أمسيّا يرتعدان برداً ويقتاتان الخوف داخل تلك "القطية" المنعزلة النائية، فى قرية تدخل ضمن شريط القرى الذي يعاني خطر الإنسان أكثر من الحيوان المتوحش
ملوال" فى الثانية عشرة و "ميرى" تعيش عامها الثامن، يتيمىّ الأب لمغادرته الحياة بسبب الحرب.. يعيشان تحت ظل أم تكافح لتأمين ما يملأ الجوف ويعين على مواصلة الحياة؛ فتعمل في المزارع حيّناً وأحيان أخرى تصنع "الطواقى" و "البروش" من السعف والعديد من المصنوعات اليدوية تبتاعها في سوق القرية والقري المجاورة
الطقس فى أسوأ حالاته .. الظلمة علي مد البصر؛ بل تكاد تظن أنك مغمض العينين لولا خيوط البرق التي ترتسم من حين إلي آخر فى الأعلى .. الريح تصوي والرعد يدوي فتحس دويّه يزلزل غرف القلب؛ ينفجر الصوت داخلك .. المطر منهمر بغزارة مخيفة كأن السماء قد خُرقت فسكبت كل مالديها من ماء
طبيعتان تسيطران على القلوب والأفئدة؛ طبيعة السماء وطبيعة البشر فى حبهم للسلطة والتسلط والملك والتملك، بيد أنهما يحسان الأمان أكثر فى مواجهة طبيعة السماء فمهما غضبت وثارت فهى رحيمة بهم عدا الأخرى؛ فتطغى أحياناً أصوات المدافع والرشاش على صوت الرعد وضوء الإنفجار يبتلع خيوط البرق ...
ارتعبت "ميرى" وملأها الفزع أكثر عندما سقطت قذيفة سمعا صوتها قريباً قالت وهى تقترب من أخيها
ملوال آنا كايف ... ثم أردفت وهى تدمع -
أمنا داى تأكر كيدى ليه ..؟-
:"أجابها "موال
ما تكاف .. آنا جمبك .. أمنا بجى حسى -
أحس بمسئولية لا تناسب سنين عمره تجاه أخته وتعهد أن يحميها .. نظر إليها بذاك الضوء المتراقص المتضائل المنبعث من المسرجة "حبوبة ونسيني" الموحي بشُح الجاز فيها
تأمل وجهها؛ سوداء .. فطساء الأنف.. ضيقة العينان.. متورمة الأجفان .. شفتان غليظتان، إنها تشبه والدهما كثيراً أكثر من والدتهما المستديرة الوجه
زادت طبيعة البشر قسوة، زاد الضرب وتعدد سماع صوت القذائف قريباً .. توقعا أن تتناثر شظايا "القطية" في كل مكان بإحدى تلك القذائف؛ وانتظرا هذا
تساءل عمَّ دفع بهم للسكن في هذه المنطقة ..؟ لمَّ يكونون هنا ولمَّ يحدث لهم كل هذا ...؟ أهي الصدفة .. ربما الرزق وطلب العيش ، أو قد يكون القدر هو ما أوجدهم هاهنا ... ؟
ذهب مع تساؤلاته بعيداً حتى شعر برأس "ميرى" يقع على كتفه، أدرك أنها استسلمت للكرى، أصلح من شأنها وعاود الذهاب مع استفهاماته؛ منتظراً قدره
مع بزوغ الشمس كان الطقس قد هدأ وخفّ وطيس المعركة، بدأت السحب تنقشع وبدأت الأصوات تجر صداها وتبتعد؛ ثم تخفُت وتختفي
جاهد النوم كثيراً طوال الليل، أحس بعينيه جافتين متورمتين ويحتاج جداً أن يغمضهما؛ قبل أن يغمض عينيه تماماً خال أمه قد عادت، أحس بدفئها عندما ضمته .. سألها ببقية صوت
ممة .. حرب داى يكيف بتين ...؟؟؟ -
رانيا مأمون
ملوال" فى الثانية عشرة و "ميرى" تعيش عامها الثامن، يتيمىّ الأب لمغادرته الحياة بسبب الحرب.. يعيشان تحت ظل أم تكافح لتأمين ما يملأ الجوف ويعين على مواصلة الحياة؛ فتعمل في المزارع حيّناً وأحيان أخرى تصنع "الطواقى" و "البروش" من السعف والعديد من المصنوعات اليدوية تبتاعها في سوق القرية والقري المجاورة
الطقس فى أسوأ حالاته .. الظلمة علي مد البصر؛ بل تكاد تظن أنك مغمض العينين لولا خيوط البرق التي ترتسم من حين إلي آخر فى الأعلى .. الريح تصوي والرعد يدوي فتحس دويّه يزلزل غرف القلب؛ ينفجر الصوت داخلك .. المطر منهمر بغزارة مخيفة كأن السماء قد خُرقت فسكبت كل مالديها من ماء
طبيعتان تسيطران على القلوب والأفئدة؛ طبيعة السماء وطبيعة البشر فى حبهم للسلطة والتسلط والملك والتملك، بيد أنهما يحسان الأمان أكثر فى مواجهة طبيعة السماء فمهما غضبت وثارت فهى رحيمة بهم عدا الأخرى؛ فتطغى أحياناً أصوات المدافع والرشاش على صوت الرعد وضوء الإنفجار يبتلع خيوط البرق ...
ارتعبت "ميرى" وملأها الفزع أكثر عندما سقطت قذيفة سمعا صوتها قريباً قالت وهى تقترب من أخيها
ملوال آنا كايف ... ثم أردفت وهى تدمع -
أمنا داى تأكر كيدى ليه ..؟-
:"أجابها "موال
ما تكاف .. آنا جمبك .. أمنا بجى حسى -
أحس بمسئولية لا تناسب سنين عمره تجاه أخته وتعهد أن يحميها .. نظر إليها بذاك الضوء المتراقص المتضائل المنبعث من المسرجة "حبوبة ونسيني" الموحي بشُح الجاز فيها
تأمل وجهها؛ سوداء .. فطساء الأنف.. ضيقة العينان.. متورمة الأجفان .. شفتان غليظتان، إنها تشبه والدهما كثيراً أكثر من والدتهما المستديرة الوجه
زادت طبيعة البشر قسوة، زاد الضرب وتعدد سماع صوت القذائف قريباً .. توقعا أن تتناثر شظايا "القطية" في كل مكان بإحدى تلك القذائف؛ وانتظرا هذا
تساءل عمَّ دفع بهم للسكن في هذه المنطقة ..؟ لمَّ يكونون هنا ولمَّ يحدث لهم كل هذا ...؟ أهي الصدفة .. ربما الرزق وطلب العيش ، أو قد يكون القدر هو ما أوجدهم هاهنا ... ؟
ذهب مع تساؤلاته بعيداً حتى شعر برأس "ميرى" يقع على كتفه، أدرك أنها استسلمت للكرى، أصلح من شأنها وعاود الذهاب مع استفهاماته؛ منتظراً قدره
مع بزوغ الشمس كان الطقس قد هدأ وخفّ وطيس المعركة، بدأت السحب تنقشع وبدأت الأصوات تجر صداها وتبتعد؛ ثم تخفُت وتختفي
جاهد النوم كثيراً طوال الليل، أحس بعينيه جافتين متورمتين ويحتاج جداً أن يغمضهما؛ قبل أن يغمض عينيه تماماً خال أمه قد عادت، أحس بدفئها عندما ضمته .. سألها ببقية صوت
ممة .. حرب داى يكيف بتين ...؟؟؟ -
رانيا مأمون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق