اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

حيفا اغتالت جديلتي || قصة قصيرة || شيخة حسين حليوى

سرنا أنا وأمي نقطعُ الطريق من محطّة الباص إلى صالون الحلاقة الوحيد في المنطقة. لاذت كلّ منّا بصمتٍ يكفيها شرّ مناقشة الأمر مرّة أخرى، فمنذ انتقلتُ إلى مدرسة راهبات الناصرة في حيفا وأنا ألحُّ عليها، كنت أطلبُ وهي ترفض، أتوسّل فتسبُّني، أبكي فتصمت...
كانتْ وهي المُطلّقة حديثًا قد أتَتْ على نصيبها من الخطايا، فأيُّ مكان بعدُ لمواجهة أخرى معَ الحمولة ؟ أيُّ عذرٍ ستلتمسه لبنتٍ أغوتها حيفا؟ لم تقتنع، ولكنّها وافقت، كانت قد استعذبت طعم التمرّد أو كرهت طعم الخنوع...
الطريق إلى الحلاّق كانت مألوفة، ولكنّها ذاك الصباح بدت مختلفة.

استدرتُ مع الكرسي الملتفّ حول نفسه لأرى جديلتي تتمدّدُ على الأرض كأفعى الجنّة تُغري بلمسها أو سحقها. ذهبت يدي تتحسّسُ مكان البتر، فارتدّت كالملسوعة. اجتاحني رعبٌ كاد يسقطني عن الكرسيّ. لمحتُ انعكاس وجه أمّي في المرآة العملاقة وهي تكبح بكفها شهقة مكبوتة.
" هيّاتها جدولتك.." قالها الحلاّق بشيء من الإعجاب واللهفة. تهاوت على الأرض، ومقصّه يفاخر في يده بنصر ذكوريّ آخر... كان وهو المعتاد على تلك العقلية البدوية التي تتساوى فيها الجديلة والبكارة مدركا هول المصاب، ولكنّه أوتي فضلا قلّما يناله غيره من الحلاّقين في المنطقة... الجديلة التي سباها ستزيّن لسنوات طويلة إطار صورة لجميلة بشعر قصير ثبّتها فوق المرآة الكبيرة.
 كنت أتفادى المرور بجانب صالونه رحمةً بروحي...
 أجهشتُ في بكاء صامت. وأمي من ورائي تتوعّدني بنظراتها " طيّب...طيّب بس نروّح !". لم أخش وعيد أمي هذه المرّة، فهي شريكتي في الجُرم. هي التي اختارت الحلاّق واليوم والساعة، موافقتها كانت مغتَصَبة ولكنّها موافَقَة تدرأ عنّي عقابا مؤكّدا... كانت جديلتي المبتورة قد انتزعت معها قطعة من روحي، تألمتُ بصمتٍ، لم أجرؤ على النظر في المرآة المُقابلة، غضب أمي المحزون يتربّصُني من الخلف، ورأسي الأثكلُ يتربّصُ نزقي الصبيانيّ من الأمام.
وحيفا... صديقة خائنة، تفتنني ثمَّ تعلنُ التوبة.
بحثت عن غيرتي أعزّي بها فقداني، استنجدتُ جموحي أواسي به ثكلي... حتّى صور جميلات بقصّات شعر قصيرة طالما فتنتي عن بداوتي كلّما مررتُ أمام الحلاّق، لم تبرّر خطيئتي...
وحيفا...أه حيفا، كيفَ تخليتِ عنّي الآن؟
أيُّ عزاء لي في جديلة مذبوحة!؟
"الله يكصف عمرتش يا البعيدة " في كلّ يوم تقصفُه ألف مرّة.. واللهُ لا يستجيبُ وهي لا تملُّ!
والحلاّق ما ينفكُّ يثرثرُ " يعني صبية مثلك شو بدها بهيك جدّولة ؟"
في كلّ صباحٍ أنزل "العتبة" التي تفصل بين غرفة النوم / الجلوس وبين المطبخ/ الحمّام، بينما تقفُ أمي على "العتبة" حيث يضمن لها هذا الارتفاع مساحة للسيطرة التامة على شعري الواصل في حالته الجعدة حتّى أسفل ظهري. بالكاد ينحصر في قبضة يدها. تلمُّ خصلة فتنفلتُ أخرى، تجمعه في قبضتها ويرحل مشطها فيه، ومع كلّ رحلة للمشط أتمايل متألمة، ومع كلّ آه تفلت منّي تشتدُّ قبضتها ويقسو مشطها فأسكت، ولا تحرّرني إلا وقد "ضبّت شعري" في جديلة تليقُ بصبيّة مُهذّبة.
"شنو؟ بنتش وِدْها تسوّي مِثِل بنات المِدِن؟"
قالها أحدُ أخوالي وهو يحذّر أمّي من فتنة قادمة.
كان الطلاّب في مدرسة راهبات الناصرة في حيفا خليطا من أهل المدينة ومن الوافدين عليها كلّ صباح من القرى المجاورة. لكلّ حلمه ولكلّ سببه. كنت إذ أصل بوابة المدرسة تفتّح أبواب الجنّة والجحيم معًا. أمحو من ذاكرتي المؤقّتة كوخا يؤويني أنا وأخي وأمي. أتبرّأُ من بداوتي الأزليّة، يطاوعني لساني ويتبرّأ هو الآخر من اللهجة البدوية الفاضحة.
 وحدهما اسمي وجديلتي كانا يفضحان ما أخفي! لم أفلح في إقناعهم بأنني من سلالة ملوك الصحراء، وأنّني حظيت دون غيري بشرف حمل هذا الاسم. القهقهات المكبوتة كانت تجلدُ روحي "شيخة...هههههه؟ شو يعني ختيارة؟"
وجديلتي إرث بداوة يقصم ظهري. مَنْ لي بيدي تعبثُ بشعر قصير يُداعبُ عنقي؟ تغازلُ خصلاته المنفلتة قسمات وجهٍ غلبت القسوة على الصبا فيه؟
"تريّحتِ هسّا ؟"
" صرتِ مثل بنات حيفا؟ هاظ اللي ودّتش اياه؟ الله يكصف عُمرتش..!"
صرتُ مثل بنات حيفا أو كدتُ أصير.
 صدّقتُ ذلك أو كدتُ أصدّقه إلاّ يدي ما زالت تبحثُ عن جديلتي، فترتدُّ كالملسوعة.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...