اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قراءة في ديوان " قصيدتي مقبرتي " للشاعر مصطفى الحاج حسين ...* بقلم الأستاذة غزلان شرفي

⏪دراسة قيمة وعميقة أسعدتني وعرفتني على نفسي .. للأستاذة الأديبة والناقدة القديرة غزلان شرفي .. عن ديوان الذي سيصدر قريبا ( قصيدتي مقبرتي ) .
لطالما صادفتني مقولة( الإبداع يولد من رحم المعاناة)، ولطالما استوقفتني آراء المناقشين لها ،بين مؤيد ومعارض، بينما كنت أتخذ
موقف الحياد من الأمر، مُقنعة نفسي بأن الإبداع رهين بحاجة صاحبه للتعبير، سواء كان سعيدا أو تعيسا..... ولما أتيحت لي الفرصة للاطلاع على دواوين الأستاذ المبدع مصطفى الحاج حسين، وعلى مجموعاته القصصية، وجدتُني منبهرة بطريقته الخاصة، واستثنائيته المميزة في ترجمة الألم والمعاناة والعذاب النفسي، جراء الاغتراب عن الوطن إلى شلالات جمال، وأنهار روعة، تنساب برقة وأناقة، فتُلبِسُ الحزن رداء الوهج، وتحيك للألم أثوابا من أمل....
إن المطلع على السيرة الذاتية لمبدعنا الأريب لا يملك إلا الإعجاب بهذه الإرادة الصلبة، والرغبة العارمة في امتلاك نواصي الكتابة، وتكريس الجهد والعمر للتمكن منها، وكأنه ولد ليكون شاعرا، ولا شيء غير ذلك؛ وإن كان في مرحلة من شبابه كان ينقش أبياته على الحيطان و الجدران التي هي في طور البناء حين يحضره إلهامه، فإنه الآن، وبعد بلوغه مرحلة النضج الفكري والعاطفي، قد تمكن من نقشها داخل قلوب قرائه ومتتبعيه، ووشمها في ذاكرة الثقافة العربية، وطرّزها بحروف من نور لن تخبو مهما طال عليها الأمد، لأننا صرنا إلى زمن التشبع حد الغثيان، والاكتفاء حد التخمة لكثرة ما يُسطر يوميا، وما "يُنظم" من "أشعار"... لكن..... وسط هذا الكم الهائل من الكتابات،لن يصح إلا الصحيح،في الابتداء والانتهاء، كما هو الشأن بالنسبة لكل ( موضة) جديدة، "فالتقليعات" تجلب الأضواء عند ظهورها لأول مرة، ويكثر حولها اللغط والصخب، لكن سرعان ما تخبو وتؤول إلى النسيان.
في ظروف كالتي صاحبت نشأة الشاب ذ. مصطفى الحاج حسين، كانت الخيارات خانقة حارقة، وفي بيداء حياته، نمت شتلة الكتابة لديه، وبدأت في النمو، حتى غدت واحة فيحاء، ترخي بظلالها على كل مظاهر حياته، وتخفف من طعم المرارة والخذلان اللذين رافقانه، فقد فتحت له الأبجدية حضنها، ورسمت له جناحين مكناه من التحليق خارج مجرة أحزانه، وفوق تضاريس آلامه، فكان الشعر هو السلوى، وفيه طاب له السكن والمأوى، لقد كان إدمان ممارسة الكتابة بالنسبة لشاعرنا كالبلسم لجراحاته، والمُسكّن لآهاته،هي علاقة تجاوزت المعنى المادي المحسوس( ورقة وقلم) لتصبح آصرة روحية عاطفية متينة، تعكس تلك اللّحمة التي يستشعرها الشاعر مع وطنه، المُبعٓد عنه قسرا، فأصبح الشعر وطنه الثاني، وحضنه الحاني....
وأنا أتجول بين قصائد ديوان( قصيدتي مقبرتي) ، استشعرت كم الحزن الهائل الساكن بين أضلاع شاعرنا، وتلمست آثار الندوب التي يحملها قلبه المسكون بحب معشوقة تمكنت من التربع على عرش عواطفه، فكان لها تاج المُلك بامتياز، وكان لها السبق في المداد.. ديوان جمع بين ستين(60) روضة من رياض الإبداع، تعددت معانيها، وتنوعت رسائلها، ورغم أن الخيط الناظم لها انحصر في الحزن والخيبة والألم، وقليل من الأمل، إلا أنها ستظل ورودا عبقة، ولعل أندر الورود، وأكثرها جذبا للإعجاب..... هي تلك السوداء..... وهنا، أؤكد أن ما خطته أنامل شاعرنا، رغم سوداويته، إلا أنه استثنائي في معانيه وبلاغته وصوره وانزياحاته...
أنا وجع النسمة
جناح الدمعة
عصفور المسافات...
لكن، لعل ما يشد الانتباه أكثر في هذا الديوان هو عنوانه( قصيدتي مقبرتي).. جملة من كلمتين، بمعان من سطور وصفحات...... عنوان اختاره الشاعر من بين عناوين عديدة للنصوص المتضمنة بين دفتي الديوان، إنها القصيدة العشرون التي يصف فيها الشاعر قصيدته بكونها مخبأه السري ومقبرته.... هذا المعنى يتكرر في مواضع كثيرة جدا من الديوان حيث نالت المفردة نصيب الأسد من حيث التواجد...
لو كانت السماء تتسع لقصيدتي
لأمطرت حروفي شموسا(القصيدة3)
-
وبلا قصائد ترثي أيامي
سأكون سعيدا (ق 17)
-
يا قصيدة كتبتها غربتي. (ق22)
-
هي نبيذ المسافات
كوثر الوقت
قصيدة الرحيق (ق 25)
-
صارت قصيدتي
منزوعة الأبجدية. (ق 29)
-
وقصائدي صبت النار
على جسدها اللدن. (ق 30)
-
دع قصيدك
يلملم حطام الحروب. (ق 33)
-
قصيدتي تكشف عني العماء
تبصرني خطاي
وأنا أزحف في عراء. (ق 47)
-
يصعب وصولي إليك
لا أملك إلا أن أحبك
وأن أكتب عنك كل القصائد
لولا أنت ، ما أتيت للدنيا
ولا كتبت الشعر. (ق 59)
-
أنا سيجت وطني بالندى
سورت سماءه بالقصائد (60)

من هنا، يمكنني القول أن القصيدة ليست في الحقيقة مقبرة لشاعرنا، بقدر ما هي حياة، ولادة جديدة، انبعاث، نفٓس..... فهو مع كل ضيق يتملكه، وكل كرب يعتريه يلجأ الى النظم، حيث يجد الونٓس، ويحظى بالأليف..
مع كل هبّة شعر من الديوان، يلفح وجوهنا صهد اللظى، وزفرات حرّى، قد تأخذ حينا منحى السخرية والتهكم،مثل قوله:
على صاحب هذه الجثة
الاعتذار من السيد القاتل
لأن دمه القذر
تسبب بتلويث الثياب الأنيقة. (ق11)
-
فليمت رعاع سوريا
ليس لهم مكان
فليكونوا تجارب للأسلحة
موضوع مؤامرات الدول المتحضرة
(ق 31)

وأحيانا، قد ترتدي عباءة الشوق للمحبوبة التي أخذت بمجامع القلب والروح:

أنا يا حبيبتي لا أتقن في الدنيا
إلا حبك، والكتابة عنك (ق51)
يسعدك انهزامه ...
وأحايين أخرى، تصير الحروف دموعا تنعى فقد الأهل والأحبة:
موت ذوي القربى أشد مضاضة
من موت الانفجار (ق 41)

لتتحول في مواضع أخرى إلى كشافات نور تفضح تخاذل الإخوة العرب، وتآمرهم اللاأخلاقي ضد الشقيقة الجريحة، وأبنائها المهجّرين:
بكل وقاحة وصفاقة
أباحوا ذبح بياض الياسمين
واستباحوا بكل فظاظة ونجاسة
كرامة الأشراف اللاجئين
أرادوا إذلال الأحرار
بئسهم لأنهم من الأنصار الكاذبين
يا ويلهم ماذا يفعلون مع المهجرين؟
تاريخنا وديننا واحد
فلم الجفاء
ونحن أتيناهم مسالمين. (ق35)
---
دون أن يغفل أمر المتسلقين المتحذلقين، شعراء المنابر والنظام، الذين يضمرون الكره لكل من أسال-بشرف- مداده في حب الوطن:
يسعدك انهزامه
وانكساره
والإساءة لاسمه
وإبعاد الأصدقاء عنه
وإقصاؤه عن أماكن يسعى اليها
وحرمانه مما يحتاجه من هواء
وفضاء يتسع لأحلامه
يسعدك قتله
ومطاردة أنفاسه (ق10).

ورغم قتامة المنظر، ودُكنة سمائه، إلا أن نسمات من أريج الياسمين تهب علينا، بين الفينة والأخرى، من خلال شرفات صغيرة أقامها الشاعر في صرح بنائه الإبداعي المميز:

قل لحلمك
أن لا يضمر
أو يختفي
فبعد السقوط
نهوض
هكذا علمتني العاصفة
....
قسما ستثمر الجراح
وينبلج السلام
ويرفرف علم المطر
فوق سماء الطفولة (ق24)
...
سيتعب الموت
وينتحب
بل وسيعتذر منك
وستنتشر رسائل الندى
على اليباس والتصحر
ويعم بياض الياسمين. (ق 28)

وفي نهاية هذه الجولة الماتعة في مروج الإبداع الناطق بآي التميز العاكس لمرآة الواقع بكل تناقضاته، ولجروح الروح بكل تشظياتها، لا يسعني إلا التنويه بهذا القلم الباذخ ، الذي استطاع أن يؤسس لتيار استثنائي في عالم القصيدة النثرية، المحلقة فوق قيود المألوف، بفضل إرادة صاحبه، ودُربته وكفاءته، إلى جانب موهبته الثرة، وقريحته المتفجرة، قلم امتلك من المقومات ما جعله ريشة ترسم بالحروف صورا ناطقة بكل التفاصيل الإنسانية، حتى إنه لٓيستحق أن يصنف كثراث إنساني ثقافي للذاكرة السورية ، بكل آلامها وآمالها...... فديوان( قصيدتي مقبرتي)، علاوة على ما تشرفت بالاطلاع عليه من دواوين أخرى لشاعرنا الفذ، يختزل محنة الشعب السوري، ومعاناته داخليا وخارجيا بشكل مختصر، مركز، مدقق، وإبداعي لا يملك القارئ معه إلا ان يتماهى مع حروفه، ويتعاطف معها حد البكاء، مع أن البكاء في حد ذاته ليس هو الحل لأزمة أشقاء.
شلالات تقدير للشاعر الحر، الصداح بالحق الأستاذ المبدع مصطفى الحاج حسين.
-
*غزلان شرفي

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...