اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

النسر والأرملة السوداء | قصة قصيرة ...*متولي محمد متولي

⏪⏬
أحاول أن أكتب قصتي، لكن الورق لا يسعفني، كلما اقتربت من إنهاء ورقة بلَّلتها دموعي! وبمجرد أن تمتزج الدموع بالحبر؛ تتحوَّل الحروف والكلمات إلى بقع ٍكبيرة؛ يستحيل على أي شخص أن يقرأها، حتى علي َّ أنا مع أنني أنا الذي كتبها !
بعد محاولات عديدة، ألقيت الأوراق كلها في سلة المهملات؛ وكسرت القلم؛ وقذفت به فوق الأوراق، مرَّت دقائق وأنا أنظر في ألبوم الصور في محاولة مني لنسيان فشلي في الكتابة، الصور تذكرني بأجمل أيام عمري؛ زفافي أنا وأميرة، حب حياتي، كنت وقتها ملازم أول بنجمتين، واليوم أصبحت أحمل على كتفي نسرا، والجميع ينادونني " سيادة الرائد "
هدأتُ قليلا، فمددت يدي في السلة؛ وأمسكت إحدى الأوراق! انتابتني الدهشة عندما نظرت إليها، وقلت متعجبا :
- ربما قصتي فعلا مبهمة وغامضة مثل هذه البقع التي لا يمكن قراءتها أو تفسيرها!
أضاءت في رأسي المتعب فكرة أعجبتني؛ على الفور أمسكت هاتفي النقال؛ وشغَّلت برنامج مسجل الصوت، إنني لن أُطِيل، فقط سأذكر بعض الأمور التي تهم زوجتي أميرة وابنتي التي لم تأت ِبعد، الدموع لا تتوقف، يبدو أنه مرض ما، مثل هذا المرض النادر الذي أخبرني الأطباء منذ أيام أنني مصابٌ به ِ!
من أين أبدأ ؟! الكلام يذوب ويختفي مثل الملح! أطفأت الجهاز؛ وأعدت تشغيله أكثر من مرة! وأخيرا انفكت عقدة لساني، ووجدتني أتكلم وأقول :
- زوجتي الحبيبة؛ أميرة؛ ابنتي يسرا التي لن أستطيع أن أراها أو أقبِّلها أو أضمها إلى صدري ..
اختنقت الكلمات في حنجرتي؛ وانفجرتُ باكيا؛ نوبة شديدة من البكاء المتواصل جعلتني أتذكَّر تعنيفي وتوبيخي لأحد الجنود عندما انهار باكيا؛ وهو يرى أشلاء رفاقه تتطاير أمام عينيه؛ بسبب انفجار لغم أرضي؛ أتذكَّر جيدا أنني – رغم هول المشهد – قلت له بكل صلف وغرور :
- امسح دموعك يا عسكري! الجندي المقاتل لا يبكي مهما حدث؛ البكاء فقط للنساء!
لم تمض دقائق حتى انفجر لغم ٌ آخر جعله يلحق بزملائه بأسرع مما يمكن تخيله! وعدت وحدي بعدما فقدت كل من كانوا معي في هذه المهمة! عجبا كيف لم أنتبه لكل هذا ! عمليات كثيرة في منطقة العلمين استُشهد فيها الكثير من الجنود والضباط، وكنت أنا الوحيد الذي يعود في كل مرة سليما! لم أصب بخدش ٍ واحد ٍ في أي عملية من عمليات التنقيب عن الألغام! لا يمكن أن يكون هذا مجرد مصادفة! الأعجب من ذلك أنني منذ بضعة شهور أشعر بآلام ٍ تتزايد في قلبي؛ وفي أعلى الرأس؛ وأشم رائحة الدم داخل أنفي؛ إحساس ٌ فظيع بأنني أنزف من الداخل، شعور ٌ دائم ٌ بأن تحت فروة رأسي شلال هائل ٌ من الدماء! وعندما ذهبت إلى المستشفى العسكري؛ وبعد الأشعة والفحوصات والتحاليل، فوجئت بما لم يكن في الحسبان، أنا الذي يحسدني كل زملائي ويلقبونني دائما بالمحظوظ؛ أبلغني الأطباء بأنني سأموت خلال أيام !
- يا إلهي! أيام فقط، ليست أسابيعا أو شهورا !
- للأسف ..
- وما هذا المرض الذي اختصر عمري كله في بضعة أيام؛ من حقي أن أعرف اسم المرض الذي أصابني!
- للأسف، إنه مرض نادر، ومعلوماتنا عنه قليلة جدا !
- أليس له علاج؛ عملية تنقذني من الموت ؟!
- للأسف، لا .. لا يوجد علاج، ولم نتوصل لعملية يمكن إجراؤها للتخلص من هذا المرض!
- سيدي! زوجتي حامل وعلى وشك أن تضع، بعد شهر أو اثنين سأصبح أبا، ألا توجد طريقة؟ لا أطمع في أكثر من أن أعيش حتى أرى ابنتي، الطبيبة أخبرتنا أنها أنثى ولذلك قررت أنا وزوجتي أن نسميها يسرا؛ فقد صبرنا أكثر من تسع سنوات حتى تحقق حلمنا!
غلبني النعاسُ، وقطع حبل أفكاري؛ لكنه لم يوقف دموعي التي ظلت تسيل حتى وأنا نائم! كانت زوجتي عند أمها، ولو علمت بوجودي في الشقة لجاءت على وجه السرعة؛ لكنني لم أستطع إخبارها بوجودي، كما أنني لم أخبرها بأنني سأموت؛ إنها تحبني ولن تتحمَّل الصدمة؛ وقد يصيبها مكروه هي والجنين، لا؛ لن أخبرها! لقد تحمَّلت معي الكثير؛ وضحت من أجلي؛ وصبرت تسع سنين؛ ولم تجرحني يوما؛ رغم أنني كنت أنفعل كثيرا عليها؛ مع ذلك لم تعايرني يوما بأنني السبب في عدم الإنجاب! كم من المشاكل افتعلت أمها طمعا في تطليقنا، فقد كانت تتوق إلى حفيد ٍ أو حفيدة ٍ؛ لكن أميرة كانت دائما تنصفني وتقف في صفي؛ يا الله! لو كنت أعرف أنني سأموت ما أغضبتها يوما؛ ولكنت أسعدتها بكل طريقة!
لم يطل نومي! وعندما نظرت في الساعة، عرفت أنها كانت غفوة! أنى لمثلي أن ينام؟! من علم أن الموت يطلبه كيف يهنأ ويرتاح؟! أيام قليلة وأدخل قبرا ضيقا مظلما! ربما من الأفضل لي أن أخرج وأعيش ما تبقَّى لي من أيام؛ وأمتع نفسي؛ وأعوض عليها ما فاتها! لا، لا .. الأفضل أن أستعد للموت، وللقبر! نعم القبر ذلك المكان الضيق الذي نذهب إليه ولا نعود منه! دخلت الدولاب؛ ثم أغلقته وأنا في داخله! كدت أختنق؛ ففتحته بسرعة؛ وخرجت؛ وأنا أسعل سعالا شديدا من الأتربة المتراكمة بداخله! رفعت ملاءة السرير وتدحرجت؛ حتى أصبحت ممددا تحته؛ ووضعت ذراعي اليمنى فوق اليسرى متعانقتين على صدري تماما مثل المومياء! ثم أغمضت عيني َّ، وكأنني أختبر نفسي لحظة الموت! يبدو أنني أصبت بالجنون! عندما هممت بالخروج من تحت السرير، سمعت باب الشقة يُفتح؛ فتجمَّدت ُ في مكاني، وجففت دموعي بأكمامي؛ وأخذت أهيئ نفسي، فليس من مصلحة زوجتي الغالية أن تراني وأنا على هذه الحالة! وأنا أقلب أفكاري يمينا وشمالا بحثا عن أي موضوع أشغلها به؛ حتى لا تلاحظ حزني وانكساري! صك أذني صوت أمها! قلت لنفسي متسائلا :
- ما الذي جاء بها .. هل جاءت مع أميرة؛ لتساعدها في حمل الملابس التي تحتاجها ؟!
لكنني لم أسمع إلا صوت حماتي! يبدو أنها جاءت وحدها! من تحت السرير؛ رأيت باب الغرفة ينفتح؛ ورأيتها وهي تدخل ببطء، لكنها لم تتوجه مباشرة نحو الدولاب؛ لإحضار الملابس المطلوبة! بل توجهت مباشرة نحو صورتي المعلقة، والتي التقطت لي وأنا بكامل هيئتي العسكرية بعد ترقيتي الأخيرة لرتبة رائد ٍ! وقفت أمامها تتفرَّس فيها بصورة عجيبة، ولم تهتم أبدا بالنظر إلى صورة زفافي أنا وابنتها! بعد دقائق فوجئت بصوتها وقد تبدَّل بطريقة مخيفة وأصبح أكثر شبها بفحيح الأفاعي! سمعتها تقول بغل ٍّ واضح :
- فرحان بالنسر يا حضرة الضابط! حقك تفرح؛ وتتجبَّر؛ وتطيح فينا؛ وتضرب ابنتي الوحيدة؛ وتهينها؛ وتكسر قلبها! صحيح هي سامحتك لأنها تحبك؛ لكن أنا مستحيل أن أسامحك؛ خصوصا أنك سبب مرضي؛ بسببك أصبحت مريضة بالسكر؛ لكن عن قريب نكون خالصين؛ السم أكيد بدأ يتمكن منك ؛ استعد للكفن يا باشا! ياه، صحيح نسيت أن الكفن لا فيه نسر؛ و لا فيه بدلة! لكن صدقني يوم ما أسمع خبرك – نذر، ولا بد أوفي النذر – أن أوصي الحانوتي يدفن معك النسر والبدلة .

*متولي محمد متولي بصل
دمياط
ـــــــــــــــــ
من المجموعة القصصية " الحب في الوقت الضائع "

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...