⏬
النسخة التي بين يدي هي النسخة المدرسية من كتاب الأيام في السيرة الذاتية لعميد الأدب العربي طه حسين المقررة على طلاب الصف الثالث الثانوي العام في مصر، وهي نسخة مجتزأة ومعدلة بما يتناسب مع المرحلة العمرية للطلاب في هذا السن، لذا لا يمكنني تقييمها بشكل نهائي كعمل أدبي لعميد الأدب العربي طه حسين، ولكنها في المجمل جيدة وملائمة للغرض التربوي والتعليمي المقصود منها، في قراءتي الحديثة لها شدني وصف عميد الأدب العربي طه حسين للجامعة وانبهاره بها وقت افتتاحها والتحاقه بها لأول مرة.
في قراءاتي السابقة لكتاب الأيام لعميد الأدب العربي طه حسين كنت لا أزال طالبة في الثانوية العامة ولم ألتحق بعد بالجامعة فلم يكن لدي وجه مقارنة بين ما يسرده عميد الأدب العربي طه حسين في أيامه وبين الواقع الحالي، ولكن الآن بعد تخرجي من الجامعة أصبح لدي المثال الحي الذي أقارن على أساسه، كنت مثله مفعمة بالآمال العريضة عند التحاقي بالجامعة ولكني لم أكن مثله في هذا الإنبهار والتقدير الذي رافقه حتى بعد مرور أعوام طويلة من انتهاء دراسته بالجامعة وابتعاثه إلى فرنسا ليدرس في جامعاتها.
كم تمنيت لو أن الجامعات المصرية في عصرنا الحالي بنفس الإمكانيات التعليمية التي كانت موجودة في أيام عميد الأدب العربي طه حسين، فرغم أن تقدم الزمن وتطور العصر يفترض مبدئياً تقدم إمكانيات مؤسسات الدول إلا إننا للأسف بخلاف كل دول العالم لا نتقدم إلى الأمام ولكننا دائماً نسير بمبدأ للخلف در، لا تتمتع الجامعات المصرية في عصرنا على كثرتها بنفس الإهتمام الذي كانت تحظى به عند نشأتها من الدولة والحكومة، جميع الأساتذة النجباء يتم تصديرهم للخارج ومن يبقون للتدريس في الجامعات المصرية هم أشبه بموظفي الحكومة الذين يذهبون لتأدية واجب مقرر عليهم يتقاضون عنه مرتب اخر الشهر يحاولون مضاعفته عن طريق الكورسات وتجارة الكتب الجامعية.
وبينما أساتذتنا النجباء يهربون للحصول على التقدير المكافئ لجهودهم والجو الملائم لأبحاثهم ودراساتهم في الخارج لا تكلف الدولة نفسها إطلاقاً في التعاقد مع أساتذة أجانب متخصصين في أي من فروع العلوم المتقدمة التي نتخلف فيها عصوراً وعصوراً عن العالم المتحضر وتستمر تدريس النظريات القديمة المعلبة للطلاب في الجامعات المصرية في حين توقف العالم كله عن الإيمان بها ناهيك عن تدريسها اللهم إلا في إطار تاريخ تطور العلوم، وهذا على عكس ما كان يحدث في الجامعة المصرية منذ أكثر من قرن من الزمان حين كان يدرس عميد الأدب العربي طه حسين في الجامعة المصرية على يد أساتذة أجانب جاءوا من شتى بقاع الأرض لنقل علوم العالم المختلفة إلى طلاب الجامعة المصرية!
أمر آخر لفت نظري في قراءتي لأيام السيرة الذاتية لعميد الأدب العربي طه حسين هذه المرة وأحسب أنني لم ألتفت له في الماضي أو ربما نسيته، وهو إشارته لحبه للأديبة الأشهر في عصره الآنسة مي زيادة والتي أحسب أن كل أدباء عصره تقريباً قد وقعوا في غرامها، ولا أدري كيف لم ألتفت لهذا الأمر في السابق خاصة وأنني كنت مهووسة بمي زيادة في هذه المرحلة من عمري، كنت اعتبرها قدوتي الشخصية وكنت أحلم بكتابة سيناريو لقصة حياتها بل وأن أمثل دورها بنفسي.
لا أعلم على أي أساس راودني هذا الحلم فبخلاف أنني لا أجيد التمثيل على الإطلاق إلا أنني كنت أتمثل أن المشكلة الوحيدة التي تعترضني في كوني محجبة ومي زيادة مسيحية لا يسعها أن ترتدي حجاباً بأي شكل من الأشكال، وكنت أضع الحلول الجوهرية لهذا الأمر والتي تفتقت في ذهني بارتداء قبعة من قبعات القرن الماضي كبيرة الحجم حتى تخفي شعري كله تحتها، كنت أسعى في تحقيق هذا الحلم بالفعل في محاولات لتجميع ما تصل إليه يداي عن حياتها الخاصة فلخصت كل ما أتى على ذكرها في كتاب أنيس منصور "كان لنا في صالون العقاد أيام" وأذكر أني قرأت كتاب عن حياتها لا أذكر اسمه الآن.
ورغم كل هذا لا أذكر أنني انتبهت لذكر عميد الأدب العربي طه حسين في أيامه أنه أحب مي زيادة، ربما لأن الأمر لم يأخذ حيزاً في الكتاب أكثر من صفحتين حتى إنه لم يتطرق لمآل هذا الحب، هل كان مجرد إعجاباً انتهى في وقته أم أنه صارحها وصدته؟ فالكل يعلم أنها كانت تحب جبران خليل جبران، لا أعلم هل عميد الأدب العربي طه حسين لم يتطرق لهذا الأمر بمزيد من الإيضاح فعلاً واكتفى بتلك الإشارة لإعجابه وحبه لها، أم أن وزارة التربية والتعليم هي التي ارتأت أن الأمر لا أهمية له فاقتطعته من النسخة المدرسية لأيام طه حسين؟!
*سارة الليثي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق