اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

عوليس الـفـِلـِسـْطيـني ... د.عـبـد القادر حسين ياسين

على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ،نهضت واحدة من أعظم الحضارات القديمة هي الحضارة الآرامية ـ الكنعانية.
وفي هذه المنطقة ازدهرت مدائن رائعة ،مثل أوغاريت وجبيل وصيدا وصور وعكا وسبسطية ويافا وعسقلان؛
هذه المدائن التي قـدَّمت للبشرية الحرف والفن وعـقـائد الخـصب وديانات الأسرار.
وكانت فـلسطين قـلب هذا العالم القـديم وجوهرته الأنيقة.
ومن شواطئ فـلسطين، ومن موانئ عـكا ويافا وعـسقـلان ،
ابتدعـت المخيلة الفـلسطينية أساطير البحر الجميلة، وحكايات الأبطال الذين تعـمدوا بماء الملح وباللجج العـميقة ، وبمقارعة الأنواء الغاضبة، وانغـمروا بزبد الأمواج العاتية.
في تلك البقعة المطرزة بسهول القـمح وبأشجار التـيـن والزيـتون، والمسيَّـجة بالصبار، انـبـثقت الخضرة الدائمة ، ومعها صار يدعى الصالح ذوي البركات "الخضر" أحياناً أو "مار جريس" أحياناً أخرى.
ثم ظهر الإله "داغـون"، إله القمح وأقـدم آلهة الطبيعة، وهو سرّ الحياة المتجددة في البذرة الأولى،
وسرّ الموت والانبعاث في دورة أزلية لا تنتهي.
ولعـل "نـشـيـد الإنـشـاد" التـوراتي هو، في الأساس، أغاني الحب والزفاف والحقـول التي ظهرت في هذه الأرض الجميلة، التي صاغها ببراعة نادرة رعاة الـقـفـار في بيت لحم وقاطنو الوعـر في الجـليل.

هكذا، كانت فـلسطـين دائماً ، مكاناً وادعـاً تلجأ إليه الجماعات الرعـوية،طلباً للاستقـرار في الأرض والتأمل في السماء.
وفـلسطين الآرامية ـ الكـنعانية هي التي فـتحت ذراعـيـها للأقـوام الوافدة، وغـمرتها بالدعة، وسربلتها بالطمأنينة، فكانت مسرة للناس وفي أرضها السلام.
وإلى فلسطين جاء إبراهيم الآرامي قادماً من مدينة أور في العراق، وأقام، بحسب الرواية، في مدينة الخـلـيل طلباً للأمان والرزق معـاً.

كانت أريحـا الـفـلسطـيـنـيـة، أقـدم مـديـنـة في الـتـاريـخ، أول مكان كـنـعـاني يُـجـيـر التائهـين في برية سيناء.
لكن، بدلاً من ان يحـفـظ هؤلاء التائهـون للـفـلسطـيـنـيـيـن صنيعـهم،عندما أطعـموهم وسقوهـم، وفكـّـوا عـنهم الخـوف والجوع والعطش، فـتكـوا بهم.
وما زال الأمر نفسه يتكرر حتى اليوم؛ فأحفاد يـوشـع بن نون يستبيحون بالنار أحفاد الكنعـانيين سكان البلاد الأصلـيـيـن.
في فـلسطين ظهرت المسيحـية ،كدين وارث جميع عـقـائد الخـصب القـديمة وديانات الأسرار الجميلة.
فـفي الناصرة، الحية حتى زماننا الحالي، وُلدت العـذراء مـريـم.
وفي بيت لحم وُلد يسوع. وفـوق سطوح منازلها سطعـت نجمة المجـوس.
وفي مياه الأردن اعـتمد المسيح بين يدي يوحـنا، النبي المبجـَّـل للصابئة المندائـيـيـن في بلاد الرافدين.
وحتى اليوم ما زالت مياه الأردن تتساقـط بعـذوبة من أعالي حرمون ،حيث تجـلى الـرَّب بحسب الرواية الإنجيلية.
وفي قـانا الجـلـيـل (كـفـركـنا) صنع المسيح إحدى معجـزاته،عـندما حوّل الماء الى خمر وسقى.
وفي طبرية مشى المسيح على سطح بحيرتها الأخاذة.
وفي القـدس سار الناس على خطى رسول المحبة حاملين سعـف النخـيل.
وفي درب الجلجـلة اجتاز المسيح مسيرة الآلام.

تستحق فـلسطين أن تفاخر بأن رُسل المسيح إلى العالم ،وحوارييه الأوائل كانوا فلسطينيين:
بطرس الغـيور بنى كنيسة روما.
ومتى ومرقـص ويوحـنا ولوقـا كتبوا أخبار المعلم ،وسـَطـَّـروها في الأناجيل الأربعة.
أما بولس فـقـد صارت المسيـحـية على يديه ديناً لجميع الأمم.

ما كان بإمكان اليهـودية أن تصبح ديناً إلا في فـلسطين. ولولا فـلسطين لاندثرت هذه العـقـيـدة ،
وابتلعـتها رمال صحاري التيه.
وما كان الإسلام ليصبح ديناً عالمياً لولا الشام، وفلسطين قلب الشام.
وعلى أرض فـلسطين كـتـب عـمـر بن الخطاب ،أحـد أروع نصوص التسامح في التاريخ القديم،
حينما صاغ عهداً بأن يحمي حرية سكان البلاد الأصليين في إيمانهم.

وما زالت الشمس تتوهج في كل صباح ، فوق قباب كنيسة القيامة وفوق قبة الصخرة معـاً،
وما زال آل نسيبة المسلمون يتوارثون حمـل مفاتيح كنيسة القيامة، فـيـفـتـحونها للمؤمنين صباحاً، ويغـلقـونها دون الناس ليلاً.

الـتـغـيـيـب والإنـكـار
هذا ما جرى في العصور القديمة.
لكن، منذ سـبـعـيـن عاماً بدأت قـصة "لنكبة". إنها التراجـيـديـا الـفـلـسـطـيـنـيـة التي دشـَّـنت أولى مآسيها،
بإعلان قيام إسرائيل في 15 أيار 1948.
إن قيام إسرائيل في ذلك اليوم كان، في الوقت نفسه، إعلاناً عن اندثار المكان الفلسطيني ،
الذي قام هـذا البهاء الحضاري فوقه منذ آلاف السنين.

من غرائب هذا العالم أن الناس يعـيشون في أمكنة لهم، إلا الفـلـسـطـيـني؛ فالمكان هو من يعيش فيه أينما ارتحـل وأينما حـلّ.
إنه يعيش في أمكنة كثيرة، لكنه لا يعـيش في مكانه البتة، بل في الزمن: ينتظر، يتذكر، يتأمل، يراقب تساقط شعـيرات رأسه ،وابيضاض فـوديه، يشوي رحيل الأحبة فؤاده ، وهو قابع في منافيه الكثيرة ينتظر العـودة إلى مكانه الأول.

وهذا الفـلـسطيني لا يـلـمـلـم مكتبة إلا ليـفـقـدها بعد حين،
ولا يـقـتـنـي النباتات المنزلية إلا كي تـيـبـس بعد رحيله،
ولا يربّي الحيوانات الأليفة إلا ليهـديها إلى الجيران الذين سيغادرهم يوماً ما .

والمفارقة هي أن الإسرائيليين اليوم يعيشون في المكان الفلسطيني المفـقـود نفسه، أي في منازل الفـلسطينيين التي طردهم الإسرائيليون منها ، ويرتوون من مياه آبارهم التي حفرها أجداد الفلسطينيين القدامى، وينامون في الأسرة التي غادرها أطفالهم عـند النكبة.
ما زال الفـلسطيني يقض مضاجع الإسرائيليين ليل نهار، لتشبثه بأرضه وهـويته وبسعـيه الدائم للعـودة.
وسيبقى الإسرائيليون خائفـين حقاً ، ما داموا عاجزين عن الاعـتـراف،بحق الفلسطينيين في أن يكون لهم وطن، بعدما فشلوا في محو الذاكرة الفلسطينية، وفي تحويل فكرة الوطن إلى هـباء.

يهدي العاشق حبيبته، في العادة، سلسالاً ومفتاحاً وقـلـباً من ذهـب.
ولأن الفلسطينيين يعيشون في عالم لا قـلـب له، صارت السلسلة رمزاً للقـيـود والسجون،
وصار المفتاح رمزاً للعودة المؤجلة.
هو ذا الفـلسطـيني الذي صار مثـل عـولـيـس الإغـريـقـي،الذي غادر مكانه الأول إيثاكا ليشارك في حروب طروادة.
وبعدما أثخـنـتـه آلام الغياب، ونجا من رعـب الحروب، أمضى سنوات في طريق العـودة.

وعلى هذه الطريق رأى الفردوس والأهـوال معاً، النعيم والجحيم معاً،
وذاق الحب بين ذراعي إلهة البحـر بطريقة لم يذقها كائن بشري من قبل.
ومع ذلك أصرَّ على العـودة إلى مكانه الأول.
وقد اكتشف، في ما بعـد، أن كل شيء صار وهـماً،
وأن ما مضى من الحياة لن يعود، حتى لو عاد الكائن إلى موطن شبابه.
خلاص الـفـلسطيـني، مثل خلاص عـوليس، لا يتحقق إلا بالعـودة. والعودة دونها عـذاب وموت وجحيم وعـشق ونفي واغـتـراب.
إنها التراجـيـديا بعـيـنـهـا.
وفي معـمعان هذا الألم الكوني انبثـق في سماء فلسطين أكثر من عـولـيس،
من طراز إبراهيم طوقان ، وفـدوى طوقان ،وعـبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) ،وهارون هاشم رشيد ، وراشد حسين ، وجبرا إبراهيم جبرا ،وغـسان كنفاني ، وإميل حبيبي، أو من عـيار محمود درويش الذي حـوّل أغاني التيه الحزينة إلى نشيد للحرية الموعـودة، وإدوارد سعـيـد الذي جعـل المنـفى مكاناً للأمل.

في القـدس سار المسيح في درب الآلام ، في أعـظم تراجيديا للخلاص البشري عـلى مرّ العـصور.
لكن الشعـب الـفـلـسطـيـني ما زال، منذ 70 عاماً، يسير، يومياً، في درب الآلام نفسها في أحد أكبر المصائر التراجيدية في العـصر الحـديث.
وها هي أرض السلام المفـقـود والموؤود ما برحت تكابد محـنـتها، وتصنع في كل يوم تراجيديا إنسانية فـريـدة.

مسيحيون ومسلمون ويهود، عـرب وأرمن وشركس ، وفـرس وأكراد وأتراك ،وأفارقة ويونانيون وإيطاليون ، ومالطيون ومقدونيون وألبان وروس.
دروز وبهائيون وأحمديون وسامريون.
هؤلاء سكان فـلسطين.
وعلى أرض فـلسطين عاش هؤلاء جميعـاً.
و"عـلى هـذه الأرض ما يـسـتـحـق الحـيـاة" فعـلاً.
وفـلسطين تستحق السلام حقـاً.
لكن، على هذه الأرض ثـمة صراع ممتد في الزمن.
صراع بين النفي والعـودة،
بين البقاء والفـناء،
وبين الاجتثاث والانبعاث.

د.عـبـد القادر حسين ياسين
* أكاديمي وكاتب فلسطيني مقيم في السويد.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...