عدوى القبيلة
– شيخُ القبيلةِ شاعرٌقلنا لهم :
إحدى صفاتُ الشَّيخِ إلقاءُ القصائدِ للقبيلةِ
والتَّفنُّنُ بالكتابةِ والخطابةِ والنصائحِ والذبائحِ
لا غرابةَ أن يباهي ربعهُ
بالسيِّدِ المفتولِ بالكلمات كي يتفاخروا
ويردِّدوا أشعارهُ زمناً طويلاً
– والفارسُ المغوارُ أيضاً شاعرٌ
قلنا :
فكيفَ يعودُ بعد الغزوِ ما لمْ يلهبِ القومَ المبارِكَ سبيَهُ
بقصيدةٍ تصفُ البطولاتِ التي قد خاضها
( والطرشَ ) والنوقَ التي قد ساقها
وأظنُّها مسروقةً مثلَ القصيدةِ ذاتها تلكَ التي قد قالها
– راعي القطيعِ وخلفهُ أغنامهُ . . هو شاعرٌ
قلنا :
يسلِّي نفسهُ في وحشةِ البيداءِ
والنَّايُ صوتٌ للحياةْ
فإذا يقولُ قصيدةً من نفسهِ ولنفسهِ
ولطالما تتقبَّلُ الأغنامُ أشعارَ الرُّعاةْ
فإذا انتهى وصلَ الثُّغاءُ إلى السَّماءْ
وترى الحليبَ بلا انتهاءٍ في المساءْ
– الضَّيفُ يأتي شاعراً
قلنا لهم :
لولا شعورهُ بالسليقةِ ما أتى . .
حقُّ الضيافةِ أن يقولَ ثلاثةً أو ما يزيدْ
من بعدها وجبَ السُّؤالُ فما يريدْ
من عاشرَ الرَبعَ المثقَّفَ أربعينَ فأنَّهُ قد صارَ منهم شاعراً
والشَّيخُ ذو الرَّأيِّ السَّديدْ
– نوفٌ وحمدةَ شاعراتٌ
ربَّما عدوى أصابتهنَّ . . داءُ الشِّعرِ منتشرٌ بأصقاعِ البلادِ
وربَّما قد غرنَ من محظيَّةِ الشَّيخِ المليحةِ . . . ربَّما
كانت هي الأخرى تقولُ قصيدةً
فيمسِّدُ الشَّيخُ الموقَّرُ لحيةً
ويتابعُ الكلماتِ حسْبَ تصوُّرِ الأهواءِ
أو حسْبَ اقتضاءِ ضرورةٍ جسديَّةٍ
ومردِّداً في كلِّ حينْ
( زينْ . . زينْ )
ويهيأُ الأيدي لتصفيقٍ يليقُ بحضرةٍ من ركبتينْ
وهنا يهبُّ القهوجيُّ مباغتاً للحاضرينْ
ويقولُ مرتجلاً بدون ربابةٍ لقصيدةٍ
يصفُ التغنُّجَ والتبرُّجَ والدلالْ
في قهوةٍ سمراءَ قد مزجت بهالْ
جحظتْ عيونُ الشَّيخِ غيرَ مصدِّقٍ
ولكي يبرِّرَ موقفاً لذهولهِ في الحالِ قالْ :
فلتذبحوا الكبشَ السَّمينَ الآنَ تكريماً لهُ
فلتكرموا ولتكرموا ولتكرموا
إن شئتمُ
فلتذبحوا كلَّ الحلالْ
من حينها والصَّمتُ أشبهُ بالمحالْ
صمتاً فإنَّ الصَّمتَ أغنيةٌ إذا
صارت أغانينا صراخَ الأبكمِ
صمتاً فإنَّ الأذنَ أزهارٌ بها
لا تجعلوها مرتعاً للعلقمِ
والأذنُ كالعينِ التي جُبلت على
حبِّ الجنانِ إذا انقضى لم تنعمِ
صمتاً لكلِّ المارقينَ على دمي
صمتاً لكلِّ الناظمينَ بلا فمِ
صمتاً لكلِّ المدعينَ حداثةً
وحديثهم كالطِّفلِ ما لم يفطمِ
( دالي ) يعشِّشُ في فراغِ عقولهم
من ساحرٌ ليفكَّ رمزَ الطلسمِ
ويقولُ تلكَ حداثةٌ غربيَّةٌ
وغداً سينطقُ في لسانٍ أعجمي
مالي ومالُ الغربِ يغزو فكرهُ
هلَّا تتلمذَ عندَ راعٍ عيسميْ
ليصوغَ من سحرِ البيانِ قصيدةً
فيها الحداثةُ للأصالةِ تنتمي
أينَ المعرَّي كي يشيرَ صراحةً
أوَ لمْ يصفهم بالَّذي لمْ يَلزمِ
والنقدُ سيفٌ لا مردَّ لنصلهِ
إنْ كانَ تصحيحاً لنا لم يَهدمِ
أمَّا وإنْ كانَ المصفِّقُ ناقداً
صمتاً إذاً رضوانُ يا ابنَ القاسمِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق