اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

جزء من رواية " الأطياف الناطقة " ...**خيرية فتحي عبد الجليل

حجرات بيتنا الكبير بدأت تخوى بعد وفاة والدي ، هذا الخواء الفاجع يضايق والدتي ، يقلقها ويجعلها تكبر بسرعة ، شعور طاغ بفقدان الحماية ، حالة من عدم التوازن مع الحياة ، السكري وضغط الدم وخواء البيت والفقد أعداء يتآمرون على صحتها ، لم يعد البيت عامراً إلا بي وبكتبي وأوراقي وأجهزتي الكثيرة ، تزوج من تزوج ورحل من رحل وبقيت معها أونس وحشتها و أشاركها كل شيء ، لم يكن من السهل التكهن بمزاج وطقس أمي
بعد وفاة أبي ، ستشرع في تلاوة سورة يس والدخان والواقعة والصافات ثم تنشغل بالتسبيح إلى أن تنام .
أعود لأقول هل كان يجب أن ألتقي به كي تبدأ الحكاية .. كي يبدأ أتساع المدى ، كي يبدأ الكون ، كي تبدأ رحلة تطويع القلم المتصلب شرايينه بداء الشلل والعطب ، كان يجب أن يبقى القلم هناك منكسراً عند حافة الورقة ، يجر خلفه هزيمة وطن منهوب ، يكتب عن الحروب ، يشرح تفاصيل الموت ودقائق الغياب والفقد ، كان يجب أن يظل قلماً خانعاً طائعاً لذائقة الغياب والحرمان و الغربة .
كان يجب أن يكون القلم وفياً للفواجع في شوارع ” طرابلس” ، للموت بالمئات في “بنغازي” ، للتنكيل بالجثث في ” درنة ” ، كان يجب أن تكون الورقة طائعة للخطف ، بيضاء ، والذاكرة تعج بأصوات القنابل والرصاص وعويل النساء والنازحين ممتلئة بأصوات المنفيين ظلماً ، وأبواق الحاقدين ، وأصوات طائرات غريبة تنتهك أجواء الوطن وتربك نبضات القلب
لا يمكن أن يخون الحبر حزن الأرصفة في شوارع ” تاورغاء ” وبكاء حواري “سرت” ولا حواجز وبوابات الأخوة الأعداء في الوطن الواحد ،
لكنه حضر ، جاء صاخباً كالموج تكسر ظله عند أعتاب نوافذ روحي المشرعة جاء هادراً لهفة وشوقاً وتوقاً ، جاء حريقاً لافحاً ، ساخنا مجنوناً ، جاء طوفاناً مشتعلاً ، عاصفاً ، جاء قدراً كاسحاً لما سبق .
وفتحتُ كل نوافذ الأنثى لديّ ، فتحتُ كل أبوابي ، وكان قلبي مشرعاً مفتوحاً عن أخره لاستقباله ، روحي كانت عطشى ، متلهفة للانصهار ، والذوبان والتلاشي ما أن تستقبل أنوثتي إشارة ساخنة منه عبر نبراته ، أو عبر رسائله حتى تقام الأعياد ، وكانت نبضات القلب ورعشات اليد ، وتردد الأنفاس واضطراب الجسد ، الكل يوقع أجمل الأحاسيس على جدار الزمن الهارب بيننا ، الكل يشعل الشموع والقناديل ، الكل يرقص ، يبتهج يغني لكنها مشاعر تأتي بسرعة جنونية وتذهب أشعر بأنها متطرفة غير آمنة .
أعود لأستدرك ، لا زمن نمطي بيننا ، لا وجود للأبعاد ولا المسافات أو المكان بيننا ، كل شيء نسبي بيننا ، الزمن والبعد والمسافة كان توغله في داخلي يذهلني ، قراءة ما أحس به بدقة تربكني ، حضور طيفه يشل مقدرتي على البوح ويشتت مقدرتي على التركيز ، كنت أشتهي معرفة كل شيء ، أشتهي عوالمه الغامضة ، طلاسمه ، أسراره ، أشاراته الخفية ، أشتهي قراءته لأفكاري ، معرفته ببواطني ، انتهاكه إسراري ، أشتهي خوفي منه ، من زلة لسان ، من كذبة بيضاء قد أتفوه بها ، من تمرد ، أو ثورة على طيفه الحنون .
تشتعل شاشة هاتفي ، يئن الجهاز المسكين برنته المعتادة ، تصلني رسائله
– هل تعلمين أستحضرك أحيانا لدرجة أتلمسك بأناملي ، يرهقني استحضار طيفك ،اخترق رياحا وسهولا ووديانا وشاطئي طويل لانصهر بروحك .
أتسمر أمام رسالته أحاول فك رموز كلماته ، تسري رعدة خفيفة في جسدي ، أرتجف ، أتمتم
– لا تخيفني ، أنت ترهبني ، أنت تذهلني ، لا أستوعب ذلك ، ما يحدث بيننا يفوق مداركي ، يفوق ما تعلمته أو قرأته ، انه أكبر من أن أستوعبه .
– أنتِ تحسين بذلك ، لا تنكري .
أجدني أعترف
– لا أنكر، وكيف أنكر إحساسي بالدفء اللذيذ والنشوة العارمة تحت سطوة أنامله .
كيف ومن أين ابدأ الحكاية ، بأية لغة أشرع في سرد حالة من العالم الأخر ، كيف أشرح سر اختزال أبعاد الزمان والمكان ، من أين لي أن أقبض على لهفة تخترق الرياح ، أو أسر همسة تقطع الصحارى ، أو أن أزج برجفة بين السطور أو رعشة شاردة تقطع شاطئ طويل لتنصهر بروحي كيف يمكن اعتقال كل ذلك وحشره بين سن القلم ووجه الورقة.
– ثمة رائحة زكية ترنحتْ في الثلث الأخير ، تسللتْ إلىَّ من ثقب الليل ، تهاوتْ ،ملأتْ فضاء غرفتي ، ثم تبددتْ سريعاً ، أتمزجين العطر بالبخور سيدتي ؟!!.
متى وأين وصلك شذا روحي .. وكيف اهتديت إلى عبير أعماقي ؟
ما الذي دعاك إلى التسلل إلى مخدعي واستنشاقي بالكامل ، كيف عرفت بسر عطري ..؟ كيف قمت بنسف المسافات ، من أين لك بمفاتيح الخفاء ، ما تفسير الزمن في قواميس عشقك وما هو المكان وكيف ينصاع لك يا سيدي ؟ !!
كيف تطوي كل تلك الصحارى عابراً لاهثاً من أجل جمع ما تناثر من عطري الممتزج بأنفاسي المتساقط مع المسك وبالبخور ؟!!
أمخلوق البعد الرابع أنت .. ؟
– لا تنزعجي أحياناً أضع يدي اليسرى على رأسكِ مباركاً إبداعاتكِ صديقتي .
– واو .
في تلك اللحظة بالذات كنتُ أنزوي في ركن قصي من غرفتي و أكتب ، طيفه كان يجلس القرفصاء حارساً عند حافة سريري .
* طرابلس ، بنغازي ، سرت ، درنة ، تاورغاء / مدن ليبية

جزء من رواية الأطياف الناطقة

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...