⏪⏬
استطيع أن أقول إنني كنت الولد المدلل صاحب اللثغة المحببة للجميع، اليوم أنا صاحب الخيال الجامح، والشطحات، والرسومات الساخرة لأشخاص العائلة، قلت في نهار شتوي وأنا ممتليء بالحماس أبدأ بعمتي، حبى الشديد لها، وقطع الشيكولاته، وحكايات "الغول والأقزام السبعة" لم يمنعوني عن رسمتها بأنف عظيم يسع كمية مناسبة من النشوق تمنحها عطسة فارقة ترج كل عوالمي الخيالية، أما زوجها الموظف المناضل في ركوب المواصلات المزدحمة، صاحب الدسائس المبررة- من وجهة نظره طبعًا- في حق الآخرين، فقد رسمته على هيئة رجل دنيء يلحس بلسان عريض بسكوتة أيس كريم، هذا إلى جانب رسومات لأبى، وأمي، وأخوتي، ....
عندما يكون اسمى "عكرمة" لن أكون ذلك الولد المشاغب، لابد أن أتحول إلى كائن رملي، أقول ذلك رغم أنني لا أعرف كيف يتم ذلك الأمر حتى استطيع أن أفرغ جيوبي من الرمل قبل أن أصعد سريري المصنوع من الجريد، سأكون على أهبة الاستعداد لمن يطرق بابي طرقات ثقيلة يدعوني لمشاركتهم معركة فاصلة ضد قبيلة أغارت علينا وخطفت جميلتي... محبوبتي، ستكون عَبْدَة تحمل على كتفها الرقيق جرة الماء، وتكون محظية ومِلْك يَمِين لفارس "لا ينْذَلْ له جار ولا تنْطِفي له نار"، يتحتم علىَّ لحظتها أن ارتجل بيتين من الشعر المقفى الموزون وأستل سيفي.
عندما يكون اسمى "عكرمة" لابد أن أجيد المبارزة وركوب الخيل، وربما... ربما بحكم ثِقَلْ ذلك الاسم الذى قررت أن أحمله قد يختارني شيخ القبيلة أن أكون قائدًا ومعلمًا لفرسان الجيش، لذلك يلزمني قاموس جامد في منزلة "لسان العرب" و "المصباح المنير" حتى اختار اسمًا مناسبًا لفرسى، اسمًا غير مسبوق، أو مستعار من قريحة فرسان أمثال عنترة، أو الهلالي سلامة، أو الزير سالم، هذا علاوة على أن تكون لدى مهارة الهبوط من فوقه كما يفعل "أحمد مظهر/بجاد" في فيلم "الشيماء"، أتركه يرعى في حشائش الأرض، أنادى عليه بالاسم الذى اخترته فيأتي.
مياه شربي لن تكون باردة تسكن ثلاجة إيديال أو توشيبا 14 قدم، لكنني عندما أكون عكرمة يكون أي بئر، أو أية بحيرة صغيرة صنعها المطر ثلاجتي... عندما أكون عكرمة وقائدًا للجيش قد تستمر حروبنا أربعين عامًا تحت جمرة الشمس وعلى حواف الجبال، أو بحار الرمل، لا ننتصر فيها ولا ننهزم، لذلك فكرت كثيرًا، التقطت اسم "عكرمة" من برنامج تليفزيوني، أو أحد الأفلام القديمة، أو كتاب، لا أتذكر على وجه التحديد، نفضت عن ذلك الاسم كل ذرات الرمل الملتصق به، وضعته على الطاولة في حجرتي، إلى جوار اسمى الحقيقي "تامر"، جعلت الإضاءة عفيه، ضغطت على زر فانسابت موسيقى كلاسيك رقراقة رائعة وقلت لهما تشاجرا، كنت ابتهل أن يهزم "تامر" "عكرمة"، لأن تامر هو الاسم الذى أتعبني، وهم إلى الآن بعد أن أتممت عقدي الثالث لا زالوا ينادونني: يا توتو...توووو.. تو.
* عبد العزيز دياب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد العزيز دياب
عضو اتحاد الكتاب
كتب صدرت للكاتب
صبيحة تخرج من البحر- رواية- الهيئة العامة لقصور الثقافة- سلسلة الجوائز- 1999م
رسم الريح- مجموعة قصصية- مشروع النشر الإقليمى- فرع ثقافة الشرقية- 2003م
باب البحر- رواية- دار سندباد- 2012م
عين مسحورة- مشروع النشر الإقليمي- فرع ثقافة الشرقية- 2014م
ضرورة الساكسفون- مجموعة قصصية- الهيئة العامة المصرية للكتاب- 2017م
الجوائز الحاصل عليها
جائزة الإبدع الفنى والأدبى فى القصة القصيرة بمناسبة اليوبيل الفضى لاحتفالات أكتوبر 1998م
جائزة المسابقة الأدبية المركزية بهيئة قصور الثقافة عن رواية (صبيحة تخرج من البحر ) 1999م
جائزة مسابقة نجلاء محرم فى القصة القصيرة 2003م و 2008م
جائزة قصة الطفل فى مسابقة مجلة النصر للقوات المسلحة 2004م
جائزة نادى القصة فى القصة القصيرة 2005 و 2009 و 2010م
جائزة مسابقة ساقية الصاوى فى القصة القصيرة جدا 2010م و 2012م
جائزة مسابقة جمعية الأدباء فى القصة القصيرة 2010م
جائزة مسابقة نادي القصة في الرواية عن رواية (باب البحر) 2012م
جائزة مسابقة هيئة الشئون المعنوية في القصة القصيرة 2014م
جائزة مسابقة النشر الإقليمي عن رواية (عين مسحورة) 2016م
جائزة منى الشافعي في القصة القصيرة عن قصة (سيرة ذاتية لقفاز) 2020م
كتب قيد الطبع
موعد غرامى لمازوربا- رواية
حكايات من بيتهوفن- مجموعة قصصية
أوبرا فريال- رواية
ساعة حضور بورخيس- مجموعة قصصية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق