كهلٌ تجاوز السبعين ، على كرسي متحرك ، مصاب بالشلل والرعاش وبداءِ الذكريات .
يرقبُ الطرقات .. وكأن فيها انعتاقَ روحه ِ من قيدٍ أتعبه سنيناً ..
ستائر نافذته الرثة تحجبُ عنه بعض الرؤيا .. فتبعدها يدهُ المرتجفة بصعوبة …
أثاث الغرفة .. سريرٌ يفتقدُ صاحبته ، وخزانة تحوي ملابسه وملابساً لسيدةٍ لم تُمس منذ فترةٍ ليست بقليلة ..
هم .. أصدقاؤه المخلصون ، يعرفهم جيداً ويعرفونه ..
شهدوا معهُ أياماً جميلة ..
ورفيقةُ دربه قبل أن يختارها الموت .. رقيقةً كانت .. أحبَها منذُ النظرةِ الأولى ..
وهي عشقتهُ كما يجب أن يكون العشق ..
عطوفة .. بشوشة .. أسعدتهُ حيناً من دهرٍ ..
موتها كسرَ قلبهُ ..
وما زال لهذه اللحظة يسمع صدى صوتها في أركان الغرفةِ تناديه .. وتضحك ..
أسعدُ لحظاتهِ معها ميلاد ابنه منها ..
ابنه الذي أغدقَ عليه وأعطاه كل ما يملك ليتملك حياة آمنه … كريمة .
لم يسيطر على دموعه .. هطلت وهو يردد :
( وحدهم الأموات الذين تركونا بغير رغبةٍ منهم يستحقون دموعنا )
على فراش الموت كانت توصيه بابنهم الوحيد ، لم ينتابها الشكُ للحظة أن ابنها من يحتاج لتلك الوصية ..
تمرُ ليال عجاف .. ووجعهُ فيها يكبر ..
يخرج ابنه صباحاً .. يطارد ُ أوهامهُ .. ويعود متأخراً غير مكترثٍ
بوالدٍ انحنى جسده ليرفعهُ ..
يسمعُ فقط وقع أقدامهِ وهو يمرُ من أمام غرفتهِ فيبتسم أنه بخير
وقد تتباطأ خطواتهِ ، في إحدى تلك الليالي فيعظم الأمل بقلب الأب ِ ..
بأنه قد يأتي ويراه .. أو يسمع صوته الذي اشتاقه ..
مجرد أمل .. لا يتحقق ..
وتتوالى الأيام ..
والعجوز في غرفتهِ يُحدث الجدران عن أيام شبابه وعن عروسه .. كم كانت فاتنة ..
لا يقطع حديثه إلا لحظات من ألم ومذلة …
وزوجةُ ابنهِ المتسلطة ترمي بعضاً من طعامٍ وشرابٍ له .. وهي تتأفف متذمرة ..
سمعها اليوم .. تقول للخادمة بعصبية :
غداً سنزيل الستائر القديمة البشعة .. وننظف الغرفة من القذارة .. العجوز سيذهب لدار المسنين
كل محيطات الأرض لن تستطيع أن تُبللَ ريقهُ الذي جفَ فجأة ..
حاول عبثاً أن تصل يدهُ المرتعشة إلى كأس الماء القريب ..
برودة غريبة اجتاحت جسدهُ المتعب فجأة ..
وألقت جفونه المثقلة ستار الدهشةِ الأخيرة على عينيه فأغمضها مجبراً ..
وفي لحظةٍ مسروقة من حياة فانية .. رآها ..
عروسه .. كما كانت .. شابةً جميلة ً ..
ترتدي فستانها الأخضر الذي يحبه ..
مدّت لهُ يدها مبتسمة .. وقفَ على قدميه ِ ..
اختفى الرعاش ..
وأمسكها بقبضتهِ القوية ..
وكأنه في عنفوان شبابهِ ..
لحظةً .. هي آخر ما عهده من الدنيا ..
” وقضى ربكَ ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ”
يرقبُ الطرقات .. وكأن فيها انعتاقَ روحه ِ من قيدٍ أتعبه سنيناً ..
ستائر نافذته الرثة تحجبُ عنه بعض الرؤيا .. فتبعدها يدهُ المرتجفة بصعوبة …
أثاث الغرفة .. سريرٌ يفتقدُ صاحبته ، وخزانة تحوي ملابسه وملابساً لسيدةٍ لم تُمس منذ فترةٍ ليست بقليلة ..
هم .. أصدقاؤه المخلصون ، يعرفهم جيداً ويعرفونه ..
شهدوا معهُ أياماً جميلة ..
ورفيقةُ دربه قبل أن يختارها الموت .. رقيقةً كانت .. أحبَها منذُ النظرةِ الأولى ..
وهي عشقتهُ كما يجب أن يكون العشق ..
عطوفة .. بشوشة .. أسعدتهُ حيناً من دهرٍ ..
موتها كسرَ قلبهُ ..
وما زال لهذه اللحظة يسمع صدى صوتها في أركان الغرفةِ تناديه .. وتضحك ..
أسعدُ لحظاتهِ معها ميلاد ابنه منها ..
ابنه الذي أغدقَ عليه وأعطاه كل ما يملك ليتملك حياة آمنه … كريمة .
لم يسيطر على دموعه .. هطلت وهو يردد :
( وحدهم الأموات الذين تركونا بغير رغبةٍ منهم يستحقون دموعنا )
على فراش الموت كانت توصيه بابنهم الوحيد ، لم ينتابها الشكُ للحظة أن ابنها من يحتاج لتلك الوصية ..
تمرُ ليال عجاف .. ووجعهُ فيها يكبر ..
يخرج ابنه صباحاً .. يطارد ُ أوهامهُ .. ويعود متأخراً غير مكترثٍ
بوالدٍ انحنى جسده ليرفعهُ ..
يسمعُ فقط وقع أقدامهِ وهو يمرُ من أمام غرفتهِ فيبتسم أنه بخير
وقد تتباطأ خطواتهِ ، في إحدى تلك الليالي فيعظم الأمل بقلب الأب ِ ..
بأنه قد يأتي ويراه .. أو يسمع صوته الذي اشتاقه ..
مجرد أمل .. لا يتحقق ..
وتتوالى الأيام ..
والعجوز في غرفتهِ يُحدث الجدران عن أيام شبابه وعن عروسه .. كم كانت فاتنة ..
لا يقطع حديثه إلا لحظات من ألم ومذلة …
وزوجةُ ابنهِ المتسلطة ترمي بعضاً من طعامٍ وشرابٍ له .. وهي تتأفف متذمرة ..
سمعها اليوم .. تقول للخادمة بعصبية :
غداً سنزيل الستائر القديمة البشعة .. وننظف الغرفة من القذارة .. العجوز سيذهب لدار المسنين
كل محيطات الأرض لن تستطيع أن تُبللَ ريقهُ الذي جفَ فجأة ..
حاول عبثاً أن تصل يدهُ المرتعشة إلى كأس الماء القريب ..
برودة غريبة اجتاحت جسدهُ المتعب فجأة ..
وألقت جفونه المثقلة ستار الدهشةِ الأخيرة على عينيه فأغمضها مجبراً ..
وفي لحظةٍ مسروقة من حياة فانية .. رآها ..
عروسه .. كما كانت .. شابةً جميلة ً ..
ترتدي فستانها الأخضر الذي يحبه ..
مدّت لهُ يدها مبتسمة .. وقفَ على قدميه ِ ..
اختفى الرعاش ..
وأمسكها بقبضتهِ القوية ..
وكأنه في عنفوان شبابهِ ..
لحظةً .. هي آخر ما عهده من الدنيا ..
” وقضى ربكَ ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق