اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

جسد الأحلام | قصة قصيرة ...* محمد كومان - المغرب

⏪⏬
تنار الغرفة . فينكشف ديكورها البسيط . سرير صغير ، مرآة حائطية ، خزانة في وسطها تلفاز و بعض الكتب و جرائد متناثرة هنا وهناك .. رجل في الأربعينات ، أبيض البشرة ، بلحية صغيرة سوداء ، حليق الشعر ..بملابس صيفية .يظهر الرجل بثياب النوم ،
مقتعدا سريره و شريد التفكير.
الحجر الصحي، الذي ألزمه البيت، امتد بأثره إلى حَجْر الروح داخله، النأي بالجسد عما يمكن أن يصيبه بمكروه، وحجز الروح عن احتياجاتها الإنسانية و السفر بها عبر الزمن من الماضي الى الزمن الكوروني والى ما بعده

ينظر الرجل إلى علبة سجائر بجانبه على المائدة . الساعة تشير إلى الثانية عشر ليلا إلا ربع.
يتمطط الرجل .. يتتأب ، وهو يسمع لموسيقى الشاب عمرو ..فقد مل و بدأ الضجر يتسلل له بسبب كثرة متابعنه لاخبار عدد الاصابات و الوفيات بسبب كورونا . ينهض ، و ينظر من نافذة الغرفة.
تعود به ذاكرته لسنوات التسعينات .حينها كان شابا يافعا مقبلا على الحياة .عندما كان يعيش على حلم وحيد ; هو الهجرة الى اوربا .كان يرى في اوربا جنة الاحلام كباقي شباب سنوات التسعينات ..غالبا كان يتجسد هذا الحلم في شقراء اوربية تشبه شيئا ما كلوديا شيفر التي كانت صورتها لا تفارقه في احلامه على سرير النوم ..
كان لا يفوت فرصة مشاهدة افلامها في احدى القاعات السينمائية… بها ينسى مغص الجوع و منشطا لعجلة احلامه التي تدور في ذهنه. كانت رمز الهجرة الى اروبا. كانت ايقونة الاحلام. كانت الاخر المختلف عنه كانت الحرية بعينها.

كان يضع صورة لها بمذكرته الشخصية ويسرد من تحتها خواطره و احلامه و تفاصيل حياته …. يتذكر عنما كان شابا وهو تحت المرش يأخذ حماما دافئا.
يتوقف المرش من إنزال الماء .
يغادر الحمام .
تخرج من المرش قطرتين من الماء ، ثم قطرة من دم . ببطء تهوي إلى البلاط و تختلط مع الماء متحللة .
عندما حتمت عليه الظروف ان يشتغل بعيدا عن مدينته في الصحراء.. تاهت منه صورة كلوديا شيفر و مذكرته…
صارت فقط كنقطة في الفضاء في ذاكرته. لان الحياة وقسوتها و تراكم صور اخرى من الحياة اليومية احتلت ذاكرته وجعلته عبدا للخبز, ومكافحا في سبيل ان يعيش من يحبهم ويضمن لهم حق من حقوق الكائنات الحية …
كان يعرف أنه مازال يحب كلوديا شيفر ,لانها رمز الحرية و احلامه . كانت تلك اللحظة بحق عصيبة مرت عليه كما مرت الأعوام السابقة طويلة بغيضة . ولكنه تمالك نفسه وبحزن شديد يتنفس ككائن حي…
يوم أخر من حياته . كان مارا في الشارع.. اعتاد طيلة هذه السنين أن يمرأمام قاعة السينما ,لأنها هي المكان الذي يذكره بكلوديا شيفر و مر أمام قاعة السينما التي مازالت تحتضر وتقاوم تعرية الاهمال و النسيان . مازالت تعرض أفلاما ولو بعدد قليل من الزبائن.. فقرر الشاب ان يلج و اشترى تذكرة ودخل الى قاعة السينما …….
كانت وقع المفاجأة عليه كبيرا , وكانت الفرحة شديدة , عندما فاز في احدى المسابقات ,لم يكن يعتقد انه سيفوز لانه هناك احيانا سباقات في الحياة ولو كنا اقوياء لا نكسبها .. فهي سباقات محجوزة لاصحاب اليمين وهومن اصحاب الشمال .
وعدوه بصرف مبلغ الجائزة في اقرب وقت ..كان محتاجا لهذا المبلغ حتى ينفقه في قربانه الروحي كي يلامس عوالم كلوديا شيفر …
مرت سنوات وهو ينتظر حتى صار حلمه وهما .. تمر الايام و الشهورولاشيء تغير ….
لم يعد يحتمل, اقسم انه اكثر مما يستطيع تحمله, يشعر انه يحطمه هذا الانتظار مع كل لحظة يبقى فيها على قيد الحياة, لا يفهم ماذا يحدث في داخله, شعور يقتله, الفوضى العارمة في اعماقه لا تتوقف, يحاول جاهدا ايقاف هذا الاعصار, لكن….. انه يجعله يسقط عاجزا مجدداً ..طفح كيله, لم يعد يحتمل. ان حياته مجرد لعبه فارغة, لا تحمل سوى متاعب ومشقات.

رغم انه شاهد فيلمين ليست فيهما كلوديا شيفر, الا انها تجسدت له في تلك الصور التي شاهدها في شاشة العرض وعادت كي تصير عنوانا لجنة احلامه ونقطة في فضاء الصور التي يبحث عنها ..صور الحلم. صور الحرية. صور البحث عن الجانب المظلم في كل انسان. ذلك الجانب المظلم الذي يهرب منه الانسان في حين من الاجدر التصالح معه ……..
يستلقي الرجل في سريره . يحدق قليلا في الخارج من خلال النافذة .
زوايا البيت لم تعد تشبه العوالم السرية كما كانت إبان الطفولة، البيت نفسه لم يعد كبيرا ومحيرا كما كان يبدو سابقا، الأدراج والأركان لم تعد مغرية كمخبأ مفاجآت يدعوه للتنقيب، أهم الأشياء وأبسطها صارت توضع على مرأى عينيه، حتى غاب شغفه بها بكثرة ما بدت قريبة ومتاحة.
السماء صافية ، و القمر بدر. السكون يرافق أنغام اغنية الشاب عمرو قلبي مايسعفنيش…..
يمد الرجل يده و يطفأ المصباح.
فجأة ، يعاود الرجل إنارة الغرفة . يقتعد السرير ، يشعر الرجل بالاختناق ، يحاول الصراخ ، فلا ينبعث منه غير حشرجة خافتة.يطفأ المصباح ويتسلم للنوم …….
-
*محمد كومان

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...