⏫⏬
قصة امتازت بسردية جاذبة ، تنوعت أدواتها النحوية بين ضمير المتكلم وضمير المخاطب وضمير الغائب ، وتنوعت أساليبها الفنية بين الوصف " دخلت الممرضة أحدث دخولها جلبة،نزعت الأنبوب الذي كان يغذي عروقها بالدم "والاستفهام " لماذا لم أصغ
لارتباك روحها منذ البداية.هكذا تأتي سريعاً وترحل سريعاً؟!! "والنجوى في حديث النفس التي وظفها بحرفية " كانت تحب الحياة، والرابيات الخضراء عند الأصيل، من حقها أن تحيا،وأن تتزوج وتنجب الأطفال " نعم هذا حقها ولكن القدر يقسو ويتربص بنا ويقصف أغصان شبابنا ، هكذا أراد الكاتب أن يعبر حين لا حيلة لديه لينقذ فلذة كبده سوى هذه الآهات الحارقة .لتحيلنا إلى المشهد التراجيدي باقتدار الكاتب / السارد على عدوى المتلقي بثيمة الحزن القاتل ، وأي حزن يمكن أن يكون أعمق من حزن الأب وهو يرى ابنته تواجه مصيرها العدميِّ بعد صراعها مع المرض الذي راح يقضم شبابها وحيويتها ؟ وما يلفت الانتباه هذه اللغة الفصيحة والمفهومة بآن واحد وبما في المفردات من طاقة روحية بثَّها الكاتب من روحه بشعرية عمّقتْ أثرها وبانزياحات جميلة كما في قوله : " كانت أول خيوط المساء تتسلل إلى فضاء الكون،ونسمات أيلول اللّطيفة تطرد حرّ النهار،وقتها أوقفتني لننظر إلى غروب الشمس،لماذا بنيتي كنت تعشقين الغروب " .. وقد تمكن الكاتب من أن يتقمّص شخصية بطل القصة " الأب " فكأنهما واحد ، وفي الوقت نفسه لم يكن مقتحماً أو مصادِراً لاستقلالية الشخصية بل كان عارفاً بكل تفاصيلها وتركها تتحرك في فضاء السرد بحرية تامة ، وخاصة عندما استخدم أسلوب الخطف خلفاً ليسترجع ذكرياته مع ابنته منذ طفولتها ، وهذا الأمر جاء بموضوعية ولضرورات الفن القصصي لأن التبئير كان في بداية القصة بمعنى أن المشهد بدأ من لحظة الموت وبعد ذلك أردف المؤلف الحيثيات المتعلقة بلحظة التشظّي .. القصة فيها شخصيتان رئيستان فقط الأولى الشخصية المفارقة للحياة والثانية الشخصية التي تواجه فراق الأحبة وفيها شخصية ثانوية هي شخصية الممرضة ورغم مرورها بشكل عابر في المشهدية إلا أنها أدت دوراً يوحي إلينا بأمرين : الأول دخول الممرضة أحدث جلبةً قطعت على الأب استغراقه في الأمل تارة وفي اليأس من حالة ابنته طوراً ، والثاني تصوير حالة الحيرة التي تملكته حين رأى الممرضة وقد نزعت الأنبوب وأخذت اللوحة الكرتونية دون أن تعيره أي اهتمام ، ويمكنني أن أقول إن البطل الرئيس في في القصة هو الموضوعة الإنسانية التي نواجهها يومياً في حياتنا " الموت " دون تحديد بيئة زمكانية لأن الزمان والمكان ينعدمان في هذه اللحظة التي تغادر فيها الروح إلى عوالم أخرى .. إنها قصة قصيرة حازت على كل معاييرها شكلاً ومضموناً .. تحية كبيرة للأديب المبدع الأستاذ أحمد جميل الحسن .
*هيلانة عطا الله
قصة امتازت بسردية جاذبة ، تنوعت أدواتها النحوية بين ضمير المتكلم وضمير المخاطب وضمير الغائب ، وتنوعت أساليبها الفنية بين الوصف " دخلت الممرضة أحدث دخولها جلبة،نزعت الأنبوب الذي كان يغذي عروقها بالدم "والاستفهام " لماذا لم أصغ
لارتباك روحها منذ البداية.هكذا تأتي سريعاً وترحل سريعاً؟!! "والنجوى في حديث النفس التي وظفها بحرفية " كانت تحب الحياة، والرابيات الخضراء عند الأصيل، من حقها أن تحيا،وأن تتزوج وتنجب الأطفال " نعم هذا حقها ولكن القدر يقسو ويتربص بنا ويقصف أغصان شبابنا ، هكذا أراد الكاتب أن يعبر حين لا حيلة لديه لينقذ فلذة كبده سوى هذه الآهات الحارقة .لتحيلنا إلى المشهد التراجيدي باقتدار الكاتب / السارد على عدوى المتلقي بثيمة الحزن القاتل ، وأي حزن يمكن أن يكون أعمق من حزن الأب وهو يرى ابنته تواجه مصيرها العدميِّ بعد صراعها مع المرض الذي راح يقضم شبابها وحيويتها ؟ وما يلفت الانتباه هذه اللغة الفصيحة والمفهومة بآن واحد وبما في المفردات من طاقة روحية بثَّها الكاتب من روحه بشعرية عمّقتْ أثرها وبانزياحات جميلة كما في قوله : " كانت أول خيوط المساء تتسلل إلى فضاء الكون،ونسمات أيلول اللّطيفة تطرد حرّ النهار،وقتها أوقفتني لننظر إلى غروب الشمس،لماذا بنيتي كنت تعشقين الغروب " .. وقد تمكن الكاتب من أن يتقمّص شخصية بطل القصة " الأب " فكأنهما واحد ، وفي الوقت نفسه لم يكن مقتحماً أو مصادِراً لاستقلالية الشخصية بل كان عارفاً بكل تفاصيلها وتركها تتحرك في فضاء السرد بحرية تامة ، وخاصة عندما استخدم أسلوب الخطف خلفاً ليسترجع ذكرياته مع ابنته منذ طفولتها ، وهذا الأمر جاء بموضوعية ولضرورات الفن القصصي لأن التبئير كان في بداية القصة بمعنى أن المشهد بدأ من لحظة الموت وبعد ذلك أردف المؤلف الحيثيات المتعلقة بلحظة التشظّي .. القصة فيها شخصيتان رئيستان فقط الأولى الشخصية المفارقة للحياة والثانية الشخصية التي تواجه فراق الأحبة وفيها شخصية ثانوية هي شخصية الممرضة ورغم مرورها بشكل عابر في المشهدية إلا أنها أدت دوراً يوحي إلينا بأمرين : الأول دخول الممرضة أحدث جلبةً قطعت على الأب استغراقه في الأمل تارة وفي اليأس من حالة ابنته طوراً ، والثاني تصوير حالة الحيرة التي تملكته حين رأى الممرضة وقد نزعت الأنبوب وأخذت اللوحة الكرتونية دون أن تعيره أي اهتمام ، ويمكنني أن أقول إن البطل الرئيس في في القصة هو الموضوعة الإنسانية التي نواجهها يومياً في حياتنا " الموت " دون تحديد بيئة زمكانية لأن الزمان والمكان ينعدمان في هذه اللحظة التي تغادر فيها الروح إلى عوالم أخرى .. إنها قصة قصيرة حازت على كل معاييرها شكلاً ومضموناً .. تحية كبيرة للأديب المبدع الأستاذ أحمد جميل الحسن .
*هيلانة عطا الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق