يا أختَ هارون ، يا سيِّدةَ نساءِ العالَمين ، هلْ لي أنْ أُحادِثُكِ ؟ لَو كان بمقدوري لمحوتُ الكثيرَ مِنَ الفواصلِ وَجِئْتُكِ . لأخبِرَك أنك مَهما تداولَتِ الفصولُ وخانَ الأبناءُ ، باقيةٌ سيدةَ النساء ، المُصطفاة الإستثنائية ، التي لم يُشبِهَها أحدٌ مِنَ النساء وَلنْ ، مهما أفرطوا في جنونِ التَّشبيه والمقارنة .
أنتِ وحدَكِ مَنْ قالَ عنها ربُّ العزَّةِ : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ). فلا يكتملُ إيمان مُسلمٍ ، إلا بالإيمان بكِ سيدةً لِنساء العالَمين ، تماما كالإيمان بكل رسل الله وكُتُبِه .....
لا أحتاج أن أشرح لك كثيرا . يكفيني أن أناديك أو أناجيك ، ليطمأن قلبي . أعيشُ مع قلبٍ مؤمنٍ يُتقِنُ الحديثَ عنكِ ومَعكِ . سأخلع حُزْني وأدخل مِنْ أيِّ ضوءٍ في حضرتك . بحثاً عنِ الرِّضا والطُّمأنينه ، مُرتِّلاً إسلامَ الله سبحانه ، أبسطُ دِياناته . لا وسطاء فيه ، بين الناس وربُّ كلِّ الناس . لا رجالَ دينٍ ولا كهنوتٍ ، مُعمَّمينَ أو مُجَلْبَبين ، بِلحىً أو بدون . فقد أكرم الله عبادَه بالعقلِ وأعطاهم حقَّ الإجتهاد القويِّ الأمين .
غياب الإيمان يملأ المكان . هجر الإيمان الحق قلوب البعض ، وأسكنوا فيها أصناما يقدسونها ، فباتت آبارا جفَّ فيها الماء . وباتت الشواغر في أنفسهم كثيرة . سجودهم وركوعهم ، مُشبعٌ بالرياء أو الجهل أو الانتقاء أو الاختزال ، فلم يعد يسد جوع أرواحهم إلا التمادي في المُروق . كمْ مِنْ غائبٍ يا أماه ، عن تبعات الإيمان . أقسم جُلُّهم على إقتنا ص ما يُناسبُهم ، ويُخرسون ألسنتهم عمّا يُغتَصبُ مِنْ حدود الله .
يبدو أنَّ في الناس قدْرٌ كبيرٌ ، منَ العصيان الأناني ، يسير مع الدم . لا يرتاحون إلا إذا قتلوا الأرواح ، وقطَّعوا بضراوةٍ الأجساد . يُواصلون البحث عن أقبح ما في الشر . ويعلقونه أيقونات في عوالمهم .
أمِّنا البَتول ، يا أخت هارون ، متعبٌ أنا ، مُختنقٌ منْ حَزَنِ الخِذلان الذي لا يريد أن يتوقف . أثقُ أن الله الواحد الأحد ، سيمحو كلَّ ذنوبنا ، من دون أن نسأل ، إنْ بَقينا بجواره . رحمتُه لا تزول ، حتى لو قطَّعنا الكثيرَ منْ عهودِنا .
يا أخت هارون سلام الله عليك ، وعلى نبي الله عيسى واخوته كل أنبياء الله ورسله ، وخاتمهم الأمين محمد بن عبد الله . رضي الله عليك وعليهم أجمعين .
-
*الاردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق