باشتهاء يتناول الرصيف الذي كان يوماً مترعاً بالخجل وجبته الصباحية من جسد طفل غض ، ربما لم يكن قد عانق ربيعه التاسع بعد ، دثار رث يقبع فوق الجثة الخامدة إلا من تنفس لحن حياة متعبة ، الصقيع يدون ملحمته الأزلية ، يتقوقع الجسد ملتفاً حول نفسه ، وربما كان يلف العالم في تلكَ اللحظات ، باتت القدمان تجاوران الرأس الصغير الأشعث .
- متى كنا جيران أيتها القدمين ، يتساءل الرأس . يدان تندسان بين ساقين بعشق لا يشبه إلا عشقهما ، كانا يشبهان ساقي أنثى ترتدي فستانها القصير ، أشعة الشمس بدأت تزاول مهنتها في
ذاك الصباح ، الصراع كان شديد اللهجة بينها وبين صقيع الرصيف ، تتسلل إلى قلبها المشتعل حفنة من الحنان ، العابرون يرمون ببعض قطع معدنية تصلح لشراء قطعة بسكويت صغيرة ، بعضهم يثقل كاهله فيرمي بقطعة ورقية عتيقة ممزقة على طرف الدثار الرث ، الفتى مازال يغط في سباته ، ربما بدأ يستمتع بنومه منذ لحظات فقط ، حيث تسللت أشعة الشمس لتبدأ رحلة طرد الصقيع من مواقعه ، صراخ وعبث الأطفال المغادرين لمدارسهم لم يترك أثراً على ذلك الجسد ، حتى أصوات مزامير السيارات وضجيجها العابق برائحة نتنة ، رجل كهل تجاوز عقود ثمانية يتوقف على طرف الرصيف ، رنا بعينيه المثقلتين بنظارة سميكة إلى الجسد المسجى ، الحزن يأكل كثيراً من قلبه المنهك ، رمى كل مافي جيبه من نقود قبل أن يقرر المغادرة ، سبقته الدموع قبل أن يشيح بوجهه المتجعد .
- يالقهر الدهر، ياللظلم ، قالَها بصوت مسموع . الوجع يملأ صدره الأجش من تعب سنين طويلة ، ضجيج الدفء كان يتعالى ، الصقيع الغاضب إلى انحسار لانهائي ، الساعةُ تلج إلى مؤشرها العاشر ، يوم دافئ تنذر به سماء رؤوم ، صبية جميلة تركت شعرها الأسود يداعب أسفل ظهرها وربما فعل أكثر ، تمسك بيد صديقتها ، تلك الصديقة المطرزة بألوان مختلفة ، تضحكان من منظر كوميدي تمدد على رصيفِ الرعب والألم .
- انظري كم لديه من النقود ؛ ليتهم لي لذهبنا إلى المقهى لاحتساء الأركيلة ؛ أو لكنت ملأت شريحتي الفارغة بوحدات كثيرة ، تعالي نفعل مثله ...
قالت الصبية ذات الشعر الأسود لصاحبتها ، مالبثتا أن أطلقتا قهقهات مثيرة ، كانت مثيرة للإشمئزاز الإنساني فقط ، يفتح الصغير عينيه بتثاقل ، نظر إلى طرف دثاره ، أصابه شيء من الفرح ، لكنه مازال متقوقعاً على ذاته ، شاب عابر ربط خصلة من شعره بحبل ، يثيره مشهد الطفل ! توقف لحظات ، بما تفكر أيها الشاب المؤنث .
- هل تعطيني هذي النقود المعدنية وأعطيك بدلاً عنها ورقة واحدة ؟
سأله الشاب ، أومأ الصغير بالموافقة ، ثم لبثا يعدان النقود ، دسها الشاب في جيبه ، أخرج محفظته الفارغة لإخراج قطعة النقود الورقية الموعودة ، لكنه سرعان ماأطلق ساقيه مع رياح شرقية ،الصغير يستجدي السماء ، قبل أن يذرف دموعاً باردة جداً ...
________
وليد.ع.العايش
- متى كنا جيران أيتها القدمين ، يتساءل الرأس . يدان تندسان بين ساقين بعشق لا يشبه إلا عشقهما ، كانا يشبهان ساقي أنثى ترتدي فستانها القصير ، أشعة الشمس بدأت تزاول مهنتها في
ذاك الصباح ، الصراع كان شديد اللهجة بينها وبين صقيع الرصيف ، تتسلل إلى قلبها المشتعل حفنة من الحنان ، العابرون يرمون ببعض قطع معدنية تصلح لشراء قطعة بسكويت صغيرة ، بعضهم يثقل كاهله فيرمي بقطعة ورقية عتيقة ممزقة على طرف الدثار الرث ، الفتى مازال يغط في سباته ، ربما بدأ يستمتع بنومه منذ لحظات فقط ، حيث تسللت أشعة الشمس لتبدأ رحلة طرد الصقيع من مواقعه ، صراخ وعبث الأطفال المغادرين لمدارسهم لم يترك أثراً على ذلك الجسد ، حتى أصوات مزامير السيارات وضجيجها العابق برائحة نتنة ، رجل كهل تجاوز عقود ثمانية يتوقف على طرف الرصيف ، رنا بعينيه المثقلتين بنظارة سميكة إلى الجسد المسجى ، الحزن يأكل كثيراً من قلبه المنهك ، رمى كل مافي جيبه من نقود قبل أن يقرر المغادرة ، سبقته الدموع قبل أن يشيح بوجهه المتجعد .
- يالقهر الدهر، ياللظلم ، قالَها بصوت مسموع . الوجع يملأ صدره الأجش من تعب سنين طويلة ، ضجيج الدفء كان يتعالى ، الصقيع الغاضب إلى انحسار لانهائي ، الساعةُ تلج إلى مؤشرها العاشر ، يوم دافئ تنذر به سماء رؤوم ، صبية جميلة تركت شعرها الأسود يداعب أسفل ظهرها وربما فعل أكثر ، تمسك بيد صديقتها ، تلك الصديقة المطرزة بألوان مختلفة ، تضحكان من منظر كوميدي تمدد على رصيفِ الرعب والألم .
- انظري كم لديه من النقود ؛ ليتهم لي لذهبنا إلى المقهى لاحتساء الأركيلة ؛ أو لكنت ملأت شريحتي الفارغة بوحدات كثيرة ، تعالي نفعل مثله ...
قالت الصبية ذات الشعر الأسود لصاحبتها ، مالبثتا أن أطلقتا قهقهات مثيرة ، كانت مثيرة للإشمئزاز الإنساني فقط ، يفتح الصغير عينيه بتثاقل ، نظر إلى طرف دثاره ، أصابه شيء من الفرح ، لكنه مازال متقوقعاً على ذاته ، شاب عابر ربط خصلة من شعره بحبل ، يثيره مشهد الطفل ! توقف لحظات ، بما تفكر أيها الشاب المؤنث .
- هل تعطيني هذي النقود المعدنية وأعطيك بدلاً عنها ورقة واحدة ؟
سأله الشاب ، أومأ الصغير بالموافقة ، ثم لبثا يعدان النقود ، دسها الشاب في جيبه ، أخرج محفظته الفارغة لإخراج قطعة النقود الورقية الموعودة ، لكنه سرعان ماأطلق ساقيه مع رياح شرقية ،الصغير يستجدي السماء ، قبل أن يذرف دموعاً باردة جداً ...
________
وليد.ع.العايش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق