وما إن وصل القطار إلى محطة الإسكندرية إلا ووجدتني أغرق في بحر من الناس المختلفين في ملابسهم وهيئاتهم ولهجاتهم، استوقفت أحدهم للسؤال عن وجهتي:
لو سمحت، ولكن مجرد أن قلت له ذلك رد على بشيء من التأفف.
ليس لدي شيء، أذهب وابحث عن عمل أفضل من السؤال.
لم استوعب في البداية ما يقصد، ولكن عندما ذهبت إلى الحمّام، ورأيت هيئتي في المرآة من وعثاء السفر في قطار الركاب - الدرجة الثالثة - فهمت ما يقصد ولم اتمالك نفسي من الضحك.
وصلت أخيراً إلى وجهتي، ومضيت في رحلة طويلة من العمل ومن الشوق إليها وإلى احلامي البريئة، وتهت في مشوار الحياة وتاهت أحلام ولاحت أخري، ومات أحلام وولدت أخري، ووئدت أحلام لتعيش أحلام اخري.
طرقات الباب..
ادخل.
وما إن دخل حتى انطوت ثلاثون عاماً من السفر، نفس ملامحها وطريقة كلامها ووسامتها، وبادرني بالقول:
ارسلني عمي إليك للالتحاق بالعمل داخل شركتك.
عمك مــ ..، قاطعني بابتسامة تداري خجله.
وتقول لك امي هل تتذكر ثمن تذكرة قطار الركاب الدرجة الثالثة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق