفرص؟ غضب عبدالله غضباً لم يغضب مثله قبله، وبصق فى عينى ثلاثاً فنمتُ، وأدخلني في كابوسٍ، قام فيه بدور واحدٍ من الملائكة الغلاظ الشداد)..... الشواهد لا تخدع. آخرها الصور التى التقطتْها زوجتى. تصلح لرجل ركلته أيامه حدّ موت الجدوى. كنت بحاجة لعدد من الصور الحديثة، الشائخة بالأصح. أُرسلها مع قصصى القصيرة، إلى المجلة الإلكترونية. قررتُ أخيراً التعامل معها، بعد أن أقسمتُ مراراً ألا ألقى الأوراق. تحوّل خانع، متأقلِم، يدعّم شيخوختى.

ضحكنا بينما نحاول إتقان أدوارنا. هى كمصوّر محترف وأنا كنجم معتم متوهَّم. تضحك من قلبها كالتى أتاها اليقين، وأضحك من قلبى كالذي هجره اليقين. ذلك أنى، بدافع انعدام الضرورة، اكتفيت بارتداء القميص، بلا بنطلون. أُرسل وجهى فقط. وجه يدّعى الانغماس فى تفكير خطير!. كان لابد أن تستغل المشهد: أنثى طيبة احترفت الخجل لأربعين عاما - كلّ مهلتها حتى الآن - تطارد شعوراً حائراً بالأمان مع زوج خفيف الطالع!
*
جاء عبدالله لينظر فى صورى، أو لغرضٍ فقهىٍّ فى نفسه. لم أعد أجادل فى أنى أخصّه بطريقة ما، ولا فى أن نصف مهلتى له، طوعاً أو كرها، إلا إذا استطاع قَنْصها كلها. ابتسم ابتسامة عصيّة التأويل كالعادة، قال: لماذا لا تأخذ منها عند موتك؟

تمنيتُ ألا تطول زيارته. لا أقدر على الصّدْع بما أتمنّى. وحده المقتحم أستار مهلتى، كما لو أنه لا يملك واحدةً. لكنها ليلةٌ انكشفت فيها أسرار. أثبت عليها. أثبت على الانخلاع منها. لا أحتمل نبشاً جديدا بمحتويات دماغى. وحده القادر على النبش. شئتُ أم أبَيت. ثلاثون عاماً من المناورات الدوّارة حول تسوية الأوضاع. قلت بعناد زائل: لم أعد مضطراً لأخذ شىء عند موتى!

ارتجف عبدالله. يثق بأني سأضطر. قام إلى المطبخ، صنع كوب شاى، تأكد أن علبة سجائري تكفى الليلة، هو الذي يحظرها. لعله تغييرٌ فى التكنيك. انصرف، لأخوض امتحان الثبات المنخلع وحيداً. ربما فكر أنه من غير اللائق إيقاظ الزوجة فى ساعة متأخّرة، أو أنه من الأرحم لمهلتها تركها تجوس في الغفلة.

الشاى مضبوط والسيجارة سالكة. فليؤجَّل الثبات!. قمت لأرقد إلى جوارها. سبقنى عبدالله. سمعته يتضرّع: اللهم جنّبنا الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتنا. ارتحتُ لوقوعي على حقّ شرعىّ سبّب خفّة زيارته. تشاءمتُ بليلةٍ فى المهلة تمضى بلا مُسبِّب!
*
رزقُ جسديْن طموحَيْن حَملٌ خفيف لم يساهم الشيطان فى صناعته. مولود يعيد التوازن اللعين بصراخه المضجِر. طفل آخر يدلّل، أثناء دورة ترعرعه، على سخافة الطموح. تزلّفتُ ب (دعاء الجِماع) مئات المرّات لعشرين عاما من زمن المهلة مع ثلاث نساء. آخرهن الغافلة الراضية بنصيبها. اعتاد الماء الدافق أن ينساب نقيّاً مكسورا، مثل لبن طازج خلطه بائعه بالماء.

المرأتان، الأولى والثانية، دأبتا على تذكيري. تتحصّلان على براءة لمستقبل مُهلتيْهما، مدعومة بالأدلة النقلية والعقلية: ملف يضم ثمانية وعشرين تحليلاً للسائل المنافق!.. ملف آخر شفاهى - خارج المنافسة - يثبت أن ذكور عائلتى آباء، وأن إناث عائلتيهما أمهات، حتى فى الأجيال التى ستسهو سهواً جميلا عن الدعاء من بعدهما. الفقهاء، أصحاب عبدالله، أخبروا أن الرجل ينافح عن جسده وعن جسد امرأته.

انتهت مهلة الأولى فجأة بعد طلاقنا بعام. وإذا كان عبدالله صادقاً فإنها وَلدتْ الآن سبعين ألف طفل، دون أن يمتصّ جسدها قطرة من أى سائل، لأنها ماتت ساجدة. وإن كانت الأخرى فإنها متنكّرة فى لحاء شجرة أو دودة مقابر، على أمل العودة فى حقبةٍ من الأبد. ربما أنظر فى أمرها ليلةً.

الثانية أمطرتني برسائل ركيكة على الموبايل، منذ اليوم التالى للطلاق: أنت مائى فى اليوم الحرّ، أنت غطائى فى اليوم البرد، أنت شمعتي حين ينقطع النور! توقفتْ لما أُرسِل مَن أَنصف مهلتها بسائل مكنون، لم يندلق مرةً، ذلك الإندلاق المخزى، فى قارورة معمل تحاليل.

هل يتعجّب عبدالله أنى أهلكتُ حقبةً لا يستهان بها من مهلتى فى افتقاد رسائلها؟!
*
أعرف أنى لن أنام. يعرف عبدالله أن أهل الجنة لاينامون، وأن منعهم من النوم كرامة. تسللت، حريصا ألا أقطع هدنة مهلتها، إلى حجرة الكمبيوتر، لأكتب القصة الإلكترونية. باغتني عند الباب. الحقُّ أنى لم أُباغَت. لمحت خياله حين تسلّلى. لم أتراجع مع ذلك. غيّرتُ وجهتى لما ضربني بعصا يقينه فى صدرى. ليس فى الضربة ريح مجاز. القائل(شبّه اليقين بشيء مادىّ) يموت مقصوف المهلة. قال: اغتسِل من الجنابة. اغتسلت لأضع عينى فى عينه. كان قد اختفى. واصلتُ المكابرة ففردت سجادة الصلاة. صلّيت العشاء. أطلتُ السجدة الأخيرة. قلت كثيراً. ما سأخبر به عبدالله إن لم يعلمه بالنبوءة، وما سأحتفظ به لميقاتٍ من وراء المهلة. عندما أوشكت على البكاء رفعت رأسى: هذه أحوالٌ تفسدها هشاشة العواطف!

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...