آه يا ورقي ، يا ملاذي ، كم أتمنى قلب صفحات الماضي بسرعة جنونية ، أو رمي دفتر الذكريات و التخلص منه في سلة المهملات ، أردت أن أتلصص على الحاضر من كوة باب عزلتي لعل فيه ما يغريني فأهرع إليه من باب غرفتي الموارب ، أنفض غبار الأشياء الماضية عن ثيابي وعقلي وجسدي ، أبيع مذياع جدّتي القديم ، أخبئ أشياء والدي بعيداً عني و أمزق دفاتري العتيقة ،أوراقي المتآكلة التي نخر أطرافها السوس و الرسائل القديمة ورائحة عطرها العتيق جداً ، أردت أن أقف على قدمين في حاضر لا
يرفضني أو يرفضه عقلي وروحي ، جلست على الطرف ، أنا أحب طرف الأشياء ، أجرب الاقتراب ببطء فإذا وجدتُ قبولاً أتوغل شيئاً فشيئاً حتى أحتوي الأشياء أو تحتويني ، عموماً جلست على طرف السجادة أرمق أبن أختي الشاب المراهق ، أجده منهمكاً بالكامل في شاشة هاتفه النقال ، يديه ، عيونه ، شعره ، سترته، فمه ، شفتاه ، روحه ، تفاصيله بالكامل تريد أن تذوب شيئاً فشيئاً وتصبح دخناً يتسرب ببطء إلى شاشة هاتفه حتى يختفي كلياً في محموله النقال الصغير ، أستهوتني اللعبة ، لعبة مراقبته من بعيد ، شعرتُ بأن هذا المحمول اللعين سوف يلتهمه ، أحسست بأن هذه الآفة الإلكترونية سوف تلدغه فيموت مسموما لأهرع إلى أمه المسكينة في المطبخ ، وجدته يبتسم وينظر إلى ثم هتف ” واااااو ألف لايك ” ، نظرت إلى عدد المعجبين تحت صورته التي نشرها فوجدت فعلاً العدد كبير وفي تزايد كل ثانية ، استغربت ، أنها مجرد صورة عادية له ماداً شفتيه وكأنه يقوم بتقبيلك من خلف الشاشة ، تذكرت نصي البائس وعدد المعجبين ، هذا العدد لا يتعدى أصابع اليد ، اقتربت أكثر من أبن أختي المراهق ، هذا الولد الفذ لا بد أن لديه كاريزما عالية ، نظرت إليه متسائلة فأبتسم وأخيراً فهمت أنه برنامج صغير جداً تضعه في هاتفك ، ثم تتبع خطوات معينة وما هي إلا دقائق حتى ينهمر عليك المعجبين والمعجبات ، اقتربت أكثر ، اقتربت حتى صرت ملاصقة للولد وجربت البرنامج بنفسي ووصل عدد المعجبين تحت نصي البائس إلى المئات .
– هل هؤلاء أشخاص لديهم اشتراكات حقيقية في هذا الفضاء الأزرق ؟
اكتشفت أن لديهم اشتراكات حقيقية وأصدقاء وتفاعل وصور ومنشورات وأن العدد الكبير الموجود تحت نصي البائس ليس مجرد رقم وهمي أبدا
هالني ما اكتشفته ، شعرت بالاستياء ، أحسست أن عالمي نظيف ونقي وصادق وطاهر ، وارتعبت من مجرد فكرة أن يصل أعجاب مني دون علمي تحت نص يكفر بالله ، أو تصل سبابتي الافتراضية الزرقاء دون إرادتي لتضغط تحت صورة خليعة أو مقطع مشبوه .
يرفضني أو يرفضه عقلي وروحي ، جلست على الطرف ، أنا أحب طرف الأشياء ، أجرب الاقتراب ببطء فإذا وجدتُ قبولاً أتوغل شيئاً فشيئاً حتى أحتوي الأشياء أو تحتويني ، عموماً جلست على طرف السجادة أرمق أبن أختي الشاب المراهق ، أجده منهمكاً بالكامل في شاشة هاتفه النقال ، يديه ، عيونه ، شعره ، سترته، فمه ، شفتاه ، روحه ، تفاصيله بالكامل تريد أن تذوب شيئاً فشيئاً وتصبح دخناً يتسرب ببطء إلى شاشة هاتفه حتى يختفي كلياً في محموله النقال الصغير ، أستهوتني اللعبة ، لعبة مراقبته من بعيد ، شعرتُ بأن هذا المحمول اللعين سوف يلتهمه ، أحسست بأن هذه الآفة الإلكترونية سوف تلدغه فيموت مسموما لأهرع إلى أمه المسكينة في المطبخ ، وجدته يبتسم وينظر إلى ثم هتف ” واااااو ألف لايك ” ، نظرت إلى عدد المعجبين تحت صورته التي نشرها فوجدت فعلاً العدد كبير وفي تزايد كل ثانية ، استغربت ، أنها مجرد صورة عادية له ماداً شفتيه وكأنه يقوم بتقبيلك من خلف الشاشة ، تذكرت نصي البائس وعدد المعجبين ، هذا العدد لا يتعدى أصابع اليد ، اقتربت أكثر من أبن أختي المراهق ، هذا الولد الفذ لا بد أن لديه كاريزما عالية ، نظرت إليه متسائلة فأبتسم وأخيراً فهمت أنه برنامج صغير جداً تضعه في هاتفك ، ثم تتبع خطوات معينة وما هي إلا دقائق حتى ينهمر عليك المعجبين والمعجبات ، اقتربت أكثر ، اقتربت حتى صرت ملاصقة للولد وجربت البرنامج بنفسي ووصل عدد المعجبين تحت نصي البائس إلى المئات .
– هل هؤلاء أشخاص لديهم اشتراكات حقيقية في هذا الفضاء الأزرق ؟
اكتشفت أن لديهم اشتراكات حقيقية وأصدقاء وتفاعل وصور ومنشورات وأن العدد الكبير الموجود تحت نصي البائس ليس مجرد رقم وهمي أبدا
هالني ما اكتشفته ، شعرت بالاستياء ، أحسست أن عالمي نظيف ونقي وصادق وطاهر ، وارتعبت من مجرد فكرة أن يصل أعجاب مني دون علمي تحت نص يكفر بالله ، أو تصل سبابتي الافتراضية الزرقاء دون إرادتي لتضغط تحت صورة خليعة أو مقطع مشبوه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خيرية فتحي عبد الجليل
* كاتبة من ليبيا
خيرية فتحي عبد الجليل
* كاتبة من ليبيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق