اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

كتب الدكتور سمير محمد ايوب : نَحْلُ الحب وذُبابه


⏪عشوائيات في الحب - 17
عصرا وصلنا تلَّ الرمان . في أجمل مواقع التلِّ ، ألمُطلة على سد الملك طلال ، دلفنا بوابة دارةِ باذخة . أربعتُنا في سيارة الصديقة العراقية ، أنا بجانبها ، الجراح وزوجته الطبيبة في الكرسي الخلفي من السيارة .
من البوابة الرئيسة ، لاحت مضيفتنا الشاعرة السودانية تتأبط يمين زوجها . تتهدل كعروس في ليلة زفافها. توبها سوداني تقليدي ، مميز برسوم تجمع ألوانا مختلفة . وهي تمد يدها مصافحة ، بان نقش الحناء مطرزا عليها . إكسسواراتها من ألأبانوس ، وحليها من العاج .
قرَأتْ في عينيَّ إعجابي بثوبها ، فقالت فرِحة : تَعْلَم يا سيدي ، أنَّ لباسَ المرأة التقليدي ، هو حجر الزاوية في الهوية السودانية . يسمونه في عامية السودان ، تُوبْ لا ثُوب . يتمازجُ فيه بديعُ أفريقيا ببديع العرب. يجمع بين ألأصالة والمُعاصَرة برفقٍ ، ليبقى مُنسجما مع شيم الحياء وقيم الحشمة .
ونحن نعبر حديقة الدارة ، تناهَت لسمعي إيقاعاتٌ موسيقية سودانية ، فقلتُ مُمازحا مضيفتنا الشاعرة : تُذَكِّرُني طلتُك ، بكوكب الشرق أم كلثوم ، وهي ترتدي الزي السوداني .
قهقه مضيفنا الشاعر قائلا : نعم نعم ، أم كلثوم أشهر من لبس الثوب السوداني . وكان ذلك في فبراير 1968 ، خلال حفلة أقامتها في مسرح أم درمان . يوم غنت روائعها : هذه ليلتي ، والأطلال ، وفات المعاد . يومها قالت السيده الكبيرة عبارتها الشهيرة عن أهل السودان : السودانيون دُوْلْ أهلنا ، إحنا وهُمَّا اخْواتْ ، إحنا الاتنين ولاد النيل .
ما أن إستقر بنا ألمقام حول بركة أنيقة ، تَبينتُ أن مطربنا الليله هو سيِّد خليفة ، أشهر مطربي السودان . إيقاعات أغنياته من عمق النيل والصحراء . أصغينا لأغنيته الخالدة : (إزيُّكم كيفنُّكم ، أنا لِيَّا زمان ما شفتكم . مشتاق كتير كتير لِحَيِّكُم .أنا ما غريب أنا منكم ) . ونحن ننتقي شرابنا المثلج من عربة إتسعت لشراب الكركدية ، التمر هندي ، وقصب السكر والمانجا ، لامست أسماعنا ، أكثر أغاني السودان تميزا وتأثيرا على الوجدان ، وأكثرها رسوخاً في ذاكرتنا الجمعية ( المَامْبُو دا سُودَانِي ، المَامْبُو في كِيَانِي ، في عُودِي وكَمَانِي ، ما أجمل ألحَانِي ، يا حبيبة ما احْلاكِي ، المَامْبُو في غُنَاكِي ) .
على وقع الموسيقى قال مضيفنا مفتتحا ثرثرتنا : قبل وصولكم كنتُ قد إتفقت مع زوجتي ، على أنَّ بين ضلوع الكثيرين منا ، تغفو ألف حكاية لم يكتب لها النجاح ، وحكاية ساحرة أذابت الكثير من أورام الحَزن ، وغيَّرت وهي تتقافز حياتنا للأجمل .
إستأذنَتْ مُضيفتنا زوجها لتقول : لا شيء أجمل ، من أن يقصَّ علينا صاحبُ كلَّ حكايةٍ تجربَتَه . إسمحوا لي أن أكون البادئة . أشعلَتْ لُفافَتها . نفثَت سحابةً مِنْ دُخانها الأبيض الكثيف . إسترخت في مقعدها المريح وهي تقول : بعد فترة من الرحيل المفاجئ لزوجي الأول يرحمه الله ، أدركتُ الفرقَ الشاسعَ بين ما بات يُبعثرني من حُزْنٍ ، والأمان المُتَّكِئ على صحبةٍ كانت تُمسكُ بيدي ، تُساكن روحي . بدأتُ أدرك أنَّ لا إتفاقات مُبرمَة مستدامة مع الفرح . مع الرحيل بالموت أو غير الموت ، عليك أن تقبَل هزائِمك ، وعيناك مفتوحتان ، بسموِ إمرأة ناضجة ، لا بحُزنِ طفلٍ مشاغب .
ولكن جدلا صاخبا تقليديا بين عقلي وقلبي ، كان يقلق كبريائي . عقلٌ يُوسوس بأني بما ورثت من مال ، لم أعد بحاجة للآخرين . وقلبٌ سليم يؤكد ، بأن بعض المال وهْمٌ . فمهما نأيتُ برفقته ، فإني من الآخرين لا بد من جديد دانية . يعطيني عقلي أسبابا لأبتعد . فيعطيني قلبي ألف سبب وسبب للإقتراب .
تعاملت مع هذا الجدل الصاخب بصفاء نفس مطمئنة حكيمة ، لا بذكاء عقل دهقون . فتيقنتُ أنَّ لا شيء أقوى من إرادة الحب على هذه الأرض . فقررتُ أن لا أموت عند الرابعة والأربعين مما مضى من عمري .
صارت الحياة بعده اقسى ، فقررتُ تغييرَ نفسي لأعود أقوى مما كنت في ظلاله . بدأت إعادة بناء معارجي ، وفق أرض حاضري لا وفق حُزْنِيَ الأبْكم ، فحتى أشعة الشمسِ تُحرِقُ ، إذا بالغتَ في الإِقتراب منها .
خشيتُ أن أغدوَ جِدارا من حصى ، عديمة المشاعر ، أوقلبا ميِّتا لا يؤثِّرُ بي . فلم أنتظر من يُحضِر ليَ الزهور . زرعتُ حدائقي . زيَّنْتُ روحي . وتعلمتُ القدرةَ على الإحتمال . فمن الذكاء مع كل وداع أو أيِّ وداعٍ ، أن لا نلهث وراء العصافير على شجر الفقد أو دهاليز الرحيل ، وننسى العصفور الجميل الذي في الصدر .علينا ألإدراك ، أن بعض السعادة ينبع صغيرا بريئا . نحن أقوياء إن أتقنَّا ألإستماع للهمس النابع من ذواتنا ، ولا نصم آذاننا عنه .
بات قطار العمر يجري بي سريعا . وأنا فيه أتخبط ، ما بين خيارخاطئ ، وخيار أحمق آخر ، دون أن أعثر في ثناياه على خياري الحر ألحقيقي ، ألذي يجسد إنسانيتي لحما ودما .
مبكرا آمنت ، أن حضنا واحدا صادقا ، أفضل ألف مرة من هراء آلاف ألأطباء النفسيين ، ونصائح المصلحين الإجتماعيين . فالحياة مليئة بالبدائل ، التي لا يمكن لأيِّ منها ، أن يحل محل آخر .
إمتلأتْ بيادري وجراري ، بخذلان من الحب . مللته بل قل يأست منه . فقررتُ أن أكون وحدي سيدة ما أفعل . فأنا إمرأة لم تُخلق لتكون محل إعجاب الرجال جميعا . بل مكرسة لسعادة رجل واحد . أخرستني كرامتي . وأحالتني أوجاعي بكماء لا تشكو إلا لله . إلى أن إلتقينا في صدفةِ عشاء . أميريَ هذا ، حياةُ تسري على قدمين . زُولٌ مُغرمٌ بالهدوء . له لسانٌ وشفتان . نصفُ حديثه كما ترون في إلتماعات عينيه ، والنصف الآخر في حجم إبتسامته وفي رنينها . فلم أعُدْ من حينها ، سيدةَ ما أشعر به . أزلتُ مِزْلاجَ قلبي . ولم أعد أحْكِمُ إغلاق أبوابه ، ولانوافذه . أقسم أنني لم أعد أدري أين أضعتُ مفاتيحيَ السريَّة .
إحتشدَتْ من حولنا بشكل أنيق ومتقن ، مقدمات الحب ومقتضياته وتبعاته ، تذكرتُ وإياه ، أنَّ الله إذا أحبَّ عبْداً ، وضعَ في طريقه من بِصِدْقٍ يُحِبُّه ، ومن بصدق يُحِبَّه .
مع رَجُلِيَ هذا ، إنتهت جُلُّ حروبي مع عقلٍ ظالمٍ وقلبٍ مظلوم . منذ عشرين عاما ونحن نُبْحِرُ في لُجَجِ الحبِّ بعيونِ النحل ، ألتي لا ترى إلا كلَّ جميل من الزهور، وإبتعدنا سوية عن عيون الذباب ، ألتي لا ترى إلا كل قبيح .
وهنا ، جاء من يعلن ، أن ركن الطعام بات جاهزا لإستقبالنا .

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...