اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قصة قصبرة | مصور فوتوغرافيا...* بقلم ياسمين قنديل


⏪⏬
يا إلهى! لقد تأخر الوقت كثيرًا، وخيّم الظلام شارعًا فى نسج خيوطه، حتى القمر يتوارى خلف السحب الرمادية، وكأنه فتاة تختبىء بظل حبيبها خشية مشاهدة حدث مؤلم..خيرٌ خيرٌ . الحركة المرورية لا يتحرك لها ساكن، والزحام لا ينفك يزداد بضراوة، كان يجدر
بى أن أكون بقاعة المناسبات الآن.. ماذا إن وصل العروسان ولم يجدانى فى انتظارهما ..

آه! نسيت أن أعرفكم بنفسي، أنا زياد، مصور فوتوغرافيا بارع ومبدع، فى الحقيقة ليس هناك من هو بإبداعى، لذا يأتى الأناس إلىّ من كل حدبٍ وصوب على شرف اسمى وسمعتى، يحجزون معى قبل مواعيد مناسباتهم بأشهر عدة، لذا أضع السعر الذى يناسبى بجرأة، وما من أحدٍ بوسعه الاعتراض، وإن حدث فبإمكانه الذهاب إلى مصور آخر .

هه، تبًا لتواضعى !

وأخيرًا وصلتُ، نزلت من سيارتى من طراز opel grand land وأخذت عدة تصويرى، ثم دلفت إلى الداخل حيث كان ينتظرنى مساعداى ومن ثمَّ قمنا بتنظيم كل شىء قبل مجىء العروسين .

وبعد قليل كنَّا على مشارف القاعة حيث انطلقت الزغاريد تصاحبها الموسيقى الترحيبية، نلتقط الصور للعروسين ونصور مقاطع فيديو لتكون ذكرى احتفائهما بيومهما الأول كشريكين كلٍ فى حياة الآخر، وأتمنى أن يدركا أبعاد تلك الشراكة بشكل صحيح من البداية، علّهم ينعما بحياة شبه مثالية، لكن..

ماذا عساى أن أقول ؟!
تلك الهالة الطوافة حولى لا تبشرنى بخيرٍ، لا أدرى لمَ أستشعر طاقة خذلان تستشِّر فى المكان تُقسِم بتبديد تلك السعادة المزيفة على وجوه الحاضرين.

ومن يدرى لعلَّ الله يُحدِث بعد ذلك أمرًا؛ فتهوى الأقنعة الزائفة، ويُطِّل كل امرىء بما يحمله قلبه بحق.
فى الحقيقة، لم يكن عشقى للتصوير من فراغ، ولا لأننى أحب الجمال الخارجى وأريد تكريس لحظته.

كلا، بل لأنى أعشق التفاصيل، والتى لن يكشفها أحد سوى عينى حينما تضع كل تركيزها فى حضرة عدسة كاميرتى، وتتناسى أنها عضو من جسد بشرى، وتمضى تُبحر فى قلوب الآخرين، وتتكشف ما يعتريها من فرح وألم.. كبرياء وغرور .. قوة وضعف، وما إلى ذلك، فتخرج الصورة طبق الأصل لروح صاحبها التى ظن أنها فى حِمَى حصن منيع، لذا لم يقترب مهترئى الروح من كاميرتى بتاتًا، يفضلون لو بإمكانهم الاختباء فى حصونهم الصورية، ويستكملون ادّعاءاتهم أنهم لايزالون بخير .

ارتقى الزوج حديث عهده الكوشة، ومدَّ يده بلباقة والتقط يد عروسه حتى أجلسها كملكة متوجة، ثم جلس بجانبها بهيئة السلطان المعظم ومن ثم بدأنا بالتقاط وعرض الصور والمقاطع التصويرية المختلفة . فى تلك اللحظة..

رباه !!
اختلج قلبى ألم مقبض حينما جمعت كاميرتى خيوطها، ورأيت دموع العروس المتوارية تحت رموشها، لم تكن دموع فرحة كما جاهدت أن تبدو، بل بدَت وكأنها مُهرٌ صغير ضلَّ عن أمِّه فسقط فريسة لإحدى السهام الطائشة لصياد ماهر، حينها أدركتنى قشعريرة لمّا رأيت عينيها تتجهان إلى أحد أركان القاعة فتوجهت تلقائيا معهما من خلف عدسة كاميرتى و لشدّ ما كانت صدمتى ..

فكان ذلك الوجع المتأجج بمقلتيها يلوح وينوح من شاب يقف خلف الأنظار فى عالم آخر تجمدت فيه الأصوات والحركة، لم يعد به سوى مشهد واحد أحد، وهو حبيبته التى تتزوج من غيره. لم يكن فى الأمر شك ولا ريب. فتلك النظرة القاتلةِ صاحبها لم يكن لها سوى كيان واحد فى تلك الحياة ولن تتقمص دورًا آخر ما حييَت .

فحينما تتعثر الكلمات على الشفاه وتبوء محاولات اللسان بالفشل فى حلّ لجامه، تتولى الأعين الحديث وبجدارة .
أخرجت عينى من خلف الكاميرا على الفور، لكن ..

لكن فى غمضة عين كان اختفى الشاب، تسمرت مكانى واكتسى جسدى بالبرودة ، لا أبرح أفكر فى أمرهما المؤلم وقد غشيتُ عن العالم لوقت لم أدركه حتى أتى مساعدى لينبهنى، وعدت للعمل مرة أخرى لكن على مضضٍ هاته المرة، ولم يفتأ عقلى يذكرنى بتلك النظرات المتقدة بالوجع حتى ما كنت أرى سواها وأنا التقط الصور للحضور، ولا أدرى ماذا التقطت كاميرتى، فقط أريد انتهاء هذا الحفل على أحرّ من الجمر.. لم أعد أتحمل الانتظار فى ذاك المكان البغيض المقبض .

لم يخفَ علىّ تلك الرجفة فى يديها كلما لامسهما مَن أخذ منصب زوجها؛ فتقبض على فستانها بجزع تتنهد له دواخلها تأوهًا، ومع ذلك تحاول الحفاظ على شبح البسمة المترددة على ثغرها كلما أتاها أحدهم لتهنئتها.

بدا الإعياء يظهر على وجهها، فما تحمله الفتاة بين ثنايا روحها المهترئة كان أكبر من قدرة تحملها لكنها ثابرت على أية حال، حتى انتهى ذلك الفرح اللعين.. نعم كان لعينًا بالنسبة إلىّ أيضًا، وددتُّ لو تعرف العروس كم كنت أشاركها عذابها فى صمت لكنى لم أكن أمتلك من قوة تحمُلِّها لإبداء النقيض، وأضحك فى وجه الجميع ، وكأنني انفصلت عن روحى. لم يحدث ذلك عزيزتي إلا للموتى وما أحسبكِ غير ذلك .

مر بعد ذلك اليوم أسبوع، وأنا جالس فى استوديو التصوير خاصتى تلمسه الاضاءة الخافتة فتلقى بالظلال فى زوايا مدروسة مكونة تصميمًا ديكوريًا رائعًا يبعث على الهدوء، ويفيدنى فى جلسات التأمل كثيرًا. لم يغب عن ذهنى صورة ذلك الشاب الذى مسّه لعنة العشق، تُرى كيف حاله الآن، هل نسى حبها.. ذكرياتها.. طيفها ورائحتها أم لعله يتناسى.

وحتى ذلك الوقت لم يحضر أحد لاستلام صور الزفاف.غريب هذا، أليس كذلك؟! فعادة يكون العروسان فى عجلة لاستلام صور زفافهما وتعليقها فى شتى نواحى منزلهما يتباهيان بها أمام الزائرين، وكأن تلك الصور بمثابة شاهد على الانتصار بحرب ضارية كان أسلحتها الشبكة، والمهر، والشقة وصولا إلى النيش، وما شابه ذلك من تلك الماديات التى وضعها أهلهما أساس حياتهما الجديدة، ومن لم يمكنه تحقيق أحد بنودها؛ فهو لا يستحق الظفر بمثل هاته الصفقة المقدسة..
لكن ما علينا من تلك الفلسفيات، ترى أين هما الآن.. هل مسَّهما هما الآخرين لعنة كسر قلب متيّم وَلِه؟

لكن الأمر الأكثر غرابة هو زائرى الذى طلّ علىّ فجأة بلا موعد، هل حدث بيننا تخاطر من فرط تفكيرى به فقرر زيارتى؟! لم يدَع مجالا للتساؤل؛ فأردف وكأنه عرّافا قد باتت رأسى مكشوفة له بما يجوبها :

- إيه؟! مستغرب وجودى هنا.. ولا مستغرب إنى عارف إنك مابطلتش تفكر فيا .

اعتلى حاجبىَّ جبهتى وأجبته بشدوه :
- مش فاهم !
- مش فاهم ولا مش حابب تفهم . أو يمكن مش عايز تصدق .
- أفهم إيه وأصدق إيه.. أنت.. أنت تقصد ايه؟
- قصدى أنت فاهمه كويس يا زياد..أنت واحد ضعيف مش قادر تواجه ومش قادر تنسى وفى الآخر مين المظلوم؟! أنا..أنا مش حد تانى .
- أنت! أنت مين؟ وأنا ظلمتك فى إيه؟ أنا أول مرة أشوفك، حتى فى الفرح لما رفعت وشى عن الكاميرا كنت فص ملح وداب .

اقترب منى و صاح بانفعال يدق اصبعه بصدرى :
- لأنى هنا..جواك، وفوق بقا أرجوك. اليوم ده عدا عليه أربع سنين، وأنت لسه حابس نفسك وحابسنى فيه .. اه إحنا كنا متعلقين بيها لأنها كانت الشخص الوحيد اللى بنلاقى فيه الأمان، والحنية والتشجيع وجبران الخاطر، كنا بنهرب لحضنها وقت التعب والخوف، كنا بنضمها وقت فرحنا ونستنى تقوللنا " أصلاً كنت واثقة إنك هتعملها " هى حاولت كتير تشوف فيك الراجل اللى هتعتمد عليه ويتحمل مسئولية، لكن أنت كنت مصمم تشيِّلها همومك التافهة، وتحسسها بضعفك.. حتى لما سابتك واتجوزت غيرك رغم إنه بارادتها الا انها كانت بتتألم لوجعك لأنها عارفة إنك ماتقدرش من غيرها.. بس للأسف هى تقدر من غيرك ..

اتخذت الدموع سبيلها بلا استدعاء، تنهمر كسيل متدفق على وجنتاى، وانكمشت بداخلى متقوقعًا بإحدى زوايا الغرفة أصرخ بكل قوتى:

- بس بس كفاية...

لكنه تابع غير آبه بتوسلاتى :
- لا مش كفاية.. أنت صممت تعرفها إنك مش ضعيف، ونجحت فى ده، وشغلك بيتكلم عنك دلوقتى، ليه لسه واقف عندها ليه بتقتلنى كل يوم، دخولها فى حياتك ماكنش علشان تتوجع وتعيش مريض نفسى، أسير لليوم ده، من غير اليوم ده ماكنش فيه حاجة هتتغير فى حياتك، ماكنتش هتتقدم خطوة واحدة..

أحيانا بيكون فيه ناس دخولهم فى حياتنا خطأ، بس لو ما أدركتش الحكمة من ده تبقى هى دى الخطيئة .
-
* ياسمين قنديل

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...