اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

الشعر الجاهلي ماهيته وخصائصه ..** د.لامية مراكشي

تقديم :
لقد وصل تدوين الآداب إلينا الشعر الجاهلي عن طريق الرواة الذين حفظوا الشعر من الشعراء ، فيحفظها الراوي ويذيعها على الناس وهكذا إلى أن جاء عصر التدوين ، حيث ظهرت جماعة سموا الرواة ومن أشهرهم : حمّاد بن سَلَمة ، خلف الأحمر، أبو عمروبن العلاء ، الأصمعي، المفضّل الضبّي ، وعُرِف عن حمّاد وخلف الكذب ، فاشتهرا بالانتحال ، حيث أصبح الشعر تجارة بالنسبة لهما، ومن أشهر الكتب التي جُمِع فيها الشعر الجاهلي : الأصمعيّات للأصمعي ، والمفضلـيّات للمفضّل الضبّي ، وطبقات فحول الشعراء لمحمد بن سلاّم الـجُمَحي .


أقسام الأدب الجاهلي :
ينقسم الأدب في العصر الجاهلي إلى نوعين رئيسيين هما : الشعر والنثر.

1 - الشعر :
- هو الكلام الموزون المقفى في التعاريف القديمة . وهو الأسلوب الذي يصور به الشاعر أحاسسيسه وعواطفه معتمداً على موسيقى الكلمات ووزنها والخيال والعاطفة .

2 - النثر :
- هو الأسلوب الذي يصور به الأديب أفكاره ومعانيه غير معتمد على وزن أو قافية ، ويميل إلى التقرير والمباشرة.
الشعر الجاهلي :
يعد الشعر في العصر الجاهلي أسبق وأكثر انتشارا من النثر ، لأن الشعر يقوم على الخيال والعاطفة . أما النثر فيقوم على التفكير والمنطق . والخيال أسبق وجوداً من التفكير والمنطق . بالإظافة انتشار الأمية بين العرب وقدرتهم العالية على الحفظ . ولا يمكن معرفة بداية الشعر العربي بدقة ، لأن العصر الجاهلي ، لم يكن عصر تدوين منظم فلا نعرف شعراً عربياً ، إلا قبل الإسلام بقرن ونصف ، ولكن الشعر الذي وصلنا كان شعراً جيداً مما يدل على أنه كان هناك محاولات سابقة . كان للشعر منزلة عظيمة ، وكان دوره بارز في نشر أمجاد القبائل والإشادة بأحسابها ، وتسجيل مفاخرها للأجيال .
أغراض الشعر الجاهلي :
الفخر والحماسة :
كانت موضوعات غرض الفخر والحماسة هي الفخر بالشجاعة والكرم والصدق والعفاف .

الهجاء :
وكان ظهور غرض الهجاء في الشعر الجاهلي بسبب الحروب والمنازعات والعصبيات القبلية . ومن أهم مميزاته أنه كان هجاء عفيفاً مهذّباً خالياً من السبّ والشتم .
الغزل :
وهو الشعر الخاص بالمرأة المحبوبة ، ويرجع سبب ظهور غرض الغزل في الشعر الجاهلي إلى أسباب تتمثل في
1 – أن حياة الصحراء وما بها من حياة الترحال التي تفرّق المحبين .
2- أن المرأة كانت عفيفة مما زاد ولوع الرّجال بأخلاقها .
3- أن البيئة الصحراوية لم يكن فيها ما هو أجمل من المرأة . وقد تميز هذا الغرض الغزل بأنه كان عفيفاً رفيع المستوى يصوّر حياء وعفاف المرأة.
الوصف:
وأبرز خصائص الوصف الجاهلي هي: الطّابع الحسي ودقّة الملاحظة وصدق النظرة .
المدح:
كان المدح مقصوراً على الشعراء الذين دخلوا قصور الملوك . وقد امتاز غرض المدح بالصّدق ، إضافةً إلى خلوّه من المبالغة الممقوتة .
الرّثاء:
وقد ظهر هذا الغرض بسبب كثرة الحروب التي كانت تؤدي إلى قتل الأبطال ، ومن ثَمَّ يُرثَون . ومن أبرز مميزات غرض الرّثاء :
-1 صدق العاطفة .
2- رقة الإحساس والبعد عن التهويل والكذب .
3- التحلّي بالصبر والجَلَد .
وقد برعت النساء في شعر الرثاء . وعلى رأسهن الخنساء ، والتي اشتهرت بمراثيها لأخيها صخر .
الإعتذار :
ومؤسّسه النابغة الذبياني وسبب خوضه في هذا الفن ما أثارته ظروف الشاعر .

الحكمة :
تأتي الحِكَم في بعض أبيات النص، وتمتزج بالإحساس والعاطفة المؤثرة .
خصائص الشعر الجاهلي
أ ‌- خصائص الألفاظ:
1- تميل إلى الخشونة والفخامة.
2 - خالية من الأخطاء ، والألفاظ الأعجميّة لأنـّهم لم يختلطوا بغيرهم.
3 - تخلو من الزخارف والتكلّف والمحسّنات المصنوعة.
وهي قصائد ممتازة من أجود الشعر الجاهلي، وسمّيت بالمعلقات :
تشبيهاً لها بالدرّ التي تُعلّق على نحور النساء الحسان .
وقيل لأنها كُتِبَت بماء الذّهب وعُلِّقَتْ على أستار الكعبة .
وقيل لأنها سريعة التعلّق في أذهان الناس فحفظوها ، وهذا الرأي هو الأصح .
والناظر في المصادر العربية تهوله تلك الكثرة من الأشعار والشعراء ، خاصة إذا ضم إليها ماجاء في كتب التاريخ والسير والمغازي والبلدان واللغة والنحو والتفسير ، إذ تزخر كلها بكثير من أشعار الجاهليين بما يوحي أن الشعر كان غذاء حياتها ، وأن هذه الأمة قد وهبت من الشاعرية الفذة ما يجعل المرء يتوهم أن كل فرد من رجالها ونسائها وعلمائها كان يقول الشعر ، وتدل هذه الكثرة من الشعر والشعراء على أن الشاعرية كانت فطرة فيهم ، ثم ساندت هذه الفطرة الشاعرة عوامل أخرى ، منها تلك الطبيعة التي عاش العربي الأول كل دقائقها من جبال ووديان وسماء ونجوم وأمطار وسيول وكائنات .
لقد كانت الطبيعة كتاباً مفتوحا أمام بصر الشاعر العربي وبصيرته ، ومن هنا استلهمها في أشعاره ويضاف إلى لطبيعة تلك الحروب التي ألهبت مشاعره بحماسة .
ثم حياة الإنسان العربي في بساطتها وفضائلها . وفي معاناته وصراعاته ضد الجدب والخوف معاً ، ومن ثم جاء هذا الشعر ممثلاُ لحياة الجزيرة العربية في بيئاتها وأحوالها المختلفة ، ولحياة الإنسان العربي في أخلاقه وطباعه وعاداته وعقائده وبطولاته وأفكاره . كانت للشاعر العربي في قبيلته منزلة رفيعة . كما كانت رموز القبيلة العربية الأساسية ثلاثة : القائد والفارس والشاعر ، وكان الشاعر في القبيلة لسانها الناطق والمدافع معاً ، بل كان بيت الشعر أحياناً يرفع من شأن قببيلة ، كما يحكى عن بني أنف الناقة الذين كانوا يعيرون بلقبهم ، حتى كان الرجل منهم يحتال على إخفاء لقبه ، فما إن قال فيهم الحطيئة بيته الشهير :
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا
حتى صاروا يباهون بلقبهم ونسبهم .

المعلقات :
تميل إلى الإيجاز .
ب‌ - خصائص المعنى:
1 - تخلو من المبالغة الممقوتة.
2 - بعيدة عن التعقيد.
3 - غالباً تقوم على وحدة البيت لا وحدة القصيدة.
4 - منتزعة من البيئة البدوية.
5 - الإستطراد .
ج - خصائص الخيال:
-1 واسع يدلّ على دقّـة الملاحظة.
-2 صور الشعر الجاهلي تمثّل البيئة البدوية.
-3 صور الشعر الجاهلي ليست متكلّفة.
-4 الصّور الجاهلية تعتمد على الطابع الحسّي .

النثر الجاهلي :
النثر أحد قسمي القول ، فالكلام الأدبي كله إما أن يصاغ في قالب الشعر المنظوم ، وإما في قالب القول المنثور . وكلام العرب نوعان : منظوم ومنثور، ولكل منهما ثلاث طبقات : جيدة، ومتوسطة ، ورديئة ، فإذا اتفق الطبقتان في القدر، وتساوتا في القيمة ، لم يكن لإحداهما فضل على الأخرى ، وإن كان الحكم للشعر ظاهرا في التسمية .
ويشرح ابن رشيق أن أصل التسمية في المنظوم وهي من نظم الدر في العقد وغيره ، إما للزينة أو حفظا له من التشتت والضياع ، أما إذا كان الدر منثورا . لم يؤمن عليه ولم ينتفع به .
من هنا حصلت عملية تشبيه الكلام الأدبي بالدر والمجوهرات ، وتوهم الناس أن كل منظوم أحسن من كل منثور في معترف العادة . وذلك بالنظر إلى سهولة حفظ الكلام المنظوم واستظهاره بسبب الوزن ، وانعدام الوزن في الكلام المنثور يجعله عرضة للنسيان والضياع ، وذلك في وقت كان الناس فيه يتداولون النصوص الأدبية مشافهة دون الكتابة في العصر الجاهلي والإسلامي الأول ، وقد زال هذا التفاضل في عصور التدوين وكتابة النصوص كما في زماننا الحاضر، بحيث اختص كل من النثر والشعر بمجالات في القول تجعله أليق به . ويقر ابن رشيق أن ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون ، وهو يقصد بذلك تلك الحقبة الزمنية قبل الإسلام وبدايات العهد الإسلامي تخصيصا.
جاء هذا ردا كافيا على الذين ينفون وجود نثر فني عربي جيد قبل الإسلام ، وإنما كان ضياع ذلك النثر الجاهلي أو اختلاطه بسبب طبيعته الفنية الخالية من الوزن . وهو لم يعن بذلك إلا النثر الفني الذي يتوفر " على قوة التأثير بالكلام المتخير الحسن الصياغة والتأليف في أفكار الناس وعزائمهم".
أما النثر الإعتيادي الذي يستعمل بين الأفراد في التداول اليومي لغرض الاتصال وقضاء الحاجات والثرثرة مما ليس فيه متانة السبك والتجويد البلاغي ولا قوة التأثير فلا يعتد به ، وليس له قيمة اعتبارية في الدراسة الأدبية إن ما روي من النثر الجاهلي قليل بالنسبة لما روي من الشعر ، وذلك للأسباب الآتية :
سهولة حفظ الشعر لما فيه من إيقاع موسيقي.
الإهتمام بنبوغ شاعر في القبيلة يدافع عنها ويفخر بها .
قلة أو انعدام التدوين ، والاعتماد على الحفظ والرواية .
أنواع النثر الفني العربي في العصر الجاهلي :
بالرغم من عدم وجود أي سجل أو كتاب مدون يحتوي على نصوص النثر الجاهلي ، يعود تاريخه إلى تلك الفترة من الزمن الغابر ، إذ كان الناس يحفظونها ويتناقلونها عن طريق الرواية الشفاهية مثل الشعر ، وهذا ربما سبب قلتها ، وبالرغم من ذلك فإن الدارسين المحققين لهذا التراث الأدبي العربي ذكروا من أنواع النثر الأدبي في تلك الفترة خاصة بعض الأنواع منها : الخطابة ، القصص ، الأمثال ، الحكم ، الوصايا ، النثر المسجوع .
الخطابة :
هي فن مخاطبة الجماهير بغية الإقناع والإمتاع بكلام بليغ وجيز . فهي قطعة من النثر الرفيع ، قد تطول أو تقصر حسب الحاجة لها . وهي من أقدم فنون النثر، لأنها تعتمد على المشافهة ، لأنها فن مخاطبة الجمهور بأسلوب يعتمد على الاستمالة وإثارة عواطف السامعين ، وجذب انتباههم وتحريك مشاعرهم ، وذلك يقتضي من الخطيب تنويع الأسلوب ، وجودة الإلقاء وتحسين الصوت . أما الإقناع فيقوم على مخاطبة العقل، وذلك يقتضي من الخطيب ضرب الأمثلة وتقديم الأدلة والبراهين التي تقنع السامعين .
أقسام الخطبة :
للخطبة أجزاء ثلاثة هي (المقدمة – والموضوع – والخاتمة) .
أهداف الخطبة :
الإفهام والإقناع والإمتاع والاستمالة . وللخطابة مميزات تمتاز بها عن غيرها من الفنون ، ومنها : لها تقاليد فنية ، وبنيوية ، وسمات . لها زي معين وهيأة تمثيلية للخطيب ، وأصول في المعاملة . كما أنها تستدعي احتشاد الناس من وجهاء القوم . لها أماكن إلقاء هي نفسها أماكن التجمعات الكبرى مضارب الخيام ، وساحات النزول، ومجالس السمر، والأسواق) .

خصائص أسلوب الخطبة :
قصر الجمل والفقرات .
جودة العبارة والمعاني .
شدة الإقناع والتأثير .
السهولة ووضوح الفكرة .
جمال التعبير وسلامة الألفاظ .
التنويع في الأسلوب ما بين الإنشائي والخبري .
قلة الصور البيانية .
الإكثار من السجع غير المكلف .
أسباب ازدهار الخطبة في العصر الجاهلي :
ازدهرت الخطبة لاكتمال عوامل ازدهارها ورقيها وهي :
1 - حرية القول .
2 - دواعي الخطابة كالحرب والصلح والمغامرات .
3 - الفصاحة ، فكل العرب كانوا فصحاء .
أنواع الخطابة :
تختلف باختلاف الموضوع والمضمون ، منها :
الدينيـة :
التي تعمد إلى الوعظ والإرشاد والتذكير والتفكير .
السياسية :
التي تستعمل لخدمة أغراض الدولة أو القبيلة.
الاجتماعية :
التي تعالج قضايا المجتمع الداخلية ، والعالقة منها من أمور الناس ، كالزواج .
الحربية :
التي تستعمل بغية إثارة الحماسة وتأجيج النفوس ، وشد العزائم .

قضائية :
التي تقتضي الفصل والحكم بين أمور الناس ، يستعملها عادة الحاكم أو القاضي .
ولقد اجتمعت هذه الخصائص في خطبة لقس بن ساعدة الإيادي ، والجدير بالذكر أنه أول من قال في خطبته :
أما بعد ، وتسمى فصل الخطاب ، لأنها تفصل المقدمة عن الموضوع . وقد اقترن موضوع الخطابة بالزعامة أو الرئاسة للقبيلة أو القوم ، كما اقترن من جهة أخرى بلفظ الحسام ، فلا مجال لبروز الحسام قبل بروز الكلام ، ولا مطمع لسيادة القوم إلا بعد إتقان فن القول ، كما أن الخطابة قديمة قدم الحضارات ، وقدم حياة الجماعات ، فقد عرفت عند المصريين ، والرومان ، واليونان ق05 قبل الميلاد .

القصص :
والتي كانت تهفو إليها النفوس وتسمو إليها الأعين عند عرب الجاهلية ، فكان القاص أو الحاكي ، يتخذ مجلسه بالليل أو في الأماسي عند مضارب الخيام لقبائل البدو المتنقلة وفي مجالس أهل القرى والحضر ، وهم سكان المدن بلغتنا اليوم .
فالقصص فن نثري متميز ، عبارة عن مجموعة من الأحداث تتناول حادثة وواقعة واحدة ، أو عدة وقائع ، تتعلق بشخصيات إنسانية منها وغير إنسانية - ، لها قسمين حسب طبيعة أحداثها هما ؛ حقيقية واقعية وخيالة خرافية .
تتميز القصة ، بأنها تصور فترة كاملة من حياة خاصة ، أو مجموعة من الحيوات ، فهي تعمد إلى عرض سلسلة من الأحداث الهامة وفقاً لترتيب معين . بينما نجد الأقصوصة تتناول قطاعاً أو موقفاً من الحياة ، فهي تعمد إلى إبراز صورة متألقة واضحة المعالم بينة القسمات، تؤدي بدورها لإبراز فكرة معينة .

القاص :
هو السارد للأحداث ، أو هو خالق مبدع ، تزدحم في رأسه أحداث وشخصيات ، ينفخ فيها الروح لتتحدث بنعمة الحياة . مهمته أن يحمل القارئ إلى حياة القصة ، ويتيح له الاندماج التام في أحداثها ، ويحمله على الاعتراف بصدق التفاعل الذي يحدث ما بينهما ، ويعود الأمر إلى قدرة القاص على التجسيد والإقناع .
كانت مادة القصص أو مواضيعه ؛ متعددة ومتنوعة، وذلك بغية التسلية والمتعة ، أو حتى الوعظ والإرشاد أو شد الهمم ، فكان بعضها يدور حول : الفروسية ، تاريخ القبيلة ، بطولات الأمجاد ؛ مثل حرب البسوس ، داحس والغبراء ، قصص من الوقائع الحياة الاجتماعية اليومية بغية الإمتاع والتسلية . القصص الخرافي ، الأساطير
مثل قصص الغول ومنازلته في الصحراء ، الجان …
فكان العرب يستمد قصصهم ومواضيعهم من حياتهم ومواقفهم وموروثهم الثقافي ، مما تناقل إليهم عبر الرواية من الأسلاف ، لكن هناك البعض مما استمده من جيرانهم ؛ كالأحباش ، والروم ، والفرس، والهنود . وقد وجد فن القص ، أن النثر أنجع وسيلة يستعملها أو يصطنعها القاص للوصول إلى هدفه، لأن الشعر بما فيه من عواطف متأججة ، وخيال جامح ، وموسيقى خارجية ، وغير ذلك مما يرتكز عليه ، لا يصلح لأن يعبر تعبيراً صادقاً دقيقاً عن تسلسل الأحداث وتطور الشخصيات ، في تلك الحياة التي يجب أن تكون مموهة من الواقع .
ولكل قصة عنصر سائد يميزها ، فكل قصة نقرؤها قد تترك في النفس أثراً أو انطباعا ما ، وقد ينتج عن الأحداث أو الشخصيات ، أو عن فكرة ما . ذلك الانطباع هو العنصر السائد وهو المحرك في القصة ، وهو لا يمكن تحديده بدقة . أما عناصر القصة هي : القطع أو الاقتباس ، الأحداث ، الحبكة ، التشويق ، الحوار الخبر ، الأسلوب .
والقصة نوعان :
قصة ذات حبكة مفككة :
وتقوم على سلسلة من الأحداث المنفصلة ، غير المترابطة ، ووحدة العمل القصصي فيها لا تقوم على تسلسل الأحداث .
قصة ذات حبكة عضوية متماسكة :
تقوم على حوادث مترابطة تسير في خط مستقيم
والحبكة ذاتها تنقسم إلى قسمين:
حبكة بسيطة :
حين تكون القصة مبنية على حكاية واحدة .
حبكة مركبة :
حين تكون القصة مبنية على أكثر من حكاية واحدة ، تتداخل فيما بينها.

الأمثال :
أبدع معظم العرب في ضرب الأمثال في مختلف المواقف والأحداث ، وذلك لحاجة الناس العملية إليها ، فهي أصدق دليل عن الأمة وتفكيرها ، وعاداتها وتقاليدها ، ولغتها لغة جميع الطبقات .
تعريف المثل :
هو قول محكم الصياغة ، قليل اللفظ ، موجز العبارة ، بليغ التعبير ، يوجز تجربة إنسانية عميقة ، مضمرة ومختزلة بألفاظه ، نتجت عن حادثة أو قصة قيل فيها المثل ، ويضرب في الحوادث المشابهة لها ، فهو فن أدبي نثري ذو أبعاد دلالية ومعنوية متعددة ، انتشر على الألسن ، له مورد وله مضرب .
ومن أسباب انتشار الأمثال وشيوعها : خفته وحسن العبارة ، وعمق ما فيها من حكمة لاستخلاص العبر ، وإصابتها للغرض المنشودة منها ، والحاجة إليها وصدق تمثيلها للحياة العامة ولأخلاق الشعوب .
ومن خصائص المثل : " إيجاز اللفظ ، وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه ، وجودة الكتابة ، إضافة إلى قوة العبارة والتأثير ، فهو نهاية البلاغة . والأمثال في الغالب أصلها قصة ، إلا أن الفروق الزمنية التي تمتد لعدة قرون بين ظهور الأمثال ومحاولة شرحها أدت إلى احتفاظ الناس بالمثل لجمال إيقاعه وخفة ألفاظه وسهولة حفظه ، وتغلب روح الأسطورة على الأمثال التي تدور في القصص الجاهلية مثل الأمثال الواردة في قصة ثأر امرئ القيس لأبيه ومنها : " ضيعني صغيرا وحملني ثأره كبيرا " ـ " لا صحو اليوم ولا سكر غدا " اليوم خمر وغدا أمر". وربما يستطيع المحققون بجهد أن يردوا بعض هذه الأمثال لأصحابها ومبدعيها ، فمن حكماء العرب عدد كبير قد اشتهر بابتكاره وإبداعه للأمثال ، بما فيها من عمق وإيجاز وسلاسة .
يقول الجاحظ في هذا السياق : " ومن الخطباء البلغاء والحكام الرؤساء أكثم بن صيفي، وربيعة بن حذار ، وهرم بن قطيعة ، وعامر بن الظرب ، ولبيد بن ربيعة . وأحكمهم أكثم بن صيفي التميمي الذي تدور على لسانه حكم وأمثال كثيرة ، وهي تجري على هذا النسق : " رب عجلة تهب ريثا " ـ " ادرعوا الليل فإن الليل أخفى للويل . المرء يعجز لا محالة ". " لا جماعة لمن اختلف " . " أسرع العقوبات عقوبة البغي".
ولكن أمثال العرب لم تأت على مثل هذه الدرجة من الرقي والإنضباط الأسلوبي ، مثل التي جاء بها أكثم بل إن كثيرا من الأمثال الجاهلية تخلو من التفنن التصويري ، وهذا لطبيعة الأمثال ، فإنها ترد على الألسنة عفوا وتأتي على ألسنة العامة لا محترفي الأدب .
وهذا يثبت أن المثل لا يتغير ، بل يجري كما جاء على الألسنة وإن خالف النحو وقواعد التصريف . وبعض الأمثال يغلب عليها الغموض ، وقد تدل تركيبتها على معنى لا تؤدي إليه الكلمات بذاتها ، ومن ذلك قول العرب : (بعين ما أرينك) ؛ أي أسرع .
ولم يكن هذا النوع من الأمثال هو الوحيد ، بل هناك أمثال صدرت عن شعراء مبدعين وخطباء مرموقين فجاءت راغبة الأسلوب متألقة بما فيها من جماليات الفن والتصوير مثل : " أي الرجال المهذب " ، فهذا المثل جزء من بيت للنابغة يضرب مثلا لاستحالة الكمال البشري . ويصعب تمييز المثل الجاهلي عن الإسلامي . إلا بما يشير إليه من حادث أو قصة أو خبر ، يساعد على معرفته وتمييزه مثل : " ما يوم حليمة بسر" ، وحليمة بنت ملك غسان .
والأمثال ذات قالب ثابت البنية ، إذ هو ذاته يستعمل في كل الأحوال ، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام من حيث البناء ذات قالب بسيط : " إنك لن تجني من الشوك العنب " . تأتي في قالب الصنعة اللفظية : "من عز بز"، "عش رجباً ترى عجبا" . وبعضها يأتي في قالب منتهكا الترتيب النحوي : " الصيف ضيعتِ اللبن ". أما أنواع المثل، فهي حقيقية أو فرضية خيالية .

حقيقية :
لها أصل، من حادثة واقعية، وقائلها معروف غالبا .

فرضية :
ما كانت من تخيل أديب ووضعها عل لسان طائر أو حيوان أو جماد أو نبات أو ما شاكل ذلك ، والفرضية تساعد على النقد والتهكم ووسيلة ناجحة للوعظ والتهذيب .
ومثالها قول العرب : " إن الحديد بالحديد يٌفًلح " ، وبعضها ما يحمل توجيها خاصا كقولهم : " قبل الرماء تملأ الكنائن" . وبعضها يبنى علي ملاحظة مظاهر الطبيعة ، أو يرتبط بأشخاص اشتهروا بصفات خاصة . أما من حيث اللغة ، فقد تستعمل الفصحى وهي عادة المثل الجاهلي ، وقد تستعمل اللهجة العامية ، وقد تكون هجينة ما بين ألفاظ فصحى وأخرى دخيلة وتسمى بالمولدة .

الحكم :
الحكمة قول موجز مشهور صائب الفكرة ، رائع التعبير ، يتضمن معنى مسلماً به ، يهدف عادة إلى الخير والصواب ، به تجربة إنسانية عميقة . ومن أسباب انتشارها : اعتماد العرب على التجارة واستخلاص العظة من الحوادث والتمكن من ناصية البلاغة . وأهم خصائصها : روعة التشبيه وقوة اللفظ ودقة التشبيه وسلامة الفكرة مع الإنجاز .

النثر المسجوع أو سجع الكهان :
وهذا نوع من النثر في العصر الجاهلي أولاه المستشرقون من العناية أكثر مما يستحق ، وبعضهم كان يغمز بذلك من طرف خفي إلى الفواصل في آيات القران الكريم كأنه يريد الطعن في إعجازه . يقول المستشرق بلاشير في كتابه " تاريخ الأدب العربي " : " أن سكان المجال العربي عرفوا نظاما إيقاعيا تعبيريا سبق ظهور النثر العربي ، ولم يكن هذا الشكل الجمالي هو الشعر العروضي ، ولكنه نثر إيقاعي ذو فواصل مسجعة ". ويضيف أنه من الممكن أن يصعد السجع إلى أكثر الآثار الأدبية عند العرب إيغالا في القدم، وبالتالي إلى ماضي أكثر غموض". فهناك من يؤكد بأن المسجوع كان المرحلة الأولى التي عبرها النثر إلى الشعر عند العرب .
يقول ابن رشيق : وكان كلام العرب كله منثوراً ، فاحتاجت العرب إلى الغناء بمكارم الأخلاق وطيب أعراقها ، وصنعوا أعاريض جعلوها موازين للكلام ، فلما تم لهم وزنه سموه شعراً ". فلما استقر العرب واجتمعوا بعد تفرق، وتحضروا بعد بداوة ، واجتمع لهم من سمات الحضارة وثقافة الفكر وتنظيم الحياة، ما جعلهم يشعرون بحاجتهم إلى كلام مهذب ، وأسلوب رشيق ، وفكرة مرتبة ، فكان النثر المسجوع وسيلتهم في ذلك .

تعريف سجع الكهان : "
هو لون فني يعمد إلى ترديد قطع نثرية قصيرة ، مسجعة ومتتالية ، تعتمد في تكوينها على الوزن الإيقاعي أو اللفظي ، وقوة المعنى" ، فمن مميزاته أنه يأتى : محكم البناء ، جزل الأسلوب ، ضخم المظهر، ذو روعة في الأداء ، وقوة في البيان ، ونضارة في البلاغة ، لغته تمتاز : بشدة التعقيد ، وكثرة الصنعة والزخارف في أصواتها وإيقاعها . لذلك فالنثر المسجوع يأتي في مرحلة النضج .
وظاهرة السجع المبالغ فيه في النثر الجاهلي، قد ارتبطت بطقوس مشربة بالسحر والكهون ومعتقدات الجدود، لذلك يكثر في رأيه ترديد القطع النثرية القصيرة المسجعة أثناء الحج في الجاهلية ، وحول مواكب الجنائز، مثل قول أحدهم : "من الملك الأشهب "، " الغلاب غير المغلب "، " في الإبل كأنها الربرب"، " لا يعلق رأسه الصخب "، " هذا دمه يشحب "، " وهذا غدا أول من يسلب". ويتصف هذا النثر إجمالا باستعمال وحدات إيقاعية قصيرة تتراوح بين أربعة وثمانية مقاطع لفظية تنتهي بفاصلة أو قافية ، ودون لزوم التساوي بين الجمل أو المقاطع.

الوصايا :
وصى، أو أوصى الرجل بمعنى ؛ عهد إليه، قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان ". والوصية من عند الله إنما هي فريضة ، يقول تعالى : " يوصيكم الله في أولادكم ..". وسميت بالوصية أيضا لاتصالها بأمر الميت ، وتعني كذلك كلمة وصى الشيء وصياً أي اتصل، ووصله، فقد قيل لعلي كرم الله وجهه " الوصي" لاتصال نسبه بنسب الرسول صلى الله عليه وسلم .
الوصية :
هي من ألوان النثر التي عرفها العرب في الجاهلية ، وهي قول حكيم صادر عن مجرب خبير يوجه إلى من يحب لينتفع به ، أو من هو أقل منه تجربة .

أجزاء الوصية :
المقدمة : وفيها تمهيد وتهيئة لقبولها.
الموضوع : وفيه عرض للأفكار في وضوح واقناع هاديء .
الخاتمة :
وفيها إجمال موجز لهدف الوصية . ويتضح ذلك على سبيل المثال ؛ في (وصية أم لإبنتها) عند زواجها لأمامة بنت الحارث .
خصائص أسلوب الوصية :
دقة العبارة ووضوح الألفاظ .
قصر الجمل والفقرات .
الإطناب بالتكرار والترادف والتعليل .
تنوع الأسلوب بين الخبر والإنشاء .
الإقناع بترتيب الأفكار وتفصيلها وبيان أسبابها .
الإيقاع الموسيقي، إذ يغلب عليها السجع ، لتأثيره الموسيقي .
اشتمالها على كثير من الحكم .
سهولة اللفظ ، ووضوح الفكرة .
وهناك فرق بين الوصية والخطبة ألا وهو :
أن الخطبة : هي فن مخاطبة الجماهير لاستمالتهم وإقناعهم .
أما الوصية : فهي قول حكيم لإنسان مجرب يوصي به من يحب لينتفع به في حياته .

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...