اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

مدينة مرثية || فؤاد حسن محمد- جبلة - سوريا

ما أهدأ الركام! الركام ساكن الآن، كحجارة بازلت تركها بركان ثائر قبل آلاف السنين، مستقر على الأرض كما لو أنه وجد هكذا، رماديا مبعثرا..انطلق رحيم مروعاً جرذاً يقرض بقايا عظام ،قافزاً فوق لوحة إعلانات لمصنع حلويات ،يلحقه ظلان جعلهما لون ثيابهما الأسود مثل شبحين .
إنهم يتجمعون في الساحة ،قال رحيم وفتح منخريه مستنشقا دفعة جديدة من الهواء النتن ،فهنا كل شيء مليء بأكياس القاذورات ،لم يرى أي شئ يقززه ، هو أذعن لنداء المؤذن ،إنه نداءه في الحقيقة ،ولأن رحيم لا يبالي إذا كانت نتانة الهواء من قاذورات يتعين التخلص منها سريعا ، أو روائح تفوح من جثث لم تتحلل نهائيا ، توقف قليلا وهو يصغي إلى خفقان صيحات ليست بعيدة :
- سلمية ....سلمية ؟؟؟!!!!!

و ثمة مكبر صوت ورجل يهتف :
- واحد ...واحد ...واحد
لكن الكلمات الباقية غير مفهومة ،وترتفع الأصوات بسبب الغضب أو السعادة ،لا يستطيع التفسير ، أما هنا حيث يقف رحيم فأن شيئاً وحشياً خارقاً للعادة يطفح في عين من ينظر ، أكياس رمل ، دشم ترابية ، أنفاق تحت الأرض ، أعلام سوداء ،شعارات طائفية تحرض على القتل فتحات في الجدران ،الكائنان الوحيدان اللذان يختالان بزهو القطط والكلاب .تهر وتعوي مستمتعة بالخراب .
إلا أنَّ حركة مفاجئة لفتت انتباه رحيم ،ثمة قناص محدباً ظهره ، تائهاً في عالمه الخاص ، يراقب هدفا من تحت أشلاء بناء متدلٍ من طابق مرتفع ،وضع يده على الزناد ، وعينه تراقب بنعومة عبر زجاج منظار أمريكي طفلاً محمولاَ على كتف أحد المتظاهرين .
انطلق رحيم مجددا باتجاه الساحة ،خطوات أقدام مسرعة على الإسفلت يتجاوزه الشبحان بسرعة :
-هششش....هششش
نظر إليهما وابتسم ،توقف في الميدان ،أعجبه هذا الصخب الذي أثاره صراخ المتجمهرين في أذنه ،بدأ يصرخ مثلهم وهو يتابع انعكاس صوته في الساحة ،هو الآن أمام لحظة أسمى تلاءم مزاجه ،ولم يكن بمقدور شيء أن يفعل ذلك سوى الصراخ ، صراخ لم يجهد في اختياره .
ما هذا الذي يحدث هنا ؟؟؟مساً غريبا يلعب بدمائهم، لا وجود للحياة ،شيء يشبه حفلة صيد حيوان ضعيف بالحراب .
نجح رحيم في تثبيت قدميه على الرصيف ، أحسّ بشعور غريب بالخفّة ،بشيء من السعادة إلى حد الخزي ،وهذه المرة كان يختنق في لغو كبير أمام صراخ:
بدنا نبيد ال..... بدنا نبيد الـــ... " فيما يردد خلفه قطيع من المهووسين الطائفيين الهتاف نفسه، بغبطة و حبور شديدين، ضجيج هائل لشعار دفين يعرف من يطلقه انه في خطر ، لكن هنا اقترب منه احدهم وأراه قنبلة وبندقية مخفيتين تحت معطف اسود ،قائلا بلهجة حازمة :
-نحن نحمل السلاح لحمايتكم من النظام
وتابع في شبه ضحكة " جيش الإسلام " مشيرا إليه أن ينزل إلى الساحة .
راوده شعور أعجز عن تفسيره ،لا فرح ولا غياب للخوف ،بل لعلها خطوة عكس الاتجاه ،شيء شبيه بالعبور المفاجئ في مستنقع قذر يجلب المتعة للنفس .
شيء مضحك أن تصبح ثائرا على الشرف ،ويبدو أن رحيم تصرف بدافع التوحش أو التعصب الديني ،أرغم بتأثير عصابة قليلة العدد ،أن يخوضوا التمرد بدافع السطو ونهب أملاك الأقليات ،بعد سحلهم أو ترحيلهم أو دفنهم في خنادق خارج المدن .
أدهشه أنه يقف باسطا يديه على عظام كتفي شخصين في الصف الثاني ، ولا يفهم لماذا يقفز على قرار إيقاع هتاف لا قرار له:
- الشعب يريد إسقاط.....؟؟؟!!-
وفجأة سأل نفسه :
- لماذا أنا هنا ؟؟؟
أحس بانفراج يسود جسده كله ، وهو يقفز فيعلو صوت نعليه على إسفلت الشارع ، وود كثيرا أن يكون سببا في إثارة الانتباه ، هو ذا يقفز إلى فوق فوق ، يبدو له في دقائق كهذه أنه يدرك كل شيء عن القذارة وأن الحثالة سيكون حليفها النصر .
ولأنه تعب قليلا سعل لا إراديا ،وتوقف قليلا ،وانتبه إلى سحابة بنطاله المفتوحة التي كان تنفتح وتنغلق مع كل قفزة ،مد يديه وسكره بسرعة ، والتفت إلى اليمين ، شاب يحمل على كتفيه طفلا خطف من حارة مؤيدة،ما
ما أجمل هذا الطفل ، وجهه مثل هلة القمر، عُصب رأسه بشريطه سوداء كتب عليها " لا اله إلا الله " وفجأة تملك رحيم إحساس منفرج أن هذه الفوضى صنعت من نفس حروف هذا الشعار ، أو من نفس المواد التي صنعت منها تلك الكاميرا الأمريكية التي تضيء وجه الطفل المخدر بإبرة مورفين .قال الشاب الذي على يمينه
- لم يستغرق الوقت طويلا
الأمر سيان عند رحيم ،طال أم قصر ، نظر إلى الناس حوله تقفز ،فقفز بخفة ،يرتفع توحش صراخه وتتزايد سرعة أنفاسه وهو يقترب من العتبة المرتفعة ، ويتخيل نفسه حصانا جامحا فتسري رعشة خفيفة ويوهم نفسه وسط الحرية ..الدماء ...بوهم أن الثورة تنتصر بالقفز .
ضغط القناص على الزناد ، سمع أزيز رصاصة ارتطمت برأس الطفل الذي مات بسرعة ، بينما كان المصور يوثق الحادثة لأن لتلك اللحظة شبقًا لا تحتملُ تفويته.. خصوصًا مع تلك التكبيرة العالية من مراسل إحدى القنوات العربية :
- الله أكبر ...أحد قناصة النظام يقتل طفلا
أنقذف الدم الأحمر ليغرق رحيم وهو يواصل القفز ،أنصت بدقة لصوت الدم يشخب وهو يشق طريقه على الإسفلت مهرولا بين الغرف المصفوفة على جانبي الطريق التي ستبقى لزمن طويل غرفا للموت وأخرى للكراهية
فؤاد حسن محمد- جبلة- سوريا

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...