الواقع اليوم يذكرني بحكاية قديمة سمعتها وصغتها بطريقتي واحتفظ بها بين اوراقي، وجاء وقتها المناسب.
أحد ملوك العالم العظماء أراد ثوبا ملكيا لم يرتديه أحد من قبله، وخصص جائزة مالية كبيرة جدا للخياط الذي ينجح بإنتاج مثل هذا الثوب.
بدأت المنافسات بين خياطي المملكة.
أنتج الخياطون مئات وربما الاف قطع الثياب الفاخرة، والمرصعة بالذهب والفضة والالماز والاحجار الكريمة، لكنها لم تجد قبولا من الملك العظيم.
مجلس الوزراء والحاشية المقربة حيرها أمر الثوب الملكي. بل وبدأ الوزراء يبحثون في مختلف الأقطار عن خياط مشهور قادر على انتاج ثوب ملكي رائع، ولم يبخلوا بالميزانيات، حتى انهم قللوا من سرقاتهم لتوفير متطلبات ميزانية الثوب الملكي بلا نقصان وفضائح بحالة انجاز أحد الخياطين ثوبا ملكيا لم يرتديه أي ملك من قبل مليكهم.
مضت أيام وأشهر والتوتر يزداد، والملك غاضب من حاشيته لعجزهم عن إيجاد خياط ينتج ثوبا للملك لم يسبق لأي ملك آخر ان ارتدى مثله. ساد خوف شديد بين أعضاء الحاشية، بأن يأمر الملك بتسريحهم وتعيين حاشية جديدة مكانهم. تشاوروا وقرروا ان يعيد كل واحد منهم نصف ما سرقه من أموال الدولة، لتغطية البحث عن خياط ينتج ثوبا ملكيا يلقى استحسان الملك. حتى لو ملأه كله بالذهب والألماز والأحجار الكريمة. لا لن يبخلوا على الملك بالأموال ..
في فجر أحد الأيام جاء خياط كبير في السن، وعرض على الحاشية ان يقوم بالمهمة العظيمة بإنتاج ثوب ملكي نادر لا يراه الا العظماء وان من يرتديه لا يشعر بانه يرتدي ثوبا. بعد التشاور، قرروا انهم لن يخسروا شيئا إذا جرب ذلك الخياط حظه.
التقى الخياط مع الملك وأقنعه بأنه سيصنع له ثوبا عظيما لا يراه سوى الحكماء. اقتنع الملك بمهارة الخياط، وقال له: إذا نجحت بذلك ستتلقى هبة ملكية كبيرة جدا.وسأله: متى يجهز الثوب؟
أجاب الخياط: غدا يا مولاي.
- كيف ذلك، ومن سبقوك اشتغلوا أشهرا عديدة على انجاز الثياب التي رفضتها؟
- لأنهم أغبياء يا جلالة الملك.
في فجر اليوم التالي كان الخياط على باب القصر، ويديه خاليتين.
- أين الثوب؟
- يا جلالة الملك، اعددت لك ثوبا لا يراه الا الحكماء، الآن سترتديه ..
- لكني لا أرى ثوبا معك
- انه ثوب لا تراه الا عيون الحكماء .. جلالة الملك، اقلع هدومك لأطرح الثوب على جسدك.
وهذا ما حصل. خرج ملك على حاشيته ووزراءه وشخصيات المملكة عاريا تماما، تأملهم، كانوا حقا منبهرين وهم ينظرون اليه، سألهم:
- انظروا الي جيدا، اليوم ارتديت ثوبا يقول عنه الخياط انه ثوب لا تراه الا عيون الحكماء، وانتم أكثر الحكماء حكمة في مملكتي ،.. ما رأيكم في هذا الثوب السحري الذي لا يراه سوى الحكماء.
امسك الخوف السنتهم، خوفا من اغضاب الملك العاري امامهم.
قال كبير الوزراء: يا له ثوب عظيم يا مولاي.
سارع أعضاء الحاشية والوزراء الى مدح الثوب العظيم. فقالوا: يا مولانا، لم نر في حياتنا أجمل ولا أروع من هذا الثوب.
في تلك اللحظة دخل طفل صغير، تأمل الملك العاري، وقال له لماذا لم ترتدي ثوبك الملكي. ضحك الملك، فالطفل لم يصل بعد لمستوى الحكماء كي يرى ثوب الملك الرائع.
وأنتم أعزائي حاشية الجبهة، بقوا الحصوة من تحت لسانكم وقولوا لقادتكم الحقيقة المرة، الجبهة مثل الملك إياه، عارية تماما وتتوهم انها بأجمل ثوب وأكثره عظمة!!
nabiloudeh@gmail.com
أحد ملوك العالم العظماء أراد ثوبا ملكيا لم يرتديه أحد من قبله، وخصص جائزة مالية كبيرة جدا للخياط الذي ينجح بإنتاج مثل هذا الثوب.
بدأت المنافسات بين خياطي المملكة.
أنتج الخياطون مئات وربما الاف قطع الثياب الفاخرة، والمرصعة بالذهب والفضة والالماز والاحجار الكريمة، لكنها لم تجد قبولا من الملك العظيم.
مجلس الوزراء والحاشية المقربة حيرها أمر الثوب الملكي. بل وبدأ الوزراء يبحثون في مختلف الأقطار عن خياط مشهور قادر على انتاج ثوب ملكي رائع، ولم يبخلوا بالميزانيات، حتى انهم قللوا من سرقاتهم لتوفير متطلبات ميزانية الثوب الملكي بلا نقصان وفضائح بحالة انجاز أحد الخياطين ثوبا ملكيا لم يرتديه أي ملك من قبل مليكهم.
مضت أيام وأشهر والتوتر يزداد، والملك غاضب من حاشيته لعجزهم عن إيجاد خياط ينتج ثوبا للملك لم يسبق لأي ملك آخر ان ارتدى مثله. ساد خوف شديد بين أعضاء الحاشية، بأن يأمر الملك بتسريحهم وتعيين حاشية جديدة مكانهم. تشاوروا وقرروا ان يعيد كل واحد منهم نصف ما سرقه من أموال الدولة، لتغطية البحث عن خياط ينتج ثوبا ملكيا يلقى استحسان الملك. حتى لو ملأه كله بالذهب والألماز والأحجار الكريمة. لا لن يبخلوا على الملك بالأموال ..
في فجر أحد الأيام جاء خياط كبير في السن، وعرض على الحاشية ان يقوم بالمهمة العظيمة بإنتاج ثوب ملكي نادر لا يراه الا العظماء وان من يرتديه لا يشعر بانه يرتدي ثوبا. بعد التشاور، قرروا انهم لن يخسروا شيئا إذا جرب ذلك الخياط حظه.
التقى الخياط مع الملك وأقنعه بأنه سيصنع له ثوبا عظيما لا يراه سوى الحكماء. اقتنع الملك بمهارة الخياط، وقال له: إذا نجحت بذلك ستتلقى هبة ملكية كبيرة جدا.وسأله: متى يجهز الثوب؟
أجاب الخياط: غدا يا مولاي.
- كيف ذلك، ومن سبقوك اشتغلوا أشهرا عديدة على انجاز الثياب التي رفضتها؟
- لأنهم أغبياء يا جلالة الملك.
في فجر اليوم التالي كان الخياط على باب القصر، ويديه خاليتين.
- أين الثوب؟
- يا جلالة الملك، اعددت لك ثوبا لا يراه الا الحكماء، الآن سترتديه ..
- لكني لا أرى ثوبا معك
- انه ثوب لا تراه الا عيون الحكماء .. جلالة الملك، اقلع هدومك لأطرح الثوب على جسدك.
وهذا ما حصل. خرج ملك على حاشيته ووزراءه وشخصيات المملكة عاريا تماما، تأملهم، كانوا حقا منبهرين وهم ينظرون اليه، سألهم:
- انظروا الي جيدا، اليوم ارتديت ثوبا يقول عنه الخياط انه ثوب لا تراه الا عيون الحكماء، وانتم أكثر الحكماء حكمة في مملكتي ،.. ما رأيكم في هذا الثوب السحري الذي لا يراه سوى الحكماء.
امسك الخوف السنتهم، خوفا من اغضاب الملك العاري امامهم.
قال كبير الوزراء: يا له ثوب عظيم يا مولاي.
سارع أعضاء الحاشية والوزراء الى مدح الثوب العظيم. فقالوا: يا مولانا، لم نر في حياتنا أجمل ولا أروع من هذا الثوب.
في تلك اللحظة دخل طفل صغير، تأمل الملك العاري، وقال له لماذا لم ترتدي ثوبك الملكي. ضحك الملك، فالطفل لم يصل بعد لمستوى الحكماء كي يرى ثوب الملك الرائع.
وأنتم أعزائي حاشية الجبهة، بقوا الحصوة من تحت لسانكم وقولوا لقادتكم الحقيقة المرة، الجبهة مثل الملك إياه، عارية تماما وتتوهم انها بأجمل ثوب وأكثره عظمة!!
nabiloudeh@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق