⏫⏬
هو كالكثير من المغاربة يسكن بيتا قصديريا، استأجره بثمن بخس يعيش فيه هو وسبعة أبناءه وزوجته ، هو لا يمتلك غير عربته التي يبيع فيها بعض الحلويات الرخيصة في ناصية الشارع تدر عليه بدخل لا يكفي لحاجيات أسرته ، لكن رغم ذلك يعتبرها كمنقذ له ولأسرته من التشرد والتسول ، هو رجل لا يعرف شيئا في حياته سوى الجوع.....البرد....والخوف ، هو دائم الشرود يفكر في من سيعيل أسرته بعد مماته ، أمنيته الوحيدة كانت امتلاك بيت إسمنتي يضمن له الدفء بعيدا عن العراء والبرد القارس طيلة الشتاء الطويل والفيضانات المحتملة التي تكون البيوت القصديرية ضحية لها..... إلا أن حلمه بامتلاك هذا البيت لم يتحقق لا لكونه مستحيلا فحسب ، بل لكون الظروف العصيبة التي ألمت به لم تكن في حسبانه ، بل حولت حياته إلى جحيم ، فتغيرت حياته من سيء إلى أسوء ، مذ وقع ما وقع في ذلك اليوم الأسود ، اليوم الذي قامت فيه الحملات الأمنية التي ينظمها رجال الشرطة بتعاون مع المقدمين لإجلاء كل الباعة المتجولين أو العشوائيين ، ولم تسلم عربته من هذا الإجلاء ، ولم يسلم كذلك من الممارسة السلبية من عنف مفرط في المعاملة دون النظر إلى سنه المتقدم ، بالإضافة إلى الاستيلاء على بضاعته بل لم يكتفوا بذلك بل أخذ أحد رجال الشرطة بشتمه أمام الجميع في الشارع وهو ما أدى إلى إصابته بحالة من الغضب ، فكانت شتائم الشرطي أكثر وقعا استفزته وأيقظت فيه الحواس الخمسة التي ماتت منذ سنين ، فرد على الشرطي بنفس الشتائم فتعالت الأصوات وتعاظم شعور الكل بالخوف على صاحب العربة الذي ازداد قوة فعمت الفوضى ، فتم القبض عليه بتهمة شتيمة رجل سلطة وهو يمارس مهامه، فكانت نهاية الرجل داخل أسوار السجن ، فأغلقت عليه الأبواب وعم السكون المخيف حياته ، فأصبحت أحلامه سرابا ، فحصل ماكان يجعله شريد الذهن حيث لا معيل لأسرته ولا حتى بيت إسمنتي يأويهم أمام تغيرات الفصول ، فأخذ يندب حضه ويتحسر على حلمه الجميل الذي أصبح مستحيلا.-
*صباح لحسيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق