اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

الأدب الساخر.. معركة الفكرة والقالب

*بقلم: باسم توفيق
«ليس الخير في كل جد» كما يقول المثل الهنغاري القديم وهذا بالطبع ينطبق على الأدب ومجالاته وأصول الكتابة وأنواعها فليس كل المشارب واحدة وليست كل المتع العقلية تأتي من مصدر واحد، فهناك من تأسره حكمة القول وهناك من تسبيه عين الفكاهة وربما
ذات المتلقي يميل في أوقات إلى العمل الأدبي ذي القوام الجاد وفي أحايين أخرى يميل إلى الفكرة المطروحة في بدن ساخر. ونقول هنا بدن لأن الفكرة هي الروح والقالب هو البدن، الفكرة هي المعلومة والحكمة وخلاصة القول والتجارب البشرية السابقة.
أما القالب فهو الأسلوب الذي تصاغ فيه هذه الفكرة أي القالب، ويتوقف هذا القالب على المتلقي الذي يستقبل الفكرة أي أنه إذا كان جمهور الكاتب الذي يصيغ الفكرة جمهورا يميل إلى الذوق الشعبي والمرح كان من الأنسب أن يستخدم الكاتب قالبا خفيفا ساخرا أو فكاهيا أو على أبسط تقدير أقل تعقيدا من القوالب الأخرى، أما إذا أراد الكاتب أن يخاطب جمهورا من الصفوة يميل إلى الجد وإعمال كل طاقة العقل في الفكرة المطروحة كان عليه أن يستخدم قالبا جديا وجزلاً حتى يتناسب مع ذلك المتلقي الذي يأخذ نفسه برقي الصيغة وثقل قوامها.
الحقيقة أن هذه المقدمة نوردها لنتحدث عن قضية كبيرة في الأدب في كل العصور وكل الأقاليم وكل الحضارات وهي قوالب الأدب من حيث انقسامها لأدب جاد جذوره الفكرية عميقة وتدور في أطر وفلسفة دسمة، ونوعية مغايرة لهذا الأدب يعرف بالأدب الساخر أو الهزلي وربما الفكاهي أيضا وهو أسلوب يتحايل به الكاتب على الكسل العقلي لدى جمهوره أو ربما ضيق الموارد الفكرية ليطرح فكرته في ثوب يتقبلونه ويدفعهم دفعا على التفكير فيه.
تستعد مطبوعات جامعة هارفارد لإصدار سلسلة من المطبوعات لنصوص الأدب الساخر في عدة عصور وكما نعرف أن مطبوعات هارفارد تخصصت في إصدار مجموعات نوعية شديدة التخصص تنشر فيها نصوص لنوعيات بعينها من الأدب ومنها على سبيل المثال لا الحصر مجموعة لويب التي طبقت شهرتها الآفاق منذ عقود عديدة والتي تعنى بنشر مخلفات الأدب الكلاسيكي في نصه الأصلي مترجما ومنقحا ومزودا بشروح لأعاظم المتخصصين، وهناك أيضا مجموعات في أدب العصور الوسطى والأدب البيزنطي وهكذا، ومن هذا المنطلق تسعى هارفارد لإصدار مجموعتها الجديدة في نوعية قلما تهتم دور النشر بإعادة طباعتها وخصوصا المغمورة منها أو دعنا نقول التي لم تحظ باهتمام النقاد بشكل كبير كمثيلاتها في النوعيات الأخرى فمن منا مثلا عرف أن لهوميروس كاتب الملاحم الأشهر ملحمة ساخرة تدور أحداثها عن معركة اندلع وطيسها بين الضفادع والفئران؟ البعض لن يتخيل ذلك والبعض ربما يشعر بغرابة الموضوع ولعل السبب في ذلك أن النقاد انصب جل مجهودهم في غضون 2400 عام خلت على تحليل وتفنيد وتبويب الملاحم الجادة مثل الإلياذة والأوديسة وهذا لا يعني أن (باتروخوماخيا) أو معركة الضفادع والفئران ليست ذات أهمية في أدب هوميروس بل على العكس ربما كانت لا تقل أهمية عن ملاحمه الكبرى، لأنها تقدم الفكرة في قالب ساخر تقدم البطل الملحمي ومعارك الشرف وتدخل الآلهة الفج من خلال قالب كوميدي يبين إلى أي مدى كانت بذور النقد اللاهوتي في الفكر الديني الإغريقي قديمه قبل بروتاجوراس ويوهيمروس وغيرهم من الذين انتقدوا فكرة تعدد الآلهة وصراعاتهم، ولنترك معركة الضفادع والفئران لأن الكلام عنها له مقام أكثر اتساعا ونعرج على اللون الذي تطرحه مجموعة هارفارد المستقبلية وهو اللون الأدبي الساخر وهو نوع في الحقيقة متشعب ومتنوع على عكس ما نعتقد نحن في أدبنا العربي لأنه كان في عصور الأدب العربي الكثيرة محدودا وأحادي النوع فهو في العصر الجاهلي ينحصر في الهجاء ثم في العصور التي تلته زاد عليه أدب الطرائف والذي يجمع الفكاهة والطرف في مصنف واحد مثل كتب تراثية مشهورة على غرار البخلاء وحكايات المغفلين والحمقى وقطائف الظرف وغيرها كثير من كتب التراث، وظل هذا هو المتبع حتى القرن العاشر الميلادي حين ظهرت المقامة بشكلها المعروف على يد أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيي الشهير ببديع الزمان الهمذاني ثم تلاه محمد الحريري البصري بمقاماته الأكثر شهرة، ولا نستطيع أن نعتبر أن المقامة هي من نوعية الأدب الساخر بالشكل المطلق لكنها كانت أقرب إلى أدب المغامرة والذكاء البشري وحيث كانت تتخللها الفكاهة بشكل عفوي ومطرد على أساس الشخصيات الساذجة التي يستغلها بطل المقامة ذو الذكاء والحنكة. ولعلنا نستطيع أن نربط بين نوعية الأدب الساخر للمقامة وبين مثيلتها في الآداب الأوروبية فنجد أن نوعية السخرية والفكاهة اللغوية التي ترد في المقامات تتشابه أسلوبا مع ما كتبه الأديب الإنجليزي الأشهر لورد بايرون في ملحمته الساخرة دون جوان والمستقاة من التراث الإسباني والتي سوف نعود لها فيما بعد كإحدى أيقونات الأدب الأوروبي الساخر.
وعلى الرغم من محدودية الأدب الساخر في أدبنا العربي حتى ظهور التنوع الشديد فيه في العصر الحديث بعد الانفتاح على الآداب الأوروبية من خلال اتساع حركة الترجمة، فإن الأدب الأوروبي منذ بدايته شهد تنوعا كبيرا في هذه النوعية من الأدب وكما قلنا بداية بهوميروس أي في القرن الثامن قبل الميلاد ونستطيع أن نعتبر أن بدايات الكوميديا كانت أيضا من نوعية هذا الأدب الساخر الذي تطور حتى أفرز لنا الكوميديا ولا يتسع المجال هنا لتفنيد جذور الكوميديا سواء كانت جذورها ما عرف بالكوموس أو الأناشيد الماجنة– الفالوس– أو كانت الساتورا هي الأصل على أية حال فإن الساتورا أو ما نترجمه ضمنا بالهجاء كان نوعا أيضا مستقلا من الأدب الساخر لكن الساتورا بالطبع ليست كلها هجاء ربما الوزن والتفعيلة ارتبطا أحيانا كثيرة بالهجاء لكن في المجمل تنوعت الساتورا فهي إما منسوبة لكلمة ساتير والتي تعني فتيان الغابة وهم مخلوقات شهوانية ساخرة الشكل لها أجساد آدمية وأطراف حيوانية وتتبع ديونيسوس إله الخمر، ومن الممكن أن تكون الساتورا هي أناشيد الحصاد المبهجة والساخرة التي كانت تغنى عند باكورة الحصاد تكريما لربة الحصاد والخير ديميتر، على أية حال امتد طقس الساتورا حتى العصر السكندري ثم الروماني وبدا أكثر سخرية حتى إن هناك نوعية منه يطلق عليها (الأغاني البريابية) وكانت تغنى في أقاليم توسكانا تكريما لبرياب ابن ربة الخير كيريس الرومانية وهو يقابل اصطلاحا ناطور الحقل في الحضارة الشرقية (خيال المآتة)، لكن أيضا علينا أن نجزم أن ما من صورة أقوى للأدب الساخر من ذلك المصنف الذي كتبه بترونيوس آربيتر ذلك الأديب في عصر نيرون والذي أعدمه نيرون، فيما بعد كتب أربيتر مؤلفا لا يتبع أيا من أجناس الأدب في هذه الفترة حيث تحطمت الكوميديا وتحولت الساتورا لأدب أقل من المستوى الشعبي وعاش على بقايا فنون الدراما العظيمة فن ألمايم الذي أصبح هو الآخر نوعا من الأداء الساخر، ومن ثم يعتبر مؤلف بترونيوس آربيتر والمسمى الساتريكون– لا توجد ترجمة حرفية للاسم لكنه يسمى اصطلاحا حكايات من أرض الشهوانييين– يعتبر هذا المصنف فتحا في نوعية الأدب الساخر وعلى الرغم من أنه به مقاطع كثيرة ذات مضمون لا أخلاقي فإنه يعري المجتمع في عصر نيرون وكيف آلت الأمور للمجون والخلاعة بسبب سفه القيادات والحاكم الذي انشغل بتقديس ذاته وتكريس عباده لهذه الذات بين رعاياه وحاشيته.
وبعد ذلك تنحدر أوروبا للعصور الوسطى ويصبح الأدب الساخر هو النوع الذي يستسيغه الأوروبيون الذين يعيشون تحت ظلامية الكنيسة التي تخوف البشر من الذات الإلهية وتقنعهم بأن الغفران في يد القائمين على الكنيسة وبالتالي فإن السخرية لاقت رواجا كبيرا وظهرت مصنفات تسخر من منطق العصر البيزنطي وعقوله المتحجرة، ونستطيع أن نعتبر أن مصنفا عظيما مثل حكايات الحمار الذهبي للكاتب الروماني النوميدي أبوليوس هو إرهاصة شديدة الذكاء للأدب الساخر في العصور الوسطى لكنه يرتبط بروابط أكثر قوة بالأدب الروماني في العصر الفضي والبرونزي وقبيل العصر البيزنطي والدليل على أنها كانت إرهاصة شديدة التميز للأدب الساخر في العصر البيزنطي والعصور التي تلته هو أنها كانت مصدر شكسبير الرئيسي في كوميديته الشهيرة حلم ليلة صيف.
تعرف المعاجم الأوروبية عدة نوعيات وإصطلاحات لأدب الفكاهة والأدب الساخر والمكتوبة شعرا بالأساس ثم فيما بعد المكتوبة نثرا فنجد أدب السخرية SARCASM والتهكم DERISION والهجاء SATIRE والاستهزاء RIDICULE وربما يعتبرها القارئ أساليب وليست نوعيات لكنها في الحقيقة نوعيات مستقلة وربما جمعها نوع واحد في عمل واحد أو جمع بعضها، وهكذا ولوجود هذا التحديد في الأدب الأوروبي الذي عرف الأدب الساخر في مهده فإن النوعيات والأساليب تتعدد وربما نجد أن نوعيات من الأدب الساخر يحار فيها القارئ فهي مكتوبة في صورة جادة للغاية لكنها في باطنها ما هي إلا إحدى صور الأدب الساخر مثل ملحمة دون جوان التي كتبها لورد بايرون والتي تحث على نوعية الأدب الساخر لطرافة موضوعها ولأنه استخدم فيها الفصحى الجادة جنبا إلى جنب مع العامية الدارجة محتذيا في ذلك حذو الكاتب الإنجليزي الكبير جون هوكام فرير وهو أحد معاصري لورد بايرون الذي تأثر كثيرا بالأدب الإيطالي وروحه الساخرة في هذه الفترة، ومثله بايرون أيضا حيث عاش في إيطاليا فترة كبيرة وقرأ أعمال الشاعر الإيطالي بيبو والشاعر بولتشي ومن ثم اتجه بعد عدة محاولات لكتابة الأدب الساخر الذي وصل لنضوجه في دون جوان وربما يجد البعض غضاضة في اعتبار أن دون جوان تتبع بشكل كامل الأدب الساخر أو الفكاهي، لكن التحليل اللغوي هو المحك الفاصل بين النقاد والمحللين والذي يعلن بما لا يقطع الشك أن دون جوان الملحمة التي كتبها لورد بايرون هي من أيقونات الأدب الساخر في تاريخ الأدب الأوروبي وحتى إننا نجد أن النقاد العرب قد انشغلوا ببايرون وبغيره من أدباء الأنجلوساكسون ككتاب رومانسيين يكتبون الشعر والدراما وقلما نجد الاهتمام بأدباء الأنجلوساكسون في ألوان أخرى مثل اللون الساخر ولا نعرف على وجه التحديد لماذا يعتبر الناقد العربي أن الأدب الساخر في مجمله للترفيه وأنه يقل شكلا ومضمونا عن النوعيات الأخرى من الأدب مع أن المنطق يفند هذه المزاعم لأن الأدب الساخر بل والفكاهي ربما فتح الأفهام والعقول على حكمة ثقلت عليها في الألوان الجادة فمن يستطيع أن يقول إن عملا مثل لاترو دي تورميس وهو من روائع الادب الساخر الإسباني من يستطيع أن يقول إنه أجوف أو هدفه الإضحاك والتندر؟ ومن يؤمن بهذا الرأي لا يرى أن لاترو دي تورميس يقوم بتشريح سقطات المجتمع المتحفظ والمتدين شكلا والماجن مضمونا في هذه الحقبة في القرن الـ16 وربما قدم لنا فلسفة في سسيولوجيا المجتمع الأوروبي كله في هذه الفترة.
على اية حال فإن المجموعة التي تنوى إصدارها مطبوعات جامعة هارفارد هي خطوة ناضجة وحقيقية نحو تعريف الدارسين والقراء العاديين بجانب كبير من تاريخ الأدب العالمي ربما سقط سهوا من يد النقاد الضغط على ثماره ودعوتنا لتذوق أطايب عصارته.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...