حدثني حجر الرصيف معزّياً قال :
حين يكون البكاء كالجبال يشق أعنان الكون , وتذهب قبيلة الضوء في رحلتها الأبدية ؛ ولم يتبقّى لنا إلا عتبات ملونة نصنعها بأيدينا ؛ تضحك أرواحنا فيها ,علينا ؛ و نحن منهمكين في زراعة الحياة .. !
وحدك من سيشعر بملوحة الدمع تكوي جراح صوتك ؛ حين يعانقه صداه خائبا , متهالكاً على عتبات غربته .
احمل روحَ جرحك معك, وتغطّى بدمك إن هاجمك البرد أو حاصرك الصراخ والرصاص.
تذّكر يا صاحبي بالحب , أنكَ ستعرفُ أنتَ حقيقةً ,من وقتٍ يسير بلا ضفاف ؛ حين ترسم في خيالك الدروب التي ستؤرّق هواء عمرك , و تتعبُ سلالم حياتك ؛ فالعابرون كما ورق الخريف ؛ ووحدك أنت مَن سيبقى حارسا على كهف الحياة ؛ إذ تزدحم الطرقات بالأوقات المتأخرة التي ترتديها الخديعة أعذارا للغياب .. !
ستظل أنت وحدك ؛ فدعهم مع ذلك ال " ساهر " ؛ على الفراغ يمتطون خوفا من قلق , حين يبدأ انهيار المثال ؛ ليسبحَ على الحياة عهرٌ من مُزيّفِ الإيمان .
الدمع سيصير الهوية ؛ وصورة أرصفتك سترافقك بكل شوارعها , في كل تفاصيل موكب الرحيل ؛ والجثمان بعينين مغمضتين على ضحكة وقبلة وكثير من الآهات ؛ وأنت لا تملك إلا التنهّدات والشرود , والصمت الكثير .!
الوجعُ رمى بسهامه ؛ الحسرة غزتكَ وعشيرة التناهيد ؛ حين اخترتَ أن تمضي إلى العتمة والصقيع وحيدا غريبا ؛ وأنت تحمل كهف التاريخ على كتفيك وتمضي ؛ لتترك لها دفء الضوء ؛ وعاصفة مفرحة من طفولة ضحكةٍ , بينما الأطفال الكبار من سنّك يمرحون ويلعبون على تفاصيل عمرك , وهم يقرأون في أناشيد مدرستهم؛ أنك الآن الشهيد ؛ ونظراتهم تسافر بينهم خجلى ؛ وهم يرسمون و يترقّبون عاصفة من الشغف قد تأتي ؛ أو لا تأتي .!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق