اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

سيرة الموت والحياة ودلالاتهما في قصص مفلح العدوان

ارتبط الحكي ارتباطا وثيقا بالخوف ، خصوصا الخوف من الموت ، فقد كان الإنسان البدائي يحكي ويؤلف القصص ، وكانت تدور في معظمها عن خوفه من الظاهرات الطبيعية ، يبذر فيها رغباته وغرائزه وخوفه المستمر من العالم المجهول ورعبه من الاختفاء النهائي عن العالم بالموت .
فكرة الموت محور ظاهري في قصص مفلح العدوان ، ثيمة واضحة منذ بداية مشواره . فمجموعة ( الرحى ، دار أزمنة ، الأردن 1994 ) بها أكثر من قصة عن الموت : لعازر ، حين بكى الملح ، التابوت ، معراج باتجاه اسرافيل . كذلك مجموعة ( موت عزرائيل ، المؤسسة العربية لدراسات والنشر ، بيروت 2000) بها أكثر من قصة عن
الموت : موت عزرائيل ، العكاز ، القزم . وأيضا مجموعة (في موت لا أعرف شعائره ، دار ميريت 2004 ، القاهرة ) قصصها تعتمد على فكرة الموت : في موت لا أعرف شعائره ، تناسخ ، مزمار تموز . كما لا تخلو معظم القصص في المجموعات الثلاث من كلمات الموت ومفرداته : القبر ، القبور ، غياهب القبور ، الكفن ، توابيت الجنائز ، شواهد ، الدود ، القتل ، قبض الروح ، إلخ ، .
حتى أن الراوي في قصص \"مزمار تموز\" من مجموعة ( في موت لا أعرف شعائره ) يتساءل مندهشا \" الموتى ، كيف لا يلحظهم أحد وهم في المدينة \" ص64 ، وقصة \"موت عزرائيل\" من المجموعة التي تحمل نفس العنوان .يموت عزرائيل الذي قبض أرواح كل البشر والملائكة ، وفي آخر شهقات الموت قال :\" آه لو كنت أدري أن هكذا كان عذابهم ما كنت فعلت\" ص52. وهناك قصص تبتعد قليلا عن الموت ، لكنها توحي به ، وتصب جميعها في صلب فكرة الموت .لكن لماذا تسلل الموت وطقوسه وظلماته ومشاكسته الدءوبة للراوي وصراعه المستمر معه في معظم
القصص؟والإجابة ، ولم لا ؟ أليس الموت إحدى الكوارث الكبرى المؤرقة للإنسان ؟ إنه الربان الأعمى الذي يقود دفة النهاية . من ثم ينبغي استكناه ماهيته ، والتسلل الى قلعته الحصينة ، فقد أوصانا البروفيسير في مسرحية( \"الطريق\" للكاتب النيجيري \"سونيكا\" ) على معرفة الموت لنقهر الخوف منه بالمعرفة ، ونصحنا من قبله الفيلسوف الرواقي \"سنيكا\" بأن المرء يتعين عليه أن يفكر فيه دوما ، فالذي لا يعرف الموت لا يعرف الحياة . كشف سر الموت يشد من أزرنا لمواجهته ، ومواجهة الحياة . وقبل هذا ، وذاك ، فمنطقتنا العربية ، والأفريقية ، لها تراث ضخم عن الموت ، وطقوسه ، وحكاياته ، ويحضرني الآن بعض أسماء كتب دارت حول الموت : \"التوهم\" للحارث المحاسبي ، \"التذكرة في أحوال الموتى\" للقرطبي ، معراج البسطامي ، و\"منامات الوهراني\" ، وغيرها كثير .
أنتقل الى ملمح ثان من ملامح قصص مفلح العدوان ، وأعني \"الماء\" أي الحياة . الماء يعني الحياة ، والحياة نقيض الموت . لكن الموت والحياة مشتبكان في أعمال الكاتب . لا يخفى أن أساطير التكوين في المنطقة ، وكما قال \"فراس السواح\" تنتمي الى زمرة أساطير الميلاد المائي . فالحالة السابقة تنتمي الى زمرة أساطيرنا التكوينية ، هي حالة من العماء المائي . يقول الراوي في قصة \"في موت لا أعرف شعائره\" من المجموعة التي بنفس العنوان\"عادت الظلمة..أحسست ببدائيتي وانحطاطي ، أمام قتامة العماء الأول ، حين لم تكن الأرض أرضا ، ولا السماء سماء \"ص21 ، ويبذر الكاتب في قصصه كلمات مثل : ذاكرة الماء ، ومعنى الماء ، والصلاة للماء ، والتعميد بالماء . فالماء \"ميلاد الحياة ، عرش السماء وميثاق الأرض\"(ص57،58 قصة واكتمل النصاب ، مجموعة موت عزرائيل ) . وفي نفس المجموعة ، موت عزرائيل ، يتساءل الراوي \"هل كان العرش قبل الماء؟أم قبل الماء جاء؟ما الماء؟\"ص35 .
في قصص مفلح العدوان نجد تمجيدا لقوى الماء ، فالماء يولد كل مظاهر الحياة ، كما يعني الغرق والنجاة في آن ،قصة\"واكتمل النصاب\" ، الماء الجسر الذي يربط الحي بالميت، رمز الحيوية والحياة الأبدية ، الموت في طقوسنا كما في القصص يرمز للطهارة والولادة والانبعاث ، وفي دلالة من دلالات الماء في القصص ، ألا يشير ولع الكاتب به واستحضاره بقوة في قصصه الى المكان الذي يعيش فيه-الأردن- وما يعانيه من ندرة الماء والتقارير التي تخبرنا عن قرب جفاف ذلك البلد في غضون سنوات ، إضافة الى ما تنقله لنا وكالات الأنباء وتصريحات وتحليلات المفكرين والسياسيين من أن الحروب القادمة ستكون حروبا مائية .
التراث ملمح ثالث في قصص مفلح العدوان ، ولعل من المستباح في كل زمان شرعية الكاتب في اللعب مع تراثه ، بالاقتباس مرة وبالتضمين مرات، بالمحاكاة ، أو الاستلهام، والتمثل ، وهما معا سدرة المنتهى ، فلا شيء بعد ذلك سوى النفي أو التجاوز ، وهما مضمرات في فعل الاستلهام والتمثل ، وبدون تحريك وتوظيف للتراث يصبح مع الوقت عقبة ، وبالتالي يصاب بالثبات والجمود ، تلك قناعتي الشخصية .
لكن ما مسوّغ هذه الصولة يا ترى ، وما مدى علاقتها بقصص مفلح العدوان ؟ بعد قراءتي لقصصه أدركت مدى إفادته من التراث سواء تراثنا خاصة ، أو التراث الإنساني عامة ، فهو بداية وظف واستلهم ما في الكتاب المقدس ، والأناجيل ، وأيضا القرآن الكريم ، ثم أساطير المنطقة وخصوصا أساطير التكوين ، والطوفان ، والفردوس المفقود ، والموت ، والقتل ..الخ . وهناك أسماء كان ولا يزال لها حضور قوي في ذاكرتنا التاريخية ، والمقدسة جاءت في سياق القصص : آدم وحواء ، قابيل وهابيل ، المسيح ، لعازر ، شعيب ، عمر ، أبو لهب ، الملائكة الأربعة إسرافيل ، جبرائيل ، عزرائيل ، ميكائيل ، ويحيى وزكريا ..الخ .
ليس هذا وحسب ، بل الجمل والفقرات خفرت بأسماء وأحداث تراثية ، وعلى سبيل المثال ، القصة الأولى من المجموعة \"الرحى\" حُملت فقراتها وعباراتها بعديد من الأحداث والأسماء التاريخية: ..\"حاورهم وهو في المهد\"ص10 ..\"خذوا ..هذا دمي فاشربوه\"ص25 ..\"لبيك لا شريك لك في القرى..لبيك\"ص37 . وفي قصة \"لعازر\" نقرأ هذه العبارة ؛\"لبثنا يوما أو بعض يوم \"ص25 ، وفي قصة \"أبناء شعيب\" نقرأ هذه
الفقرة ؛\"واخترقت حربة جساس ظهره\"ص52 ، و\"كما العنكب حين نسج خيوطه على بوابة لعازر\"ص61 ، و\"حين ألقوا على وجهه قميصه في المرة الثانية\"ص64 من قصة \"الصواع\".
ومجموعة \"موت عزرائيل\" تشتبك بعمق مع التراث ، كذلك مجموعة \"في موت لا أعرف شعائره\" نجد تضفير الجمل برموز مقدسة ، \"يحمل مزماره ، ويهش بموسيقاه على غنمه\"ص57 ، وتوظيف التراث في قصص مفلح العدوان يقودنا الى التكنيك في القصص ، وأول ما يلفت نظر القارىء تلك اللغة المسبوكة جيدا والمحملة برموز تراثية كما ذكرت ، وأيضا دربة في السرد ، وتجويد في الحوار ، أو الحوارات التي لعبت دورا كبيرا وأخذت مساحة لا بأس بها في القصص ، ويمكنني القول أن بعض القصص يمكن أن نطلق عليها قصصا ممسرحة، اعتمدت على كثرة الحوارات والشخصيات وزيادة النبرة الدرامية . مجموعة \"موت عزرائيل\" نموذج ، كذلك اعتمد الكاتب الإيقاع من خلال التكرار ، وتوزيع الكلمات على هيئة حروف كما في كتابات المتصوفة .
قصة\"جذاذات\"، مجموعة \"موت عزرائيل\" ، وأيضا هناك الخيوط المشتركة التي تربط القصص بعضها البعض ، كذلك يمكن ذكر أن العالم القصصي عند الكاتب يأخذ مفرداته ، ومرتكزاته من التراث من أجل أن ينسج عالما يحلق في أفق الأسطورة ، كما أن ملامح الجمال في هذا العالم تتجلى في نظامه وانسجامه الداخلي ، وهذا العالم أطر بلونين هما الأبيض والأسود ، تحركت داخلهما الأحداث ، وخيوط السرد ، وقد استبدل الكاتب بالأبيض والأسود ، الظل والنور في بعض القصص ، وتساءل الراوي في قصة \"القزم\" ، مجموعة \"موت عزرائيل\" ، من تآمر عليّ ، نوري أم ظلي ؟ص99.
هل الظل كان بمثابة الحاجز أو السياج أو البوابة الشائكة التي حالت بين الراوي وبين النور ذلك الدافىء الحنون ؟ على أية حال ، لقد استخدمهما مفلح العدوان بمهارة واتزان وأظهر من خلالهما حيرة الراوي في بحثه عن الحقيقة ، تلك الحقيقة التي سعى الراوي خلفها منذ أول قصة في مجموعة \"الرحى\" ، في قصة \"إنه الجوع يا معلم\"-الرحى- يقول الراوي \"إن الحفرة تتسع . تزداد عمقا كأنهم يريدون أن يدفنوا كل شىء يخصه : كراساته ، أفكاره ، تفاؤله ، بحثه عن الحقيقة ، وأمله في التغيير\"ص82. بحث الإنسان عن الحقيقة ارتبط بالأرض ، آدم عندما كان في الجنة وحاول أن يعرف نزل الى الأرض ، أو هذا كان عقابه ، ويسأل عزرائيل ، ويتعجب في نفس الوقت –قصة \"موت عزرائيل\"-\"وماذا أذنبوا لينتهوا ، ويزجّوا في القبور مع الدود والذباب ؟
ألأنهم حاولوا أن يسألوا ويفكروا ؟\"ص48 ، عذاب السؤال والبحث عن الحقيقة لا ينتهي دائما ، المعاناة والشقاء من أجل الوصول الى نبع المعرفة ، لذا نجد الراوي يسأل دائما : ما النور ، ما الشجر ، ما الأرض ، أين البداية من النهاية ، وهل المهم معرفة الحياة ؟ أم الأهم منها أن نبقى أحياء ؟ أسئلة لا تنتهي ، ومع ذلك ليست هناك إجابات واضحة ، فيخلص الراوي الى هذه النتيجة المؤلمة –قصة في موت لا أعرف شعائره- \" شارفت الأربعين ، ولم أجد أجوبة على أسئلتي\"ص9 ، لا جواب عن أسئلة الراوي لأن الإجابات سيخرج منها أسئلة جديدة ، كما أن الفنان الحقيقي يرفض الطريق السهل والإجابات الجاهزة ، ولعل الكاتب والمفكر الألماني \"ليسنج\" كان محقا عندما قال \"لو أعطاني الله الحقيقة لرفضتها لأني أحب البحث عنها\" و روح الفنان تبغي الإنعتاق من سجن الحدود والقيود والعادات والقوانين ، فتسعى الى نور لا نهائي ، وقبل هذا العلو على الصغائر ، لذلك نجد الراوي الذي قرر في الصفحات الأولى من مجموعة \" في موت لا أعرف شعائره\" ، إنه شارف على الأربعين ولم يجد إجابات عن أسئلته ، نجده في الصفحة الأخيرة من نفس المجموعة يقول إنه سيتفرغ للحقيقة والطبيعة ، الأولى يبحث عنها ، والثانية يسرح فيها ...

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...