يقول الكاتب السوري أبو علي ياسين: في مجتمعنا محرمان لايجوز التحدث عنهما نقديا الا مع الاصحاب وبشكل مزاح، ولا تجوز دراستها علميا تحت طائلة عدم النشر او مصادرة الكتاب والجريدة او المجلة الناشرة، ام تحت طائلة العقوبة القضائية او اخيرا نبذ الناس (المجتمع) للكاتب ومضايقته في شتى المجالات. المحرمان هما: الدين والجنس..
يؤكد المسألة التي تناولها الاستاذ أبو علي ياسين الكاتب اللبناني عفيف فراج في كتابه المشهور (الحرية في ادب المرأة) بالقول: ان التصدي الجذري لقضية المرأة يضع الفكر النقدي مرة واحدة في
مواجهة التراث السلفي برمته. وهذا ما ادخل قضية المرأة وتحررها عصمة الرقابة ووضعها تحت حراسة (التابو) وجعل تناولها بالتحليل العلمي والصريح وباداة لغوية محددة ومباشرة، أمر يوازي التعدي على المقدسات وخرقا لقواعد التحليل والتحريم الأزلية التي جعلت المرأة (حرمة) في حمى الدين والاخلاق القديمة.. ولم يسلم احد من الذين تصدوا لقضية المرأة بالنقد والاصلاح، من الاتهام في دينه واخلاقه سواء كان مصلحا دينيا متواضع المطالب مثل قاسم امين، او من الذين ينحون في ابحاثهم منحى علميا (تجريبيا مثل الدكتورة نوال السعداوي).
ورغم المثالين اللذين اوردهما لكاتبين ينحون في منحى واحد هو الدفاع عن حرية المراة بقوة وجرأة ويحسدون عليها الا ان الذي يزيدني حزنا ان هناك من النساء من لاتريد هذه الحرية ، وفي اذهانهن ان المكان الطبيعي للمرأة هو البيت وخدمة الزوج والاولاد رغم حصولهن على شهادات عالية ويخوضن غمار العمل الاعلامي والهندسي فضلا عن ممارسة العمل الطبي.
والمفارقة في هذا هو انني عندما ناقشت موضوعا كانت قد كتبته الادبية والقاصة المعروفة سافرة جميل حافظ بعنوان (هل انصف الاعلام المرأة) مع زميله اجابت على الفور ودون كثير من التأمل والتفكير وهل انصفت المرأة نفسها، وانبرت تشرح وتفسر بان المكان الطبيعي للمرأة هو ملازمة البيت وتربية الاولاد لاغير اكثر من هذا وكأنما أرادت ان تقنعني ان المجال الطبيعي للمرأة هو البيت، ولكن مع التسليم بهذه الامر، الا ان المرأة لاتقل ذكاء وقدرة وعقلا عن الرجل ومسألة مساواة المراة بالرجل في الحقوق والواجبات لايمكن ان تثبتهما غير المرأة لان القضية تخصها وهي بثقافتها وتفوقها وصبرها وكفاحها في البيت مع الاهل ومع زوجها ومع الاخرين تستطيع ان تثبت اهلية الجدارة والند للند وبعملية الاقناع العقلي والبدني ان تثبت ان لها عقلا ونفسا وجسدا لايختلف كثيرا عما يمتلكه الرجل فبوعي الذات واثبات هذا الوعي في مختلف ميادين وحقول الحياة تستطيع المرأة ومعها الرجل المتفتح والمستنير باهلية المرأة، وجدارتها في ميادين الاعمال الفكرية والجسدية ان تثبت الجدارة والتفوق وعملية الاقناع وفرض الذات وبذات الدرجة والقوة التي يفترض ان تكون للرجل.. والا تبقى المرأة محصورة ومهمشة ومنبوذة دون ان تستطيع ان تحصل على ذات النسب من حيث العدد من المقاعد البرلمانية او العدد من حقائب الوزارة هذه من الناحية الوظيفية.. وكذلك في حقول المعرفة والثقافة والفنون.. فالمعروف ان عدد النساء من ناحية الاحصاء السكاني اكثر من الرجال ولكن من ناحية الاحصاء المعرفي والحقوقي اقل عددا..
وهذا لاينفي وجود ناشطات جديرات ومتخصصات في مجالات المجتمع المدني وتسليط الضوء على واقع المرأة العراقية فقد سبق لكاتب هذه السطور اجراء لقاء مع السيدة شروق العبايجي مديرة مركز عراقيات للدراسات اثناء اقامة المركز مؤتمره الصحفي بتاريخ 19/تشرين الاول من العام الماضي في فندق ميليا منصور قائلة في جانب من حديثها (في تسليط الضوء على واقع المرأة العراقية والتأثيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على دورها في عملية التنمية في العراق ليس فقط من منظور نسوي بحت وانما انطلاقا من كون حل العقد الاجتماعية بخصوص المرأة للتعامل مع المفاهيم الذكورية السائدة في المجتمع تنعكس اهميتها لتطوير المجتمع كشكل في التعامل مع قضايا نسوية والهدف يتمثل في ان المصلحة العامة بدون حل الاشكاليات تبقى المرأة مهمشاً سلبياً (اي مسلوبة الارادة) والتي تشل ايضا مرافق حيوية في المجتمع، والعالم الان يتجه الى تبني مفاهيم مثل تأنيث السياسة بمعنى ادخال التفكير والتعامل الانثوي لمعالجة موازنة الاسلوب الذكوري الذي يتميز بها خلال التاريخ كونها تستند بشكل اساسي الى مفاهيم القوة وغلبة المصالح الشخصية على المصالح العامة... مما يولد الحاجة الى اشاعة مفاهيم تتعلق بطبيعة المرأة كمخلوق جميل يميل الى السلم والتسامح ونبذ العنف وعدم اللجوء الى استخدام القوة في الخلافات والصراعات.. والمرأة العراقية شاركت ومنذ الخمسينيات في تطور المجتمع ونهوضه في زمن الحروب والحصار تحملت ادارة مرافق الدولة المختلفة بنجاح وتحملت الاعباء الاجتماعية والاقتصادية والان وبعد حدوث التغيير صارت ايضا حالة من النكران والتجاهل ونبذ الدور وايضا محاولات من قوى اجتماعية معينة لارجاع المرأة الى حجرها في البيت واحجام دورها في المجتمع. وقصر دورها كأم وربة بيت متجاهلين ان في هذا سيكون فيه قسوة وتأثيرات سلبية على تربية الاولاد والجيل الناشئ اذا لم تتمتع المراة بقدر كاف من المستوى التعليمي والاستقلال الاقتصادي وتهميش المرأة وتحجيم دورها سيؤدي بالنهاية الى تشويه وتخلف الجيل القادم ولا يتمتع بمؤهلات لقيادة البلد).
ولعل اهم عبارة كتبتها سيمون دي بوفوا في كتابها (الجنس الاخر) 1949 هذه العبارة التي اصبحت مثل الحكمة النسائية السائدة في اميركا اليوم: (المرأة لاتولد امرأة بل تصبح امرأة) ومعنى ذلك ان المجتمع هو الذي يصنع شخصية المرأة وصفاتها الانثوية وليس الطبيعة او البايلوجيا (هذا ماجاء في قضايا المراة والفكر والسياسة للدكتورة نوال السعداوي ص132).
احمد لفتة علي
يؤكد المسألة التي تناولها الاستاذ أبو علي ياسين الكاتب اللبناني عفيف فراج في كتابه المشهور (الحرية في ادب المرأة) بالقول: ان التصدي الجذري لقضية المرأة يضع الفكر النقدي مرة واحدة في
مواجهة التراث السلفي برمته. وهذا ما ادخل قضية المرأة وتحررها عصمة الرقابة ووضعها تحت حراسة (التابو) وجعل تناولها بالتحليل العلمي والصريح وباداة لغوية محددة ومباشرة، أمر يوازي التعدي على المقدسات وخرقا لقواعد التحليل والتحريم الأزلية التي جعلت المرأة (حرمة) في حمى الدين والاخلاق القديمة.. ولم يسلم احد من الذين تصدوا لقضية المرأة بالنقد والاصلاح، من الاتهام في دينه واخلاقه سواء كان مصلحا دينيا متواضع المطالب مثل قاسم امين، او من الذين ينحون في ابحاثهم منحى علميا (تجريبيا مثل الدكتورة نوال السعداوي).
ورغم المثالين اللذين اوردهما لكاتبين ينحون في منحى واحد هو الدفاع عن حرية المراة بقوة وجرأة ويحسدون عليها الا ان الذي يزيدني حزنا ان هناك من النساء من لاتريد هذه الحرية ، وفي اذهانهن ان المكان الطبيعي للمرأة هو البيت وخدمة الزوج والاولاد رغم حصولهن على شهادات عالية ويخوضن غمار العمل الاعلامي والهندسي فضلا عن ممارسة العمل الطبي.
والمفارقة في هذا هو انني عندما ناقشت موضوعا كانت قد كتبته الادبية والقاصة المعروفة سافرة جميل حافظ بعنوان (هل انصف الاعلام المرأة) مع زميله اجابت على الفور ودون كثير من التأمل والتفكير وهل انصفت المرأة نفسها، وانبرت تشرح وتفسر بان المكان الطبيعي للمرأة هو ملازمة البيت وتربية الاولاد لاغير اكثر من هذا وكأنما أرادت ان تقنعني ان المجال الطبيعي للمرأة هو البيت، ولكن مع التسليم بهذه الامر، الا ان المرأة لاتقل ذكاء وقدرة وعقلا عن الرجل ومسألة مساواة المراة بالرجل في الحقوق والواجبات لايمكن ان تثبتهما غير المرأة لان القضية تخصها وهي بثقافتها وتفوقها وصبرها وكفاحها في البيت مع الاهل ومع زوجها ومع الاخرين تستطيع ان تثبت اهلية الجدارة والند للند وبعملية الاقناع العقلي والبدني ان تثبت ان لها عقلا ونفسا وجسدا لايختلف كثيرا عما يمتلكه الرجل فبوعي الذات واثبات هذا الوعي في مختلف ميادين وحقول الحياة تستطيع المرأة ومعها الرجل المتفتح والمستنير باهلية المرأة، وجدارتها في ميادين الاعمال الفكرية والجسدية ان تثبت الجدارة والتفوق وعملية الاقناع وفرض الذات وبذات الدرجة والقوة التي يفترض ان تكون للرجل.. والا تبقى المرأة محصورة ومهمشة ومنبوذة دون ان تستطيع ان تحصل على ذات النسب من حيث العدد من المقاعد البرلمانية او العدد من حقائب الوزارة هذه من الناحية الوظيفية.. وكذلك في حقول المعرفة والثقافة والفنون.. فالمعروف ان عدد النساء من ناحية الاحصاء السكاني اكثر من الرجال ولكن من ناحية الاحصاء المعرفي والحقوقي اقل عددا..
وهذا لاينفي وجود ناشطات جديرات ومتخصصات في مجالات المجتمع المدني وتسليط الضوء على واقع المرأة العراقية فقد سبق لكاتب هذه السطور اجراء لقاء مع السيدة شروق العبايجي مديرة مركز عراقيات للدراسات اثناء اقامة المركز مؤتمره الصحفي بتاريخ 19/تشرين الاول من العام الماضي في فندق ميليا منصور قائلة في جانب من حديثها (في تسليط الضوء على واقع المرأة العراقية والتأثيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على دورها في عملية التنمية في العراق ليس فقط من منظور نسوي بحت وانما انطلاقا من كون حل العقد الاجتماعية بخصوص المرأة للتعامل مع المفاهيم الذكورية السائدة في المجتمع تنعكس اهميتها لتطوير المجتمع كشكل في التعامل مع قضايا نسوية والهدف يتمثل في ان المصلحة العامة بدون حل الاشكاليات تبقى المرأة مهمشاً سلبياً (اي مسلوبة الارادة) والتي تشل ايضا مرافق حيوية في المجتمع، والعالم الان يتجه الى تبني مفاهيم مثل تأنيث السياسة بمعنى ادخال التفكير والتعامل الانثوي لمعالجة موازنة الاسلوب الذكوري الذي يتميز بها خلال التاريخ كونها تستند بشكل اساسي الى مفاهيم القوة وغلبة المصالح الشخصية على المصالح العامة... مما يولد الحاجة الى اشاعة مفاهيم تتعلق بطبيعة المرأة كمخلوق جميل يميل الى السلم والتسامح ونبذ العنف وعدم اللجوء الى استخدام القوة في الخلافات والصراعات.. والمرأة العراقية شاركت ومنذ الخمسينيات في تطور المجتمع ونهوضه في زمن الحروب والحصار تحملت ادارة مرافق الدولة المختلفة بنجاح وتحملت الاعباء الاجتماعية والاقتصادية والان وبعد حدوث التغيير صارت ايضا حالة من النكران والتجاهل ونبذ الدور وايضا محاولات من قوى اجتماعية معينة لارجاع المرأة الى حجرها في البيت واحجام دورها في المجتمع. وقصر دورها كأم وربة بيت متجاهلين ان في هذا سيكون فيه قسوة وتأثيرات سلبية على تربية الاولاد والجيل الناشئ اذا لم تتمتع المراة بقدر كاف من المستوى التعليمي والاستقلال الاقتصادي وتهميش المرأة وتحجيم دورها سيؤدي بالنهاية الى تشويه وتخلف الجيل القادم ولا يتمتع بمؤهلات لقيادة البلد).
ولعل اهم عبارة كتبتها سيمون دي بوفوا في كتابها (الجنس الاخر) 1949 هذه العبارة التي اصبحت مثل الحكمة النسائية السائدة في اميركا اليوم: (المرأة لاتولد امرأة بل تصبح امرأة) ومعنى ذلك ان المجتمع هو الذي يصنع شخصية المرأة وصفاتها الانثوية وليس الطبيعة او البايلوجيا (هذا ماجاء في قضايا المراة والفكر والسياسة للدكتورة نوال السعداوي ص132).
احمد لفتة علي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق