تحل هذه الأيام، الذكرى الـ 33 عامًا لانطلاق الانتفاضة الشعبية الفلسطينية المجيدة الباسلة، انتفاضة الحجارة، هذا الحدث الكفاحي الهام الذي لم تغب اهميته، وشكل فضاءً نضاليًا لشعبنا الفلسطيني بكل شرائحه وتشكيلاته وفصائله المختلفة، أربك الاحتلال وعراه.
ومن المعروف أن الانتفاضة لم تنفجر بقرار سياسي أو تنظيمي لأي من الفصائل الفلسطينية وقيادة الانتفاضة، بل انطلقت من قلب مخيم جباليا في قطاع غزة وامتدت إلى بقية المخيمات والقرى والمدن الفلسطينية المحتلة. وهذه الانتفاضة شكلت علامة فارقة في تاريخ الثورات ومسيرة القضية الفلسطينية والنضال الوطني التحرري الاستقلالي الفلسطيني، وصارت نمط حياة يومي واجتماعي لشعبنا الفلسطيني، واعادت القضية الوطنية الفلسطينية إلى الأجندات العالمية ووضعتها في مركز الصدارة.
وانعكست الوحدة الوطنية في الانتفاضة وتجلى ذلك في بياناتها، حيث تم توقيع النداء الاول باسم القوى الفلسطينية ثم القيادة الموحدة، ثم منظمة التحرير الفلسطينية/ القضية الوطنية الموحدة. وكل هذه الأسماء كتبت بقلم أناس منتمين إلى تنظيمات فلسطينية معروفة، لكنهم اختاروا منذ اللحظة الأولى، أسماء ذا عمومية تعبيرًا عن الوحدة. ومما لا شك فيه أن الثبات على توقيع م. ت. ف رسخ قضية الوحدة.
ولم تعتمد الانتفاضة الموقف السياسي فحسب، بل خاطبت الرأي العام الاسرائيلي والعالمي، وبثت الأمل في نفوس الجماهير الشعبية الفلسطينية العريضة، وجعلت الكثير من دول العالم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا وحيدًا للشعب الفلسطيني، وبعدالة القضية الفلسطينية، وبالتالي فتحت الآفاق أمام المفاوضات الفلسطينية، وتوقيع اتفاق اوسلو، وعودة الفلسطينيين من تونس إلى الأراضي الفلسطينية.
لقد جرت مياه كثيرة منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى وحتى الآن، وحدثت تغيرات سياسية عديدة، وانهارت المفاوضات السلمية الفلسطينية – الاسرائيلية ووصلت إلى طريق مسدود، نتيجة التعنت والرفض الاسرائيلي وتمسك حكومة الاحتلال والعدوان باللاءت المعروفة، وشهد الشارع الفلسطيني أشد حالة انقسامية في تاريخه، ترك أثرًا سلبيًا على القضية الفلسطينية، والكفاح الوطني التحرري الفلسطيني، وادى إلى تعمق مشاريع التصفية والتآمر ضد شعبنا الفلسطيني.
واليوم بعد مضي 33 عامًا على انتفاضة الحجر الفلسطيني تعيش القضية الفلسطينية أسوا أحوالها، في ظل الترهل السياسي، والتمزق الفلسطيني، وفي مرحلة التطبيع العربي الخليجي مع دولة الاحتلال، والموقف الفلسطيني المتلكئ والمتردد والمتغير، وغياب الموقف الفلسطيني الموحد الجامع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق