كلّما ظهر ذلك الوزير على شاشة التلفاز شدّني إليه بقوّة. ليس بعلو نبرتِه ،و لباقتِه ،او سمرتِه الجميلة، ولا إطارِ عويناتهِ المذهّبةِ ،ولا بدلتهِ الأجنبيةِ الرائعةِ، ونوعِ،ِ ولونِ قميصِه الفاخرِ، ولا حملتِه الشعواء على الفساد والمفسدين، ولا كثرةِ إنجازات وزارته التي صار يفخر بها في كل لقاء. ولاحتى عرضِ مسيرته النضالية، وما ناله هو وأسرته ، من أذى، وملاحقة. بل بكلٍِّ صراحةٍ أقولها لكم الآن ، وأرجو أن لا تسخروا مني، وتضحكوا هي عقدةُ ربطةِ عنقه الجمــيلة !!!..نعم ،هي لاغيرها في كلِّ هيئةِ معاليه.
دعوني أخبركم فإنني لا أريد أن أصدّع رؤوسكم ،أن سيادته كان في ما مضى جيراننا ( الحائط على الحائط) في منطقتنا الشعبية ،وتربطني به فضلاً عن الجيرةِ الحسنةِ صحبةٌ من الطفولةِ ولحدِّ دراستِنا الثانوية .إذ توظّفَ بوظيفةٍ حكوميّةٍ بسيطةٍ ،وتزوّج من إحدى قريباته. لكنَّ الذي ظلَّ محفوراً في جدران ذاكرتي، استعانته بي، وبخبرتي يوم زفافه في إحكامِ عقدِ ربطةِ العنق التي يجهلها. بل لم يكن قد وضعها في ياقة قميصه من قبل، كما سّرني بذلك ذات مرّةٍ .ومنذ ذلك اليوم صار كلّما احتاج لوضع ربطة العنق بحكم الوظيفة ؛ يرسلها لي بيد شقيقته الصغيرة لأنجده.
تغيّر الحالُ، وتقلّب الزمنُ ،واختفى صاحبي ،وارتحلت عائلته من منطقتنا، ولكنه لم يبرح الذاكرة أبدا...حتى تفاجأت به اسماً مدوياً، ووزيراً لامعا عقب عاصفة التغييرالتي اجتاحت البلد . وصرتُ كلما صادف، وشاهدته على الشاشة، أتذكر ربطةَ عنقه من دون إرادتي، بل رغماً عني فأظل مشدوداً إليها بنظري .ولا أكتمكم سراً، سؤالٌ ما يزال يدور في ذهني : ترى هل ما زال معاليه يجهل عقدَ ربطته، ويستعين بواحدٍ من حاشيته المحيطة به؟. أم هو من صار يجيدها بحكم الضرورة؟...أما أنا ، فقد هجرتها هجرا مليّا؛ بسبب تغّير أشكالها، وألوانها إلى اللامع،الصارخ الذي لا أطيقه عندما أراها تفترش صدر صديقي القديم، وغيره.
ولاأكتمكم كذلك سؤال آخر ظلّ يحوم في رأسي كثيراً : ترى أين أجدُ شقيقة الوزير؟. وأيّ موقعٍ ، او منصبٍ تتقلده الآن؟.فقد عنَّ لي زيارتها ،وتذكيرها بجيرتنا القديمة؛وإن لمستُ منها تواضعا ً،وسروراً بلقاء جارهم القديم؛ أطلب من سيادتها وظيفةً لأحدِ أولادي المتخرّج في الجامعة ‘ وعاطلٌ عن العمل ،بعد أن أعيتني الحيلة كثيراً، بلقاء شقيقها صديق شرخ الشباب معالي الوزير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاص : مجيد الزبيدي
دعوني أخبركم فإنني لا أريد أن أصدّع رؤوسكم ،أن سيادته كان في ما مضى جيراننا ( الحائط على الحائط) في منطقتنا الشعبية ،وتربطني به فضلاً عن الجيرةِ الحسنةِ صحبةٌ من الطفولةِ ولحدِّ دراستِنا الثانوية .إذ توظّفَ بوظيفةٍ حكوميّةٍ بسيطةٍ ،وتزوّج من إحدى قريباته. لكنَّ الذي ظلَّ محفوراً في جدران ذاكرتي، استعانته بي، وبخبرتي يوم زفافه في إحكامِ عقدِ ربطةِ العنق التي يجهلها. بل لم يكن قد وضعها في ياقة قميصه من قبل، كما سّرني بذلك ذات مرّةٍ .ومنذ ذلك اليوم صار كلّما احتاج لوضع ربطة العنق بحكم الوظيفة ؛ يرسلها لي بيد شقيقته الصغيرة لأنجده.
تغيّر الحالُ، وتقلّب الزمنُ ،واختفى صاحبي ،وارتحلت عائلته من منطقتنا، ولكنه لم يبرح الذاكرة أبدا...حتى تفاجأت به اسماً مدوياً، ووزيراً لامعا عقب عاصفة التغييرالتي اجتاحت البلد . وصرتُ كلما صادف، وشاهدته على الشاشة، أتذكر ربطةَ عنقه من دون إرادتي، بل رغماً عني فأظل مشدوداً إليها بنظري .ولا أكتمكم سراً، سؤالٌ ما يزال يدور في ذهني : ترى هل ما زال معاليه يجهل عقدَ ربطته، ويستعين بواحدٍ من حاشيته المحيطة به؟. أم هو من صار يجيدها بحكم الضرورة؟...أما أنا ، فقد هجرتها هجرا مليّا؛ بسبب تغّير أشكالها، وألوانها إلى اللامع،الصارخ الذي لا أطيقه عندما أراها تفترش صدر صديقي القديم، وغيره.
ولاأكتمكم كذلك سؤال آخر ظلّ يحوم في رأسي كثيراً : ترى أين أجدُ شقيقة الوزير؟. وأيّ موقعٍ ، او منصبٍ تتقلده الآن؟.فقد عنَّ لي زيارتها ،وتذكيرها بجيرتنا القديمة؛وإن لمستُ منها تواضعا ً،وسروراً بلقاء جارهم القديم؛ أطلب من سيادتها وظيفةً لأحدِ أولادي المتخرّج في الجامعة ‘ وعاطلٌ عن العمل ،بعد أن أعيتني الحيلة كثيراً، بلقاء شقيقها صديق شرخ الشباب معالي الوزير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاص : مجيد الزبيدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق