اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

معاناة الكتّاب الفلسطينيين تحت الحصار

شروق دغمش خلال توقيع نسخ من روايتها الأولى، "قتلت في مثل هذا الوقت"
⏪⏬

استيقظت على أصوات القصف العنيف، وكان والدي ينادياني "أمل! أمل!" فنهضت وركضت نحوهما. حاولت أن أمسك بيد أمي لكنها أفلتت مني. [...] قالوا "ماتت أمل"، فصرخت بأعلى صوتي: لم أمت! أنا هنا! هززت جسديهما ولكن أحدا لم يلاحظني. رأيتهم ينظرون إلى سريري، فالتفت لأجد جثتي المحترقة.

اقتُطف هذا المقطع من كتاب الروايات القصيرة الأول للكاتبة الفلسطينية شروق دغمش، البالغة من العمر 21 سنة، الذي يسلّط الضوء على مثال واحد من الكتب الصادرة من قطاع غزة، التي تهيمن عليها مواضيع الموت والظلام.

أُخذ المقتطف أعلاه من رواية "وجدتُ جثتي"، حيث أطلقت دغمش عمدا اسم "أمل" على بطلة الرواية لما تعنيه الكلمة، لأنها ستُقتل في النهاية وستندثر جميع مظاهر التفاؤل. تضمّ مجموعة دغمش، بعنوان "قُتلت في مثل هذا الوقت"، العديد من القصص التي تنتهي بموت شخص ما. وأوضحت دغمش أن جريمة القتل هذه تعكس رؤيتها الخاصة للحياة في غزة، وهي تجربة مليئة بالألم والخسارة بالنسبة لها، إذ لا تزال في حداد على عمها الذي توفي في الحرب الإسرائيلية على غزة سنة 2014.

قد يكون من الصعب على هؤلاء الكتّاب الشباب الموهوبين، الذين نشؤوا في أرض تحت الحصار، فصل أنفسهم عن الحقائق القاسية التي تتسرب حتما إلى كتاباتهم. وفي هذا الصدد، أفادت دغمش قائلة: "الحياة تحت الحصار تدمر الروح. في بعض الأحيان، أرى هذا الكتاب على أنه وسيلة حداد على روحي التي دمرها الحصار وسرقها مني".

أدى الحصار الذي فرضته "إسرائيل" سنة 2007 إلى تقييد تنقّل الأشخاص والبضائع، مما أدى إلى حدوث نقص في العديد من المجالات بما في ذلك الكهرباء والطاقة وانعدام الأمن الاقتصادي وارتفاع مستويات البطالة. علاوة على ذلك، يزيد التهديد المستمر باندلاع الحرب، من حدّة الاضطرابات التي يعيشها قرابة مليوني شخص في قطاع غزّة. من جهتها، أشارت دغمش إلى أنه عندما ينشأ المرء على الشعور بالعجز سيخلّف ذلك فيه أثرا هائلا للغاية. وتابعت دغمش حديثها قائلة: "هل يمكنك أن تخبرني عن يوم واحد استيقظت فيه في غزة ولم تشعر بالعجز، أو أن كل ما من حولك قادر على تحطيمك؟".
هل يجب أن أكذب على قرائي؟

صرّحت دغمش لموقع ميدل إيست آي قائلة: "لا يوجد في غزة سوى الألم والمعاناة. نعم، قد نتظاهر في بعض الأحيان ونبتسم ونتصرف كما لو كنا بخير. في الواقع، تنبع المشاعر الحقيقية والعميقة التي نملكها من الظلام والخوف، فكيف أمنح الأمل للناس من خلال كتاباتي، بينما فقدته أنا؟ هل أكذب على القراء؟ إذا كنت لا أشعر بالسعادة، فلا يمكنني إبراز هذا الشعور في كتابتي".

يمكن أن تتجلى هذه الخسارة في أشكال عديدة. فعلى سبيل المثال، فازت المجموعة الأولى للشاعر أنيس غنيمة البالغ من العمر 28 سنة بعنوان "جنازة لاعب خفّة"، بجائزة الكاتب الشاب من مؤسسة القطان سنة 2017. ودعي غنيمة لحضور الحفل في معرض فلسطين للكتاب، لكنّه لم يتمكّن من الحضور، بعد عدة محاولات فاشلة للحصول على تصريح لمغادرة غزة. وفي هذا السياق، قال غنيمة إن "مدينة رام الله تقع في بلدي، لكنني لم أستطع الحصول على تصريح للاحتفال بهذا النجاح بسبب نقطة تفتيش "إسرائيل"ية تقع بين غزة ورام الله، حيث لا يهمهم سوى تحطيم عزيمة الفلسطينيين وتجريدهم من الأمل".

حتى عندما يكتب غنيمة عن الحب، تعود الكلمات تدريجيا لتعبّر عن الخوف والحرب، لدرجة أن حكّام المسابقة وصفوا كتابه بأنه "قوة شعرية في نص مشتق من الحزن والقسوة". وفي إحدى القصائد، كتب غنيمة هذه الكلمات: "أنا أنتمي لكل الجرحى الذين فقدوا أحبتهم في الحرب".

بالإضافة إلى ذلك، قال غنيمة :"لقد نشأنا في خضم الحرب. ومنذ ولادتنا إلى يومنا هذا، لطالما حارب الفلسطينيون الاحتلال، واليوم أصبحوا يحاربون الحصار. نحن لا نرتاح أبدا وهذه هي البيئة التي نشأنا فيها. سواء كنا كتّابا أم لا، نعيش جميعنا الظروف ذاتها، وبينما يقدر الكاتب على التعبير عن ذلك، يعاني الآخرون في صمت".

على الرغم من ذلك، هناك بعض التفاؤل في كتابات غنيمة، كما هو الحال في قصيدة "شرفة لا تطلّ على الحرب"، حيث عبّر عن أحلامه حول انتهاء الحرب:

غدا سأنعم بقسط من الراحة على شرفة
لا تطلّ على الحرب
سأدخن السيجارة التي لطالما حلمت بها
ومن راحة يدي
ستتدفق الموسيقى الحزينة إلى الأبد

على غرار الأمل، يتلاشى التفاؤل، حيث أورد غنيمة قائلا: "لا يستطيع أي إنسان عالق في الظلام أن يتحدث عن النور. ينبغي عليهم أولا أن يكتشفوا النور الذي يحجبه الحصار حتى يتمكنوا من الكتابة عنه".
أدب يحاكي الحياة

كتب وزير الثقافة الفلسطيني، عاطف أبو سيف، في مقدمته لمختارات الرواية القصيرة بعنوان "كتاب غزة"، عن النضال الفلسطيني الذي لطالما جُسّد على امتداد قرابة قرن من خلال الكتب الأدبيّة، مستخدما هذه الكلمات: "كان الأدب بمثابة الحبر الذي مكّنهم من الكتابة عن تاريخهم وأحداثهم ومآسيهم وعن تفاصيل نزوحهم ولجوئهم".

في هذا السياق، كتب أبو سيف: "بالإضافة إلى قصائد محمود درويش وسميح القاسم ومعين بسيسو وقصص غسان كنفاني وإميل حبيبي وسميرة عزام، قدّم الفلسطينيون كذلك مساهمات كبيرة في الأدب العربي على نطاق أوسع". ووضح أبو سيف أن الكتابات الفلسطينية تطورت في ظلّ الصراع. فعلى سبيل المثال، اكتسبت الرواية القصيرة شعبية في فترة الستينيات وما بعدها. وعلى الرغم من اتخاذ العديد من الكتّاب ملجأ لهم خارج القطاع، بعد احتلال "إسرائيل" لغزة سنة 1967.

أُجبر الكتّاب في غزة على إيجاد طرق "للتغلب على القيود التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الطباعة والنشر"، وكان "الإيجاز والرمزيّة" الذي تنطوي عليه الرواية القصيرة مفيدا في تحقيق ذلك. بالإضافة إلى ذلك، تطوّر محتوى الروايات القصيرة لكتّاب غزة ليتحوّل من قصة تركز على "القضايا والقيم الوطنية" و"تجسيدات الأفكار الكبرى" إلى قصص "تعبّر بعاطفة أكبر عن الإخفاقات البشرية" وعن آلام الكتّاب وأحلامهم. كنتيجة لذلك، أصبح الكتّاب الشباب "أكثر ارتباطا بعالمهم الداخلي كطريقة للتعبير عن العالم بأسره".

يمثل كريم أبو الروس البالغ من العمر 23 سنة أحد هؤلاء الكتاب. تسرد روايته الأولى التي نُشرت في سنة 2018 تحت عنوان "غريق لا يحاول النجاة" القصة المحبطة للحب الضائع لبطل الرواية. وعندما يلتقي جميل البالغ من العمر 22 سنة مع ليندا في معرض فني ذات يوم، يقعان في الحب ويحلمان بتكوين أسرة سويا. في المقابل، يعد الزوجان عاطلان عن العمل، مثل العديد من شباب غزة. كنتيجة لذلك، تتنامى التحديات التي تواجه المستقبل المثالي الذي تخيلوه شيئًا فشيئًا. في النهاية، تُقرر ليندا مغادرة غزة لإيجاد فرص أفضل في مكان آخر، تاركة وراءها جميل المحطم نفسيا.

مع وصول معدل البطالة في غزة إلى 46 بالمئة هذه السنة، وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ومع وجود حوالي 70 بالمئة من السكان دون سن الثلاثين، يشعر الشباب الفلسطيني على وجه الخصوص بوطأة الحصار. يبلغ متوسط ​​الدخل السنوي في غزة أقل من ألفي دولار، مما يشير إلى أن متوسط ​​الأجر بالكاد يكفي لتأسيس أسرة، ناهيك عن الاستمرار في مزاولة مهنة أدبية.

في هذا الإطار، قال عبد الله تايه من الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين: "الحصار التقييدي الذي لا يساعد الناس على العثور على وظائف كريمة يعني أن الفنانين والكتاب في غزة يفشلون في تأمين وظيفة أو مصدر رزق". يعد نشر المؤلفات بحد ذاته إنجازًا، نظرا إلى أنه "يتعين على الكتاب دفع تكاليف طباعة أعمالهم من مالهم الخاص". من خلال قصة جميل، يروي أبو الروس مشاعره الخاصة:

"نسيت كل شيء وتذكرت أنني ما زلت أسيرًا، سجينًا في سجن بلا سقف يجبرك على الشعور بالظلام، وفي نفس الوقت بأنك عاجز".

مع ذلك، تمثل الكتابة بالنسبة لأبو الروس ملاذا، حيث صرح قائلا: "نحن نحرر أنفسنا من الحصار بالكتابة عنه ونعبر عن ألمنا للعالم لوصف الكيفية التي نعيش بها في غزة".


وفقا لتايه، لا تمثل الكتابة حلاً، حيث أورد قائلا: "على الرغم من أن الوضع الحالي لا يساعد الفنانين والكتاب على إيجاد مساحة للتفاؤل، ينبغي على الكتاب ألا يجعلوا أعمالهم محبطة ومتشائمة. إذا طغى عليهم الاكتئاب والتشاؤم، فيُشبه ذلك الشخص الذي يقتل نفسه ويضع حدا لقضيته بيديه".
الشفاء عن طريق الأمل

لا تصور جميع الأعمال الصادرة عن كُتاب قطاع غزة نظرة مروعة للحياة. فعلى سبيل المثال، عادت الكاتبة نيروز قرموط التي وُلدت في مخيم اليرموك للاجئين في دمشق، إلى غزة، حيث ظلت تعيش هناك منذ ذلك الحين، حينا بلغ عمرها سن الحادية عشرة بعد اتفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني الذي أُبرم سنة 1994.

في حين أنه من الصحيح أن الفلسطينيين نشؤوا في ظروف موهنة بشكل فريد منذ نكبة سنة 1948، وضحت قرموط البالغة من العمر 36 سنة أنه من الممكن التعبير عن القسوة والحزن دون الشعور بتلك المشاعر بنفسك. كما أضافت قرموط، الكاتبة والصحفية والناشطة في مجال حقوق المرأة قائلة: "أميل إلى الكتابة الأكثر توازنا، والقادرة على تصوير حالة الشخص عندما يكون حزينًا وعندما يكون سعيدًا. لا يمكن أن تخلو الحياة من الحزن، ويمكن أن ينعكس ذلك من خلال الفن. كما لا يمكن أن تخلو الحياة من السعادة... كيف يمكنك أن تعرف أنك حزين إذا لم تشعر بالسعادة أبدًا؟".

تستند القصص الإحدى عشرة في مجموعة قرموط الأولى، "عباءة البحر" إلى تجربة نشأتها في مخيم للاجئين، وتكشف هذه القصص عن النضالات اليومية للفلسطينيين في غزة. تكتب قرموط عن الشخصيات الصغار والكبار في السن، بالإضافة إلى النساء واللاجئين والأيتام المتأثرين بآثار القصف. في القصة الأولى من "عباءة البحر"، تدخل امرأة شابة في الماء مرتدية عباءتها السوداء الطويلة وحجابها، معبرة عن لهفتها لرؤية البحر والهروب من "ضوضاء الماضي"، حيث تروي قرموط في الرواية:

"غرست أصابع قدميها في الرمال الرطبة، وكانت آثار أقدامها خفيفة مثل آثار الفراشة لدرجة أنها اختفت على الفور. تقدمت إلى الأمام، خائفة مما سيحصل. كانت قدمها قد غرقت في هاوية عميقة للغاية بحيث لا يمكن الهروب منها. لكنها واصلت التقدم، سعيدة بسقوطها".

في سنة 2018، وقع ترشيح الكتاب، الذي ترجمه ريتشاردز بيروين إلى الإنجليزية، لجائزة الكتاب الأول في مهرجان إدنبرة الدولي للكتاب. في المقابل، واجهت قرموط عقبات عند السفر. ففي البداية، وقع تعطيل طلباتها للحصول على تصريح عند معبر بيت حانون، ثم رفضت وزارة الداخلية البريطانية تأشيرتها مرارًا وتكرارًا، مما دفع بمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى إطلاق هاشتاغ "سوري نيروز" لتسليط الضوء على مشاكلها.

على عكس غنيمة، تمكنت قرموط في النهاية من الوصول إلى اسكتلندا للاحتفال بترشيح كتابها، حيث خطط منظمو المهرجان لاستضافتها في حدث خاص نظرا لأنها فوتت الحدث الذي كان من المقرر أن تحضره. في هذا الإطار، أفادت قرموط قائلة: "عندما ذهبت إلى المملكة المتحدة، رأيت مدى تطورها وكيف أصبحنا منعزلين للغاية في غزة عن بقية العالم، دون أية قدرة على التنمية. تخيل أنه في سنة 2020، لم ير الفلسطينيون في غزة قط أنواع القطارات التي رأيتها هناك".

توضح قرموط إن الفلسطينيين يعيشون حصارًا أقدم بكثير من الحصار الذي فرضته "إسرائيل" في سنة 2007، حيث أفادت قائلة: "منذ النكبة، هل عشنا حياة طبيعية؟ لا. كنا نعيش في ظل حظر تجول عسكري في انتفاضة سنة 2000 ولم نكن قادرين على التحرك. كان ذلك وحشيًا مثل الحصار الحالي".

في قصتها "عباءة البحر"، تُسحب الشخصية الرئيسية في مرحلة ما للأسفل بسبب الماء وعباءتها الثقيلة، وتوشك على الغرق قبل أن ينقذها شاب أخيرًا ويسحبها إلى الشاطئ. ولكن لبرهة من الزمن، حتى عندما أصبح البحر يشكل تهديدًا بالنسبة لها، تهمس الشابة لنفسها قائلة: "أريد أن أستمر في السباحة"، معبرة عن شعورها "بفرح لا حدود له". وتروي الكاتبة في الرواية:

"داعبت سمفونية البحر، المألوفة والمقدسة، أذنيها. تباطأت دقات قلبها ووصل صداها إلى مساحة المياه الشاسعة. فتحت عينيها وأذهلت بالتموجات الذهبية الممتدة بقدر ما تستطيع أن تراه. لقد غرق جسدها في أحضان هذه التموجات الدافئة".

في سياق متصل، تُبين قرموط: "لا أسمح للحصار أن يدخل مخيلتي. وهذا هو التحدي الصعب الذي يواجهه الكاتب في ظل هذه الحياة الخاضعة للحصار، والتي تؤثر على الجميع. وتابعت قرموط حديثها قائلة: "يُدرك الفنان أنه مهما كان الطريق مظلما، هناك بصيص من الأمل في النهاية، مهما كانت الظروف في الوقت الراهن محبطة".


*طارق حجاج

مؤلف وعضو في اتحاد الكتاب الفلسطينيين

المصدر: ميدل إيست آي

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...