اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قراءات في نصوص المبدعين : هدى توفيق، زاهدة الهاشمي، مراد لعرب الأندلسي، رحمة عناب و نرجس عمران

قراءات بقلم: صالح جبار خلفاوي
يواصل الأديب و القاص العراقي رائد الرواية التفاعلية العربية " صالح جبار محمد الخلفاوي" بالتنسيق مع " الفيصل"
في عمليات التنقيب في نصوص مبدعين عرب "نخبة كانوا أو مبتدئين" و محاولة قراءتها كما تبدو له كأديب و كقاص و كقارئ متميّز له مكانته على الساحة العربية ، فاختار لنا "صالح جبار " في هذا الملف قرئت 5 نصوص أدبية متميزة استهوته و استهوتنا لمبدعين عرب:
المبدعة "هدى توفيق ـ مصر ، " مراد لعراب الأندلسي ـ الجزائر"، "نرجس عمران ـ سوريا"، " رحمة عناب ـ فلسطين"، و " زاهدة الهاشمي ـ العراق" .

1
ترانيم الحزن الناصع للمبدعة "هدى توفيق" ـ مصر

"ـ كاتبة منغمسة أيما انغماس في النسيج السوسيلوجي لمجتمعها.. تجيد لعب أدواره باتقان من خلال التعبير عن سلوكياته و تناقضاته و بكل بساطة بساطته .. بساطة في ظاهرها مسلمات لا تحتاج للتنقيب أكثر و في باطنها يكمن التعقيد في الخصوصية الاجتماعية العربية… كاتبة تستحق الاهتمام فيما تخطه من طرح…"
*
إن مثلي يا علي يجب أن يُحبس فى قمقم مختوم
فاجأها صمت الحلم المتكرر الملعون، الذى يعصر بحياتها، ويحولها فى لحظات كثيرة إلى جبل حزن ناصع البياض، مثقوب بعينين خضراوين اللون، يلمع محجريهما ببريق لعنة ما تؤرق منامها وتجعل الأبرياء قتلة
لماذا أنت أيها الأب لطيف.. لماذا احتضنك حلمي الميت.. لماذا أنت؟ آه يا علي يا ريتني ما كبرت ولا عرفت نفسي أكتر من كده.. وأفضل أغني ورا صوتك الحلو يا حبيبى.. حبيبى يوم ما عرفته كان قطة مغمضه لو صادف قال بحبك يقولها بلخبطة، وفى يوم وليلة فتح، لقيته يا عيني ادردح واتعلم الشقاوة وبقى آخر عفرته، مع إني يوم ما عرفته كان قطة مغمضه .. لابد أن فى عقل كل إنسان منا، عته ما، ولابد أن يمارسه ويبجله حتى يصل إلى ذروة الموقف مع حياتهكل الرقة، كل المحبة، كل العزاء لك أيها الأب لطيف ، يُقال أن أصابته رصاصة طائشة ، ، فى أثناء تنفيذ إحدى العمليات العسكرية ،التي تمقتها أمي وتجعل منامها مستحيلاً، وتشحذ عقلها تفكيراً وتحجر مُقلة عينيها عن أى بصيص بمجرد أن يغيب زوجها الضابط المتمرد الغاضب الناقم على مشورة أبيه القوي من إحدى عائلات الصعيد المترامية الأطراف، هو من زج بى فى هذا الشقاء الأبدي ، اللواء عصمت شكري عبد الرحيم القوصي، وجده البكباشي، إبن الفلاحين المخلص،من كثرة تنقله عملا بين الفلاحين فهو رجل نادر الطبيعة عما تعارف عليه، رجلاً يتقن الحديث، عن نسب العائلات وأصلها وسلالاتها وامتدادها عبر الأزمان والوصول إلى آخر جذورها ، لقد كان رجل الناس الأول فى مجالس الكيف، ومجالس الحكم والنزاع والأفراح والمآتم، رجل الإتحاد، النظام، العمل، أين هو من حفيده لطيف فاكهته؟كما كان يطلق عليه جده فهو أكثر الناس شبهاً به وتمثلاً فى شخصيتهتقسمين يا كفاح. والله ما كنت نائمة، ولم أكن مستيقظة أيضاً ولم يكن حُلمَّا عابراً، بل كان روحك الممسوسة، تحلق فى الأفق، وتدخل الدائرة السوداء فى عقلك، ترين نفسك تتدحرجين ككرة جولف صغيرة على ربوة عالية حجرية ليس بها أى استواء أو خضار تسقطين سقطة الموت المفاجئ ويحدث اللبس بينك وبين خيالات ناصعة عن حياة أخرين التي ستصبح بعد لحظات ، لهم قديمة وعابرة، ثم على مرآى بصرك المشوش تلمحين لأول مرة أبانا متياس بردائه الأسود وجبته الثمينة وعينيه اللتين تريان بالبصيرة وتقول أحكاماً.ويشيرلي بحدة قائلا بألم:

أنت مليئة يا ابنتي.. لا رجاء منك ولا سبيل تذهبين إليه..سمعت من يطأون بقدم ثقيلة، يطرقون طرقات تعلمين بها أنه ملمس الموت الفاجع ولكن من هو؟ فالنداء دائماً يختارها هى الميتة، هي المجاز هي الملهمة للقدر هي وحي إلهامه يالاالعجب من عزرائيل هذا! هل أصبح له أيضاً ملهم يفتح شهيته؟كفاح يا جبل الحزن الأبيض. كم أنت صغيرة بما يكفي لأن تكوني بهذا الكم الميتافيزيقي المرعب، وأنت لا زلت بعد فتاه في سن العشرين .. كيف كان هذا؟ نعم لقد فعلها علي وفعلتها معه بكل تفاني واستمراء لذيذ لحب شاب بينهما خلف أسوار البيوت المهجورة فى شارع الحب والنشوة، تصطف الشجرات الكبيرة الشاهقة على جانبيه، لا يسير به إلا العشاق، تتسلل أوراق الأشجار أنوار الأعمدة الكهربائية البيضاء فيحقق إضاءة خافتة لا تسمح إلا لحالة الحب

قولي اسم يا عليلديده ولا هريسهلأ صحيح يا علي، انت بتسمي الناس من أشكالهم.. شكلي يتسمى إيه؟ملاك رهيب يالديده .. هريسهإيه هوو ده ... كداب 
شهقت كفاح ورفعت رأسها وفتحت عينيها من قبلة الذكرى الثقيلة لتتجول بين الأشياء التي تمر بيننا ونظنها رحلت ولكننا لا نصرح بها أبداً، وبعد يأس من جوف أعماقى أفقد الإحساس بالتماهي مع الذكريات وبين الفعلي والحقيقي لاختلاف منطق شريعة الكون عن منطق العرف السائد.. سكين تذبحني به نظرات أمي الناقمة على فعلتي كلما اعترضت كلامها وأفعالها ولكن واأسفاه ما ممكن لا يمكن أن يكون ... هكذا.. تحدث عليأكل هذا يفسر غضبي عليك أيها الأب لطيف، هل بلا إرادة مني تدخل دائرة هذه الأزمة العمياء؟ أعلم أن هذه المؤامرة لم تكن من تدبيرك وإن كانت من صنعك، عندما تم اعتقال علي بتهمة الاشتباه فى عملية قتل أعضاء حكومية مهمة لمجرد أنه جار الأستاذ عبد النبى المعروف بتاريخه السياسي، هذه المرأة الفاضلة القادرة على تدبير الشر بكل فجاجة تكابد وتهلك الآن فى مسالك العذاب دونما نهاية، فليس هناك ممن يعيد الموتى،هي من أبعدت علي عنى اعتقاداً منها أنه طامع فى أموالي التي سارثها من أبى المتوفي زوجها السابق، هذا غير طليقها الأول الذى أنجبت منه أختي الكبيرة المتزوجة "سوزان".. أختي سوزان .. يا إلهي إنها ماتت مع زوجها وطفليها فى حادث سيارة لا مثيل له فى بشاعته، ألا تذكرين يا كفاح كان ذلك فى ليل يوم عصيب من حياتك الحافلة صباح بدء امتحانات المرحلة الإعدادية التي كدت أن ترسبي بها وأنهت على كل تاريخك الدراسي القديم المتقدم، ألا تذكرين أيضاً أن هذا تم مباشرة بعد رؤية نفس الحلم، ثوان واقشعر بدنها، ثم تهدلت عضلاتها، وخاضت لحظات رهيبة مختلطة فى خيالها بصور الموتى ممن لم ترهم وممن رأتهم بعين الوهم فى أحلامها المضطربة، فأصابها دوار، فأغمضت جفنيها أما أنا فلا أجد في الدنيا كلها خطورة تبرر النذالة، هكذا تحدث علي جاء يوم جنازة الأب لطيف كانت أمي ملقاة على السرير أعصابها منهارة تعيش حالة الوجود والعدم كمن يحتضر، أي وجهة نظر ستسلكها هذه المرأة التعسة وقد فقدت ثلاثة أزواج ولم تتخطى بعد العقد الخامس من عمرها؟ إنها ليست مسألة سن يا كفاح، كنت أعرف حبها له، وأرى فيه تجسيداً لثقافة الجواري، ولكن هل كان يحبها أم لا؟ فهو شخصية غريبة الأطوار، ما يهم الآن؟ .. أننا أصبحنا امرأتين كئيبتين فى منزل كبير مكون من طابقين لا يسكنه غير أختى الصغيرة.من الأب لطيف والخادمة والبواب فنحن فاطنون فى فيلا قديمة عتيقة الطراز والأحداث فى إحدى مدن الصعيد النائية لا ترتبط كثيراً بحياة الآخرين، وأمي كانت تقضي وقتها بين ادارة مصنع لصنع الورق ومستلزمات الكتابة وزوجها التى هى على انتظار له دائماًتركت الجنازة التي أراها متمثلة فى رقدة أمي التى ما زلت المح شعاع ضوء شمس منشوراً على جبينها، ذهبت بذهني لليوم السابق لموته، حيث أخذنى الأب لطيف، بعد توصية لأمي جاءت من أحد المجاذيب أن أشفى من حب علي وعصياني، إلى أحد الأديرة الموجودة فى إحدى قرى مدينتي بني سويف، "العذراء مريم"، مكان مر عليه المسيح عليه السلام والعائلة المقدسة، يوجد به أبونا "متياس" وإبنه "فانوس" من أشهر القساوسة الملهمين في حل العقد النفسية وتطهير النفس من كل ضغائن، لكن هل له أن يشفيني من أحلام الموت القاتلة؟ وإن كان لا يستطيع فهل له المقدرة على أن يُنسيني حب علي كما تظن أمي؟ .. عجباً من هؤلاء البشر الذين لا يدركون نجم الحب الأشهب، إنني لم أعهد فى نفسي فساداً مثل صديقاتي المنتشرات فى مدرسة التجارة الثانوية المشتركة ولم أكن لأشترك بتاتاً في إحكام ألاعيبهن على المدرسات والمدرسين وخاصة أبلة سميحة (نفسيه) لقب يحوي مأساة، يقولون إنها أحبت ومات حبيبها فى الحرب فرفضت الزواج والحب وقبلت الحياة عانساً وحيدة جرباء خرفاء، كانت تعاقب البنات بخلع أحذيتهن في الفناء المدرسي تحت شمس الصيف الحارقة أو برد الشتاء القارس، كم هو متاح ورخيص جداً أن تتم علاقات شرعية وغير شرعية بين أى ولد وبنت مراهقين لا زالا بعد لكنه كان بعيداً جداً ألا أحب علي سليل الأسرة المتوسطة الحال النزيه فى كل أفعاله، المتعلم تعليمَّا عالَّيا، مدرس مادة الرياضيات ، بمركز لا يحسد عليه بملكات عقله الذي يعج بحصاد الأرقام وابتلاعها فى عقله بفراسة وألمعية واسعة، علي صاحب الصدر الأسمر الداكن كركوة القهوة، بخديه حمرة، غمازتان يفتكان بمشاعري، حين أنظر إلى وجهه يتضح به الظلال الزرقاء تحت جفنه العلوي والسفلي، لا ينقصه اللهب الشهير بالرؤيا والكشف المنبعث من عينيه السوداوين الثاقبة.. تلقيني فى جوف العالم المطلق لأيام طوال بحب يجعلني ألهث وأعبث بكل تمرد داخل انفاس قلبه، وفمه المعتكر برضاب فمي الملتاعيا لاكمدك ! يا كفاح المسكينة تحملين مشنقتك طوال الوقت وتصعدين بها دوماً إلى طريق العذاب، وإن كان الأب لطيف يقول دائماً، مشيراً إلىَّ بسبابته كأنه يحذرني:
حزن الرجال غير حزن النساء يا طفلتي المدللة
هو لم يكن يفهم أنه لا يعنيني حزن رجل كان أم امرأة ما يشغلني أننا مشاريع فاشلة، نبحث عن وجودها بأي ترهات ممكنة ولا تقع تحت طائلة القانون والنظام والعرفها أنا الطفلة المدللة تشير بسبابتها أيضاً إليك أيها الأب لطيف، وعليك فقط أن تسمعـ ألا تذكر أنك سكرت حتى الثَّمالة حتى ذهب عقلك تماماً وكدت أن تقتل نفسك، حيث ماتت أمك، وطلبت نقلك حتى تهرب بأقصى سرعة وأقصى إنقاذ لحالتك التى يرثى لها من الحزن عليهاأنت أيها الأب لطيف ألم تعشق فتاة عذراء فى السابعة عشرة؟ أنت أيها الأب لطيف هل تنكر، أنك سليل أسرة كفت عن العطاء حين بددت كل ميراثك على اللهو والنساء، وحاكت لك الأفكار أنك تريد كأسا تنهلها جرعة واحدة دون أن تلتصق بشفتك كدودة العَّلق تعفيك من المسئولية.. طلبت المتعة فدهمتك قبل المتعة المسئولية، ماذا تتحدى غير مخدرك؟؟ نساؤك، تطارحهن الغيرة السوداء وفراش عفن من حقن التلوث والألم والبحث عن النسيان دومَّا بين جنبات الإرهاق والخضوع والالتباس اللانهائي، أشبه بالنائمين فى غرفة الإنعاش محسوب عليهم دقات القلب والنبض والضحك، ولن أنسى أنك تهوى ارتداء ساعتك فى معصمك أثناء نومك الطفولي سهوا، ولن أنسى أيضا أن هذه القوالب المنشأة على صرح خاو هى تسلسل منطقي أفضل بالنسبة لك مهما كثرت مظالمه من شريعة عادلة بلا منطق مفهومالأب لطيف الرجل ذو الشطرين، صاحب الحكايات المثيرة والصمت المثير المتعاطف معي دوماً يحرص على تسليتي وتعزيتي بكل إخلاص ولا أعلم لماذا؟ رجل بوليسي تحليلاته وتصوراته وحواراته كلها عسكرية جدَّا ، رجولة مستخلصة من عائلة صعيدية بحتة، رجل بهذه الأوصاف، ألا يمنحني نظرات احتقار وسند داعرة، فأنت من تفهم أن الحب للرجال كما هو الحزن للرجال، وحين أتفوه بأقرب مسمي لك الأب لطيف، المضمون والشكل وأنا أتحدث من رؤية ملامح وجهك الدائرى العريض كرغيف المطرحة الشديد السمار والهيبة، وقد امتلأ بالتجاعيد الغائرة كأنها سكك ودروب من مستعد أن يقلب الدنيا من أجل بلده، وفجأة تنقلب السيارة ويفنى الوجه المبتسم، ليموت موتاً أنيقَّا، أهو حسد أم شفقة عليك أيها الرجل ذو الصوتين " صوت منخفض ببحة مميزة ، وتارة جهوريا ، أدوات الحلاقة، مستلزمات الدخان وخاصة ملازمك الطبق السلستين الفضي اللامع كالمرآة تعكس روحك الوحيدة اللاصقة به ومعه لتفريغ شحنات الدمارثم تتفوه بحكمة تنبع من قرارك الحزين
استمتع بحياتك كيفما شئت
نزلت من عربة (كبود) إلى أخرى لبلدة (بياض العرب) التي تتبع بندربني سويف في محافظة بني سويف، فالعربة لا تذهب إلى ديرالعذراء مباشرة، إلا فى أيام المواسم فهي مزار له قيمته المقدسة وزائرون من كل الأنحاء، وكان ذلك فى يوم صيفي من شهر بؤونة، نزلت عند ممشى الفنطاس الترابي، اجتزت المسافة داخل المدقات الريفية مارةعلى المقابر والشيخ (علي) حيث اشتهر المكان بمدافن للمسيحيين والمسلمين،تبركا بالسيدة مريم ، هذه المرة لم يكن الموضوع برمته مجرد نزهة كما كان مع الأب لطيف، بل كنت أحمل فى طياتي عبء السؤال الحائر، هل هذه حقيقة يا أبونا القس؟ أن تتحقق الأحلام، وإن كانت خرافات، لماذا حدث لأبي وأختي والأب لطيف ؟ حيث رن جرس التليفون كعادته ووجدت شفتاي سريعاً تردد فى فجع إنه الموت، فكان الأب لطيف بعد رؤية حلمي اللعين، هل المصادفة تتكرر؟ حتى لو كانت على مدى سنوات، فى وجهي جرح بمدية الغضب العارم ، وماذا أفعل يا إلهي تجاه هذا؟قبل مدخل الكنيسة يوجد فسحة ترابية كبيرة ترتكن إليها السيارات ، ومخبز صغير الحجم، عمال، عساكر، بعض المخبرين وحاجز حديدي ممتد ، بعد ذلك يبدأ ظهور المبنى القديم المتماسك إلى حدما، بأنفاس الرب وأرواح أحبائه (فالرفض تام لمجرد دق مسمار فيه) لونه رصاصي باهت ، يبدأ بكافتيريا الشاطئ إلى أن تدخل بهو الكنيسة من باب مرسوم بمربعات رماديةأجلس على حواف ورد النيل أنظر إلى ما تفعله تلك العصفورة ، أريد أن اقترب منها أشعر بها وهي تندفع طائرة فى السماء ها هي هناك تقف على الوردة الصفراء وهي لونها أبيض.. إنها ليست جميلة فقط، بل وغريبة أيضاً.. ها أنا ألقي جسدي الثقيل وأشعر جداً بحس الطيران كلما اقتربت منها وفجأة صرخت صرخة مدوية وأنا أسمع صوتاً ينقذنى
يا مجنونة هتغرقينهضت من رقدتي على أريكة فى إحدى حجرات الكنيسة الخاصة بالقساوسة، وإن لم أكن قد أفقت من محنة الموت والتعبير المأساوي والمتوحد المستتر تحت جبل الحزن ، الثقيل بأيامه وأحلامه وطموحه والحب العملاق، أشعر بأن روحي مكتملة مستقلة تماماً عن العالم الخارجي لا تسمع ولا تخاطب إلا همساً داخلياجلست أمام القس يبعث فى نفسي الطمأنينة والراحة بكل ما أوتي من قوة روحية، رفعت النظر إلى وجهه فكان أبيض كامل البراءة يشع رضا عجيباً ونضرة، اندهشت لهما وجاء فى عقلى: أهذا هو القس الذى يُقال مبالغاً فيه إن روحه طاهرة؟ حتى إن الصليب يظهرموشوما فى رسغ إحدى يديه ،ثم يحمل مجسدا كبيرا له ويضعه على رأسي كمن يتلمس مكان اللعنة وعن غير عمد سقطت رأسي بيدي على ركبتى وأجهشت فى بكاء لا مثيل له قائلا لي بغضب :هل أنت نادمة على فعلتك الإنتحارية؟رفعت روجي أشهق من البكاء دون ردناولني كوباً من الماء وبعض المناديل الورقية وقال مستفسرا
هل تظنين فى نفسك الجنون لما تحدث من غرائب الأمور لك ولا تحدث لغيرك
نظرت إليه وقد وصلت لنهاية التعب وأشعر أن جسدي ينزف دماء حزن بأكمله، وخاطبنى الهسهاس الذى بداخلىسيدي القس إنني أتنفس ذعر الأحلام الملعونة، أعيش وأتحدث وأفكر فى تفاصيل من رحلوا عني كأني جثة محنطة من زمن وجودها الأصلي معهم، ليس هناك من توازن يصلب عودى الهش، ليس هناك من فضائل لمعنى حياتي ، ليس هناك من أفكار حاسمة تمكنني من التكيف، وعندما أؤهل نفسى أن أنهي الماضى، لا أجرؤ وكأنه جرح متقيح لا يتأتى له أبداً أن ينفجر وكأني أعمل جاهدة ضد نفسيأيها القس المبارك لفحني بعباءة هذا الهيكل المقدس، عبقني بريح هذه النورانية التي تطفو على وجهك كضوء الشمس القوي العفي اجعل ربك القريب بقلبك الناطق بقلوب كل التعساء أن يرحم قلبي الصغير من الظمأ، ويهبني الارتواء من مذاقك النقي وروحك الخالصة لوجه الرب الرحيمقال القس مستعطفاً يرثي لحالي:ـ ماذا بك يا ابنتي هل ترين أن كل سبلك قد سدت؟ثم فجأة دخل الضابط (النبطشى) متأهباً لدوره قائلاً باقتحام:
سنفتح المحضر يا آنسة ونظر إلى القس كمن تذكر شيئا وقال:عفواً يا أبونا هل تسمح له بفتح المحضر؟

قلت وقد استجمعت ما بقي من عقلي وموقفي:
ليس هناك من شئ لتفتح المحضر، ما حدث كان حادثاً عابراً ليس له أية علاقة بالإنتحار، لقد وقع خاتمي فى الماء ونزلت أبحث عنه فكدت أن أغرق

نظر إلىَّ الضابط وهو يقلب بأصابع يده مسبحة ذات لون طوبي وقال مستهتراً:ـ كيف هذا؟نظرت له بقصد الإمعان، فلمحت علامة الصلاة على جبهته وأن كانت هيئته المتعجرفة وهو ينظر إلىَّ مقتَّا كأنني أضعت عليه وجبة دسمة، فقلت فى نفسي غيظَّا : ربما هذه موضة، ثم قلت بقوة :
لا شئ يا حضرة الضابط وأرجو أن تسمح لي بالانصراف فأنا متعبة، وملابسى قد جفت بعض الشئ سأقوم بتأجير عربة خاصة لنقلي إلى المنزل

أنت .. أنت الوحيد أيها الأب لطيف من تشعر بإحساسي المميت، والمشاهد تدار أمامي بخناجر تقتلني لابد أنك حقيقة مغرم بتلك الفتاة أهى مراهقة بعد سن الخمسين يا رجل البوليس، ولكننا دائما ما نطمح فى أشياء كثيرة فى معاني كاملة تنالنا ولا ننال منها إلا أقل القليلتمارين الحياة أقاويل وأحاديث عن اقتحام العالم الآخر، تفرغ عقلك بالتدريج كلما زادت ساعات مشاهدتك TV، ألتفت لمرات عديدة لألتقط بداية الكذب وأزيح الستار عما تريد ولا تستطيع ، تفتك بك الرغبة التي تبدو على وجهك المكفهر وتدخل تحت تأثير سجائرك الملفوفة بعلامة الجودة إلى انتعاشات مزرية، لا تتفوه بكلمات ذات مغزى لا تسأل عن أي معلومات مفيدة، إنها تمارين لإلغاء الحياة وإفساد أي طموح، تمارين الثرثرة البليدة عن أيام العز القديم ، عن جلسات أبيك الشجاع وجدك الهمام والصحبة الحلوة ولعب الورق والكونكان والجوكر وعن متعة الكيف من غير دخان ولا نار، أمثال أصدقاء أبيك الشيخ سلامة وحكم المعلم مناع وأنت تهذي بأن دور كل شخص منهما مرتبط بالحس القومي والتواصل واستيعاب ما يحدث والاستمتاع بتداول وتنوع الكيف كالحشيش بالشيكولاته التي توضع فى قوالب ثلجية، والحشيش بالتفاح بعد نزع قلب التفاحة ووضعه بها ثم غلقها، ومناقد الحشيش التي تكبس فى غرف مغلقة وتعتمد على حاسة الشم فى التلذذ بالدخان المنعش دون أى جهد تبذله، وعن إكسير الحياة المتمثل فى (الكنكة المعبقة بنفحات الحشيش) الذى تصحو عليه لتحقق الإفاقة الصباحية كالعادة الحكاية لم تكن مجرد جلسات للتسامر والسخرية والضحك، إنه كان مبدأ، فإذا لم يوجد الحشيش أقلعوا عن متعة الكيف (فهو رقم واحد) مهما ظهر من أصناف أخرى، هذا وإن زاد الأمر حدة عند الحفيد لطيف بلعب القمار وادمان برشامات الهلوسة التي أطاحت بماله وعقله، وأصبح يسمى المقامر المراهق. ويعد توالي الأيام والسنوات شرب اللعب والخسارة بملعقة الحياة ليكون خير مجرب خير معلم، أتذكر الآن فقط جملتك أيها الأب لطيف وما فعلته بك تلك الفتاة العذراء وعن قبلتها التي أحسست معها أن الشمس تشرق بداخلك لأول مرة وهي تجمع بين الوجه البرئ وخبرة حواء منذ الأزل، أصبح هذا الرجل يكنى الصياد المراهق بصوته الثقيل النبرة المركز فى اتجاهه لمن؟ ولماذا؟ تفتح حوارات (الخربشة)، أى المداعبة، تنقر بها على الأذهان والقلوب المفتوحة بطاقة غامضة تغوي بها من ينصت إليك وأنت تجعل من العار مجداً، ومن القسوة سحراً مكللاً بهالة الإجرام، تخطو خطواتك المهيبة بثقة زائدة مستقاة من إدمان الكيمياء كما أطلقت عليها بديل حبوب الهلوسة ،وأحيانا تخاطر بصمت موح يعلن بأنك لن تبوح بكل الأسرار، فلعل لأرومتك التي أكلت المخدرات، وكسرت ناب الشر ودمثته تكفي أن تطرح طيبتك ومحبتك المقنعة بالغوص لقاع الأمورلفتح حوار معك وهلوسات لا حصر لها عن أمجادك الزائفة، وتقول بعظمة وأنت تتمم حلاقة ذقنك:
عمتي دبحت ليَّا ديك شركسي.. طيب ما أنا ديك
حين أقف فى الشارع وسط جمع من البشر أرى الحياة خصبة ووثيرة ،رغم عبورها العبثي،لكن بها عمق ما لا يُسبر غوره بسهولة ، وحين أكون بمفردى قابعة فى مربع صغير على مخدعى الخاص أرى الحياة كأحواض سمك كل بألوانه وكل بقناعاته.. يشاهد ويتابع ساخراً ومنتظراً حارس الموت الأمين،ويخترقني صوت جارتي وصديقتي فاطمة :
حلمت امبارح يا كفاح إني راكبة أتوبيس أبو ربع جنيه ورايحة بيه فرنسا .. هروح لضيا أخويا تفتكري هاييجي؟مالك يا فاطمة .. أكيد هاييجيبالحق شيماء جالها عريس.. مش عارفة تعمل إيه بتحب الواد محمد جارهاترفض أيوها مصمم.. ها (تضحك نصف ضحكة) تعرفى إنه متجوز بس أبوها بيقول الراجل يجيبه والجواز قل الأيام دىشيماء هتعمل إيه؟أبداً ياختي عيطت وقعدت تخرَّف وتقول مادام ماعرفش يحبنى يبقى يجوزني هو ده الراجل الشرقي (ضحكت ضحكة طويلة زاعقة):وبعدين.. وافقت يعني (والضحكة مستمرة بشكل أقل)أه.. وعايزكي تروحي بكره معاها علشان تتفقوا على الكوافير

ثم قالت وهي ترقن بحاجبيها :
أه مش الراجل بجيبه ياروحيها ها ها .. هههههههه

طيفك الصامد يهاجمني فى كل مكان، ألتقط رائحتك رائحة الريحان ريحاناً غير ريحان الأرض الذى كنت تجلبه لى دائمَّا، ألمح يقظتك وحياتك الضائعة، أعرف بماذا تفكر وتحلم؟ أنت العريف وأنا فتاته المهجورة حبيبها مشغول عنها بافعال الحياة الفقيرة المريرة، إنني أنتظره وهو ينتظر أن يتنحى عنها عذاب الضمير، إنها هنا تتألم تتذمر تزعق ولا تتمرد فهي الفتاة المهجورةلابد أنني استقيت أحكامي هذه من قراءة الروايات وكتب أخرى أهداني الكثير منها الحبيب علي، وأبتهج جداً عندما نصل سوياً فى نفس اللحظة إلى قرار واحد حينئذ تبدو لى نفسى كتاباً مغلقا أشعر بأنه لا يمكن أن يصبح كتاباً مفتوحا، فأوراقه الأولى ممزقة تماماً

تعرف يا علي وأنا صغيرة كنت برسم الخرايط بإيدي بشكل جميل مضبوط خالص.. آه والله أكيد كنت برسمها بإحساس المسافات وأنا بقيس الأميال بمجرد النظر.. ده كان زمان يا علي

قالت كفاح هذا ووجهها يعلوه شئ من الوجوم، فقد أدركت أنها تخاطب نفسها والفراغ فقط.. سكتت لدقائق معدودة ثم قامت فجأة مفزوعة، ها هي كمن استيقظ مرعوباً على نداء خفي ثم فجأة أخرى يتوقف النداء عندئذ تكون القصة قد تخلقت واكتملت فيما أسميه القصة، النسبي، المطلق الحياة التي هي أعلى مراحل السديمالحب سمكة صبية يرعاها الرب، وكلما تحققت أمنتيك كلما فقدت ذاكرتك عن كفاحها تبرق من عينيها الخضراوين لمعة حزينة مضيئة، خاصة حيث تجمع شعرها وتصنع منه كعكة لا تناسب هذه المهرة كما كان يمزح علي قائلاً:أنت مهرتي ياكفاح مهما غبت عني حين تحصل على تصريح زيارة علي تشعر أنها امتلكت نصف السعادة التي تكتمل برؤية على، والتى أيضاً ضاعت كلها حين رأت علي أقرب إلى خيال بشبح يرتدي رداء الحزن الناصع ،الذى هو الفعل الماضى المستمر ولا سبيل إلى محوه من كتاب الوجود ، وخصلات من مفرقه الأسود الجميل قد أبيضت تماماً، لم يعد الفتى الأسمر، بل رداءا أسودا ، كلما أمعنت النظر فى تقاطيع وجهه بنظرات شبه جنونية، أوشكت أن تولول ولكنها كظمت عويلها وفركت يديها بدلا من ذلك، شاحبة البياض وقد انسحب الدم منه مصرة أن ترفض هذا الخطأ الفادح، فحاولت أن تفتح فمها لتصرخ بشئ، إلا أن فمها بقي مفتوحاً، ما الحائل الذى يمنعها ويصدها عنه؟ يا لها من غبية! الحائل كان بداخلها وداخله فعلي أحب أن يبكي ولكنه لم يكن ممن يبكون، ثم كان سكوت وإطراق طويل ترى به الهواء العابر يتمزق والقرائن تتواتر ولكنهما لم يجرؤا على إذاعة هواجسهماحتى قال باستعطاف يائس:

هطلع امتى يا كفاح؟قريب يا عليعاملة إيه؟كويسةعلي نعم ياكفاحقولي نكتةمرة واحدة خان الخليلي قتلهها ها .. يستاهل يا علي

القراءة\
تنتهي القصة بنكتة تلقيها كفاح على مسامع علي هذه الحياة رغم قسوتها ورغم الحزن فيها يبرعم في مفاصل الامنيات .
يبتدأ النص بحلم وفق تراجيديا متصاعدة بمنلوج داخلي مستمر كضربات القلب متخلخل ومتضاغط معا .
تعاملت هدى بحرفية عالية مستخدمة الثنائية الكونية \ الظلمة \ النور \ اسلوب الثنائية العمود الفقري للقص وايضا تسليط الضوء على سسيولوجية المجتمع المصري بين أقباط ومسلمين .
أرتكز البناء السردي على ثلاث شخوص اساسية \ كفاح \ علي \ الاب لطيف – هو المحور لمعظم التداعيات الداخلية .

(سيدي القس إنني أتنفس ذعر الأحلام الملعونة، أعيش وأتحدث وأفكر فى تفاصيل من رحلوا عني كأني جثة محنطة من زمن وجودها الأصلي معهم، ليس هناك من توازن يصلب عودى الهش)،

تكشف بوضوح عمق التفكير المصري \جثة محنطة \ هذا الفعل الغائر بالقدم مازال سريانه مستمرا في النسيج المجتمعي .
(أنت .. أنت الوحيد أيها الأب لطيف من تشعر بإحساسي المميت، والمشاهد تدار أمامي بخناجر تقتلني)

لاحظ تكرار أنت \ انت - تجعل منه المحرك الرئيسي للنص . وللمشاهد المتتالية وفاة والدتها المتعددة الزيجات . وحبها المحكوم بالفشل . فشلها في الامتحانات ...

تم استخدام اسماء الابطال وفق قصدية مسبقة :

*علي – الحبيب المسلم ذو البشرة الداكنة
* كفاح – الحبيبة المسيحية \ دلالة الاسم المجاهدة والنضال
* الاب لطيف –اسم يدل على التودد والوداعة

القصة تنم عن امتلاك القاصة الخبرة والقدرة على تطويع السرد لمتبنياتها العقدية والفكرية .

باسلوب السهل الممتنع مع مراعاة النسيج اليذي تنبثق منه . كونه نسيج مربك . لذا اختطت طريقا مرنا لا يثير ولا يستفز .مع توثيق فكرتها

2

"نبض و ميقات: للمبدع مراد لعراب ( الأندلسي) ـ الجزائرـ
 مبدع يستحق أن يهتم به ما يقذمه من طرحشعري و أدبي يملك أدوته… اكتشفته الفيصل في المدة الأخيرة و تراهن على وجود طاقة "خلاقة" إبداعيةأصيلة ذات هدف و خصوصا ذات قضية بعيدا عن العبث السردي لحشو صفحات المنابر."
****
اذا الميقات شد مأزر مأتمه ...
فقل يا طواف ما أحزنك ؟!
فالحج بات ليله يبكي الرجا من خوفه
كأنما لاحج لمأمنك ....
وتلك البنت خاطت ثوب كسرها
تراوغ شد المأزر مرة
وتحج مرة
فيا فتاة ما بالثوب ان أسكنك ...
الخطايا تتبعها أختها
مالي مدار في رجلك أساورها
أبالنار زينة محاسنك ..!
ضرب أمنية وتحبب لفظة أخذ الجوى
منك
فيك ...
عنك ....
رويد القلب من تعثر ...
يا عزيزتي يا عزيزتي يا ...
هي حيرة تنخر دوائري ..
فمرة أدور اتجاه طوافي
وتلك مرة لا يدري الطواف
بأي دورة هلك
والقبلة ان لثمت خد حبها
رجاء تعففها
فالعيب لا بالقبلة
بل السؤال هل الخد أمهلك
فلا صبر في العشق ان سلك بالروح عروجها
يقول للقلب تحننا وتقربا
يا لهفتي فيك
يا ضياعي بك ....
هل أمهل الحب السابقين
كي أمهلك ؟!
أم هل تاب العاشقون عن خطاياهم
كي يا قلب أعذرك ....
انّ الروح كالروح ...
منامها ممات ...
كذاك الحب في الورى
يموت به العقل فراقا
كذاك والله ذا القلب وما ملك ....
تشتُّتُ فكرة
ثم يتبعها التمني ...
ويرجعها الى الضياع ضمّة
كأن الضمة بعد الفتحة سكون
فيا سكون قل لي بربك
أي ساكن بي أسكنك ؟!

القراءة:

أطلق الشاعر ما يشبه الرسالة بينه وما يسميها. عزيزته هذا في المتن . الخطاب يبدأ من الطواف وهو عادة ما يكون حول الكعبة . الأجواء العامة أداء مناسك الحج واختلاط ما يعتمر في نفسه

(اذا الميقات شد مأزر مأتمه ...
فقل يا طواف ما أحزنك ؟!
فالحج بات ليله يبكي الرجا من خوفه
كأنما لا حج لمأمنك ....)

يذكر حاله بالموت مع ما يعانيه من تشتت مشاعره في أقدس مكان لأنه سيسرق قبلة من خد البنت وسط خشيته من فعلته .
بعد هذا الفاصل يعود النص الى مشاهداته للبنت كما يصفها وكأي عاشق يبث نجواه ومعاناته
القصيدة مستوفية شروطها الجمالية مع لغة تعبيرية تؤدي وظائفها من خلال رؤية الشاعر وما يؤمن به كمعيار حياتي للعلاقة بين اثنين وما يتخللها من مفاصل .
إنها من المحاولات التجريبية الناجحة وتسجل لشاعرها امتياز الخوض في هذا المجال

3
اوراق عتيقة (من ملفات رجل) للمبدعة القاصة "زاهدة الهاشمي"ـ العراق

… "التمكن في السرد القصصي لهذه الطاقة الإبداعية المتمثلة في " زاهدة" العراقية لا يعرف الزهد و لا التصوف التعبيري متمكنة في الأسلوبية و التشويقية."ـتكبدت في زمن مضى كثيرا من الخسائر لكني كنت العق جراحي بنفسي دون ترياق...يحاول أن يعطي لي رشفة من دواء يضمد ما عانيته من ضياع فرص
لم تغنِ ما حصلت عليه من نجاحات....من دحر جيوش أفكاري السابقة
بحيل..الجنرال رومل في الصحراء
تلك البقعة العتيقة من الحوادث...ينسيني ما أنا فيه...من راحة كصدى..ضجيج الأولاد وهم يعدون وراء كرة...وكل منهم يختال بحركاته البهلوانية للوصول للهدف...
أضحى كل شيء جميلا كعابر سبيل وانطفئ من أزقة حياتي إلا تلك التي علقت في يم ذاتي...بواقع يأبى النسيان
قالت :لي يوما ما يشغلك ؟
...قلت: لها سيدتي فوضى من زمن غابر أراد المكوث في أعماقي...لكني أحاول أن أخرجه كمن...يخرج الأحجار من بئر صافي
ليكون نهل لأفكار .....توشح سماء روحي بضوء قمر أراد ان يكون رفيق وجودي..فهل تستطيعين ؟
لملمة شتاتي وما أنا فيه من ضياع يؤرق مضجعي كل ليله
قالت وشيء من سرحان أنتابها...سأحاول..وان فشلت...سأكون ضمن خساراتك القديمة.....هل أنت مستعد للمزيد؟
قال :لا....ها أنت أخرجت أول حجر بعد أن بحت لك ما كنت أضمره
من سنين صمت مطبق وأخافه..حتى من نفسي..أن تبوح أسرار ضعفي
لمن لا يستحق وشفاهه لا توصد الكتمان
قالت إذن سنحاول

القراءة
\كتبت زاهدة الهاشمي نصها بضمير الأنا ألذكوري بتداعيات سردية داخلية باستحضار واضح للتاريخ :
( لم تغنِ ما حصلت عليه من نجاحات....من دحر جيوش أفكاري السابقة بحيل..الجنرال رومل في الصحراء
تلك البقعة العتيقة من الحوادث...ينسيني ما أنا فيه...من راحة)
هناك فراغ تخطط القاصة لإملائه. هنا يكمن ما في الحبكة.

(أضحى كل شيء جميلا كعابر سبيل وانطفئ من أزقة حياتي إلا تلك التي علقت في يم ذاتي...بواقع يأبى النسيان )

حلقة الوصل عن حب مخفي أو علاقة لها خصوصيتها في الكتمان ربما التكفير عن ذنب طالما علقت في يم ذاته .
كتب النص بأسلوب شعري متناغم . لكن بقيت الشخوص هلامية لم تفصح عن نفسها كما الأسرار
 4
أمنيات مؤجلة للمبدعة الفلسطينية " رحمة عناب".

"مبدعة لديها ما تقول من خلال كتاباتها من خاطرة و قصص…بساطة الأسلوب و جوارية المعاني لديها يعطيها الحق كمبدعة واعدة الاستمرار في بناء مسيرة إبداعية على مقاسها و على أسلوبها كما أرادت له أن يكون."
ينابيع الأحلام على ضفافها تتمدد الأمنيات تهذي سنا الرؤى تتشبّث متنَ أجفان الشفق تغسل وجه الخيبات الداكن برحيق تمطر مزنه سلاما وارفاً يعلو الأرض البتول تداهم عورة البنادق الراجفة تحصنها بنفسجا توشوش وجَل المدافع الباكية قبلات تبللها أساطير الحنّون تجرّد الجوارح المتأبطة سوادا تتوضأ الشموس تعبر روح الضياء الفسيح تتبدّى ذرات نور تتجلى إشراقا يرطب التقاسيم . هناااك ، حيث تتصافح شرفات العافية تستأصل أسقاما رعناء مستبشرة تستقبل الطمأنينة التي طااااالما غاصت بعيدا بعيدااااا أدمنت لجج المخاوف تمطّاها الوهن تتنفس عشق الصباحات في لقاءات العيون عبر سلالم الكون الممتد الى القلوب تجلو بتراتيل الحكمة غبش الجروح الباهتة تسري شهبا شغوفة النبض منذورة لدروب الفردوس تطمر الظلام المستفحل شلّ بريق الآفاق لتتدفق أقداح النرجس شلالا خالدا فكم مارست المواعيد فزع التسكع المزيف تؤجل الأقدار المتوهجة وانا أراوغ التقاويم أعلقها آمالا تتفتح من شقوق الغيب أرخبيلات الخلااااص
الحنّون: نوع من الأزهار البرية الناعمة جدا لونها احمر جميل جدا و يسمى أيضا شقائق النعمان.

القراءة:

كتبت رحمة عناب نثر فني أجادت فيه باستخدام جمل وصفية لإضفاء جمالية على الشكلية النصية التي استخدمتها .
الموضوع بعموميته يتحدث عن الحب والمحبة بينما تظل الفكرة مضمرة ما بين السطور . محاولة الربط ما بين الشعور الداخلي وما تبرز من صور تخدم النص .
ما بين ينابيع الأحلام وتمدد الأمنيات هذيان :

(حيث تتصافح شرفات العافية تستأصل أسقاما رعناء مستبشرة تستقبل الطمأنينة) تسِّوق الأمل بضاعة مزجاة .
ممارسة المواعيد \ التسكع المزيف \ مراوغة التقويم \ ثلاثية متوالية تفصح كم من مرة علقت أمالا تتفتح على ارخبيلات الخلاص لكنها تبقى أمنية مؤجلة .

5

ولأنك : للمبدعة " نرجس عمران" ـ سوريا .


ـ "هي من هذا الجيل الجديد " الإبداعي" النسوي الذي هو قادر على الحضور و التميز و إحداث ربما المفاجأةفي زمن الإبداع الحالي بكل ظروفه و معاييره… متفوقة في الإيحائية الشعرية أو القصصية و الخواطرية وثراء الصور و حبكة السرد …."ـ

ولأنك صميم المعنى |أجتر الأبجدية حرفا حرفا | وألوك الصور حتى القاع | أرتشف الألوان في دهاليزالأبيات | وأواكب القوافي | خزينا في سنم الذكريات | ولأنك النور أنا سنبلة | تلثم الشمس | تشرق علىكتف الأمس | تشرأب وتشرأب | لتعانق ضياك بالهمس | والغمز واللمس | تفقأ عيون الليل | بمخز البقاءتحبل جحافلا من نهارات | تعكس من نورك النور | كي لا تغيب فتنسى وتصبح | في ساحات الماضي | مجرد رقصة ولأنك الهلال كورت البدر رغيفا | في مدادي يقتات عليه قصيدي | ينهم منك جوع القوافي | فيلوح بالثراء زادي

ولأنك ليونة الندى | لبست الفجر خمارا | وسترة | أواكب الظل أن يتمادى| لنداعب أكف الوجود | بكلوبعض الإرادة

ولأنك انا أنا أنت *

لأنك صميم \ لأنك النور \ لأنك الهلال \ لأنك ليونة – من حمل هذه الصفات المذهلة ؟

صيغة الخطاب صيغة جمع وهذا يفيد التفخيم في الحديث واعطاء المقابل احتراما لائقاً.
ولأنك صميم المعنى أجتر الأبجدية حرفا حرفا وألوك الصور حتى القاع
لاحظ التنازل والإقبال على الرضوخ – اجتر الأبجدية – ألوك الصور الى مديات تصل حد القاع .
ولأنك النور أنا سنبلة تلثم الشمس
هذا التنازل لا يتم إلا مع الذات بسبب الطبع السيكولوجي للفرد عموما .. بهذا الوسع من النور تكون أمامه سنبلة حجم صغير لا يكاد يحسب

ولأنك ليونة الندى لبست الفجر خمارا وسترة

بنفس الاستمرارية تمضي الشاعرة على ذات النسق في التعبير عن تضخم الإحساس بضرورة الترابط بين الصيرورة التي هي عليها والكينونة التي تود أن تصير أليها .لذا تصرح دون التنازل بل بتداخل صريح لامواربة فيه :

ولأنك انا أنا أنت

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...