قالت: شكراً.
جبلٌ عال معتم ومهجور قبالة الجبل المأهول بالناس والضحكات والصخب، في طريق لم يعبد شُق لمساعدة أهل المدينة العارفين على أن يتجاوزوا أزمة الطرقات، لقلة المارقين فيه يعوي الخواء. من هناك كانت المدينة تعج بالأضواء المرمية كجثة بيضاء حيناً ما بين عيبال وجرزيم وحيناً كعرس مزركش يمر عبر جنازة، أما الغيوم فتقمصت لون الطرقات والشهداء ودموع الامهات الثقيلة، حمراء بلون مثلث العلم الذي ابتلع زيتوننا وسلامنا، قريبة حد الهيام، عصية حد الملام. قبل الوقت بسنين كنت تلميذاً للصمت والاغتراب، باحثاً عن ملجئ اخبئ فيه وحدتي؛ أسير أميالاً صعوداً، أبلع البرد لارمق الغيمات الحمراوات هرباً من مدينة تحترف الحلوى والقسوة، تضيء السماء والنفوس ملؤها الظلام.
قالت: شكراً.
يومها اشتعلت أنوار الدنيا بعيني كأقصى الفرح؛ كالبكاء. كانت طالبة في السنة الأخيرة بذات الجامعة التي تعلمتُ فيها أن امضغ عقلي جيداً وأن ارثى لكل إرث، تملك ذات اليأس من مدينتنا الحمراء الطافحة بالعيون، ولها شغف العشق. وكما العَلم ارتكنا الى الجانب المعتم في ذاك الطريق المقفر فوق الجبل، نبحثُ عن مكانٍ آمانٍ للحب.
تبسمتُ حباً؛ إن الامكان لا تقسو علينا إن نحن اهدرنا وحدتنا فيها ستبادلنا الدفئ يوماً.
قالت: شكراً.
ضحكَ قلبي. إن للدنيا دروبٌ لا يعلم كُنها إلا عينٌ عليا؛ بدويٌ قضى الطفولة راعٍ لنايات الرعاة والسهول وحجارة تحمل الأذى والمخاطر، وسهوباً لا تمل المسير، بدويٌ عرف صمت الجمال وجمال الصمت فورث عقدة في اللسان والألوان. كيف توصف عينان تحويان آلافاً من الاكوان والألوان! كيف يوصف مرور الغيم الأحمر في العيون السماوية والخد متورداً كمسيرة شموع في حديقة خريفية! كيف لمضغة من طينٍ يابس أن تدرك محرابين الاهيين يختزلان اسرار الايمان والاحلام وولادة الهوى!
قالت: شكراً وغادرت المكان على عجلٍ. مر الزمان ولم تزل نعومة التراب في يدي، ورحيق الشفاه خمرٌ تعتق فوق شفتي، وحجارة ألقيتها لهواً من السفح سقطت كلها في فمي، وانفاسنا التي اسْتَعَرَت اليوم قد تخمد..
مر الزمان على غفلة وظننتُ أن الامكان تبقى أوفى من أصحابها لكنني أيقنتُ: أنتِ المكان. تبسمتُ حباً: لكِ ألف شكراً.
جبلٌ عال معتم ومهجور قبالة الجبل المأهول بالناس والضحكات والصخب، في طريق لم يعبد شُق لمساعدة أهل المدينة العارفين على أن يتجاوزوا أزمة الطرقات، لقلة المارقين فيه يعوي الخواء. من هناك كانت المدينة تعج بالأضواء المرمية كجثة بيضاء حيناً ما بين عيبال وجرزيم وحيناً كعرس مزركش يمر عبر جنازة، أما الغيوم فتقمصت لون الطرقات والشهداء ودموع الامهات الثقيلة، حمراء بلون مثلث العلم الذي ابتلع زيتوننا وسلامنا، قريبة حد الهيام، عصية حد الملام. قبل الوقت بسنين كنت تلميذاً للصمت والاغتراب، باحثاً عن ملجئ اخبئ فيه وحدتي؛ أسير أميالاً صعوداً، أبلع البرد لارمق الغيمات الحمراوات هرباً من مدينة تحترف الحلوى والقسوة، تضيء السماء والنفوس ملؤها الظلام.
قالت: شكراً.
يومها اشتعلت أنوار الدنيا بعيني كأقصى الفرح؛ كالبكاء. كانت طالبة في السنة الأخيرة بذات الجامعة التي تعلمتُ فيها أن امضغ عقلي جيداً وأن ارثى لكل إرث، تملك ذات اليأس من مدينتنا الحمراء الطافحة بالعيون، ولها شغف العشق. وكما العَلم ارتكنا الى الجانب المعتم في ذاك الطريق المقفر فوق الجبل، نبحثُ عن مكانٍ آمانٍ للحب.
تبسمتُ حباً؛ إن الامكان لا تقسو علينا إن نحن اهدرنا وحدتنا فيها ستبادلنا الدفئ يوماً.
قالت: شكراً.
ضحكَ قلبي. إن للدنيا دروبٌ لا يعلم كُنها إلا عينٌ عليا؛ بدويٌ قضى الطفولة راعٍ لنايات الرعاة والسهول وحجارة تحمل الأذى والمخاطر، وسهوباً لا تمل المسير، بدويٌ عرف صمت الجمال وجمال الصمت فورث عقدة في اللسان والألوان. كيف توصف عينان تحويان آلافاً من الاكوان والألوان! كيف يوصف مرور الغيم الأحمر في العيون السماوية والخد متورداً كمسيرة شموع في حديقة خريفية! كيف لمضغة من طينٍ يابس أن تدرك محرابين الاهيين يختزلان اسرار الايمان والاحلام وولادة الهوى!
قالت: شكراً وغادرت المكان على عجلٍ. مر الزمان ولم تزل نعومة التراب في يدي، ورحيق الشفاه خمرٌ تعتق فوق شفتي، وحجارة ألقيتها لهواً من السفح سقطت كلها في فمي، وانفاسنا التي اسْتَعَرَت اليوم قد تخمد..
مر الزمان على غفلة وظننتُ أن الامكان تبقى أوفى من أصحابها لكنني أيقنتُ: أنتِ المكان. تبسمتُ حباً: لكِ ألف شكراً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق