⏪⏬
قصّة السّنجابة والعقاب للكاتبين صليبا صرصر، ورفيقة عثمان؛ صدرت حديثا، آب 2020م دار الهدى للنّشر والتّوزيع. رسومات: منار نعيرات.القصّة تناسب الأطفال و اليافعين.
تناول الكاتبان موضوع الانتقام والتّسامح في قصّتهما بأسلوب سردي متسلسل للأحداث، أوصلتهما لحبكة خلقت صراعا مريرا ما بين الخير والشّر، حيث ينتصر الخير في النّهاية ليفرز عنه حياة هانئة سعيدة للطّرفين تتحدّث عنها الأجيال على مرّ السّنين.
في القصّة شخصيّتان رئيسيّتان من الحيوانات: السّنجابة، والعقاب – ابن النّسر –يعرف عن السّناجب بأنّ لها ذيلا طويلا يساعدها على الحركة، وصنع التّوازن عند تّسلّقها فوق الأشجار؛ من أجل قطف الثّمار لغذائها، أو من أجل اللعب فوق الأغصان. ماذا لوفقدت السّنجابة الأم ذيلها نتيجة عنف النّسور وانقضاضهم عليها؟ في القصّة علا صوت الانتقام عاليا. يجب على المصاب أن يأخذ حقّه مضاعفا. أهميّة الأمان كانت موضوعا ملحّا في القصّة، إِنّ فقدانه شيء مريع. لا يمكن الحصول على السّعادة والهناء بدون الشّعور بالأمان. لقد فقدت السّناجب كلّها، في الغابة هذا الأمان.
شخصيّة السّنجابة تصوّر وضع الألم الجسديّ والنّفسيّ، سوء الحركة، الخجل، الخوف، الحزن القهر، قلّة الحيلة. الاصرار على الانتقام رغم كلّ شيء.
خلق الكاتبان عاملا للصّدفة؛ من أجل الوصول الى شبك حبكة تلائم الأحداث.
بالصّدفة يحدث حريق بالغابة بعد عاصفة هوجاء، وبالصّدفة يقع العقاب من عشّه وسط الحريق بعد هروب عائلة النّسور، وبالصّدفة تشاهد السّنجابة المصابة الحدث بأمّ عينها.
أثار موضوع الصّدفة الكثير من الخلافات بين النّقّاد، هل هو موضوع محبّب أم غير محبّب في الأدب، – والموضوع يطول شرحه –
حالة التّردّد الّتي صارت مع السّنجابة، خلقت نوعا من الصّراع الدّاخليّ:
هل تنقذ هذا العقاب وتنتشله من النّار؛ أم تنتقم لنفسها وتدعه يحترق وسط اللهيب؟
لقد سيطر صوت العاطفة هنا على كلّ الأصوات: صوت الانتقام، صوت التّردّد، صوت الحقد، صوت الوعيد؛ وتغلّب عليها صوت واحد، هو صوت الأُمومة والعاطفة الجيّاشة، وصوت الشّفقة؛ بعدها حدث التّسامح. ” اقتربت النّار أكثر وأكثر صار قلبها يخفق خفقانا عجيبا.” ص 10
ربّما ظهر هناك صوت العقل،
فآزر صوت العاطفة. وتقول في نفسها: ” ما ذنب هذا العقاب الصّغير فيما فعلته عائلته؟”ص 15.
نرى أن صوتي العقل والحكمة قد صدرا عن السّنجابة في تربيتها للعقاب مع أبنائها: ” ظهرت حنان كأُمّ واعية، فلم تغفل عن توعية العقاب محبوب فعلّمته كيف يصبح نسرا حقيقيّا. قالت في نفسها:” المهم ألا ينسى كونه نسرا”
عمد الكاتبان تناول شخصيّة النّسر كطائر كاسر عنيد يمكن أن يقضي على فريسته بمنقاره الصّلب المعكوف، ومن الصّعب أن يتنازل؛ لكنّه في قصّة السّنجابة والعقاب من خلال شبك الأحداث استطاع الكاتبان تطويع عائلة النّسور بأكملها، وقيامهم بمبادرة غريبة، وهي ارسال رسالة إِلى الأمّ السّنجابة؛ من أجل مصالحتها والاعتذار لها عمّا صدر منها من أذيّة تجاهها.
أين يكمن السّرّ؟ إِنّه في التّصرّف الايجابي الحكيم في التّسامح من جهة السّنجابة ذات الذّيل المبتور؛ من أجل بناء بيئة صحيّة نظيفة خالية من الحقد والكراهيّة لخلق حياة أفضل للأجيال القادمة.
برزت في القصّة النّاحية النّفسيّة الّتي تظهر على المتضّرر الجسدي، أرى بأنّ هذه النقطة تثري مفهوم المراهق فكريّا ليعلن أنّ الضرر النّفسي له تأثير أكبر من الجسدي؛ لذلك عليه مراعاة علاقاته بالآخرين والعمل على عدم جرح مشاعرهم.
ظاهرة التّعاون كانت ضروريّة في القصّة؛ من أجل زراعة الغابة المحروقة واعادة تعميرها لتصبح يانعة أكثر اخضرارا صالحة للعيش بها. إِنّ هذه الفكرة ضروريّة لتغذية عقول الأولاد القارئين بها لأنّ لا نجاح في الحياة بدون التّعاون.
لغة القصّة: عربيّة فصحى مع الحركات على كل حرف. اللغة سلسة ورصينة ثريّة تكسب القارئ اليافع ثروة لغوية ليست قليلة.
لغة القصّة بضمير هو، وتحتوي على الحوار الذّاتي خاصّة في مواقف الصّراع الدّاخلي.
أرى بأنّ اللغة ممكن تبسيطها على يد المربّين في حالة قراءتها للأطفال ؛ وخاصّة بمساعدة الرّسومات المعبّرة بحركاتها المختلفة.
أرى بأنّ فكرة القصّة مناسبة لأبنائنا وخاصة ونحن نعيش اليوم حالات عنف ودائرة انتقام لا تنتهي حتّى بين الأخوة.
دعوتنا للكتّاب المبدعين في أدب الأطفال أن يكتبوا ما يعمل على تحسين السّلوك وخلق المحبّة والتّسامح فيما بينهم.
•
تنويه حول الكاتبين:
من خلا معرفتي للكاتبين، صرصر وعثمان، اطّلعت على كيفيّة مشاركتهم في قصّة واحدة.
البرفسور صرصر شاعر مبدع كتب عدّة أبيات – بالانجليزيّة- عن الطّبيعة وما يحدث بها من خلل نتيجة العنف والتّسلّط؛ وكيف يمكن تصحيح هذا الخلل من خلال التّسامح.
تناولت الكاتبة رفيقة الابيات الشّعريّة، وطوّرتها لقصّة تناسب اليافعين من حيث اللغة واضافة الأفكار الجديدة والعاطفة والخيال . يودّ الشّاعر ترجمة القصّة للغة الانجليزية ولغات أُخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق