اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

طقوس شقّ الجسد ــ قصة فصيرة || محمد أبوالدهب ـ مصر

قال -من ضمن ما قال- إنه سيشقّ جسدى نصفَيْن. ومع أنى، كمسئول عن الجسد المستهدَف، لا أحسبه يفعلها، شِلتُ الهمّ أربعة أيام، واعتبرتُ الأمر -إذا حصل، فإنه ليس من المستحيلات على أية حال- ورطة مُربكة للجميع.

طالما تخيّلتُ ظروفاً مرشّحة لوفاتى، وكنت أفضّل النموذج الذى يؤدى إلى الانتهاء من الموضوع بسرعة، وسلاسة. كأنْ أموت بعد أزمة صحية عادية، تمتد لأسبوعين على الأكثر، مرض مائع من نوعيّة (حاسس انى همدان، وعايز أنام على طول) يحرّض زوّارى القليلين على الجزم -بحُسن نيّة، وبغفلة- أنى أمارس الدَلع، لأشوف غلاوتى فى قلوبهم. ويسهرون عندى الليلة بعد الليلة، يشربون الشاى والقهوة، ويلعبون الكوتشينة، ولا يقومون إلا عندما أشخط فيهم بعشَم (صدّعتم دماغى يا حَوَش) ثم تتقاذف هواتفهم نبأ وفاتى غير المتوقع، فينصدمون، ويشاركون فى تشييع جنازتى، سائلين بعضهم (شُفت الدنيا؟) بعد أن يصدر تصريح الدفن بلا تعقيدات، لأنى لم أعد شابا بالطبع، ثم إننى رقدت فى السرير أسبوعين، حتى تنتفى الشبهة الجنائية.

أما عن مسألة شقّ جسدى نصفين، فسَيُحال ملف مصرعى بكامله للنيابة -سواء كان الشق طولياً أم عرضياً- وستبقى جثتى بشطريْها يوماً أو اثنين، وربما أكثر، فى المشرحة. ولن يذوق زوّارى القليلون نوماً هادئاً، ولا لقمة تملأ البطن، ولا جنس راحة بال، طوال المدّة بين معرفتهم بخبر شقّ جسدى، وحتى خروجى -بعد منتصف ليلة مُقبضة- من المشرحة إلى المدافن. سيتحدثون قليلاً فى علم الغيب، حول التئام شطرىْ جسدى بمجرد أن ينغلق عليه القبر، لتتمّ محاسبتى بجسم سليم، ثم يركّزون، أثناء العودة إلى الدنيا، على أن الإنسان لا يشق جسد إنسان آخر -اضطُر بعضهم إلى إلقاء نظرة قبل عملية الغُسل التى ستتم بصعوبة ولهوجة- إلا إذا كان الدافع معقولا. وعليه فستوضع حياتى كلها فى خانة الشك والغموض، وسيعتقد القليلون الذين خرجت بهم من الدنيا أنى لم أكن واضحا معهم، إن لم يعلن بعضهم أنى كنت أغشّهم طول الوقت. و ذلك أشدّ ما سيغمّنى لو نفّذ السفاح الغاضب تهديده.

أما عن الدافع الذى لابد أن يكون معقولا، أيها القليلون: بدايةً، لم يدخل القاتل -باعتبار ما سيكون- المتهور بيته يوما، ليضبطنى عارياً بين فخذى امرأته، هذا ما لم يحدث إلا فى أحلام يقظتى، فأنا لست نذلاً لحد النوم مع زوجات أقربائى فى الواقع. إنه ابن ابن عم أبى. ثم إننى لم أقتل أخاه ولا ابنه، لا عمداً ولا خطأً، لأنى لست ممن يقتلون الناس، حتى لو تأكدتُ أنهم لا يستحقون فرصة أخرى، وما أكثر ما تأكدت بخصوص معظمهم. كُلّكم يدرك أن حياتى تمضى رتيبة ومنغلقة على نفسها، لا تُغرى المهدّدين والقتَلة على اقتحامها، ما أبيت فيه أصبح عليه منذ عشرات السنين، بحيث من الصعب أن أقف مدافعاً عن مغامراتى، غير المتوفّرة أصلا، فأقول (أنا لست كذا وكذا) نافياً كل الصفات البذيئة، التى يحقق بها آخرون ذواتهم. على العكس، كثيراً ما أبادره ب (سلامو عليكو) حين ألقاه صدفة، وأحياناً أزيد من عندى (عامل ايه؟) والأدهى أنه لما مات أبوه، الذى هو فى النهاية مجرد ابن عم أبى، ظللتُ واقفاً على قدمى ثلاث ساعات قبل الجنازة، وخمساً فى السرادق، ودخلت بيتى، آخر الليل، هادىء البال، متجاهلاً السكاكين التى تقطّع من أول سلسلة ظهرى، وحتى مفصل قدمى. أى دافع معقول يمكن أن يجادل به هذا المجنون؟!

ثم إن عملية شق الجسد ليست سهلةً للغاية -خاصة وأنه ليس ضليعاً بها، فلم أسمع أبداً أنه فعلها من قبل- بحيث يظن أنه يشرع فيها، دون مقاومة منى. جائز جداً -بسبب حلاوة روحى مثلاً، أو عصبيته البالغة وقت الحسم- أن أخطف السيف من يده، وأشقّ جسده، هو، نصفين أو حتى ثلاثة! .. وربما، على أقل تقدير، أقطع له أذناً أو أقلع إحدى عينيه. مَنْ يضمن ألا يحدث هذا؟ و دون توعّد مسبَق منّى. أقلّه لن يعيش بضعة أيام، مثلى، شايلاً همّ مباغتته، يعدّ أنفاسه وخطواته وبصّات عينيه، تماماً كمن يطارده ثأر قديم غير قابل للتفاوض. أستطيع التصرّف، منذ اللحظة، كما لو أنى مَنْ قال (سأشق جسدك نصفين) حتى لو لم تكن لدىّ أية دوافع، لا معقولة ولا غيرها. وهل هناك أعقل من ردّ الاعتداء! .. وحتى لو لم تحُلْ مقاومتى بينى وبين انشقاق جسدى، فأنْ يتكلم القليلون، إياهم، بأنى كنت أدافع عن بقائى، أرحم مائة مرّة من أن يقولوا إن حياتى كانت حقل ألغام، استدرجتُهم للدهس فيه على عمَى. تلك أفضل حالاتى منذ استغرقتُ أتمثّل جسدى جزأين متباعدَين، معروضَين على اليوتيوب -سيصوّر الواقعة تفصيلاً على تليفونه، تخليداً لاسمه، بعد أن يُنفّذ فيه حكم الإعدام- وكل جزء يجود بآخر نبضاته، لكى يصير المقطع مؤثراً.

كان الطَرْق على الباب حادّاً ومنتظماً، يناسب خطوة أولى فى عملية اغتيال مدروسة. قمت، جريئاً، أفتحه، مستعيداً إيمانى بأن أيّاً منا يجهل حدود مصيره. ولما أحاطت يدى بمقبض الباب، استحضرتُ مشهداً من صوت وصورة، وافترضتُ أنه سيتجسد ظُهر الغد فى أبعد بلدة على سطح الأرض (يخرج مراهق من بيته مهرولاً، وفى يده موبايل تاتش كبير من أحدث نوع، ينادى صاحبه فى البيت المجاور، يطلع له الآخر وفى يده تفاحة، يجلسان تحت شجرة عتيقة تتوسط المسافة بين البيتين، يتقارب وجهاهما بمحاذاة شاشة موبايل الأول كأنهما يأخذان صورة "سيلفى".. يقول صاحب التفاحة بعد أن أكل منها: ازاى سابه يشق جسمه من غير مقاومة؟ يا عم بلا هجْس.. شفت انت فيديو البنت اللى ولّعتْ فى نفسها النهاردة الصبح عشان حماها هجم عليها امبارح).

واجهنى بنفس الغضب الأول. قال (أنا جاى مخصوص أترجّاك تانى متجبلوش سيرة) ثم ذهب. رفعت صوتى مستجيباً.

محمد ابراهيم فرج أبوالدهب
مصر – القليوبية – بنها – ورورة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعريف بالكاتب :
صدر له :
  • أوراق صفراء ، قصص ، جمعية المواهب 1997 
  • آخر الموتى ، قصص ، هيئة قصور الثقافة 1999 
  • نصف لحية كثيفة ، قصص ، طبعة خاصة 2001 
  • نزهة فى المقبرة ، قصص ، دار الناشر 2008 
  • البر الآخر ، قصص ، هيئة قصور الثقافة 2009 
  • نصوص الأشباح ، قصص ، دار الناشر 2011 
  • يليق بسكران ، متتالية قصصية ، دار الناشر 2012 

 mohameddahab1174@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...