نَقَشٌ .. بملْهاةِ الشّتاتِ
مهداة إلى روح الشهيد الزعيم ياسر عرفات رحمه الله
وهْجُ الولادةِ يخْتفي..
ويحلُّ أفْـقُ جنازةٍ في مقْلتي
موْتي بوجْهي ضاحكٌ كي يسْتقيْمَ بأفْقهِ
كلُّ الترابِ الآنَ يبْدو مثْقلاً من جثّتي
ما جثّةُ العنْقاءِ كانتْ جثّتي
لا غيْمةٌ في مائها غَسَلَتْ بقايا عظْمنا
حتّى أقوْمَ إلى غدي حرَّ القرارِ بعوْدتي
وأنا أنا لا قبرَ لي بعْدَ الشّتاتْ
داءُ النّزوحِ كعاشقٍ يسقي معاجمَ رحْلتي
أمْشي ورائي عارياً منْ سيْرتي
نقْشُ الثّواني في حرائقِ غفْلتي
لا ضوْءَ يشْفي وقْتنا منْ وقْتنا
رئـةُ الغرائزِ تنْفثُ الأضْغاثَ في لمساتها
شللٌ بأقْدامِ العروبةِ غازياً روْحَ الطّريقْ
وأنا الشهيْدُ بلا طريْقٍ .. حالتي سِفْرَ الأفولْ
بمسافةٍ حمقاءَ تاهتْ بالسّرابِ قوافلي..وبنادقي
نكباتنا ألمٌ يغرّدُ في ضلوعِ مخيّمي
لكأنّها نثرتْ مخالبَ في غدي
ربطتْ بزوْغَ المشْتهى بطحالبٍ منْ جذْرها ... لا تنْتمي
....
ستّونَ عاماً كالأجنّـةِ أقْتفي ..
نقْشاً يضيءُ مُلْصقاتِ قضيتي
حوْلي غباركَ يا أبي ملْحٌ يزيـّنُ هامتي ..
كالمهْـر يلْهو فرْحةً
بشراه دار سكينتي ..كوْفيّةٌ
بيضاءَ تنْطقُ بالمروْءةِ والكرمْ
تَرَفٌ يُطرّزها إذا حلَّ الوصالْ
والبُـنُّ و الهيلُ المعطّرُ في وصاياكَ الّتي
خلجاتها مزجتْ دلائلها على مهجِ النّهى
قلْدوْكَ منْفى مثْلَ َأوْسمةٍ وباعوْكَ الأماني جوْهرهْ
قلْ سنْدبادُ الجرْحِ كيْفَ رستْ بنا ظلماتهمْ ؟
لا سيْفَ إلّا ساعديكَ وساعدي
حتّى نعود بلا تراتيل الألمْ
.....
ومسنّةٌ كانتْ تداعبُ غرْبةً كالقطّةِ
قالتْ بمسْطرةِ التوازنِ حكْمةً:-
(مدنٌ برائحةِ الخريفِ لغيْركَ
قدّتْ قميْصَ الحقِّ في نابِ الغرائزِ و الغوى ).
(منْفاكَ ثرْثارٌ يمدُّ صياغةَ الآتي دماً
ستعوْدُ مكْتملَ الخصوْبةِ أيّها القرْبانْ
يكْفيْكَ في وترِ العزاءِ المسْتدامْ
غيْبوْبةُ التاريْخِ شاهدةٌ بلا نقْشٍ لأسْمكَ شاعري)
.......
ظمأُ القبورِ بمقْلتي..
يمْتدُّ منْ زَبَدِ العروْبةِ بعْدَ زيْفِ هزيْمتي
فيْضانهُ ..يعْلو ويعْلو حاملاً
نعْشي نديْمي قارئي وسْطَ الرّمادِ المسْتفيضْ
صفْصافةُ الأزْمانِ تشْدو بالمرايا نعْوتي
نامتْ مفاهيْمُ الشّعاعِ المسْتقيمْ
عجلاتُ ذاكَ النّقش ملْهاةُ المصيرْ
قدْ لفّها غضبٌ تجلّى كالحممْ
قذفتْ بــهِ ..كحلْاً يسامرُ أعْيني
يا عودتي.. خَمّرْتُ خبْزَ الحلْمِ عنْدَ مخيّمٍ
والقبْـرُ في ومضاتِ ذاكَ العصْر ينْثرُ رأْيـهُ
وأنا بلا ثوْبِ العروسِ نهايتي
........
لا شيءَ يبْزغُ في مرايا الرّوْحِ كي نحْيا هنا
فالأرْضُ في إمْلاقها تتلو عجافَ المشْتهى
والخوفُ سنْبلةُ المكانِ إذا تمايلَ قاتلي
خَمّنْ معي قبْلَ انْعكاسِ القبْرِ أشْرعةً لنا
بيْني وبيْنكَ موْطني حاخامُ يهْدمُ بالمعاولِ عوْدتي
والرّوْمُ والأعْرابُ في شغفِ التنازلِ ينْحتونَ مقابري
وطناً بديلاً بعْدَ تأْويْلِ الحدودْ
كانوا بمكْرٍ يسْطرونَ كما السّكارى حلْمهمْ
في كلِّ منْفى يعْزفونَ لنا ترانيمَ العبيدْ
تبذيرُ أرضي غاية تلهو على أبصارهمْ
أعليَّ عنْدَ بصيْرةُ الدّخلاءِ وَضْعَ مصائري؟
أينَ البنادقُ والمقاتلُ ثوْرتي؟
وأنا المحاربُ رغْمَ منْحدرِ السّقوطْ
أتكونُ رائحةَ الرّفاتِ مواسمي؟
كدْنا بما يشْدو دجاهمْ نرْتمي
فالسّلْمُ كذْبٌ يبْسطُ الأدْرانَ في أجْيالنا
والأرْضُ حبْلى منْ كمينِ الظّلْمِ أوْ سوْطِ النّوايا حوْلها
طغْيانهمْ لمْ يخْتزلْ وقْتـاً بذاتِ الأرْضِ أوْ جذْرِ النّهى
هذي بلادي ملْعبي ..حبّي على أوصالها
مازالَ مرْسوماً نقوشاً للأزلْ
زيْتوْنتي الخضْراءَ زفّتْ كالأيامى ظلّها ..
حتّى ترى عشّاقها في فسْحة الدّاِر الّتي تسبي المقلْ
قالتْ لهمْ حتّى متى ..
في خاطري المسْجونِ حبّي مبْعدٌ؟
............
طاحوْنةُ النّسْيانِ تسْرجُ كالقنافذِ شوْكها
تتلذّذُ الغصّاتُ بي ..
وغبارُ معْركتي سترْمي ظلّنا خلفَ السّؤال المرْ
تسْتنْشقُ الرّئتانِ منْ أمْسٍ ضئيلُ الجسْمِ أوْردةَ المكانْ
لي بيْدرٌ زفّتْ بـهِ الأطْيارُ قمْحاً كاملُ التكْوينْ
ومعاصر الزّيْتوْنِ تشْدو كالطّنيْنِ بمسْمعي
جوْعي فقيـْرٌ عابرٌ قبْلَ الضّحى
لمْ يكْتشفْ مثْلي خوابي ترْبتي
أوْ صهْوةُ العصْيانُ بي
.....
عنْقوْدُ داليتي تجلّى طعْمهُ
بينَ الشّهادةِ والشّهيدِ كأنـّهُ بفمِ العذارى عنْبرٌ
ريْحانةٌ تسْتقْطبُ الفجرَ المجرّدَ منْ غبارِ مسارنا
زغْروْدةٌ فاحتْ بمسْكٍ سرّها قَبْلَ المغيبْ
قدْ ضمّها كالطّفلِ نقشٌ
تربّى بيْنَ أحْضانِ الشّموسْ
***
روحي كعاشقةٍ تورّمَ عشْقها
بجنازةِ الإلهْامِ عندَ مرورها
بئـْرُ الوداعِ بلا دموْعٍ ضمّنا
رفُّ الحمائمِ في فضاءِ زوالنا
لا لمْ تعدْ جغْرافيا الرّوْحِ تخْفي بالبراقعِ وجْدها
رَكَنٌ بذات الذّاتِ ينسجُ بالمخيمِّ نعْشنا
ما ألْهمتْني تيْنةُ الدّارِ السّليْبة غصّةً..
أطيافها سالتْ بمنْقارِ الحنايا موْعداً... يا عودتي
....
في جانبي طيْشٌ يمشْطُ الحرْبَ كي يعْلو المنالَ
هوْسي يدورُ الآنَ بالطّوفانِ كالطّفلِ اللعوْبْ
لا عوْدةً أخرى إلى نقْشٍ جديدْ
شأني كشأْن الموْتِ أبقى كالشّريدْ
مغْزايَ لمْ ينْفعْ زغاريْدَ النّساءِ الرّاهباتِ الحسِّ فيْنا
لا ثوْرةُ الأضْدادِ تعْطي طولها عكّازتي..أوْ غربتي
كنْ وحْدكَ المأْسوْرَ في سجْنِ الشّتاتِ
.....
في منْجمِ المنْفى رسومٌ تكْتسي ألْواننا
فـزّاعةٌ رأسي المحطّمِ في حقولِ عروْبتي
ثوْبُ الخلافةِ كانَ جلْديِ من خليْجِ الشّرْقِ أوماءِ المحيطْ
ونموّلُ المنْفى نقوْشاً نافراتٍ كالجراحْ
نحّاتُ تمْثالي توارى بالنّواحْ
رسّامُ مأْساتي تَخفّى بالصّلاحْ
.....
وقصيْدتي فَرَسٌ تسابق ُ طلْقةً
حرثتْ مناكبها شموسَ قيامتي
وأنا أكحّلُ حبّةَ القمْحِ المقاومةِ السّقامْ
ووراءَ مئْذنـةِ النّبوّةِ أعْيني تجْري إلى رئةِ الهدى
صلواتها دَفْنُ الغرائزَ بعْدَ نعيْقِ غرابها
وأبي صراطُ قضيّتي
تعْويْذةٌ بينَ التكاثرِ والمقابرِ تجْتبي
نقْشاً وعمْراً لمْ يغادرْ خلْسةً سورَ الحدودْ
......
بَرَصُ البنادقِ لفّنا...بَسَطَ العداوةَ بينَ فتيانِ الرّباطْ
بخريطةٍ عدْنا إلى بحْـرِ الرّميْمِ الهائجِ
عدْنا بأكْفانٍ نغـنّي نقوشاً للْأملْ
وهْنٌ على وهْنٍ يشدُّ لنعْشنا أفْقَ الختامْ
والخانعونَ الآنَ حوْلي كالسّكارى حالهمْ
تيْجانهمْ سيْفُ الكللْ
ضوْضائهمْ تذْوي بلا كثْبانها في صهْوتي
يومٌ قريْبٌ في مجازي القوْلِ يوْلدُ طفْلنا نقشاً فريدْ
.....
في كيْمياءِ الشّعْر مسْرى هدْهدٌ
يرْثي عناوينَ التآخي بالنّدى
ما كنْتُ إلّا شاعراً يهْوى نخيلَ البيْدِ أوْ تيْنَ الدّيارْ
جَمَلُ الغباوةِ نحْلةٌ لسعتْ حروفَ قصيْدتي..و وصيّتي
فـرَّتْ ملامحهُا إلى زنْزانةٍ جدْرانها
كتبٌ محابرها دمٌ
سجّانها بالسّوْطِ ينْفي ثمَّ يجْزمُ منْهجاً
صكَّ النّقوشَ كأحْرفٍ كوْفيّـةٍ ..
مصْبوْغةِ الكلماتِ فوْقَ إرادتي
وكآبـةً الصّلصالِ ميْراثُ الوطنْ
لا صيْحةَ المسْجوْنِ تمْحو عنْ محيّاها صديدَ مصيرهُ وحياتهُ
......
والأمّهاتُ الرّاعياتُ بلابلَ الأنـّاتِ في قبلاتهمْ
جمْرٌ يسنُّ اللفْظةَ الأولى على شطِّ اللسانْ
ما كنْتُ كنْتُ بمفْرداتِ ولادتي
لا لمْ أكنْ داووْدَ منْبسطَ العطايا والنِّعَمْ
لا جنَّ عنْدي أو رياحُ الله
جالوْتُ يهْضمُ بالحداثةِ سنْبلات أصالتي
والنّهْـرُ يسْتلْقي فهل يخْفي سكيْنةَ جثّتي ؟
شربوا دماءَ المـاءِ في نشْوى توازي خمْرةً
فأنا الوليْدُ ؛ أنا الفقيْدُ إذا تناهى موْعدي
وحْدي كراعٍ يا أبي
يمْتصُّ جزْمَ الفعْلِ عندَ أواخرِ التأْبيـْنِ منْ مقلِ العللْ
......
متورّمٌ جسدي بكلِّ متاهةٍ
ورُق التفاوضِ نعْوتي
وحمامةُ السّلْمِ الكذوْبِ على جدار الفصْلِ تبْني عشّها
ترْتاحُ بيْنَ أوابد الشّهداءِ في تاج الدّمى
وأنـا أنـا عظْمي كسنْدانٍ سيحْمل صفْعها
خطواتها الأولى على رملِ التفاوضِ تخْتفي آثارها
وكأنّها قيْظٌ بذاكرةِ القرى
.....
قَدّسْتُ نقْشكِ سنْديانةُ موْطني..
وَأْدٌ يداهمنا وغبـْنٌ بالوغى
ولهنَّ تطْفيْفُ المكاييْل السّبايا في نقوْشِ خريْطةٍ
لفحاتها بأواخرِ العارِ المعتّـقِ دمْعتي
غرباءُ كنّـا في ظلِّ أنْدلسٍ وتابوْتِ الشّروخْ
لا طارقٌ حرقَ المراكبَ ثمَّ أعْلنَ للْجهادْ
وجحافلُ الفرْسانِ فوْقَ سرير يمامـةٍ
عذْراءَ لمْ تعْرفْ زوابعَ نشْوةٍ
حتّى متى تغزو الهزيمةُ خيْلنا؟
……
طَيُّ الضّلوْعِ مناسكي
ملَّ النـَّزيْلُ على جفوْنِ الصّمْتِ أو ريْحِ الصَّبا
طرْفُ الخيالِ معابري
ونعومةُ الأفْعى نوافذُ لذْغـةٍ..
بصماتها ستلوّنُ النّقْشَ المطهّـر بالرّدى
تبْلى عظامُ المشْتهى
عينانِ أو شفتانِ أوْ وطنان دوْنَ جنازةٍ
ولأنّني بعْدَ التعارفِ ملْتقانا مرّةً
يبْدو بريـْقُ الصّمْتِ في ثغْرِ الخيامِ ضفافنا
راياتُ قوْمي تسْتريْحُ على بقايا حقّنا
ملّتْ ترفْرفُ كالذّبابةِ بالفراغْ
.....
أكْفانِنا تمْلي عليْنا شرْطها
موْتٌ بطيءٌ مؤْلمٌ يرْعى بتولَ حقيقتي
ماذا سأقْرأُ بالطّلاسمِ في غدوّكَ حاضري؟
وأصابعُ الأطْفالِ في بلدي مساميرَ النّعوشْ
نقْشٌ بلا نقْشٍ يخيْطُ بأعْينٍ كالسّرْمدِ
ولعلَّ قلْبي يأْخذُ التأْويْلَ خيْلاً يعْربيُّ المنْتهى
مشْكاةُ أفْئدتي مداها مقْبرةْ
لا أيّها الدّوْدُ المسمّى صائدُ العنْقاءَ منْ ماءِ الحياةْ
ما نكْبتي خضْراءَ خضْراءَ الفصول بلا غدٍ
بيدٍ نصوْغُ ذوائبَ الفرجِ المورّدِ في عروْقِ سلالتي
.....
عبثاً تدوْرُ وتسْألُ الأحْبابَ كالعشّاقِ عنْ صفدٍ؛
عبثاً تدوْرُ بقرْبِ ساقيةِ التصابي بالبلادْ
وعرائسُ الوجدانِ ترْقصُ كلّما..
لاحتْ أمامكَ مفْرداتِ النّاي أو (أوْفُ العتابا) كالسّنا
منْ أيِّ طيـْنٍ تكْتسي ألقاً حواسكَ يا ترى؟
كبلوْطةٍ صمدتْ أمامَ الرّيْحِ أو عصْفِ النّـزوحْ
طيْنُ البلادِ على يديكَ كزهْرةٍ
فرشتْ شذاها كالنّقوشِ بعمْرنا
وَمَعَ الفصوْلِ اللاهياتِ تمرُّ بالبركاتِ نحْـوَ قيامتي
دفءٌ بقلْبكَ يمْسكُ الأرْضَ السّليْبةَ في حبالِ المشْتهى
وُدَقٌ يعزّي أضاحي البرْتقالَ وأهْلهُِ
حجرُ على بطنِ النّضالِ نشدّهُ
ونضمّدُ الأقْصى المعذّب بالدّعاءْ
…..
اسْمي وما اسْمي سوى ظلٌّ لأسْمكَ يا أبي
أَفلَ الكلامُ أبي بذاكرةِ النّقوشْ
منْ حوْلنا جسْمُ الفراغِ المنْتمي .
أمْسى لنا نغماً يلاطمُ بالعروشْ
ـــــــــــــــــــــــ
الشاعر العربي الفلسطيني أحمد عموري
مهداة إلى روح الشهيد الزعيم ياسر عرفات رحمه الله
وهْجُ الولادةِ يخْتفي..
ويحلُّ أفْـقُ جنازةٍ في مقْلتي
موْتي بوجْهي ضاحكٌ كي يسْتقيْمَ بأفْقهِ
كلُّ الترابِ الآنَ يبْدو مثْقلاً من جثّتي
ما جثّةُ العنْقاءِ كانتْ جثّتي
لا غيْمةٌ في مائها غَسَلَتْ بقايا عظْمنا
حتّى أقوْمَ إلى غدي حرَّ القرارِ بعوْدتي
وأنا أنا لا قبرَ لي بعْدَ الشّتاتْ
داءُ النّزوحِ كعاشقٍ يسقي معاجمَ رحْلتي
أمْشي ورائي عارياً منْ سيْرتي
نقْشُ الثّواني في حرائقِ غفْلتي
لا ضوْءَ يشْفي وقْتنا منْ وقْتنا
رئـةُ الغرائزِ تنْفثُ الأضْغاثَ في لمساتها
شللٌ بأقْدامِ العروبةِ غازياً روْحَ الطّريقْ
وأنا الشهيْدُ بلا طريْقٍ .. حالتي سِفْرَ الأفولْ
بمسافةٍ حمقاءَ تاهتْ بالسّرابِ قوافلي..وبنادقي
نكباتنا ألمٌ يغرّدُ في ضلوعِ مخيّمي
لكأنّها نثرتْ مخالبَ في غدي
ربطتْ بزوْغَ المشْتهى بطحالبٍ منْ جذْرها ... لا تنْتمي
....
ستّونَ عاماً كالأجنّـةِ أقْتفي ..
نقْشاً يضيءُ مُلْصقاتِ قضيتي
حوْلي غباركَ يا أبي ملْحٌ يزيـّنُ هامتي ..
كالمهْـر يلْهو فرْحةً
بشراه دار سكينتي ..كوْفيّةٌ
بيضاءَ تنْطقُ بالمروْءةِ والكرمْ
تَرَفٌ يُطرّزها إذا حلَّ الوصالْ
والبُـنُّ و الهيلُ المعطّرُ في وصاياكَ الّتي
خلجاتها مزجتْ دلائلها على مهجِ النّهى
قلْدوْكَ منْفى مثْلَ َأوْسمةٍ وباعوْكَ الأماني جوْهرهْ
قلْ سنْدبادُ الجرْحِ كيْفَ رستْ بنا ظلماتهمْ ؟
لا سيْفَ إلّا ساعديكَ وساعدي
حتّى نعود بلا تراتيل الألمْ
.....
ومسنّةٌ كانتْ تداعبُ غرْبةً كالقطّةِ
قالتْ بمسْطرةِ التوازنِ حكْمةً:-
(مدنٌ برائحةِ الخريفِ لغيْركَ
قدّتْ قميْصَ الحقِّ في نابِ الغرائزِ و الغوى ).
(منْفاكَ ثرْثارٌ يمدُّ صياغةَ الآتي دماً
ستعوْدُ مكْتملَ الخصوْبةِ أيّها القرْبانْ
يكْفيْكَ في وترِ العزاءِ المسْتدامْ
غيْبوْبةُ التاريْخِ شاهدةٌ بلا نقْشٍ لأسْمكَ شاعري)
.......
ظمأُ القبورِ بمقْلتي..
يمْتدُّ منْ زَبَدِ العروْبةِ بعْدَ زيْفِ هزيْمتي
فيْضانهُ ..يعْلو ويعْلو حاملاً
نعْشي نديْمي قارئي وسْطَ الرّمادِ المسْتفيضْ
صفْصافةُ الأزْمانِ تشْدو بالمرايا نعْوتي
نامتْ مفاهيْمُ الشّعاعِ المسْتقيمْ
عجلاتُ ذاكَ النّقش ملْهاةُ المصيرْ
قدْ لفّها غضبٌ تجلّى كالحممْ
قذفتْ بــهِ ..كحلْاً يسامرُ أعْيني
يا عودتي.. خَمّرْتُ خبْزَ الحلْمِ عنْدَ مخيّمٍ
والقبْـرُ في ومضاتِ ذاكَ العصْر ينْثرُ رأْيـهُ
وأنا بلا ثوْبِ العروسِ نهايتي
........
لا شيءَ يبْزغُ في مرايا الرّوْحِ كي نحْيا هنا
فالأرْضُ في إمْلاقها تتلو عجافَ المشْتهى
والخوفُ سنْبلةُ المكانِ إذا تمايلَ قاتلي
خَمّنْ معي قبْلَ انْعكاسِ القبْرِ أشْرعةً لنا
بيْني وبيْنكَ موْطني حاخامُ يهْدمُ بالمعاولِ عوْدتي
والرّوْمُ والأعْرابُ في شغفِ التنازلِ ينْحتونَ مقابري
وطناً بديلاً بعْدَ تأْويْلِ الحدودْ
كانوا بمكْرٍ يسْطرونَ كما السّكارى حلْمهمْ
في كلِّ منْفى يعْزفونَ لنا ترانيمَ العبيدْ
تبذيرُ أرضي غاية تلهو على أبصارهمْ
أعليَّ عنْدَ بصيْرةُ الدّخلاءِ وَضْعَ مصائري؟
أينَ البنادقُ والمقاتلُ ثوْرتي؟
وأنا المحاربُ رغْمَ منْحدرِ السّقوطْ
أتكونُ رائحةَ الرّفاتِ مواسمي؟
كدْنا بما يشْدو دجاهمْ نرْتمي
فالسّلْمُ كذْبٌ يبْسطُ الأدْرانَ في أجْيالنا
والأرْضُ حبْلى منْ كمينِ الظّلْمِ أوْ سوْطِ النّوايا حوْلها
طغْيانهمْ لمْ يخْتزلْ وقْتـاً بذاتِ الأرْضِ أوْ جذْرِ النّهى
هذي بلادي ملْعبي ..حبّي على أوصالها
مازالَ مرْسوماً نقوشاً للأزلْ
زيْتوْنتي الخضْراءَ زفّتْ كالأيامى ظلّها ..
حتّى ترى عشّاقها في فسْحة الدّاِر الّتي تسبي المقلْ
قالتْ لهمْ حتّى متى ..
في خاطري المسْجونِ حبّي مبْعدٌ؟
............
طاحوْنةُ النّسْيانِ تسْرجُ كالقنافذِ شوْكها
تتلذّذُ الغصّاتُ بي ..
وغبارُ معْركتي سترْمي ظلّنا خلفَ السّؤال المرْ
تسْتنْشقُ الرّئتانِ منْ أمْسٍ ضئيلُ الجسْمِ أوْردةَ المكانْ
لي بيْدرٌ زفّتْ بـهِ الأطْيارُ قمْحاً كاملُ التكْوينْ
ومعاصر الزّيْتوْنِ تشْدو كالطّنيْنِ بمسْمعي
جوْعي فقيـْرٌ عابرٌ قبْلَ الضّحى
لمْ يكْتشفْ مثْلي خوابي ترْبتي
أوْ صهْوةُ العصْيانُ بي
.....
عنْقوْدُ داليتي تجلّى طعْمهُ
بينَ الشّهادةِ والشّهيدِ كأنـّهُ بفمِ العذارى عنْبرٌ
ريْحانةٌ تسْتقْطبُ الفجرَ المجرّدَ منْ غبارِ مسارنا
زغْروْدةٌ فاحتْ بمسْكٍ سرّها قَبْلَ المغيبْ
قدْ ضمّها كالطّفلِ نقشٌ
تربّى بيْنَ أحْضانِ الشّموسْ
***
روحي كعاشقةٍ تورّمَ عشْقها
بجنازةِ الإلهْامِ عندَ مرورها
بئـْرُ الوداعِ بلا دموْعٍ ضمّنا
رفُّ الحمائمِ في فضاءِ زوالنا
لا لمْ تعدْ جغْرافيا الرّوْحِ تخْفي بالبراقعِ وجْدها
رَكَنٌ بذات الذّاتِ ينسجُ بالمخيمِّ نعْشنا
ما ألْهمتْني تيْنةُ الدّارِ السّليْبة غصّةً..
أطيافها سالتْ بمنْقارِ الحنايا موْعداً... يا عودتي
....
في جانبي طيْشٌ يمشْطُ الحرْبَ كي يعْلو المنالَ
هوْسي يدورُ الآنَ بالطّوفانِ كالطّفلِ اللعوْبْ
لا عوْدةً أخرى إلى نقْشٍ جديدْ
شأني كشأْن الموْتِ أبقى كالشّريدْ
مغْزايَ لمْ ينْفعْ زغاريْدَ النّساءِ الرّاهباتِ الحسِّ فيْنا
لا ثوْرةُ الأضْدادِ تعْطي طولها عكّازتي..أوْ غربتي
كنْ وحْدكَ المأْسوْرَ في سجْنِ الشّتاتِ
.....
في منْجمِ المنْفى رسومٌ تكْتسي ألْواننا
فـزّاعةٌ رأسي المحطّمِ في حقولِ عروْبتي
ثوْبُ الخلافةِ كانَ جلْديِ من خليْجِ الشّرْقِ أوماءِ المحيطْ
ونموّلُ المنْفى نقوْشاً نافراتٍ كالجراحْ
نحّاتُ تمْثالي توارى بالنّواحْ
رسّامُ مأْساتي تَخفّى بالصّلاحْ
.....
وقصيْدتي فَرَسٌ تسابق ُ طلْقةً
حرثتْ مناكبها شموسَ قيامتي
وأنا أكحّلُ حبّةَ القمْحِ المقاومةِ السّقامْ
ووراءَ مئْذنـةِ النّبوّةِ أعْيني تجْري إلى رئةِ الهدى
صلواتها دَفْنُ الغرائزَ بعْدَ نعيْقِ غرابها
وأبي صراطُ قضيّتي
تعْويْذةٌ بينَ التكاثرِ والمقابرِ تجْتبي
نقْشاً وعمْراً لمْ يغادرْ خلْسةً سورَ الحدودْ
......
بَرَصُ البنادقِ لفّنا...بَسَطَ العداوةَ بينَ فتيانِ الرّباطْ
بخريطةٍ عدْنا إلى بحْـرِ الرّميْمِ الهائجِ
عدْنا بأكْفانٍ نغـنّي نقوشاً للْأملْ
وهْنٌ على وهْنٍ يشدُّ لنعْشنا أفْقَ الختامْ
والخانعونَ الآنَ حوْلي كالسّكارى حالهمْ
تيْجانهمْ سيْفُ الكللْ
ضوْضائهمْ تذْوي بلا كثْبانها في صهْوتي
يومٌ قريْبٌ في مجازي القوْلِ يوْلدُ طفْلنا نقشاً فريدْ
.....
في كيْمياءِ الشّعْر مسْرى هدْهدٌ
يرْثي عناوينَ التآخي بالنّدى
ما كنْتُ إلّا شاعراً يهْوى نخيلَ البيْدِ أوْ تيْنَ الدّيارْ
جَمَلُ الغباوةِ نحْلةٌ لسعتْ حروفَ قصيْدتي..و وصيّتي
فـرَّتْ ملامحهُا إلى زنْزانةٍ جدْرانها
كتبٌ محابرها دمٌ
سجّانها بالسّوْطِ ينْفي ثمَّ يجْزمُ منْهجاً
صكَّ النّقوشَ كأحْرفٍ كوْفيّـةٍ ..
مصْبوْغةِ الكلماتِ فوْقَ إرادتي
وكآبـةً الصّلصالِ ميْراثُ الوطنْ
لا صيْحةَ المسْجوْنِ تمْحو عنْ محيّاها صديدَ مصيرهُ وحياتهُ
......
والأمّهاتُ الرّاعياتُ بلابلَ الأنـّاتِ في قبلاتهمْ
جمْرٌ يسنُّ اللفْظةَ الأولى على شطِّ اللسانْ
ما كنْتُ كنْتُ بمفْرداتِ ولادتي
لا لمْ أكنْ داووْدَ منْبسطَ العطايا والنِّعَمْ
لا جنَّ عنْدي أو رياحُ الله
جالوْتُ يهْضمُ بالحداثةِ سنْبلات أصالتي
والنّهْـرُ يسْتلْقي فهل يخْفي سكيْنةَ جثّتي ؟
شربوا دماءَ المـاءِ في نشْوى توازي خمْرةً
فأنا الوليْدُ ؛ أنا الفقيْدُ إذا تناهى موْعدي
وحْدي كراعٍ يا أبي
يمْتصُّ جزْمَ الفعْلِ عندَ أواخرِ التأْبيـْنِ منْ مقلِ العللْ
......
متورّمٌ جسدي بكلِّ متاهةٍ
ورُق التفاوضِ نعْوتي
وحمامةُ السّلْمِ الكذوْبِ على جدار الفصْلِ تبْني عشّها
ترْتاحُ بيْنَ أوابد الشّهداءِ في تاج الدّمى
وأنـا أنـا عظْمي كسنْدانٍ سيحْمل صفْعها
خطواتها الأولى على رملِ التفاوضِ تخْتفي آثارها
وكأنّها قيْظٌ بذاكرةِ القرى
.....
قَدّسْتُ نقْشكِ سنْديانةُ موْطني..
وَأْدٌ يداهمنا وغبـْنٌ بالوغى
ولهنَّ تطْفيْفُ المكاييْل السّبايا في نقوْشِ خريْطةٍ
لفحاتها بأواخرِ العارِ المعتّـقِ دمْعتي
غرباءُ كنّـا في ظلِّ أنْدلسٍ وتابوْتِ الشّروخْ
لا طارقٌ حرقَ المراكبَ ثمَّ أعْلنَ للْجهادْ
وجحافلُ الفرْسانِ فوْقَ سرير يمامـةٍ
عذْراءَ لمْ تعْرفْ زوابعَ نشْوةٍ
حتّى متى تغزو الهزيمةُ خيْلنا؟
……
طَيُّ الضّلوْعِ مناسكي
ملَّ النـَّزيْلُ على جفوْنِ الصّمْتِ أو ريْحِ الصَّبا
طرْفُ الخيالِ معابري
ونعومةُ الأفْعى نوافذُ لذْغـةٍ..
بصماتها ستلوّنُ النّقْشَ المطهّـر بالرّدى
تبْلى عظامُ المشْتهى
عينانِ أو شفتانِ أوْ وطنان دوْنَ جنازةٍ
ولأنّني بعْدَ التعارفِ ملْتقانا مرّةً
يبْدو بريـْقُ الصّمْتِ في ثغْرِ الخيامِ ضفافنا
راياتُ قوْمي تسْتريْحُ على بقايا حقّنا
ملّتْ ترفْرفُ كالذّبابةِ بالفراغْ
.....
أكْفانِنا تمْلي عليْنا شرْطها
موْتٌ بطيءٌ مؤْلمٌ يرْعى بتولَ حقيقتي
ماذا سأقْرأُ بالطّلاسمِ في غدوّكَ حاضري؟
وأصابعُ الأطْفالِ في بلدي مساميرَ النّعوشْ
نقْشٌ بلا نقْشٍ يخيْطُ بأعْينٍ كالسّرْمدِ
ولعلَّ قلْبي يأْخذُ التأْويْلَ خيْلاً يعْربيُّ المنْتهى
مشْكاةُ أفْئدتي مداها مقْبرةْ
لا أيّها الدّوْدُ المسمّى صائدُ العنْقاءَ منْ ماءِ الحياةْ
ما نكْبتي خضْراءَ خضْراءَ الفصول بلا غدٍ
بيدٍ نصوْغُ ذوائبَ الفرجِ المورّدِ في عروْقِ سلالتي
.....
عبثاً تدوْرُ وتسْألُ الأحْبابَ كالعشّاقِ عنْ صفدٍ؛
عبثاً تدوْرُ بقرْبِ ساقيةِ التصابي بالبلادْ
وعرائسُ الوجدانِ ترْقصُ كلّما..
لاحتْ أمامكَ مفْرداتِ النّاي أو (أوْفُ العتابا) كالسّنا
منْ أيِّ طيـْنٍ تكْتسي ألقاً حواسكَ يا ترى؟
كبلوْطةٍ صمدتْ أمامَ الرّيْحِ أو عصْفِ النّـزوحْ
طيْنُ البلادِ على يديكَ كزهْرةٍ
فرشتْ شذاها كالنّقوشِ بعمْرنا
وَمَعَ الفصوْلِ اللاهياتِ تمرُّ بالبركاتِ نحْـوَ قيامتي
دفءٌ بقلْبكَ يمْسكُ الأرْضَ السّليْبةَ في حبالِ المشْتهى
وُدَقٌ يعزّي أضاحي البرْتقالَ وأهْلهُِ
حجرُ على بطنِ النّضالِ نشدّهُ
ونضمّدُ الأقْصى المعذّب بالدّعاءْ
…..
اسْمي وما اسْمي سوى ظلٌّ لأسْمكَ يا أبي
أَفلَ الكلامُ أبي بذاكرةِ النّقوشْ
منْ حوْلنا جسْمُ الفراغِ المنْتمي .
أمْسى لنا نغماً يلاطمُ بالعروشْ
ـــــــــــــــــــــــ
الشاعر العربي الفلسطيني أحمد عموري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق