⏫⏬
كان المنزل هو الحد الفاصل بين المدينة الجميلة وبداية القرية الوادعة هذا البيت الصغير المكون من غرفتين احداهما صغيرة تستخدمها الأم مكان للطبخ والاستحمام وتنام فيها بمعية طفلتها الصغرى والغرفة الاخرى أو ( الكبيرة ) كما كانوا يعرّفونها ينام فيها الأخوة جميعا الذكور والإناث الأب كان قد اقام غرفة صغيرة من الصفيح تقع في الجهة اليمني مباشرة عند باب الحديقة وهذه الغرفة محاذية للبناء الكبير الذي كانت تنام فيه المواشي كي يحرسها من اللصوص في الليل ، تقابل غرفة الصفيح جرة ماء فخارية كبيرة ( زير ) مغطاة بطبق ومعلق بها كوب من المعدن المطلي يستخدمونها للشرب وأحيانا عابري السبيل أيضا ،
لم يكن هناك العاب ودمى للصغار أبدا لقناعة الأم ان هذه الدمى تشغل الاولاد عن الدراسة والعمل في المزرعة ومساعدة الوالد
يوم الجمعة هو اليوم الذي يرتاح فيه الوالد من عمله الشاق في اقتطاع حجارة البناء اضافة لعمله في المزرعة ،فكان يذهب في هذا اليوم الى المدينة لاحضار اعلاف المواشي وبعض احتياجات الاسرة
تصاحبه الأم احيانا حيث يحضر لمرافقتهم جارهم وصديق من القرية جبر ورفيقته لا أذكر اسمها الحقيقي لكن كانت كنيتها ( زغندة )
عندما كبرت وقرأت أحدب نوتردام تذكرتها فورا وشبهتها من حيث الاسم
زغندة ( ازميرالدا ) ولكن جبر لم يكن أحدب وزغندة لم تكن فاتنة
بل بأسوء حال هي فيه أجزم أنها لم تكن تنظف وجهها بالماء الا في مواسم الأعياد وترافق جبر دوما تصعد بجانبه في عربة خشبية صغيرة يجرها بغل اعتقد أنه كان أعور
يرافقهم الوالد والأم ويعودون محملين بشتى أنواع ما لذ وطاب من السوق وخاصة البرتقال في موسمه عادة يحضرون اكياس كبيرة جدا معهم مصنوعة من الخيش او يسمونه كيس ( فل )
في المساء تحضر الأم البرتقال وتقوم بتقسيمه على الاولاد بالتساوي بعد اقتطاع جزا منه للضيوف ،
كنت افعل المستحيل حتى احصل على أكبر حبة برتقال من حيث الحجم وأخفيها عنهم في فراشي الصغير ، في الليل أكون في أمس الحاجة لاحضان والدتي لم اتمم الخمس سنوات ولكن هيهات لان شقيقتي الصغرى تستحوذ على كل هذه المساحة من الحب والود ولا وقت لي ولا مكان
ابكي بصمت أتقوقع وأحضن ذراعيّ
اخفي رأسي واكتم أنفاسي تحت الغطاء خوفا من أن يسمع أحد أخواني تنهداتي وارتشافي للدموع
أتذكر حينها برتقالتي الجميلة التي خبأتها اسحبها من زاوية الوسادة أحضنها أترك وجهي يلامسها دقائق وأعود لأحضنها ثانية وابدا بتلمسها والحديث معها
تارة أهمس لها ماما وتارة أحدثها وكأنها صديقتي الحبيبة في مدرسة الروضة أو أنها شقيقتي الكبرى التي تغط في سبات عميق بعد يوم حافل بالمشقة في مساعدة أمي
تمر ساعات وساعات ولم انم لحظة حتى لا أسمح للحلم أن يتسرب ويستولي على أمي البرتقالة ويسحبني او يستلها من بيني يديّ
أبوح بكل ما أريد حتى أشعر بأنها سوف تنفجر بين أناملي وتبكي معي ولطالما أخطأت وناديتها مريم مريم هل تسمعين ؟ ،
*مريم حوامدة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل من محنتي مع الكائنات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق