يوميات رمضان 6
هدير الطائرة يملأ المكان ، أثار ذعرا بين جوقة العصافير التي كانت تجهز نفسها لرحلة صباحية ، مازال الليل يعاند آلام الرحيل ، بينما ملامح أخرى تستعد لولادة جديدة ، شهر ونيف مضى ، ترك خلاله أبو علاء بيته الريفي القابع خلف تلة صغيرة ماتزال لم تبلغ رشدها ، وخمسة من الصغار ينتظرون هداياه التي ستهبط من السماء مع ارتطام الطائرة بأرض المطار ، أما الزوجة فكانت
تتجهز لسهرة طال غيابها ، الضوضاء تتلاشى رويدا رويدا ، خيوط العنكبوت تبدأ بالظهور من بين براثن ليل كاد يختنق ، جمع أشياءه كلها ، حزم الحقيبة وقرر اعتزال الظلام ، خالد الصغير يرنو إلى شريان يمتد من عنق رحم الطائرة ، عيناه تقاومان بعض الدموع التي انسلت خلسة ، مسح أنفه بطرف كم قميصه الزهري ، لكنه لم يستطع أن يخفي بقايا أنين صوته ، خرج القادمون من البوابة الكبرى ، حتى تلك اللحظة لم تظهر صورة أبي علاء ، قلب الزوجة يبدأ بالخفقان كما عجلات قطار ، دبيب أقدام يحطم حصون الأبواب ، بينما ضجيج القبلات يعلو على تراتيل الفجر الذي يلد لتوه ، قفز خالد من مقعده الخلفي ( إنه أبي ... إنه أبي ... ) سكون يخيم على الجمع ، أبو علاء يتوكأ على عكاز معوج الرأس ، الأطفال يلتفون حوله ، الأسئلة تنهمر كما مطر متعجرف ، بينما ملامح الأجوبة تعتنق مقلا حمراء ، كفكف دموعه المتساقطة من مزن سحيق ، ساق واحدة تكفي ... قالها ثم ناول العكاز إلى الصغير ، كررها خالد مرة أخرى ( نعم ساق واحدة تكفي يا أبتاه ... تكفي ... ) ...
----------------
وليد.ع.العايش
6/رمضان/2017م
هدير الطائرة يملأ المكان ، أثار ذعرا بين جوقة العصافير التي كانت تجهز نفسها لرحلة صباحية ، مازال الليل يعاند آلام الرحيل ، بينما ملامح أخرى تستعد لولادة جديدة ، شهر ونيف مضى ، ترك خلاله أبو علاء بيته الريفي القابع خلف تلة صغيرة ماتزال لم تبلغ رشدها ، وخمسة من الصغار ينتظرون هداياه التي ستهبط من السماء مع ارتطام الطائرة بأرض المطار ، أما الزوجة فكانت
تتجهز لسهرة طال غيابها ، الضوضاء تتلاشى رويدا رويدا ، خيوط العنكبوت تبدأ بالظهور من بين براثن ليل كاد يختنق ، جمع أشياءه كلها ، حزم الحقيبة وقرر اعتزال الظلام ، خالد الصغير يرنو إلى شريان يمتد من عنق رحم الطائرة ، عيناه تقاومان بعض الدموع التي انسلت خلسة ، مسح أنفه بطرف كم قميصه الزهري ، لكنه لم يستطع أن يخفي بقايا أنين صوته ، خرج القادمون من البوابة الكبرى ، حتى تلك اللحظة لم تظهر صورة أبي علاء ، قلب الزوجة يبدأ بالخفقان كما عجلات قطار ، دبيب أقدام يحطم حصون الأبواب ، بينما ضجيج القبلات يعلو على تراتيل الفجر الذي يلد لتوه ، قفز خالد من مقعده الخلفي ( إنه أبي ... إنه أبي ... ) سكون يخيم على الجمع ، أبو علاء يتوكأ على عكاز معوج الرأس ، الأطفال يلتفون حوله ، الأسئلة تنهمر كما مطر متعجرف ، بينما ملامح الأجوبة تعتنق مقلا حمراء ، كفكف دموعه المتساقطة من مزن سحيق ، ساق واحدة تكفي ... قالها ثم ناول العكاز إلى الصغير ، كررها خالد مرة أخرى ( نعم ساق واحدة تكفي يا أبتاه ... تكفي ... ) ...
----------------
وليد.ع.العايش
6/رمضان/2017م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق