مَا لي أرتجفُ بينَ يديها؟ جبانة أنا أمْ هذه الكاتبة مُهيمنة قاسية؟
مَن هي كي تحددَ زماني وترسم المكان وتوجه أشرعتي كيفمَا تشاء؟
كنتُ أراها تجلسُ وراءَ طاولتها ساعات قلقة بشعرها المُبعثر تنثر وتلملم تقعد وتقوم وجاءَ وقتي اليوم كمَا يبدو كي تستبيح سكينتي وتوقظ ألحان الشجون ..
أشعرُ بخوف مِن مجهول قادم يُمطرني أسئلة عقيمة،
أخشى أنْ تشوّهني تلك المخلوقة ويقرأني الكون بشكل لا يشبهني بالبياض
والرقّة و الهدوء ..
تتابع الورقة سير لواعجها بصمت وهي ترقب الكاتبة المشاغبة بكل تفاصيلها..
هَا هي تقوم بقامتها المربوعة لتصنع كوب الشاي الذي يُساعدها على تجميع قواها ..
الحمد لله تأخرت، رُبّما تغيّر مجرى تفكيرها وترحل إلى غير رجعة، لا أريد أنْ تحبسني في إطار لا يليق بطموحي المُجنّح ..
يا ويلي لقد عادتْ نحوي وبيدها شرابها المُفضل وقلمها المكسور، الأنكى أنّها تسمع نشرة الأخبار بشغف ملحوظ..
تضرب كفّاً على كف، أخ صفعة قوية أتلقاها على سحنتي النحيلة مِن غير ذنب ..
مَن يقول لهذه الكاتبة توقفي قليلاً والأنفاس تضيق وسط العبق المحموم، ليتها تكتبني قصّة حُبّ وسط الصفحات اليابسة أو تعود حيث كانت تلعب الطفولة في حديقة مُشرقة، لا أريد أنْ تملأني كلمات مُوجعة عن موت ياسمين وانتحار جوري ولعنة حرب وهوس جنون ..
الحمد لله انقطعت الكهرباء وقت التقنين المُعتاد في حيّ بلال، لعلها تنام قليلاً أو طويلاً وتريح أعصابي مِن مصيبة ساخنة تصبّها فوق جسدي البض وأصير بلا حول أجرجر أطرافَ ثوب مُبلل بالدموع كعروس تزفّ مُجبرة ..
لله درّها كمْ تكابر على ضوء خافت تقصّ وتشكّل
ولا أدري إلى أين سيصل بنا الأمر بعد قليل ..
ليتها على الأقلّ تسألني مَاذا أشتهي ..
تفرك وجهها المُتقلص وتسأل بحرارة لتصعق أركاني وتفاصيلي المُنتظرة:
بربّك أخبريني مَا اللون الذي تحلمين به في ليلتك المُقدّرة؟
بعد غوص وتمحيص أردّ بحزم لا تراجع فيه: اتركيني كمَا أنا ورقة ناصعة كقلب دمشق الأبيض الجميل ريثما تتغيّر ظروف الحياة عندكم لا تلوثي صفائي بالهموم أرجوكِ ..
تتكوّر لحظات لتصبح أشبه بحلزون أصفر على اخضرار باهت التقاطيع ..
تمضي دقائق ترتدي بنفسجها الرزين وتتكلل بشال شرقي مُزركش بخوف رمادي وخجل أحمر وموروث قديم ..
على غفلة ملسوعة تفرد جعلكتها، تمسك أكتافي بقوّة طارئة، تطويني نصفين وتمزق وجودي ثمّ ترميني في سلّة مهملات سمينة مع محاولات بائسة ..
..
هدى محمد وجيه الجلاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق