اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

سأرحل اللحظة | قصة قصيرة ...* رشيد همو بوسلام

⏫⏬
أطرق أرضا و نظر جهة حذائه الرث البالي و قال :
- لم أعد اراك كما كنت أراك من قبل.

صمتت تنتظره أن يكمل لتفهم مراده، واصل كلامه :
- لم أعد أنا و لا أنت عدت أنت. لم أعد أستطيع المكوث. صرت مجبرا على رؤية ما لا يستطيع الناس تلمسه. فأنا كما كنت لم أعد موجودا. بل لم أكن. و حتى نقاشنا هذا صعب فكما لا يمكنك انت أن تفهمي ما تسمعين صعب علي قول ما لم يعد من الممكن قوله. التفكير البسيط صار شبه مستحيل.
أحست بألم كبير و دموع مستعصية. فعيناه لم تعد عينيه. تغير فيه كل شيء حتى صارت تهاب حضرته. لا فهو ليس نفس الانسان.
- لا افهمك يا رشيد لا أفهمك.
لم يجبها و لم ينظر ألى عينيها نظرته المعهودة. ظل مطرقا ناظرا أسفل المائدة الصغيرة التي تفصلهما و أتم كلامه :
- بعد ايام لن تستطيعي رؤيتي. ليس لأني سأرحل و لكن لأن عينيك ستصيران غير طيعتين و قلبك لا تريدين أن تفهميه و تطيعيه. إنك تغلقين كل نوافذ الحقيقة التي تفتح لك. لا تريدين. ترين و تنسين. بعد مدة ستتوقف العلامات و تصيرين وحيدة.
- و انت ؟
- لن اكون هنا كما تفهمين. و ما يفتح لك يفتح لك وحدك. الحقائق واحدة لكنها حين تترجم لنا تأخذ أشكالا مختلفة لا تتساوى. ما اراه حين ترينه لن تتلمسيه. انا سأرحل قريبا و انت لم يحن بعد موعدك. عليك ان تفتحي عيونك كلها لتري جليا. ارفعي يديك للسماء و اصرخي. اطمسي نقائصك. اصرخي. تخلصي من حجب نفسك و انسي ان الدنيا هي نفس الدنيا التي ظننت طوال حياتك انك تفهمينها كما يجب ان يفهمها كل من سواك. فليس هناك سواك و انت لست سوى لغيرك. انت سواك و سواك انا. و كل فقط هو لا يوجد سواه. انسي ما تيقنت انه مفهوم يوجد. فاليوجد وهم نفهمه بلا برهان عبر السنين. الوجود وجود حقيقي و متخيل. الحقيقي أحد لا وجود سواه و المتخيل تجريد لتقريب الحقيقي حتى يستمر الامتحان و الابتلاء.
غاب عن الوعي. تنظر الى وجهه المبتسم الساكن. لا تتحرك فيه اية عضلة. في البداية كانت تصرخ كلما رأته كذلك و تضع باكية رأسها على صدره لتحسس دقات قلبه. و مع مضي الأيام ألفت و صارت تصمت و تتأمله محاولة تخيل العالم الذي يعيش فيه اثناء غيبته.
طالت غيبته.
توسعت ابتسامته ثم قال و عيناه لا تزالان مغمضتين كأنه يحاول إطالة البقاء هناك :
- من مكان ليس به أمكنة كنت أوجد. منه كنت أرى كل شيء بعيدا كنقطة ضوء. ليس هناك شيء بعد ذلك المكان. و ما بعد هذا المكان لا ينتهي. قبل نقطة الضوء كان المكان. و قبل المكان كان المكان. فيه امكنة لا تنتهي. المكان مظلم كما يمكن أن يعي من لم ير. لكن فيه نور لا يراه الا من رأى. فيه نور صوت ليس كما نفهم الصوت. فيه نور كلمة واحدة نطقها لا ينتهي كما نظن بإنتهاء صدى الكلام. كلمة منها نبع كل الكلام. منها نور لا يراه إلا من رأى. نور نبع منه كل شيء... كل العلم الذي سنعلمه او لن نعلمه. منه نبعت نقطة الضوء التي أقترب منها الان... ظاهرها أشياء و كنهها صدى لجزء يكاد ينعدم من الصوت الأول. اقترب منها. ادخلها. أنوارها كثيرة متفرقة ليست كالنور خارجها. إنها انوار مختلفة متضادة متضاربة يكمل بعضها بعضا. حين تجتمع يأكل بعضها بعضا لتعود كما نظن ظلاما. لتعود لاشيء و ليبقى المكان بنوره. اني ارى بدايتها حين تفتقت أنوارها الخيالية من النور الحق و ارى نهايتها حين تأكل كل زائفة ضدها لتختفي و تعود الى صفتها الاولى. انها تعود جزءا من الصوت الأول الحقيقي. اني اقترب منا. ارى كل الناس باختلافهم تصعد من صدروهم خيوط مختلفة الالوان. اراني الآن و اراك. إني ارانا. خيطانا ملتويان على بعض. لوناهما مختلفان ينتج عن ذوبانهما لون لا اسم له. لا اعرف اسمه لكني اراه. ومضات تسري في الخيوط. بعد تمعن صرت لا أفرق بين خيطينا. لا افرق حتى بيني و بينك. بين جسدينا الوهميين و الحقيقيين.
- هل هذا يعني انك لن ترحل ؟
فتح عينيه و نظر إليها مليا. انهمرت الدموع على خديها. مسح دمعة كادت تسقط بطرف ابهامه. عاود النظر اليها في صمت و قال :
- لابد من الابتعاد. فلابد لك من وحدة طويلة و صوم عني. ستبحثين عني في كل مكان و لن تلتقيني مجددا الا لما تستطيعين أن تجديني داخل الكون بداخلك. الكون ليس الا نقطة ضوء وهمي يسعه جزء صغير من صدرك. لابد لك من البقاء وحيدة. وفقط حين تذوقين حلاوة الحقيقة سأظهر لك و ستعرفين انني لم اكن الا لجانبك اقرب مما يمكنك تصوره.
- وكيف اعمل ؟
- لا أدري. ما ادريه هو كيف عملت أنا. وما عملته أنا لا يخص إلا نفسي. فلا تغفلي العلامات.... في كل شيء هناك علامة. اقرئيها و عها. في كل شيء مازال يسري الصوت. اسمعيه.
- و متى سترحل ؟
- سأرحل اللحظة.

*رشيد همو بوسلام
الرباط. المغرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* قصة قصيرة صوفية. من المجموعة القصصية بعنوان "بركة دم" التي ستصدر قريبا.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...