اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

مبدعين من فلسطين > الشاعر الفلسطيني فواز عيد

أما آن لنا أن نردّ له ما يستحق من احترام؟
في صبيحة الثلاثين من كانون الثاني، سنة 1999، توفي  الشاعر الفلسطيني فواز عيد، هنا في دمشق، أو حصراً في ضاحية المعضمية المجاورة لدمشق من جهتها الغربية. وقد ولد الرجل في سمخ عام 1938، وهذا يعني أنه عاش ستين سنة، أو زهاء ذلك.
تعرفت على فواز يوم انتسبت إلى جامعة دمشق سنة 1960، وسرعان ما صرنا أصدقاء، وظللنا كذلك حتى وفاته الفجائية أثر نوبة من تكل النوبات الصاعقة التي تدهم المرء بغتة فلال تغادره إلا وقد رحل عن هذه الدنيا إلى الابد. ولكن صلتي بفواز قد أصابها ارتخاء خلال المدة التي قضاءها في السعودية مدرساً للغة العربية، فقد صرنا لا نلتقي إلا لماماً، وذلك حين يجيء إلى سورية في العطلة الصيفية.

وأغلب ظني أن تلك المدة تمتد من سنة 1967 حتى سنة 1981، وهذه فترة تعادل بضعة عشر عاماً قضاها بعيداً عن الجو الشعري الدمشقي الذي ازدهر فيه الشاعر.
ولقد جاء نبوغ فواز مبكراً، فمنذ أن كنا طلاباً في الجامعة راح ينشر شعره في مجلة "الآداب" البيروتية، المخصصة يومئذ لنخبة الكتاب في العالم العربية. وفي سنة 1963، أي يوم كان في الخامسة والعشرين من سنوات عمره، نشرت له دار الآداب مجموعته الشعرية الأولى تحت هذا العنوان: "في شمس دوار". ولقد جاءت بمثابة حدث ثقافي بكر في سورية خلال تلك الآونة، وذلك لأنها من أوائل المجموعات الشعرية الحديثة في هذا البلد. ثم تتالت مجموعاته حتى بلغت الخمس يوم وفاته.
تجنح المجموعة الأولى نحو توظيف الأساطير والموروث الشعبي اشفهي في بنية القصيدة. وهذا تقليد طارئ على الشعر كان الشاعر الانجليزي ت.س. اليوت أول من أرساه في الصعر الحديث. ثم تلفقه السياب وأفراط في تبنيه له، أو في الاتكاء عليه. تم تبناه شعراء آخرون في العالم العربي. وكان فواز واحداً منهم. ولكن هذا الشارع سرعان ما تخلى عن هذا التقليد ابتداء من مجموعته الثانية بالضبط.
فقد جاء في المجموعة الأولى اسم شهرزاد عدة مرات، وذلك بوصفها رمزاً يوحي بالحلم، أو بالحميم المنشود. كما جاء اسم عوليس من حيث هو رمز للحكرة والسعي الدؤوب وراء المطلوب.
وثمة الكثير من الإشارات إلى التراث الشعبي، ولا سيما إلى الحوت الذي يبتلع القمر ليلة الخسوف.
وربما كان ذلك رمزاً للشر الذي يحاول أن يلتهم الخير، لكن دون أن ينجح في ذلك إلا مؤقتاً وحسب. وثمة إشارة أخرى إلى عنصر من التراث الشعبي خلاصته أن النساء يرششن الأرض سبع مرات بالملح والماء حين يتعثر طفل ويسقط. ولعل في هذا اتقاء للشر بالتطهير والتنظيف ولقضاء على الأرواح الخبيثة المبثوثة في المكان.
ولكن ما هو جدير بالملاحظة في هذه المجموعة الأولى، بل في شعر فواز بأسره، أن الوطن السليب، أعنى فلسطين، لا يذكر صراحة أو على نحو جهري مباشرة، وإنما تؤشر غليه القصيدة تأشيراً وحسب، ولكنه تأشير لا يخفى على أحد، ولا سيما على كل من يستطيع أن يحضر ولا بأس في مثال على ذلك. فقد جاء هذا المقطع الصغير في نهاية قصيدة من المجموعة الأولى عنوانها "الفرسان":
ترنموا، غنوا،
فدرب الليل آخره لنا،
وغداً نعود إلى البيوت،
نعود،
تنفرج البيوت عن المنديل المنمنمة الرقيقة،
عن يد بيضاء شاحبة تجس عروقنا.
وها يعني أن الشارع قد تعامل مع الكارثة الفلسطينية بالتلميح لا بالتصريح المباشر الذي لا صلة له بالشعر الحديث. ومما هو جدير بالتنويه أن الشاعر قد نشر كتاباً. عنوانه "نهارات الدفلى"، في ذلك الكتاب، الذي هو كتابه النثري الوحيد، ذكرياته عن عام النكبة، ولكنه عرضها بأسلوب شاعري جميل. كما أنه قد بين مدى اللوعة التي رسختها تلك الكارثة في بنيته النفسية. وما ينبغي أن يذكر الآن هو أن ذلك الكتاب قد صار مسلسلاً تلفزيونياً قبل وفاة الشاعر.
وللقح أن المجموعة الثانية، وعنوانها "أعناق الجياد النافرة" (1969)، وكذلك المجموعة الثالثة، وعنوانها "من فوق انحل من أنين" (1948)، هما ذروة شعر فواز فالقصيدة في هاتين المجموعتين تدخر شيئاً من دفء الروح، وكذلك من القدرة على التصوير المفعم بالحيوية والمحتوى الوجداني الأصيل.
وفضلاً عن هذا، فإن اللغة ههنا يانعة ومزودة بنضارة مشرقة وينسبا الأسلوب انسياباً تلقائياً عذباً، أو هو يتدفق ولكن بسلاسة ونعومة جذابة ولعل في السداد أن يقال بأن فواز يكون في أحسن أحواله حين يعرض وجدانه المرهف الحنون. فمزية فواز الأولى أنه دافئ، صادق وأنيس، سواء في شعره أم في شخصيته الحية الطيبة.
اما مجموعته الرابعة، وعنوانها "بباب البساتين والنوم" (1988)، فهي استمراره لشرعه السالف الذي عايشته أنا منذ بدايته زهاء سنة 1960، ما عدا تلك الفترة التي قضاها في السعودية.
ولعل أهم ما في امرها أنها مزودة بالقدرة على افتراع الصور البكر التي يخطفها الشاعر خطفاً من نسج اللغة، في بعض الاحيان. أضف إلى حنان الوجدان ودفء الروح.
ففي القصيدة التي تحم المجموعة كلها عنوانها، أعني "بباب البساتين والنوم"، وهي قصيدة جيدة جداً، ويلتقي العائدون من الحرب بالنساء الباكيات، تم تشتبك الأذرع القادمة
بأي ذراعين تنتظران
يعانق هذا الغريب غريبه
فتسأله: أين كنت؟
لماذا قطعت الرسائل عني؟
فما يصلان إلى بيتها
في أقاصي المدينة
حتى يصير حبيباً لها وتصير حبيبه.
وهذا هو الحنان، او دفء الروح، الذي يتميز به فواز عادة.
ويصدق المذهب نفسه على المجموعة الخامسة، وعنوانها "في ارتباك الأقحوان" (1999)، ونقد نشرت بعد وفاة الشاعر بقليل. فهي تتمتع بقدرة فذة على التعبير والصوغ في كثير من الأحيان، ولا سيما في بعض قصائدها المتوهجة، مثل قصيدة "حلم على حافة الصيف"، أو تلك التي خصصها لزوجته سلوى، والتي تحمل هذا العنوان نفسه، أعني "سلوى"، فهذه قصيدة فحواها العلاقة الوجدانية الحميمة بين الشاعر وزوجته التي قدمها كأنها تتألف من بعدين متضادين: مثل أعلى وكائن واقعي مهموم بهم الأسرة والأطفال.
هذه لمحة قدمتها عن شاعر فلسطين كان صديقاً لي طوال مدة ليست بالقصيرة.
وإنه لشاعر رقيق الشعور وشديد العذوبة ومفعم بالدماثة واللطف.
وللأسف، نسيناه جميعاً منذ وفاته حتى اليوم، فلا تذكره الصحف، بل قلما يذكره أحد في الوسط الثقافي بأسره.
ولقد صرح لي عدة مرات بأنه يدرك عدم اهتمام عصرنا الراهن بالشعر والشعراء.
ولعل هذا الاعتقاد أن يكون واحداً من المثبطات التي جعلت تراث فواز الشعري لا يبلغ أربع مئة صفحة، كتبها خلال أربعين سنة على وجه التقريب. وفي نهاية قصيدة من المجموعة الرابعة عنوانها "الأشياء حتى النصف" ما يوحي بأن فواز كان يدرك ما مؤداه أن المجتمع الحديث، مجتمع التضخم المالي، يحيط القصيدة بالرماد من جميع جهاتها. يقول:
وأنا وأنت العاشقان بلا بلاد.
داري الغير حيثما ألقاك.
دارك في المسافة بين وجهينا.
كمملكة القصيدة،
في فضاء من رماد.
ولقد توفي في دمشق وهو مغمس بالعوز أو بالفقر. مات فقيراً ونسى بسرعة، وأهمل شعره إلى حد بعيد، بل أهملت ذكراه، فصار مآله إلى الإهمال والإغفال.
لقد كفناه بالنسيان الذي هو الموت الحقيقي لكل مبدع، مع إنه شاعر نادر في هذا الزمن التليف الشائه، او المتمرغ في وحول الفسق والفساد.
إنه زمن المال الذي يفرز الانحطاط والتفسخ الروحي أو الأخلاقي على نحو حتمي، أو لا مفر منه بتاتاً.
إنه الزمن الذي لا قيمة فيه لشيء سوى المال وحده وفضلاً عن ذلك، فإن زن التضخم هذا من شأنه أن يحمر الحياة من العذوبة والنكهة الطيبة، وأن يجعل منها كابوساً لا يطاق.
وما من أحد يعرف ما إذا كان التجدد، أو التغير نحو الأفضل، أم الشاعر الفلسطيني فواز عيداً ممكناً وغير ممكن.
ترى، أما آن الأوان لنرد إلى فواز عيد ما يستحق من الاحترام، أو بعض ذلك على الأقل؟.

يوسف سامي اليوسف
المصدر: مجلة صوت فلسطين
ــــــــــــــــــــــــــ
 الشاعر الفلسطيني فواز عيد
مؤلفاته: 1-في شمسي دوار -شعر- بيروت 1963- دار الآداب. 2-أعناق الجياد النافرة -شعر- بيروت 1969-دار الآداب. 3-من فوق أنحل من أنين -شعر- اللاذقية 1984- دار الحوار. 4-بباب البساتين والنوم -شعر- دمشق 1988- اتحاد الكتاب العرب. 5-نهارات الدفلى -نثر- دمشق 1991- دار الأداب

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...