اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

العجوزُ الذي نَسي ظِلّهُ ... *وليد.ع.العايش

ذات يوم كنت في حديقة صغيرة جميلة ، ملآى بالورود الملونة والشجيرات اليافعة الملتفة ك خصر أنثى مازالت لم تبلغ العشرين من عمرها .

كنت معتادا على ارتياد تلك الحديقة بشكل شبه يومي ، أقرأ أحيانا ، وأكتب أحيانا أخرى ، وفي بعض المرات أحتسي الشاي وأراقب الناس .
على المقعد المقابل كان يجلس رجل مسن ، ربما تجاوز العقد الثامن من العمر ، التجاعيد لم تترك فسحة لعينيه الغائرتين في حفرة عميقة ، شعره الأبيض كان منكوشا على الدوام ، ترك العنان للحيته فعاثت كما تريد في وجهه ، كان طويل القامة ، محني الظهر ، يداه ترتجفان وهو يحمل كأس الشاي ، أو حتى سيجارته ( العربية ) ، كان يراقبني من تحت لتحت ، لم أكترث في بداية الأمر ، لكن تواجده الدائم في ذات موعدي أثار لدي الكثير من الأسئلة وحتى الخوف ، معظم الأحيان كان يرافق قطته البيضاء ، يتركها تلهو بقربه ، وأحيانا كانت تقترب مني ، أما قبعته الرمادية فلم تفارقه أبدا ...
كنت منهمكا في كتابة شيء ما ، لم أبالي بما حولي كثيرا ، هزني صوت أجش : ( كيف أنت أيها الشاب ... أريد أن أطلب منك شيئا ما ) ... عندما رفعت رأسي كان الرجل العجوز يقف هناك ، أصابني الخجل والهلع معا ، ( ماذا تريد يا أبتاه ) ...
صمت للحظة ثم أردف ( أريد أن تكتب لي رسالة إلى ابني الوحيد ، قل له بأني اشتقت له جدا ، وأني أريد أن أراه قبل أن أرحل عن هذه الحياة ) ...
( وأين هو ابنك الآن ، ما هو عنوانه ) ... يبدو بأن سؤالي كان قاسيا جدا ك صخرة صماء ، ( ذهب منذ سنوات إلى الحرب ، لكنه لم يعد ، أخبروني بأنه غادر البلاد منذ ثلاث سنوات ) ...
( انتهت الحرب لكنه لم يعد حتى الآن ... ) ...
دارت الحديقة أمام عيناي ، ربما أردتُ أن أذرف بعض الدموع في تلك اللحظة ، لكنه سبقني إليها .
( حاضر ... حاضر يا أبتاه ... سأكتب له رسالة حارة ، عله يعود إليك ... ) ...
أخذت ورقة جديدة وشرعت أكتب الرسالة ، في ذاك الوقت أهداني سيجارة ( عربية ) وأشعل هو الآخر واحدة أخرى : ( في بلاد الشام ندخنُ التبغ العربي ، إنه لذيذ الطعم والنكهة ، غير مغشوش , عليك به ) ... سمعت ما قاله دون أن أردّ فقد كنتُ بصدد إنهاء الرسالة ، طويت الورقة وناولته إياها ، شكرني كثيرا ثم غادر مبتسماً , فابتسمتُ أنا أيضاً ...
شعرت بسعادة كبيرة تلف كياني ، سألت نفسي ( هل أكون سببا في إسعاد هذا العجوز ) ...
مرت أيام , وربما تجاوزت الشهر ، الحال لم يتغير كثيرا ، فأنا ما زلت مواظبا على زيارة الحديقة ، وهو أيضا كان هناك على ذات المقعد ذو اليد المكسورة ...
( اشتقت إليك يا ولدي ... كيف حالك ) ... يومها اقتربت الشمس من الأرض ، والسماء كادت تهاجر من مضاجعها ، لست أدري لماذا ، لكن كلمات العجوز أعادت إلي ذكرى والدي الذي رحل منذ زمن طويل ...
( هل ردَّ عليك ابنك يا أبتاه ) ... نظر إلى السماء ، أمسك غصناً صغيراً تدلى من شجيرة بالقرب منه : ( هههه لا لا لم يرد ... هل لي بطلب آخر , أعلم بأني أثقلتُ عليك ...) قالها خجلاً ...
( بكل تأكيد ... لك ما تريد ... ) ...
( أريد أن تكتب ردّاً جميلاً على رسالتك السابقة ) .... ، أدهشني كلام الرجل العجوز ، كيف لي أن أردَّ على رسالة أنا مَنْ كتبها ، لم تسعفني أفكاري لتخيّل ما كان يرمي إليه حينها ، ظننتُ بأنّهُ يمزح ( ولكن يجب أن يرد هو ... أليس كذلك ) ... ضحك العجوز خِلسةً , لم أدري سبب ذلك ...
ومع هذا فلم أشأ أن أكسِرَ بخاطره , فكتبت له رسالة جوابية رغم الابتسامة التي انطلقت إلى ثغري آنذاكْ ، حملها مرّة أخرى وذهب إلى حيث لا أدري ...
في إحدى الأمسيات شاهدته يجلس مع شاب وسيم يتبادلان الحديث ، قفز قلبي فجأة ، لمعت عيناي ، ( هل هو ولده الغائب !!! ) ... كم فرحتُ في تلك اللحظة ...
هممتُ بالذهاب إليه , لكني تراجعتُ في النهاية دون سببٍ مُقنعْ ، عُدّتُ إلى أوراقي ، كتبتُ شيئاً جميلاً في تلك الأمسية , ثُمَّ تركتُ المكان دون أن أُكْمِلَ احتساء كأس الشاي الذي مازال في منتصف الطريق ...
عدّة أيام تمرُّ على ذات الحال ، في إحدى الأمسيات لم يأتِ الرجل العجوز , ولا حتى الشاب الوسيم ، قلتُ لعلهما مشغولان هذا اليوم , تخيلتُ الفرح في بيتهم , رسمتُ لوحةً تُشبهُ ما كان يختلجني ، لكن الأمر تكرر لأيامٍ إضافية .
حتى القطة البيضاء غابت عن الحضور ، كم تمنيت لو تأتي ، فقد أصبحت جزءا من مساءي .
كان القمر شاباً ، اليوم أصبح في نهاية عمره ، بينما الشمس تُشرِق بخجلٍ ، الحديقةُ تبدو وكأنَّها مُصفرّة الوجه ...
عندما أطللتُ ذات موعدٍ , شاهدتُ من بعيد الشاب الوسيم يجلسُ هناك ، كان يقرأ الجريدة ، والقطة تلعب بجواره ، لم أُفكِّر كثيراً هذه المرة ، ذهبتُ نحوهُ مُسرعاً : ( أين أبيكَ أيُّها الشاب ) ... رمقني بنظرةٍ مختلفة ، لم يرقْ له سؤالي ، أو رُبما يكون قد أزعجه : ( أبي !!! أبي مات من سنوات , هل تعرفهُ ؟ ) ...
( لكنك كنت تجلس معه هنا على ذات المقعد منذ أيام ) ... ( آه ... ذاك الرجل العجوز ... أبو اسماعيل ... إنه جارنا في الحارة ... ) , الذهول يحضر للتو ، السؤال التالي كان جاهزاً : ( وأين هو أبو اسماعيل ؟ ) ... ( لقد رحل ... رحل إلى غير رجعة منذ أسبوع وأكثر ... ) , قلت للشاب الذي لا أعرفه : ( ألم يعد ابنه الغائب ... اسماعيل ... ) !!! ...
عاود الشاب الوسيم النظر إليَّ بشكلٍ مستقيم ، كانت نظراته حادة ك سكين ، لعلّه يسخرُ مني : ( أيُّ اسماعيل ... أبو اسماعيل عاش حياته دون أن يتزوج؛ ومات أعزبا ... فمن أين أتى اسماعيل ... هذا لقبٌ نناديهِ به في الحارة ... إنهُ رجل محبوب ... رحمه الله ... ) ... في اليوم التالي كتبتُ رسالةً ثالثة ...

*وليد.ع.العايش

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...