اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قراءة أولى في رواية " ظلال متحركة " للقاص والروائي نازك ضمرة

الروائي نازك ضمرة
*بقلم : إبراهيم الفقيه

المقدرة على البوح والتقمص في الســرد الأدبي
صدرت الرواية عن دار ابن رشد في القاهرة عام 2017م، وتقع في 248صفحة من الحجم المتوسط، ومنذ الصفحة الأولى يطالعنا المؤلف بلغة سردية متقنة، غير متعبة، مشبعة بالوصف العميق، على لسان السارد بضمير المتكلم، موقفاً إنسانياً بحالة انشطار
وتشظ، ومن خلال هذا الانشطار نتعرف على مواقف أخرى عارضة.. فقد استعانت الشخصية المحورية في عرضها على التذكر والاستحضار، والعرض، من حيث تمازج الأزمنة، والخلط بينها، عبر تقنية الاسترجاع أو الخطف خلفاً، لتتنقل بين الزمن الحاضر وبين الماضي..
ولضمير المتكلم قدرة مدهشة على إذابة الفروق الزمنية والسردية بين السارد والشخصية والزمن جميعاً، بحكم أن المؤلف يغيب في الشخصية التي تسرد عمله، وبذلك يستطيع هذا الضمير التوغل في أعماق النفس البشرية، فيعريها بصدق، ويكشف عن نواياها بحق، ويقدمها إلى القارئ كما هي، لا كما يجب أن تكون..
تقوم الرواية عند الكاتب على محور ذاتي موضوعي، وهذا المحور لا يخصّ فئة قليلة من الناس، وإنما هو محمّل بعبء شريحة اجتماعية واسعة، تعرف أن قدرها أن تعمل وتضحّي، ولا تطمح بأكثر ما يسدّ الرّمق لقاء حياة سوية، لا يذهب البطل فيها إلى أي انحراف، يخالف السنة الاجتماعية المرسومة، ولا العرف الأخلاقي المتعارف عليه وسط الجماعة، كذلك ليس له أن ينحدر، فيتخلّى عن شرط إنسانيته في الوجود والحياة.. فبطلة رواية ظلال متحركة "فهيمة" يأكلها الإعياء، لكنها لا تستسلم له، وينال منها التعب في سبيل بغيتها.. فهي ساردة بضمير المتكلم، وشاهد بقص الأحداث وكأنها تجري أمام أعيننا..
ولهذا الجنس من الكتابة مفهوماً له دلالاته في الواقع الشخصي والاجتماعي والسياسي لغاية التعرف إلى الإمكانيات التي تعزز موقع المرأة من قضايا الحرية والتحرر، بوجه عام، وعوامل التشتت والتمايز في الوضع الاجتماعي، فالانفعالات تمسك بلب الحدث وتحيط به وتجعله مقيداً بكثرة المتغيرات، فهي تؤكد على التغيرات التي تحدث عند الشخص من خلال حالته النفسية، وتحاول أن تركز على هذه الاعتبارات التي تقع في منطقة وسط بين عمليات النفس والجهد، وبين قوى العقل والفكر، وترى أن هذه المشاعر يمكن أن تعمل في خدمة العقل والفكر.. ومع هذا لم يكن المؤلف غافلاً عن العناصر المأساوية، فالقلق هو أهم السمات التي أكد عليها وعمل على فكرة أن القلق يصاحب ممارسة الحرية، وأنه بالنسبة لمصيره فإن لهذه الأفعال جوانبها السلبية والمأساوية..
في رواية نازك ضمرة "ظلال متحركة" التي تشكلت من ثقافة عالمه الواقعي الذي يعيشه برؤاه المتباينة، استطاع الكاتب أن يمزج بفن بارع، ينابيعه التراثية من قرآن كريم وسنة نبوية شريفة ومأثور ومثل وحكمة وموروث شعبي قديم ومعاصر، وقد نتج عن هذا البناء الفني ثراء زاوية الرؤية السردية، وثبوت اتساع حدقة الكاتب وقدرته على إيجاد النظرة الشمولية المتنوعة، كما ينقلنا بقدراته الفنية المتميزة، وطاقاته التعبيرية، وإيحاءاته الرمزية الموفقة إلى حد كبير من العوالم السردية الضيقة المغلقة حيث الخلوة، إلى العوالم الأخرى الرحبة المفتوحة.. مما يجعلنا نعانى معه معاناته في تطوافه بنا في دروب فكره ورؤاه، اللذان يقومان على المونولوج الداخلي..
وتتعدد صور الرغبة فى هذا المنقلب السردي الرائع في الانعتاق من أسر هذا الواقع العربي المعيش بكل آلامه ومتناقضاته، وتتحد هذه الصور الجزئية لتشكل الخطوط العريضة في لوحة الصراع الكبير الذى تعيشه الأمة، ويحياه الإنسان العربي الفرد، لا على الأرض العربية فحسب، بل في كل مكان على ظهر البسيطة أقوالا وأفعالا وإرادة.
ومع أن بطلة الرواية فهيمة، شاهدة الأحداث والمتحدثة بضمير المتكلم، إلا أن الرواية تتميز بعدد شخوصها الكبير، وحفلت بنماذج بشرية مختلفة، تمثل فئات اجتماعية متنوعة، نذكر منها على سبيل المثال لا العدد، زكي المحجوب، الذي يختلف شكله ولونه ومقاساته في نظر زوجته فهيمه، "لكنه يبقى صخراً لا يستجيب للبرودة بسرعة ولا لشدة الحرارة بسرعة"، ص 135.. يحب اللهو والتمتع بالحياة والعبث وفعل المستحيل، إنسان ريفي ابن فلاح بسيط، صاحب إرادة وشخصية قوية، عصامي مثقف واثق من نفسه، نحيف الجسم، فلسطيني وعربي وقومي، قلبه عامر بالإيمان والقوة والثقة بالنفس، لكنه مخذول من جيرانه العرب الذين أوهموا الفلسطينيين أنهم سيحاربون عنهم ويستعيدون لهم فلسطينهم، أما علاقته بالشعب الأردني فيقول "الأردنيون والفلسطينيون سواء، بلدهم واحد ومصيرهم واحد، وليس لأي طرف خيار في ذلك، ولن تستطيع أي قوة أن تفصل الشعبين اللذين أصبحا شعباً واحداً" ص 146، كما يؤرخ لأسماء حقيقية وهو يتحدث عن العلاقة بين الشعبين خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي..
أما فهيمة الساردة بضمير المتكلم والمنحدرة من أسرة عريقة، متحررة، أردنية الأصل والمنشأ والولادة، لا تأمن لشيء في الحياة وتخاف من كل شيء، حتى من الزمن، ومع ذلك هي ثابتة كالصخر الذي لا يلين، فبعد أن جاوزت السبعين عاماً ومضى على زواجها من زكي المحجوب واحد وأربعون عاماً وعاشت الغربة ولظى العيش معه، وأنجبت منه ثمانية أولاد، نراها تستقل طائرة عائدة من أمريكا إلى مسقط رأسها في عمان، وفي الطائرة تستعيد أحداث حياتها منذ طفولتها حتى تلك اللحظة.. فتتحدث باسترجاع عن لقائها بزكي المحجوب وزواجها منه ثم التحاقها بزوجها الذي كان يعمل في السعودية بعد أربعة أشهر من زواجها منه، ثم تنتقل بذاكرتها إلى عام 48 وهجرة الفلسطينيين عام النكبة إلى الأردن، وسكنها في حي المهاجرين قرب سقف السيل، وكيف كانت عمان في الخمسينيات، وعن علاقة الفلسطينيين بالأردنيين، وعن الوحدة والفراغ الذي تركها زكي بعد سفره للعمل، وحديثها عن إقامتها في بيت أخيها شريف الأعزب وعلاقته بالشراكسة، والأفكار التي كانت تراودها لو تركت زكي وقطعت حبل الزواج منه، وفي حديثها تعود بذاكرتها إلى عزيز الأحمر الذي عرفته قبل ظهور زكي في حياتها، وطوال السنين ظلت تتذكره، ومع أنها "تلمست علامات حبه في أكثر من موقف، إلا أنه كان ضعيف الإرادة، متردد أو بطيء التجاوب، فنغّص عليها حياتها" ص 102
ومع أن زوجها كان يحبها بشغف، "وكان لها أفضل طبيب نفساني، يشفيها من كل همومها وأمراضها وعقدها، وترى فيه الأب والشقيق والأم والسند والصديق والمنقذ". ص 97.. إلا أنها كانت تصر بين فترة وأخرى على السفر من أمريكا لزيارة أهلها في عمان، وتتمنى العودة والإقامة في حي المهاجرين، مما دفعه للزواج من أخرى بعد سفرها، فطلبت منه الطلاق أكثر من مرة، لكنه أصر على عدم طلاقها، الأمر الذي عمل شرخاً في علاقتهما الزوجية ودفعها للصبر والصمت "ولم يصدف أن قالت له أحبك أو أشعرته بما في صدرها من وله، كانت تستسلم لقبلاته ومداعباته بصمت واستسلام، راضية وسعيدة وعاشقة ومحبة له بصمت دون أن تبوح بما في قلبها، إنها لا تكرهه ولا تطيق رجلاً سواه، وفي قرارة نفسها تتمنى لو تحني قامتها له، لكنها الأنثى المكابرة في داخلها". ص 136
في ذاكرتها وهي تجلس في الطائرة بين خليط من المسافرين، تخلط الماضي بالحاضر وتتذكر كل صغيرة وكبيرة من حياتها مع زكي في غربته، ومع أنها تعيش على نبض الماضي، إلا أنها ما زالت تدرك أثر قوة الأنثى في أعماقها، وتستعيد الماضي كطفلة غرة، وفي أعماقها تقول "هناك الكثير من الخيبات ومشاعر الفشل في حياتي، إلا أنني لا أستسلم ولا أعترف، وأصر على عنادي الذي لا يفارقني ولن يفارقني ما دمت أتنفس" ص145
حيز الرواية: عمان بجبالها مع حي المهاجرين وسقف السيل، أمريكا ومدنها، أوروبا ورحلاتها مع زوجها إلى اليونان، الرياض والخرج في السعودية، فلسطين ورام الله..
ولرواية ظلال متحركة بداية ونهاية مفتوحة... تمتد عبر سيرورة زمنية محددة، وتنبني على زمنين: زمن التذكر في الطائرة العائدة إلى عمان من أمريكا، وزمن كتابة الرواية، وزمن التذكر أقصر بكثير من زمن كتابة الوقائع الذي يعتمد على مسافات زمنية متباعدة تستغرق 70 سنة.. وهذا الزمن يتوزع ما بين زمن يؤرخ لطفولة فهيمة، وصباها، ثم كهولتها، والتي هي الحاضر الراهن الذي يتم فيه الحكي.. أما الفضاء المكاني الموظف والذي جرت فيه الذكريات فهو داخل الطائرة.. ومن خلال عملية الانشطار والتشظي للحدث والمواقف نكتشف أماكن وفضاءات أخرى، منها الوحدة والفراغ وزوجة زكي الثانية والأحمر عزيز وأخيها شريف والغربة.. وعبر تقاطع هذين الفضاءين يتوزع الحكي، ويتوالى السرد، ويتخلله الاسترجاع، والعرض، والتعليق والانتقاد، فهي تنتقد الواقع الاجتماعي والتربوي وحياة الغربة والحياة الزوجية.. ومن ثم نجد هذا السارد يسقط قناعه من خلال الذاكرة، والتذكر، والاسترجاع، من خلال تصوره الخاص للواقعية والواقع.. فيحيل ما في ذاكرته إلى حياة من الواقعية الخاصة، وهي كتابة الاحتمالات في معاينة أو معاناة أو قراءة الواقع المعيش، وهذه العملية التي تخلق تعدد المستويات تسمح بالإمكانية الخلاقة للواقع الذي يتجدد باستمرار من منظور السارد الذي يعيش بهذه الفردية المتوحدة والعزلة التي تستوعب حلبة العالم في صمت اللغة الهادرة، والصورة الحبلى في ذهن المتخيل.. وهنا يقوم الكاتب بعملية التلخيص معتمداً على وظيفة الإسراع في وتيرة زمن السرد... فيخلط الماضي بالحاضر، ولا يستطيع المتابع فصل جزء عن آخر، فيلاحق الرواية حتى السطر الأخير دون أن يشعر بمرور الوقت.
وأخيراً فإن نازك ضمرة يقدم لنا رواية غنية بدلالتها التربوية والنفسية، والاجتماعية، والقيمية،
كما أن أسلوبه في الكتابة، ولغته الموفقة، تبين لنا أننا أمام قاص بارع في السرد الروائي والتخيل الفني، يمتلك أدواته السردية امتلاكاً، لا يخلو من فنية وجمالية، في اختيار الشكل والأسلوب واللغة، من حيث البساطة والدقة والدلالة.
نازك ضمرة قاص وروائي ومترجم، عضو رابطة الكتاب الأردنيين وعضو اتحاد الأدباء العرب، عمل مدرساً في مطلع شبابه ويحمل ماجستير إدارة أعمال من أمريكا، وله من الروايات: الجرّة، غيوم، ظلال باهتة، ظلال متحركة، ومن المجموعات القصصية: لوحة وجدار، شمس في المقهى، بعض الحب، زمارة في سفارة، محطات حب، كما له "حكايات عالمية للأطفال".


ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...