الناس مشارب وأذواق , هكذا خلقهم الله منذ خلقهم , مختلفون في النوع والجنس , والطبيعة , والتذوق , وهكذا في كل شيء , لذا قال أهل العلم والمعرفة " رضا الناس غاية لا تدرك " وعندنا قصة تشبه " بالفلكلور الشعبي " وهي قصة " جحا وابنه مع الحمار " وأظن الأغلب الأعم من الناس يعلمها ويعرفها وللذي لا يعلمها ولا يعرفها , أذكرها له لتتم بها الفائدة ...
يحكي أن " جحا " أراد أن يعلم ابنه درسا في الحياة , كأي أبٍ يريد أن يعلم ابنه , ولكن لم يشأ أن يعلمه هذا الدرس شفهيا , وآثر أن يكون الدرس عملياً فاصطحب ابنه معه والحمار, ومشيا في طريقهما , حتى مرا علي أُناسٍ جالسون , فألقى " جحا " عليهم السلام , فردوا عليه ثم قالوا له : في استهزاء وهم في حالة تعجب , واستنكار ..
ــ ما بالك يا جحا تمشي أنت وابنك هكذا , تتركا الحمار وتمشي أنت وابنك بجواره , ألا يجدر بك أن تركب أنت وأبنك عليه..؟!!.
فالتفت " جحا " إلي ابنه ثم قال له :
ــ أسمعت يا بني ما قالوا ..
فقال له الابن وهو يهز رأسه ــ نعم يا أبي
فقال جحا لابنه : ــ اركب يا بني , اركب
فركب هو وابنه علي ظهر الحمار , ثم ما إن مشى بهما الحمار , وتجاوزا القوم قليلا ً, حتى مرا علي قوم آخرين جالسين , فألقى عليهم السلام فردوا عليه السلام , ثم قالوا لجحا بصيغة تعجب واستفهام استنكاري توبيخي
ــ أليس لديكما رحمة ,؟!..أتركب أنت وابنك الحمار, وتثقلا عليه أين الرحمة إذاً .؟!.. وأين العطف , وأين البر والرأفة بالحيوان .؟!!..
فتبسم جحا وهو يهز رأسه , وقد التفت إلي ابنه قائلا له :
ــ أسمعت يا بني ما قال القوم ..؟!
ــ نعم يا أبي سمعت
فنزل " جحا " وأبقى الابن علي ظهر الحمار , ومضي بابنه يسامره , فمرّ علي قوم آخرين , فألقى السلام , فردوا عليه , ثم نظر بعضهم لبعضٍ وهم في حالة تعجب , واستنكار , ثم قالوا لبعضهم البعض ,
ــ أرأيتم ما يفعله جحا , يحمل ابنه علي ظهر الحمار, ويسير هو ماشيا علي قدميه , ثم بعد ذلك نشتكي من عقوق الأبناء للإباء , والله ما أوصلنا أبنائنا لما وصلوا إليه إلا بمثل ما يفعل " جحا "مع ابنه هذا ,!!
فضحك جحا ونظر لابنه , ثم قال له
ــ أسمعت يا بني ,
فقال : ــ نعم يا أبي
فقال له : ــ انزل ,
فنزل , وركب هو علي ظهر الحمار , وسار ابنه بجواره , ومضيا في طريقهما , فمرا بقومٍ آخرين , فألقى جحا عليهم السلام , فردوا عليه , ثم نظروا إلي جحا , وقالوا له :
ــ ما بك يا رجل , أتركب أنت الحمار , وتجعل ابنك يسير بجوارك ,؟!. ولا تخشي عليه من التعب , والنصب , أهذا يليق بك ,؟!. أين الرأفة , والرحمة , والحب لابنك .؟!,
فضحك جحا , وهز رأسه , وقد نظر إلي ابنه , وقال له :
ــ هل سمعت يا بني
فقال له ــ نعم يا أبي
فنزل جحا من فوق الحمار , وطلب من ابنه بان يرفع معه الحمار , وبالفعل رفع جحا وابنه الحمار, وحملاه علي كاهلاهما بعصا , ومضيا حتى مرا بقوم آخرين , فألقى عليهم السلام , فردوا عليه السلام , وهم يضحكون عليهما , ويسخرون منهما , ويقولون وقد تمايل بعضهم علي بعض من شدة الضحك
ــ ألا ترون ما يفعله جحا وابنه بالحمار, لقد جن الرجل هو وابنه, ههههههه , هههههههههههههههههههه
فضحك جحا وقال لابنه , بعدما أنزلا الحمار , من علي كاهليهما
ــ أرأيت يا بني ,؟.. وسمعت ما قال القوم لنا .؟!!..
فقال ــ نعم يا أبتي
فقال جحا لابنه وهو يعظه
ــ هكذا الناس يا بني لا يعجبهم العجب ,؟!.فلا تلتفت إلي ما يقولونه عنك, وإنما أنظر أنت لما تفعله صواباً كان أو خطأ "
وهنا انتهت قصة جحا مع ابنه والحمار, والتي كان أجدادنا الكرام يحكوها لنا , وما زالت عالقة في الذهن .. والذي جعلني أذكرها , هو ما نراه اليوم وخاصة في هذا العالم الافتراضي" الفيس بوك " وفي صفحات الأدب والإبداع خصوصاً , ولما يقولونه , وما يعلقون به علي أمثالي, فأحياناً أجد مدحاً شديداً لعمل من أعمالي , فحين أقوم بنشر قصة مثلاً , أجد هجوماً علي العمل , وأحياناً أري مديحاً وثناءً , وكل علي حسب اتجاهه , ومشربه , وقناعاته الخاصة وتذوقه مما يجعل المرء الغير مدرك لطبيعة ونفسيات البشر يصاب بالإحباط ويترك الكتابة والإبداع بالجملة , بل وربما يشك في نفسه , وفي كونه هل هو كاتبٌ أصلا أم لا .؟..
ويأتي السؤال الذي يلح , ويطرح نفسه ,.؟ ..." لماذا أنا ذكرت هذه القصة ,؟! . ولماذا أنا أكتب هذا الكلام .؟!... وتأتي الإجابة , بأني بالقطع هاوي , ومحب منذ نعومة أظافري للإبداع , بكل أشكاله وفنونه , شعر , وقصة , ومقالة , ورواية , ورسم , ونحت , الخ , الخ .. وكنت أحلم وأنا صغير بأن أكون كاتباً كبيراً , شاعراً قديراً , مثل الشعراء القدامى , مثل عنترة بن شداد , حسان بن ثابت , كعب ابن زهير , أبو العتاهية , المتنبي , البحتري , احمد شوقي , حافظ إبراهيم,وكثير غيرهم من الشعراء الذين قرأت لهم, وحفظت بعض أشعارهم , وعشت معهم في عصورهم , وشاركتهم حيواتهم , وما أن شببت عن الطوق وعرفت قدمي طريقها إلي بيت ثقافة بلدتنا , حتى وجدت هناك شاعرين كبيرين وهما الشاعر الأستاذ الدكتور" علاء الدين رمضان / وأخوه الشاعر / بهاء الدين رمضان / يتقنان العروض الذي وقف في طريقي حجر عثرة , فنصحاني بأن أكتب القصة , وكان في النادي قاص رائع وجميل , ويعتبر أستاذي في القصة , وهو القاص والروائي الأستاذ / محمود رمضان / ولا أنكر هذا , ولا يجحد الفضل إلا لئيم , فقد كان لهم الفضل علي في كثير جداً بعد الله ــ سبحانه وتعالي ــ المهم ... أشاروا علي بأن أتجه إلي كتابة القصة , وأغروني بأن القصة مجالها واسع , وعالمها أرحب من الشعر , ففي القصة عوالم , ومساحات كبيرة يمكن أن انطلق فيها ,وأيضاً كما يقال " قماشتها كبيرة وعريضة , يمكنك أن تفصل فيها كما تشاء , وكما يحلو لك , أما الشعر فهو محكوم بالوزن , والقافية " فأثر في كلامهم ولم أجد بداً ,أو بديلاً من أن أتجه إلي كتابة القصة , ولا سيما شجعوني , ورحبوا بي أيما ترحيب , وإعجابهم بما أكتبه من قصص , وطريقتي في السرد , والحبكة , والتناول .. الخ .. ففرحت لذلك جداً , وتوالت الأيام والسنون , وأخذت أنشر في الجرائد والمجلات , تارة عن طريق هؤلاء الأصدقاء , وتارة أخرى كنت أرسل أنا أعمالي إلي بعض الصحف , والمجلات , فتأخذ طريقها إلي النشر , حتى أصدرت أول مجموعة قصصية لي وهي بعنوان " دخان الشتاء " عن الهيئة العامة لقصور الثقافة , ثم مجموعتان أخرتان بعدها , ومازال عندي في الدرج أكثر من مجموعة , لم تجد طريقها إلي النشر, إلي ألان لأني لا أرغب في النشر على نفقتي الخاصة ...
الشاهد والغرض من كل هذا المقال , هو إرسال رسالة لمن لا يعلم , ولا يعرف , بأن للقصة مدارس , كما أن للشعر مدارس , فهناك القصة الواقعية وهناك القصة العلمية , والكلاسيكية , والقصة الفنتازية , والقصة الرمزية , وهكذا لها مدارس كثيرة , ولكل نوع من القصة قواعد وقوانين تحكمها , وأسلوب وطريقة صياغة ولو أردت الدقة أكثر , قل : كل قاص في حد ذاته مدرسة في أسلوبه وطريقة كتابته .. لذا نجد كثيراً من النقاد يلعبون علي أوتار أو حبال التنظير , والمصطلحات التي ما أخذت إلا من القصة , فلولا وجود القصة كفن أصلاً , القصة بشكل عام , ما كان هناك ناقد للقصة ولا ما كان تنظير , ولا ما كان ناقد للقصة أصلاً , فنحن نرى أولائك الذين تعجبهم مدرسة معينة في القصة مثل الرمزية مثلا , يتحيزون لها ونراهم يرفضون ما سواها من مدارس كالواقعية مثلا , فإذا ما وجدوا قصة , وكانت علي هواهم , يمدحون فيها ويشعرون بربابة , وإذا ما لم تكن علي وفق هواهم , ومذهبهم " يطلع فيها القطط الفطسانة ", ويخسف بها وبصاحبها سابع أرض , وما دري وما علم بأن الإبداع , مذاهب ومشارب لا يخضع لشيء إلا إلي مدرسة الذوق والشعور والوجدان , وخلق عوالم , وحياة تبني بين السطور , وتشيد فوق الأوراق ,ولا تخضع لرأي واحد أو مدرسة واحدة حتى ولو لم تكن هذه المدرسة ضمن المدارس والتصنيفات التي صنفت في هذه الأيام , وليعلم بأن هناك مدارس أخرى ومشارب أخرى وأذواق أخرى , فما يعجبه هو مثلا , قد لا يعجب الأخر , وليست تلك إلا حقيقة واضحة وضوح الشمس في وضح النهار , وكما قيل لكل ساقطة ولها لاقطة , ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع في الأسواق فالكاتب عليه بان يكتب ويبدع , وليس عليه أن يعجب كل الناس , ولا كل الأذواق , فلو أردنا بان نطبق القواعد النقدية للإبداع لما أبدع أحداً أصلاً ولا توقفوا الناس عند حد معين , ولكن الحياة تتطور وبالتالي كل شيء يجب بإن يتطور معها , ومن باب أولى بالتطوير والتحديث هو الإبداع بكل صوره وأشكاله , وإلا لما رأينا , ولما شاهدنا ولما قرأنا ولما وجدنا كل هذه الكم الهائل من المدارس في القصة , وفي الشعر والفن والإبداع عموماً , وربما قال قائل , لكن هذا غثاء كغثاء السيل ,,؟ أقول له قد تكون محقا من وجه , ومخطئاً من وجه أخر, وأرد عليك بقول الله عز وجل " فأمَّا الزبدُ فيذهبُ جُفاء , وأمَّا ما ينفعُ الناس فيمكث في الأرض "
فكل كاتب جيد سوف يبقى ويستمر ويصل إلي كل الدنيا بصدق موهبته وقدرته علي العطاء والإبداع والبقاء إلي ما شاء الله تعالي ولنا في التاريخ شواهد وعبر كثيرة في ذلك , وأما المتطفل الوصولي الانتهازي الدعي للإبداع فهذا أشبه ما يكون بنبت شيطاني سرعان ما يظهر ثم يختفي , أو كالزبد الذي يطفو علي وجه الماء , وفي النهاية أقول لكل متذوق للإبداع , ولكل من يري بأنه ناقد , رفقاً بكل من خط بالقلم , وأراد أن يسير علي الطريق الشاق , فلربما يكون في أول الطريق , وربما يكون قد قطع شوطاً فيه , فلا تكن أنت من ينكبه عن الطريق , ويلقي به في غياهب النسيان , أو في سلة العدم , فرب كلمة تقال منك ولو تشجيعاً تكون سبباً في صناعة مبدعاً حقيقياً في المستقبل في يوم من الأيام , وربما يكون العكس بالعكس , فشكراً ليدٍ امتدت بالخير , وشكراً لكلمة قيلت في خير , وشكراً لكل موقع , أو مدونة , أو صفحة , أو مجلة في هذا العالم الرحب الفسيح " الانترنت " قام ومازال يقوم بدوره في تشجيع , وسقي هذه البراعم التي تكاد أن تزهر بالتشجيع والاهتمام والرعاية .. وفي النهاية أقول شكراً لكم جميعاً
يحكي أن " جحا " أراد أن يعلم ابنه درسا في الحياة , كأي أبٍ يريد أن يعلم ابنه , ولكن لم يشأ أن يعلمه هذا الدرس شفهيا , وآثر أن يكون الدرس عملياً فاصطحب ابنه معه والحمار, ومشيا في طريقهما , حتى مرا علي أُناسٍ جالسون , فألقى " جحا " عليهم السلام , فردوا عليه ثم قالوا له : في استهزاء وهم في حالة تعجب , واستنكار ..
ــ ما بالك يا جحا تمشي أنت وابنك هكذا , تتركا الحمار وتمشي أنت وابنك بجواره , ألا يجدر بك أن تركب أنت وأبنك عليه..؟!!.
فالتفت " جحا " إلي ابنه ثم قال له :
ــ أسمعت يا بني ما قالوا ..
فقال له الابن وهو يهز رأسه ــ نعم يا أبي
فقال جحا لابنه : ــ اركب يا بني , اركب
فركب هو وابنه علي ظهر الحمار , ثم ما إن مشى بهما الحمار , وتجاوزا القوم قليلا ً, حتى مرا علي قوم آخرين جالسين , فألقى عليهم السلام فردوا عليه السلام , ثم قالوا لجحا بصيغة تعجب واستفهام استنكاري توبيخي
ــ أليس لديكما رحمة ,؟!..أتركب أنت وابنك الحمار, وتثقلا عليه أين الرحمة إذاً .؟!.. وأين العطف , وأين البر والرأفة بالحيوان .؟!!..
فتبسم جحا وهو يهز رأسه , وقد التفت إلي ابنه قائلا له :
ــ أسمعت يا بني ما قال القوم ..؟!
ــ نعم يا أبي سمعت
فنزل " جحا " وأبقى الابن علي ظهر الحمار , ومضي بابنه يسامره , فمرّ علي قوم آخرين , فألقى السلام , فردوا عليه , ثم نظر بعضهم لبعضٍ وهم في حالة تعجب , واستنكار , ثم قالوا لبعضهم البعض ,
ــ أرأيتم ما يفعله جحا , يحمل ابنه علي ظهر الحمار, ويسير هو ماشيا علي قدميه , ثم بعد ذلك نشتكي من عقوق الأبناء للإباء , والله ما أوصلنا أبنائنا لما وصلوا إليه إلا بمثل ما يفعل " جحا "مع ابنه هذا ,!!
فضحك جحا ونظر لابنه , ثم قال له
ــ أسمعت يا بني ,
فقال : ــ نعم يا أبي
فقال له : ــ انزل ,
فنزل , وركب هو علي ظهر الحمار , وسار ابنه بجواره , ومضيا في طريقهما , فمرا بقومٍ آخرين , فألقى جحا عليهم السلام , فردوا عليه , ثم نظروا إلي جحا , وقالوا له :
ــ ما بك يا رجل , أتركب أنت الحمار , وتجعل ابنك يسير بجوارك ,؟!. ولا تخشي عليه من التعب , والنصب , أهذا يليق بك ,؟!. أين الرأفة , والرحمة , والحب لابنك .؟!,
فضحك جحا , وهز رأسه , وقد نظر إلي ابنه , وقال له :
ــ هل سمعت يا بني
فقال له ــ نعم يا أبي
فنزل جحا من فوق الحمار , وطلب من ابنه بان يرفع معه الحمار , وبالفعل رفع جحا وابنه الحمار, وحملاه علي كاهلاهما بعصا , ومضيا حتى مرا بقوم آخرين , فألقى عليهم السلام , فردوا عليه السلام , وهم يضحكون عليهما , ويسخرون منهما , ويقولون وقد تمايل بعضهم علي بعض من شدة الضحك
ــ ألا ترون ما يفعله جحا وابنه بالحمار, لقد جن الرجل هو وابنه, ههههههه , هههههههههههههههههههه
فضحك جحا وقال لابنه , بعدما أنزلا الحمار , من علي كاهليهما
ــ أرأيت يا بني ,؟.. وسمعت ما قال القوم لنا .؟!!..
فقال ــ نعم يا أبتي
فقال جحا لابنه وهو يعظه
ــ هكذا الناس يا بني لا يعجبهم العجب ,؟!.فلا تلتفت إلي ما يقولونه عنك, وإنما أنظر أنت لما تفعله صواباً كان أو خطأ "
وهنا انتهت قصة جحا مع ابنه والحمار, والتي كان أجدادنا الكرام يحكوها لنا , وما زالت عالقة في الذهن .. والذي جعلني أذكرها , هو ما نراه اليوم وخاصة في هذا العالم الافتراضي" الفيس بوك " وفي صفحات الأدب والإبداع خصوصاً , ولما يقولونه , وما يعلقون به علي أمثالي, فأحياناً أجد مدحاً شديداً لعمل من أعمالي , فحين أقوم بنشر قصة مثلاً , أجد هجوماً علي العمل , وأحياناً أري مديحاً وثناءً , وكل علي حسب اتجاهه , ومشربه , وقناعاته الخاصة وتذوقه مما يجعل المرء الغير مدرك لطبيعة ونفسيات البشر يصاب بالإحباط ويترك الكتابة والإبداع بالجملة , بل وربما يشك في نفسه , وفي كونه هل هو كاتبٌ أصلا أم لا .؟..
ويأتي السؤال الذي يلح , ويطرح نفسه ,.؟ ..." لماذا أنا ذكرت هذه القصة ,؟! . ولماذا أنا أكتب هذا الكلام .؟!... وتأتي الإجابة , بأني بالقطع هاوي , ومحب منذ نعومة أظافري للإبداع , بكل أشكاله وفنونه , شعر , وقصة , ومقالة , ورواية , ورسم , ونحت , الخ , الخ .. وكنت أحلم وأنا صغير بأن أكون كاتباً كبيراً , شاعراً قديراً , مثل الشعراء القدامى , مثل عنترة بن شداد , حسان بن ثابت , كعب ابن زهير , أبو العتاهية , المتنبي , البحتري , احمد شوقي , حافظ إبراهيم,وكثير غيرهم من الشعراء الذين قرأت لهم, وحفظت بعض أشعارهم , وعشت معهم في عصورهم , وشاركتهم حيواتهم , وما أن شببت عن الطوق وعرفت قدمي طريقها إلي بيت ثقافة بلدتنا , حتى وجدت هناك شاعرين كبيرين وهما الشاعر الأستاذ الدكتور" علاء الدين رمضان / وأخوه الشاعر / بهاء الدين رمضان / يتقنان العروض الذي وقف في طريقي حجر عثرة , فنصحاني بأن أكتب القصة , وكان في النادي قاص رائع وجميل , ويعتبر أستاذي في القصة , وهو القاص والروائي الأستاذ / محمود رمضان / ولا أنكر هذا , ولا يجحد الفضل إلا لئيم , فقد كان لهم الفضل علي في كثير جداً بعد الله ــ سبحانه وتعالي ــ المهم ... أشاروا علي بأن أتجه إلي كتابة القصة , وأغروني بأن القصة مجالها واسع , وعالمها أرحب من الشعر , ففي القصة عوالم , ومساحات كبيرة يمكن أن انطلق فيها ,وأيضاً كما يقال " قماشتها كبيرة وعريضة , يمكنك أن تفصل فيها كما تشاء , وكما يحلو لك , أما الشعر فهو محكوم بالوزن , والقافية " فأثر في كلامهم ولم أجد بداً ,أو بديلاً من أن أتجه إلي كتابة القصة , ولا سيما شجعوني , ورحبوا بي أيما ترحيب , وإعجابهم بما أكتبه من قصص , وطريقتي في السرد , والحبكة , والتناول .. الخ .. ففرحت لذلك جداً , وتوالت الأيام والسنون , وأخذت أنشر في الجرائد والمجلات , تارة عن طريق هؤلاء الأصدقاء , وتارة أخرى كنت أرسل أنا أعمالي إلي بعض الصحف , والمجلات , فتأخذ طريقها إلي النشر , حتى أصدرت أول مجموعة قصصية لي وهي بعنوان " دخان الشتاء " عن الهيئة العامة لقصور الثقافة , ثم مجموعتان أخرتان بعدها , ومازال عندي في الدرج أكثر من مجموعة , لم تجد طريقها إلي النشر, إلي ألان لأني لا أرغب في النشر على نفقتي الخاصة ...
الشاهد والغرض من كل هذا المقال , هو إرسال رسالة لمن لا يعلم , ولا يعرف , بأن للقصة مدارس , كما أن للشعر مدارس , فهناك القصة الواقعية وهناك القصة العلمية , والكلاسيكية , والقصة الفنتازية , والقصة الرمزية , وهكذا لها مدارس كثيرة , ولكل نوع من القصة قواعد وقوانين تحكمها , وأسلوب وطريقة صياغة ولو أردت الدقة أكثر , قل : كل قاص في حد ذاته مدرسة في أسلوبه وطريقة كتابته .. لذا نجد كثيراً من النقاد يلعبون علي أوتار أو حبال التنظير , والمصطلحات التي ما أخذت إلا من القصة , فلولا وجود القصة كفن أصلاً , القصة بشكل عام , ما كان هناك ناقد للقصة ولا ما كان تنظير , ولا ما كان ناقد للقصة أصلاً , فنحن نرى أولائك الذين تعجبهم مدرسة معينة في القصة مثل الرمزية مثلا , يتحيزون لها ونراهم يرفضون ما سواها من مدارس كالواقعية مثلا , فإذا ما وجدوا قصة , وكانت علي هواهم , يمدحون فيها ويشعرون بربابة , وإذا ما لم تكن علي وفق هواهم , ومذهبهم " يطلع فيها القطط الفطسانة ", ويخسف بها وبصاحبها سابع أرض , وما دري وما علم بأن الإبداع , مذاهب ومشارب لا يخضع لشيء إلا إلي مدرسة الذوق والشعور والوجدان , وخلق عوالم , وحياة تبني بين السطور , وتشيد فوق الأوراق ,ولا تخضع لرأي واحد أو مدرسة واحدة حتى ولو لم تكن هذه المدرسة ضمن المدارس والتصنيفات التي صنفت في هذه الأيام , وليعلم بأن هناك مدارس أخرى ومشارب أخرى وأذواق أخرى , فما يعجبه هو مثلا , قد لا يعجب الأخر , وليست تلك إلا حقيقة واضحة وضوح الشمس في وضح النهار , وكما قيل لكل ساقطة ولها لاقطة , ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع في الأسواق فالكاتب عليه بان يكتب ويبدع , وليس عليه أن يعجب كل الناس , ولا كل الأذواق , فلو أردنا بان نطبق القواعد النقدية للإبداع لما أبدع أحداً أصلاً ولا توقفوا الناس عند حد معين , ولكن الحياة تتطور وبالتالي كل شيء يجب بإن يتطور معها , ومن باب أولى بالتطوير والتحديث هو الإبداع بكل صوره وأشكاله , وإلا لما رأينا , ولما شاهدنا ولما قرأنا ولما وجدنا كل هذه الكم الهائل من المدارس في القصة , وفي الشعر والفن والإبداع عموماً , وربما قال قائل , لكن هذا غثاء كغثاء السيل ,,؟ أقول له قد تكون محقا من وجه , ومخطئاً من وجه أخر, وأرد عليك بقول الله عز وجل " فأمَّا الزبدُ فيذهبُ جُفاء , وأمَّا ما ينفعُ الناس فيمكث في الأرض "
فكل كاتب جيد سوف يبقى ويستمر ويصل إلي كل الدنيا بصدق موهبته وقدرته علي العطاء والإبداع والبقاء إلي ما شاء الله تعالي ولنا في التاريخ شواهد وعبر كثيرة في ذلك , وأما المتطفل الوصولي الانتهازي الدعي للإبداع فهذا أشبه ما يكون بنبت شيطاني سرعان ما يظهر ثم يختفي , أو كالزبد الذي يطفو علي وجه الماء , وفي النهاية أقول لكل متذوق للإبداع , ولكل من يري بأنه ناقد , رفقاً بكل من خط بالقلم , وأراد أن يسير علي الطريق الشاق , فلربما يكون في أول الطريق , وربما يكون قد قطع شوطاً فيه , فلا تكن أنت من ينكبه عن الطريق , ويلقي به في غياهب النسيان , أو في سلة العدم , فرب كلمة تقال منك ولو تشجيعاً تكون سبباً في صناعة مبدعاً حقيقياً في المستقبل في يوم من الأيام , وربما يكون العكس بالعكس , فشكراً ليدٍ امتدت بالخير , وشكراً لكلمة قيلت في خير , وشكراً لكل موقع , أو مدونة , أو صفحة , أو مجلة في هذا العالم الرحب الفسيح " الانترنت " قام ومازال يقوم بدوره في تشجيع , وسقي هذه البراعم التي تكاد أن تزهر بالتشجيع والاهتمام والرعاية .. وفي النهاية أقول شكراً لكم جميعاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق