اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قراءة : الهوية Biocetrism في نص " الرجل الذي رحبل " لـ *حمد الحاجي.


*بقلم حنان بدران
ـ القراءة
أول من تحدث عن نظريّة مركزيّة الحياة Biocentrism هو العالم الامريكي : روبرت لانزا ... والذي تناول هذه النظريّة أي مركزيّة الحياة وهو ما ذكره في كتابه الذي حمل عنوان " بيوسنتريزم " حينما قال:
" الحياة و الوعي هُما مفاتيح لفهم حقيقة طبيعة الكون " ..


الكثير مِنّا يخشى الموت فنحن نعتقد بالموت لأنّه قِيل لنا أنّنا " سنفنى " فنلتصق بأجسادنا مع علمنا بأنّ أجسادَنا هي التي تموت ، لكنّ نظريّةً علميّةً جديدةً أشارت إلى أنّ الموت ليس المحطّة الأخيرة كما يمكن أن يظُنّ البعض ، و على الرغم أنّ قَدَرَ أجسادنا هو الفناء فإنّ الشعور بـ " الأنا " هو مُجَرّد فيض من الطاقة التي تعمل في الدماغ إلّا أنّ هذه الطاقة لا تتبدّد بعد الوفاة .

المعنى اللغوي .......
و تَتَركّب كلمة بيوسنتريزم Biocentrism مِن كلمتَين : الأولى بيو Bio و تعني الحياة ، و الثانية سنتر centre و تعني " المركزية " كما تُعرَف أيضاً بنظريّة الكون الحيويّ المركزيّ Biocentric Universe .

اصطلاحا

نظريّة مركزيّة الحياة ( بيوسنتريزم ) نظريّة مركزيّة الحياة Biocentrism بيوسنتريزم هي نظريّة اقترَحها العالِم الأمريكيّ ( روبرت لانزا ) في عام 2007 و في نظرِ ( لانزا : " تُجسِّد الحياة و عُلومها ( البيولوجيا ) مَركزاً للكائن و الحقيقة و الكون

في هذه اللوحة رسم لنا الكاتب العلاقة الإنسانية الجميلة المتكاملة..باللوحة التي طرحها لنا هنا ونظرا أن العلاقة قد تبدو مشوهه فليسمح لي الجميع لاستدرك مفهوم الرجل المتحول ....أو ما هو التحول الجنسي ...
(التحول الجنسي 🙂 transgender) كما قد يُعرف بأسماء التحول الجندري أو التصحيح الجنسي يعني أن معرفة الفرد لجنسه سواء كان ذكر أو أنثى ليست هي جنسه الحقيقي لجنسهم المولود فمنهم من يحس من ناحية نفسية أنهم ينتمون إلى الجنس الآخر انتماء كلي أو جزئي ولكن لا يريدون أن يغيروا جسدهم إلى الجنس الاخر، وهذه الفئة تسمى gender queer، ويوجد فئات أخرى يحسون باضطراب الهوية الجنسية: Gender identity disorder) وهم يرفضون رفضا تاما جسدهم الذي ولدوا به ويسعون إلى تغيير الجسد إلى الجنس الآخر, من رجل إلى إمرأة أو العكس وهذا النوع يسمى trans-sexual بمعنى العبور إلى الجنس الآخر .)
الفئات الجندرية تحتوي على المزيد من الأنواع عدا عن الاحساس بالانتماء إلى الجنس الآخر أو تغيير الجنس.
إذا نحن أمام تقريبا ما يسمى بالتشوه الخلقي عند المريض وما يحدد الجنس فيه هو ميوله الداخلية وشعوره بالأقرب بالهوية له .
فعادة هؤلاء يحملون الأعضاء للجنسين .
وميوله النفسية السيكولوجية الضاغطة هي من تحدد هويته ...
بالعموم باتت هذه القصة لهنا ليست جديدة نوعا ما
لكل منا قصة لا بد أن سمعها أو قرأ عنها عن هذه الحالات .
بالنهاية نحن هنا أمام لوحة تكاملية في علاقة قصة حب حقيقية بالحياة ...تواجه إشكالية الهوية الجنسية وتم تصحيحها ...ومع هذا كانت العلاقة الإنسانية بينهما جميلة جدا ..وهي من تستوقفني لأسأل كم رأيت العلاقة الرائعة المتفتحة للشخص المتحول جنسيا المكتمل رجوليا وأنا لشدة انبهاري باللوحة الأولى وعمقها سأغامر بالالتقاطة العميقة لهذه اللوحة وعمقها الإنساني ...ميلاد الحب بينهما هو فعل........ إيمان ........
قال الأب ساروجي في كتابه العلاقات الجنسية والدين ( أن علاقة الرجل بالمرأة المعطية للحياة هي إلى جانب الموت واحدة من خاصيتين متلازمتين لكل وجود انساني) ...
وهنا يثبت لنا الكاتب بالدليل القاطع أن الحب ليس نقيضا للجدية في مواجهة قضايا ومشاكل الحياة وارهصاتها....وليس نقيض بالحس بالمسؤولية .
والفت الإنتباه هنا ....
أنه لا بد أن كان هناك زواج لا بد من التقاء عاطفي فكري وجسدي بين إنسان وإنسان آخر...
والأهم بالمعايشة أن يرتقي ذلك الزواج ويتصاعد ذلك اللقاء الإنساني ويغتني على مر الأيام ويتجذر بالعمق ويزداد متانة ... أي طبيعة علاقة الحب الحقيقي كيف يختبر وهو على المحك ....
فكما ذكر لنا الكاتب أن الرجل هو إنسان يعاني من اضطراب هوية ولكنه بداخله رجل أي ميوله الضاغطة هنا تميل إلى الرجولة وليس إلى الأنوثة. وتحوله لم يعوقه أن يكون رجلا كاملا متكاملا في علاقته مع المرأة التي عشقها ...
ولم يزعجها أن يكون يتعاطى الأدوية أو أنه يأخذ أدوية لاكتمال تحوله .
ولكن ما قرأت هنا هو التتويج لعلاقة الحب المشوهة جسديا من الطرفين فالرجل (متحول جنسيا ) ولكن المراة المكتملة بالإحساس والروح من ناحيته إلا أنها ...نوعا ما كانت أنانية ....
وأي علاقة حب حقيقي مكتملة لا تكتمل إلا بممارسة الجنس وهذا ما خصص له فقرة كاملة ....
وبالزواج أنتهت مرحلة الحب النظري أو الشفهي الذي يكون مقبلات في بداية أي علاقة، ولكن اللقاء الجسدي هو المحك الرئيسي لمدى صدقهما معا، ومدى صدق حبهما ...والذي لم ينتبه إليه الكثير
هنا هو ما حاول أن يثبته لنا الكاتب بالدليل القاطع والبرهان أن الحب لا يمكن أن يكون (شهوة تملك جسدي لجسد شخص آخر).
حتى تفتر العلاقة بعد الممارسة الجنسية، فورا والكثير يعتقدون أن الجنس يقتل الحب، بدليل فتور العلاقة بعد الالتقاء، وهذا ليس صحيحا لأن الصحيح هنا أن بالعلاقة الحقيقية.... الجنس لا يقتل ولا يطفىء الحب، بل بالعكس تماما لأنه ينضجها .
وهنا رأينا الناقص اكتمالا والاكتمال بتقبل الآخر بالنهاية بكل حسناته وعيوبه .
فكانت هذه العلاقة الحالمة المتكاملة المعافاة .
التي نمت بين الرجل والمرأة، وكان هو الزوج والعشيق والرفيق فالرجل والمرأة نشأت علاقة من المحبة واحترام إنسانية لكل منهما للأخر رغم استقلاله الداخلي.
والبعد الثالث هنا ..هو أن الرجل المشوهه قرر أن يضحي لأجل المرأة التي عشقها ووجد في تعبها بالحمل والولادة قد يشوه بأثاره شكل المرأة ...من ترهل ووووالخ، رغم ما قرأت من أنانية هنا ...في تصرفها وردة فعلها للمرأة إلا أنه ومع هذا أيضا هي لم تجد غضاضة من أنه متحول جنسيا...بالمقابل.

تنويهات بسيطة حول النص....

*المتحول ليس مخنث أو إنسان ساقط أخلاقيا ....
*هناك نوعان من المخنثين مخنث ساقط أخلاقيا.
وهو الشخص الذي يميل بطبعه إلى ذات جنسه بالعلاقة الجنسية،وهذا يعتبر منحرف على الأكيد.
وهناك مخنث ميوله الداخلية باللاشعور....تقوده إلى تقليد جنس دون أخر في لبسه مشيته طريقة حركاته لكنه غير ساقط أخلاقيا...(أي لا ميول جنسية لديه لذات جنسه.
وتصرفه نابع عن هرمون يغلب عليه أي الهرمون الضاغط كما نوهنا سابقا .
*هنا الوضع عند الرجل طبيعي جدا هو متحول جنسيا وليس ساقط أخلاقيا، ولا هو مخنث يميل إلى الذكورة لأنه يشعر بكامل رجولته مع المرأة التي يحبها وهذا دليل إلى أن حس الرجولة غلب الحس الأنثوي عنده .
وكنت قد كتبت دراسة سابقة نقدية عن االمتحولين جنسيا ولاحظت اختلاط وضبابية الرؤيا. للمتحول وكنت أشفق على الشخصية لأنها كانت حقيقية بالحياة

بئر العزلة

قرأت فيما قرأت بالجزء الثاني من القصة
قرارات بالجملة وحب منصاع إلى الآخر بالنهاية بكل مافيه نهايته مأساوية الجانب ....
تحول حالم إلى تحول دراماتيكي بالأحداث نصعد بها إلى قمة التشويق والإثارة ويعود ليهوي بنا في بئر العزلة فعلا ...
كيف لا يكون كذلك وأول اللوحة دخولة على من يحب لدرجة أنها لم تشعر به ،ولم تنتبه حتى على كلماته وما قال لها ....
ما زال يحرك المزيج ساكنا فينا وهو يحمل في ثنايا الروح النقية العاشقة. لدرجة الانصياع ....
والوجه الآخر للمرأة هو القناع الذي لم يعد ينصت إلا لذاته النرجسية.
وبدأ الصراع بين الإثنين بصمت رهيب كل يحمل مخاوفه الخاصة به دون أن يشارك الآخر بالنهاية فيها .
وانفصلت التشاركية بكل شيء وتهاوت أمام الرغبات، التي بدل أن تجمعهم بدأت تفرقهم .
ولكن المفاجأة جاءت كقنبلة صاعقة من الزوجة النرجسية الشاذة جنسيا والمدمنة للمخدرات لتصفعنا بصفاقة موقفها ....
وكأن بالقاص يرفعنا لذروة القصة ليهوي بتوقعاتنا للدرك الأسفل فيها.
ولتظهر لنا هنا الشذوذ الجنسي والمثلية الساقطة ..
وتحول القصة إلى بعد نفسي وسيكولوجي وبعد أخلاقي وبعد غوغائي نوعا ما ويثير جدلية في التحول الجنسي هنا ....!؟؟؟

وواضح أن علاقة الحب تنهار أمام الصمت، وهنا يبدأ بالظهور والتكشف لنا عن وجه حقيقةاخرى الحب الغير الناضج من قبل تلك. ...(المرأة) الغير سوية،
فالحب الغير الناضج هو غير التملك،
الحب الحقيقي رغبة صادقة في أن يكون المحبوب سعيدا بالطريقة التي يختارها لنفسه لا نحن ...
وهنا ندخل في حوارية جدلية لربما، أن كل الذين يدعون أنهم يقرأون الشريك أو الآخر أحب أن اخبرهم أنهم لم يقرأوا حتى البدايةؤ أو حتى العنوان، وازيد أنهم بالكاد يقرأون ويكتبون والجميع بهذه الحيثية بالذات ننسى دائما أمام الادعاء أبجدية الكون الأولى الأساسية :أن كل إنسان جزيرة غير مكتشفة ،لم يكتشفها قارب ولم يطل عليها حتى صاحبها من عل إلا في ما ندر، والكل هنا يسمح لي لأقول حتى أنهم يجهلون الحرف الأول لقراءة النفس البشرية (أعرف نفسك ).
ونسينا أن الحب الحقيقي هو ما يحرر الإنسان بداخلنا من الخوف والظلمة والحس بالذنب، والتواطؤ الضمني مع القيم الإجتماعية السائدة، الحب كطوفان ينقي الإنسان ويغسله ويعيده نقيا،حقيقيا،متعبا،نظيفا كما لم يكن قط ....
ولهذا ما رأيناه هنا بشخصية الرجل المتحول،
ولكن ما فرضته الزوجة الأنانية هو الانصياع لها،وهذا ما جعله يجرح في عمق رجولته وما أعطى وماحمل لها من مشاعر الحب الحقيقي الذي غامر مرة ثانية بعودته أنثى ليحمل عنها ...
وغامر بأن مارس معها منصاعا لها علاقة شاذة جنسيا ..لارضائها ...
ليخطر ببالي سؤال خطير وأنا أقرأ هنا هذا الرجل أو أن الرجل هنا بالعموم كيف بدأ ومتى سينتهي ؟
=هل الانصياع بالحب دليل حب ؟
=وما تأثير ذلك على الصعيد النفسي للمحبوب بالنهاية؟
ولطالما تحدثت عن الانصياع بالحب هو بداية النهاية لأي علاقة أو لنقل أنها نهاية العلاقة في مرحلتها المعافاة، وبداية دخول العلاقة في الانحراف والمرض..
ومثل هذه العلاقات الغير سوية بنظري تؤدي إلى الدمار النفسي،وهي ليست كالعلاقات السوية التي يكون نتاجها الحقيقي غنى داخلي وغنى نفسي .
والدليل على كلامي شعوره بالذنب وتفكيره بالانتحار
الانصياع في العلاقات ليست دليل حب بل دليل وقوع في الحب ...
والحب الحقيقي هو تفاهم مشاركة حوار ،هذه كلمات تنتمي إلى عالم الحب الواعي الخلاق المشع ..
أما الانصياع كما رأيناه هنا بقصتنا هذه كان دليلا دامغا على انكسار بوصلة الوعي الداخلي والصحي في قارب الحب ...
وهنا يبدأ ضياع الرجل ويبدأ التساؤل حول حقيقة
الأمر إلى أين سيصل لنا الكاتب أمام مشهدية محزنة وصارخة غارقة في بئر الصمت ...
#هذيان الجنون الممزوج هل التحول لعبة ...؟؟؟
#أم أن جنون الوقوع الاعمى في الحب هو من كان اللعبة ؟!!!
#إلى أين تأخذك عواطفك المنصاعة خلف من تحب؟!!
#إلى أي درجة ممكن أن نعبث بمشاعر الآخرين حين تتملكنا الأنانية والنرجسية معا؟؟!!!
# ونحن نعبث بمشاعر من أحبنا بصدق واخلاص وكان مضحيا بطريقة غير شرعية لربما ....كي نرضى ؟؟!!!
كل هذه تساؤلات كثيرة ضمنية لإحداث المفارقة نجدها تستوقفني... لأسأل نفسي: كم منصاع بالحب والعطاء بات سيكولوجية مريضة نفسيا بالانصياع..؟؟!!!
طرح جميل وجديد جدا لعلاقة الحب المشوهة والتي تظهر على المحك الحقيقي بالشدائد وهنا عند أول أختبار سقطت بكل جدارة
الولادة

وهنا كان المحك الذي تكلمت عنه سابقا ...
ما بين الفكر وبين الرغبة بون شاسع وهذا لا يعني أن نقول إن الفكر لا يخضع للرغبة ولكن يثبت ما قلت سابقا في الجزء الثاني أن الجنس هو المحك الرئيسي والحقيقي لكل العلاقات.
فالعلاقات القائمة على حب الجسد والشكل الخارجي بلا مضمون داخلي مصيرها إلى زوال .
وأمام إنسان أدرك عقله وبين إمرأة فارغة فكريا ساقطة إنسانيا وقفت ....
فموضوع الجنس موضوع شائك،وعلى مر العصور كانوا يحيطونه بكل تابوهات العالم والتحريم .
حتى بات الحديث عنه كمن يلعب بقنبلة بين يديه.
وأنا لا ادعو طبعا إلى تقليد روح الغرب التي تفرض فتح الدفاتر القديمة لحياتنا الجنسية ولا هي تحدي وانما ضرورة ملحة لحماية الإنسان العربي من كل ما يمزق شخصيته ويشوهها ويعيق تكاملها ويحول بينها وبين أن يلعب دوره القومي ليصبح إنسانا سويا وكاملا.
عندما يقف واعظ لنا ليحذر الناس من الخطيئة،ومن المعاصي والرذيلة وينادي بالفضيلة والعفة،وبعد أن انتهى من خطبته العصماء يرحل إلى إمرأة ليمارس معها سرا، كل ما نهى القوم عنه علنا،وهو مايمثل بنظري نظرتنا إلى. العربية لموضوع الجنس،فهذا نحن بحقيقتنا أن المجتمع العربي هو رهين عصور بائدة،وما زلنا فزاعي الطيور منتشرة بالحقول الاخلاقيين المزيفيين الذين يبيعون الأقنعة الاخلاقية،وهم بذات الوقت المعتاشون على كبت الشعب العربي ...أليس كل مدافع عن الاخلاق هو شريك غير مباشر لتاجر الجنس ؟؟!!
فكم بائع الفضيلة بأوطاننا يقابل دكان (مروج الرذيلة)إذا المبرر الوحيد لوجودهما هو وجود الآخر ..وبين هذين الطرفين تضيع أجيال الشعب العربي بازدواجية أخلاقية موجعة ،ماةبين الدكان الأول إلى الدكان الثاني فلا تجد الطمأنينة في الجنس الرخيص ولا في الزيف الأخلاقي ...
وتسود الازدواجية في كل شيء.
ومن هنا حياتنا الأخلاقية القائمة كانت أكثر أهتراء ،
حتى بتنا فريسة لأكثر من مرض نفسي وعقد مشتتة
ومن هنا برزت لنا الشخصية الأولى باستنطاقها الصوتي لذاتها المنفصمة الهوية السوية نفسيا
الضائعة بالأنصياع ...
والصوت العالي للهوية الجنسية السوية المريضة نفسيا الساقطة أخلاقيا ...
جدلية العلاقة بين الخطيئة المرتكبة ومن ثم الشعور بالذنب هو شعور يبدأ بالفكر وكلما كان الفكر ناضجا كانت النتائج المتمخضة عنه سوية ...(وهذا ما كان يدور بنفسية الرجل)
ولكن ليضع لنا الكاتب كما يقولون العقدة بالمنشار
كان منصاعا لها بحبه ولهذا لحقته عقدة الذنب حتى فكر بالانتحار .
ورغم ازدواجية الذكر / والانثى بداخله إلا أنه كان سويا وكاملا بكل رجولة بمواقفه وضعفه كإنسان أحب بصدق واخلاص وبكل تضحية إلا أن سقوطه ناتج عن صراعات أحدثتها بداخله رغبات تلك المرأة ..
هو فكر بالتحول الجنسي لإرضاء من يحب ولكن نسي بعمقه أن الإنسان ليس قضية (غريزية فيزيولوجية)كما هي لدى الحيوان ،نسي أنها قضية إنسانية خطيرة ترتبط بمقومات شخصية كلها مستمدة من نفسية اجتماعية تاريخية ،وهو الأداة الوحيدة لاستمرار الإنسان ،وهو حاجة أساسية كالاكل والشرب والنوم والملبس،اذا نحن أمام هذه الجدلية العقيمة التي أوجدها لنا الكاتب لم ينسى أن الإنسان نظم الجنس بالزواج،وحتى يجد هذه الاستنطاق الفنتازي كان التقاؤ وبلورة لأكثر فعالية حياتية معا ولهذا ظل الجنس التابو الأول.وظلت التحريمات تتراكم ...فخلق جدلية العلاقة بين الحب الاعمى /والحب الجسدي
فاوجد الصراع الجدلي بين الخطيئة والفضيلة
فكان شد وجذب يعيش الصراع تارة بالقبول وتارة بالقرف والرفض
أن أخطر ما أوجده الكاتب هنا أن أحدث لنا هذه الجدلية هو الكبت بمعنى الجبن ،كبت الحقيقة،كبت الصدق ،التستر على عقده النفسية السيكولوجية ،وهاهي أحكامنا من زمن العصور الوسطى ...
وهذا لم يحدث للأنثى أن كانت بصراع هي متصالحة مع قيمها الساقطة لأنها بلا فكر،ولكن من يملك فكرا هو وحده من يدرك أن الكبت لا يعرف تفصيلا وأنما وحده أنه يشكل جزء من موقف الحياة،موقف الهرب جزء من الكبت ،أي زجر العطاء).
ومن هنا أستطيع أن أقول إن حياتنا الجنسية مهزوزة ولهذا بدأت تتكون الغربة في داخل هذه الروح ومن هنا بدأ الصراع الفكري الذي كتبت عنه في البدايات فهوية الرجل السوية حين عاد بالتحول عاد للاغتراب وبدأ الصراع الأنا بداخله_- وذاته.
ومن هنا أستطيع أن أقول لماذا هي مهزوزة ثيابنا مستوردة تصرفاتنا الظاهرية مستوردة،وبداخلنا تعج فينا اضطراب الهوية عن أرواحنا وعن ذواتنا .إذا تجاهل أزمة الجنس في أوطاننا يزيد من خطورتها.
أن أول الخيط هو معرفة العلاقة بين الحاجة والرغبة ....
الحاجة أن نتفهم أن الجنس حاجة كما أشرت سابقا كالطعام والشراب.

✓✓الحاجة لها موضوع واحد شعوري ومحدد (الحاجة للأكل، الحاجة للأمن)، أما الرغبة فمواضيعها غير محددة بدقة، وغالبا ما تكون لا شعورية، وذلك لأن الموضوع المعلن للرغبة لا يمثل دائما الموضوع الحقيقي بل مجرد تعويض عنه.

· ✓✓ حاجات الإنسان محدودة وثابتة أما رغباته فغير محدودة وغير ثابتة، فالحاجات التي تضمن وضمنت بقاء الإنسان ظلت هي هي، أما رغبات الإنسان فغير محدودة وذلك أنه كلما تحققت رغبة إلا وتم السعي وراء رغبة أخرى مما يجعلها غير قابلة للإشباع المطلق إلا ( بالموت!).

· ✓✓ يمكن إلغاء بعض الرغبات وتغيرها مع التقدم في السن وتغير المواقف واغتناء التجارب...، لكن لا يمكن إلغاء الحاجات الأساسية دون تعريض الوجود المادي للفرد للخطر.

· ✓✓ إشباع بعض الرغبات قد يكون على حساب حاجات أخرى، وتحقيق حاجات معينة قد يخدم الإنسان من إشباع بعض رغباته .

· ✓✓ تحقيق الحاجات يضمن الحياة والبقاء، لكن تحقيق بعض الرغبات قد يهدد هذه الحياة نفسها .

· ✓✓ الحاجات تكون في أغلبها مشتركة بين أفراد النوع الواحد (أو المجتمع الواحد)،
أما الرغبات فتكون فردية أو مشتركة بين جماعات محدودة، فجميع أفراد النوع البشري يشتركون في الحاجة للأكل والأمن ... لكنهم يتمايزون في رغباتهم ، فالرغبة هي مسألة فردية ولا يمكن لأحد أن يرغب بالنيابة عن الآخر.

· ✓✓ الحاجات تتسم بالانسجام والمعقولية، أما الرغبات فتتسم بالتغير السريع والتناقض أحيانا واللامعقولية أحيانا كثيرة، فنجد أن الفرد يغير رغباته بين لحظة وأخرى، ويرغب في الشيء ونقيضه ،ونجد عند البعض كثيرا من الرغبات غير المعقولة، ،ويمكننا الاستطراد أكثر في تعداد هي التمايزات والتدقيق في تفاصيلها،ليس بالضرورة يشمل على جميع الرغبات، وإن كان يلزم ويشمل أغلبها

أن هذه الإشكالية الثنائية العضالية الشكل
اخذتنا في هذا الصراع النفسي والسيكولوجي بمنحى فلسفي بحت في اضطراب الهوية الجنسية التي كانت صحية وسوية أكثر في حالة الوعي/ واللاوعي منها فلم يؤخذ عليه سوى أنه بضعفه الانساني أمام الحب الحقيقي سقط صريع التبعية.
فظهر لنا هذا النزاع الفكري العجائبي بالطرح والمضمون حتى انفصلا بالتشاركية،فهي قضمت تفاحة الرغبات وسقطت فيها مسمومة،وهو تحول من هويته التي وجد ذاته فيها منصاعا أمام رغبات انانية ،وسقط هو أمام حاجة الصراع بالفراغ أمام حاجة أن يكون أبا ....وقضم حاجته نادما لربما على تحوله ليعيش هذا الاغتراب الروحي والجسدي الذي بدأ يظهر له بشكل مختلف عما أراد وعم ما كان منسجما معه .فظهرت لنا الشخصية المضطربة تصارع نفسي داخلي وبين حقيقة ظاهرة علانية وواضحة هي ( الواقع) بمفهوم الرغبة في مجتمع لربما فاسد كما أراد الكاتب أن يوحي لنا لربما أو أنه أحدث تلك البلابل في تلك الشخصيات ليخلق الصراع عقد النفس والكبت ،
صراع الحاجة والرغبة ،
صراع الكينونة الداخلية وشعوره بالأقرب بالضياع بحسه العام.
بهذه المغامرة الفكرية الفنتازية التي طرحها لنا الكاتب بعد أن قارب المواضيع بين معاني المثلية الجنسية السوية نفسيا المريضة نفسيا ،إلا أنه أمام الفكر فشل في أصلاح تلك النفس البشرية التي تخلت وتابعت الحياة لربما بأحسن حالاتها .
معايشة فكرة الحب الحقيقي فكريا يأتي الجنس مكمل لأثبات التكامل لا النقص في العلاقة.
سقوط الاخلاق من سقوط الفكر ...
أن الفوضى الأخلاقية التي عاشتها أوروبا التي تبعت مرحلة انهيار القيم التقليدية فيها ،أعطت ذريعة للمتاجرين بالعقد النفسية والمعتاشين من تحنيط دكاكين الاخلاق تحت شعار المحافظة علىى الأخلاق.على إعتبار أن الأخلاق وجدت لحماية المجتمعات ولاستمرارية بقائه ككل التشريعات والقوانين والعقود الاجتماعية .
إذا الاخلاق ليست متحجرا ولا شيئا ثابتا غير قابل للنظر فيه فكما معروف أن ماهو مقبول الآن غير مقبول سابقا ،انما هي وليدة المجتمع والعصر وجدت لتخدم نموه وتكامله لا تعيقه.
وهكذا ولد الفكر من بوصلة الألم والألم هو الصراع الذي خلق داخل كل من ملك عقله وفكره وما دونهما هو متصالح مع ذاته بلا صراعات .
رمى لنا الكاتب ا.حمد الحاجي القنبلة الذرية لتتشظى وتنشطر اشلاءها ...وخرج من دائرة الضوء.
تحياتي لقصة ليست كالقصص العادية فكل قطب صراع فيها يحتاج إلى مجلدات في البحث والتحري فيها لنصل إلى بر الأمان والاستقرار في فكرتها
من هنا واخيرا وليس أخرا
استطاع الكاتب أن يرمي لنا بسؤال يبدأ من الذات /إلى الشأن العام ...
بمعقولية المقاربة الرؤيوية للكاتب التي بحث في (بؤرة الأثر )...أمام مشهدية هستيرية الخطاب ورؤيوته لتبرز نظرية وقع الأثر على أرض الواقع.
غير متجاوز الذات الإنسانية الأولى بالسؤال:
كم واحد منا يستطيع أن يكون متصالحا مع ذاته كرجلنا هذا؟!!!!
بالرغم من الانفصام بداخله ويكون ثابتا بواقعه، برؤيته، بفكره، بحبه، بكل مبادئه الداخليه والخارجية، بالرغم من كل الضغوطات النفسية والاجتماعية الضاغطة عليه ويبقى ثابتا كالجبل ؟؟
والفت الإنتباه هنا
بهذا السؤال الذي يتعدى الفرد، ليخرج إلى المجتمع، ومن ثم إلى الواقع المطروح بانزياح ضمني ...!؟؟
وهنا اترك ناقوس ديوجين معلقا لكم للأجابة كل بفكره .
تحياتي للصديق ا.Hamed Hajji ...
رغم أن التحول موضوع مطروح سابقا ولكن لم يتجرأ أن يمد يد قلمه ليتناول بأسلوب حداثي استوقفني وأسلوب أخلاقي لم يسقط فيه الكاتب بالاباحية، وبعد غوغائي نوعا ما ويثير جدلية العلاقة الزوجية عند المتحولين جنسيا،ويهز أركان العلاقة ويغربلها لينزاح بالسؤال إلى كل واقعنا المعاصر...
ويخرج هو ككاتب يضعنا لمواجهة الحقيقة الموجعة مع ذواتنا لنعيش جزء من الحقيقة بالتساؤل الأقوى في انفصاميتنا التي نعيشها ونتعايشها دون أن نعرف أو نشعر بها.

*بقلم حنان بدران.

القصة قصيرة
 الرجل الذي حبل
اللوحة الاولى

بعد قصة حب عميقة تزوجا، يشعر كل منهما انه منصهر بالآخر.. حينما يذهب زوجها للمطبخ او للثلاجة ، كانت تشعر بانها مبتورة، واذا صادف أن ذهبت لحمام النساء لا يتحمل غيابها.. ببساطة، لان احدهما كان اوكسين الآخر، دم الآخر، روح الآخر..
أحيانا ، كانا يجتمعان بالمصعد، كي لا يفقدا بريق اللحظة الجميلة من دون ان يكونا معا..
حتى ذلك السرير كان يمنحهما بهجة اللقاء نابعة من شعور كل منهما بالكمال ..لم يكونا مكتملين الا حين يلتقيان .. يستمتعان بالاكل ، بالسينما بالرقص، بالتلفزيون ، بالشارع..
الحب حياة يلمسانه بسحريهما..
شريانه المتدفق، سرّهما الوحيد..
فبالرغم من أنه ولد في الأصل امرأة، لم يغير من رؤيتها اليه شيئا.. تشعر بفحولته..
لم تر في استعماله لتلك الادوية أي مانع.. لقد كان مداوما عليها ويستعملها منذ بلغ العشرين ظل يحقن نفسه بهرمون الذكورة التستوستيرون حتى ينبت شعر لحيته ويغلظ صوته ويتحول لذكر كامل ..
ولم يكن يضيرها أنه أزال الثدي والأعضاء الأنثوية الظاهرة ما دام قد احتفظ بالمهبل والرحم..
لم يخففه شيء.. سوى ان الرجل بين الحين والآخر تساوره مخاوفه، إذا قدر لزوجته أن تنجب طفلا وخلال فترة الحمل ستصنع بطنها حاجزا بينهما واحتار، فعلا ، سيمثل انجاب زوجته لمولود جديد جزءا من انفصاله عنها..؟
ليلة ما .. حين اراد خلفة، وتاقت نفسه لطفل يلاعبه، يناغيه ، يشتري له اللعب ، صارمة، صريحة تمنعت، وظلت تبحث بواهيات الأسباب..
- الا تريد أن أبقى على رشاقتي؟..
حقا، حبيبتي، ما من شك، يترهل الجسم.من أثر الانجاب . وتظهر التجاعيد ..
وحتى شغف الفراش يقلُّ ويتلاشى..
اقترح عليها أن يزورا سويا طبيبة النساء.. وكان الأمر هينا: أن يتحمَّل هو أتعاب الحمل ويحبل..
....
- ومن الحبِّ ما حبَّل..

اللوحة الثانية
بئر العزلة
بعد حصة أخيرة للمراقبة، عاد من المشفى، وكانت زوجته تثبت برنامجا على الكومبيوتر عندما دخل هو الغرفة وأكد لها ان العملية نجحت: أنه تحول.
- تحولت الى ماذا؟ او من ماذا؟
سألت المرأة وهي تسحب قرص السي دي وتعيد آخر في محرك الأقراص المرنة ..
- تحولتُ إلى امرأة..
ومن دون التوقف عن الحديث مع الزوج كانت تواصل تحريك فأرة الكومبيوتر من جانب الى الآخر.. بينما قلبها يتسمَّع، يتنصت بقلق إلى صخب بأحشائها..
هل تبدو معجزة الحبالة والحمل قادمة..؟
قال مازحا:
وبداية من الآن، ستنامين جنبي من دون رغبة!
تركها منشغلة البال، ومرت ساعاتها مستاءة ليس لكونه صار امرأة فحسب ..وانما،
لم تستطع تحميل البرنامج لضيق مساحة الهارد ديسك..
- ما أيسر أن أمحوَ الأنوثة بعقل رجل وما أصعب أن تثبت برنامج الاوفيس بهارد ديسك للابتوب..!
والتقيا بساعة العشاء.. لم يمسَّا قطعة من الديك المصلي، ولا الباطاطس المقلية.. واكتفى كل منهما بتفاحة يقضمها.. ومن دون ان يرد على استفزازها..
- لا بدَّ أن تتأقلم حبيبي مع وضعك كامرأة..!
ثم انصرفا إلى غرفة النوم.. وفيما كانت تعالج الديسك تجرب استخدامه على التلفاز.. التفتت إليه، كان يغط، نائما بساقين منفرجتين.. ويدين منكمشتين على صفرجلتي صدره..
- يا ويلي طبيبة النساء لا بدَّ أنها أقنعته بالأمومة.. لا أن يكون أنثى..
وألقت بنفسها جانبه بعنف، فاستيقظ فزعا، وبعد أن تعرَّت:
- إذن ستكون ممتنعا عني الليلة!؟ سألته.
قال وهو يفرك عينيه:
- يمكن أن تتوقعي أن نعم.. لا تحاولي أن تثنيني عن الحمل، حبيبتي ..
وأردف.. تحولتُ انثى وانتهى..
- أتفهم ما تقوله..!
ولأنه لم يقنعها، نهضت من السريرغاضبة..
أدارت وجهها، وشغلت القرص بالديسك حتى استوى وظهرت الصورة..
وبدأت اللقطات الحميمية بين امرأتين كالمهرات واقفات،
- يمكن للنساء أن يمارسن .. نعم السحاق..
جذبته اليها أكثر..وكانت حاجتها الى ان يضمها أكثر وأن تتمتع بعرقه، بصهيله فوقها..
لم يكن قادرا على اشباع غريزتها.. ببساطة لانه امرأة..ولم تكن لتثيره تلك المشاهد المصورة من الفلم الاباحي للمرأتين..
قالت غاضبة:
- ببساطة ان تمنعتَ.. سأعود إلى التدخين ..!
وخرجت من الغرفة لتعود بسيجارة حشيش مشتعلة، مررت له بعد أن سحبت نفسين..
لكنه أخذها من يديها .. زفر مغتاضا وأطفأها..
- يجب أن أكرس تسعة أشهر حتى ادمن فيديو السفاح.. ثم أطبق شيئا مثيرا للشغف..
خارت قواها.. وكما يذهب السيل بقرية نائمة، سبحت في نوم عميق..
ليلتها لم يأخذه النعاس، قرر أن ينهي حياته وتستريح أعصابه. قبض على علبتي الأقراص من درج الكومودينو ليتناولها كلها..
خجل أن يكتم البكاء بداخله، حين حاول أن يمزق السلوفان المغلف لأقراص الزاناكس ذات اللون الوردي الباهت، وبدأ يفكر بدبيب الموت، يتسلق أصابعه بهدوء، وعجب كيف للموت أن يعصيَه؟
كأنه يجرؤ على أن يوقف يده لمنعها، ويهمس له بأن اِهدأْ وفكِّرْ مرة أخرى.
تراجع وظلَّ يرنو إليه خارجا من رسغه متجها نحو كتفيه، ثم يعود لأصابعه كما لو كان يدعوه للكتابة وما كان ليتخيّل الموت يفارقه مهزوما خارجاً من جسده أخرس كالعنكبوت من بيته الواهن.
ثمَّ غرق في صمت رهيب..!

 اللوحة الثالثة
الرجل الذي حبل
اللوحة الثالثة
 الولادة
مثلما يقفز طفل المدارس حين يقلب علبة أقلامه والألوان.. وينسكب على طاولته مداد المحبرة.. نطَّت المرأة تزمجر.. تصيح وتبكي..
فيما ظلَّ صامتا يتجاهلها ويضع رأسه بكتاب أو رواية او صحيفة.. ويغرق في حزن عميق..
ولكنه كان يفكر بها: كلما ازداد صياحها أدرك عدوانيتها..
حتى مكوثهما أمام الأفلام الإباحية لم يدم طويلا؛ فقد رأى أن تصهل امرأة أمام أخرى أمرا سمجا مقرفاً، وما عاد جسد أنثاه يستهويه..
وحتى زوجته،هي الأخرى لم تقدر أن تلبّيَ رغباتِ جسدها تلك المتعةُ الركيكة..
و أمام غريزة الحياة، وغريزة الموت، كان لا بد لهما أن يفترقا..
كم حاول أن يحافظ على حبه لها بالبحث عن طريقة يتّحد معها كي يعيشا من جديد حالة وَلَهٍ يسيرة.. ما كانا يعرفان نهايتها ولكن للأسف فشلا ذريعا بالتعرف إلى نفسيهما..
وبعد محاولة لرأب الصدع، صدعٌ بحجم الزمن، بدا الطريق يتّضح قليلا.. قليلا، لكن بمحاولة أخيرة ارتمى بحضنها.. تعانقا عناقاً حاراً، فرحاً وحزناً.. ضحكاً وبكاءً.. يرتعشان ثم يهدآن، لقد عرفا المصير نفسه وآمنا به ورضيا بحياة قصيرة في سبيل معرفة أسرار كثيرة..
وأدركا أن كلا منهما له استقلاله الذاتي الذي كافح من أجله.. وأن التعايش والتواصل أصبح عسيراً. فكان القرار أن يرحلا عن بعض..
بعفوية مطلقة بقي الوله والغبطة في نظراتهما المتبادلة..
سقط ما كانا يحلمان به من زواج أنثى بأنثى كسقوط تفاحة نيوتن في براح الزمن..
وإلى بيت أهلها غير آسفة، فارقته الزوجة..
وحيداً بقي مع بطنه التي أخذت تكبر وتكبر، وبيتٍ تزيّن للأب الأحبل والوليد القادم.. غير أن أمراً واحداً كان يزعجه، لم يكن راغباً في التخلّي عن ملابسه الرجالية..
حزن عميق كان يعتصر قلبه كلما فتح الخزانة ورأى معاطفه وقمصانه وربطات عنقه بجانب بلوزاته وفساتينه النسائية وشالاته..!
كيف لم يخطر بباله أن يأخذ قراراً منذ البداية، بل كيف ارتضى لنفسه وتسرّع بأن يضحّي برجولته من أجل رشاقة المرأة التي أحب..
وكيف سمح لنفسه بالمقابل أن يحرمها لذّة أن تكون أمّاً..؟
تحبل..
وترضع..
وتناغي وليدها..!
ولمّا يطبق الليل، مرتجفاً ينام بجسد بارد، ملتحفاً بملاءات ثلجية من الرخام، وشعور رهيب بالذنب يكبّله.. لكنه بين الحين والآخر كان يدفأ بين دفَّتي كتابٍ وفصل من رواية أوقصة أومقالة.. ويبحث بالكتاب أينما قرأ عن جوابٍ.. كيف سيقبل ابنهما بهوية زائفة..؟تراوده أفكار تطبق على رقبته وتخنقه، ماذا سيكون موقف طفله أمام أترابه إن سألوه، " من أبوك؟ "
- ما من شيء أعمق حزناً من هوية طفل بلا أبوين..!
أخذ يجمع ملابسه الرجالية، قرر أن يذهب بها إلى محل تنظيف الملابس، يتركها لحين يضع مولوده ثم يعود ويأخذها.. لكن الكتب المتناثرة التي قرأها طيلة انتظار جنين يتخبط بأحشائه.. أين سيضعها..؟
منتصف الليل، أحسّ بآلام المخاض تمزّق بطنه، والكتلة داخل جسده تتحرك قبل أوانها.. سريعاً طلب سيارة الإسعاف، وسريعاً أدخلوه غرفة العمليات.. حين أفاق من التخدير، حملت الممرضة الرضيع إليه، انتبه إلى أن المولود كان غير طبيعي..
- سيتأخر الحليب شهراً حتى يصل إلى ثدييك..
قال له الطبيب..
أسرع إلى الحمام وعرّى نصفه الأعلى.. يا للهول!.. حلمتاه تنتفخان على مصراعين كالمكتبة، لكن الرفوف فارغة من أي شيء.. توجّه إلى المهد، حمل طفله بحنوّ، وجرّب أن يرضعه، عوض أن يمسك الرضيع الحلمة، انشقّ رأسه وانفتح، لا شيء يخرج من الحلمتين..
محتاراً أخذ يفكّر ماذا يفعل. خطرت له فكرة أن يجمع من المكتبة العلمية للأطباء جميع المجلدات والكتب ويملأ تلك الرفوف الفارغة بصدره..
تعرّى، ومضى يدخل الكتب، الواحد تلو الآخر، ثم أغلق دفّتي كل ثدي وأدار الحلمتين كالمفتاح..
سمع هديراً يهضم تلك الكتب بصدره، هرول إلى الرضيع، وكانت المفاجأة..!
حين قرّب الطفل إليه أكثر، انفتح رأسه واستطالت عنقه.. وبدأت الحلمتان تقطران عصارةً مهضومة.. وأخذ الرضيع يكبر ويكبر.. ويطول بسرعة مذهلة، حتى استوى ضميراً حيّاً.. كان قلماً بين دفّتي كتاب..!

*حمد الحاجي.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...