اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

صرّة وأغنية وبارودة .. نضال الفلسطينيّات في العشرينيّات والثّلاثينيّات

نضال الفلسطينيّات في العشرينيّات والثّلاثينيّات

⏪⏬
تحمل لطيفة درباس جرار الماء على رأسها من قرية بلعا، وتنقلها من جبل لآخر مُتقفّية أثرَ الثّوار، بينما تخرج أم وداد عاروري من قريتها في عارورة إلى قرية أمّ صفا، ثمّ إلى بيرزيت، ثمّ إلى رام الله لإيصال رسائل شفويّة من الثّوار هناك، وتعود إليهم بالإجابات، فتصف لهم طرق التّنقّل، وتنقل لهم الاحتياجات المادّيّة، وتخبرهم عن أماكن السّلاح. يوقف الجنود لطيفة درباس في الطّريق فتدّعي أنّها ذاهبة "للمشحرة لتُحضِر الفحم".

لم تكن لطفية درباس وأم داوود وحدهما من فعلتا ذلك، فقد لعبت النساء دورًا أساسيًّا في عمليّة التّموين ونقل المعلومات وتمويل الثّورة، فخلعت القرويّات مصاغهنّ، بينما دفعت المدنيّات أموالهنّ المتوارثة.1
لقد وقع الشّرط الاستعماريّ في عشرينيّات القرن المنصرم وثلاثينيّاته على العائلة بأكملها، لكنّ المتتبّعَ للوثائقِ التّاريخيّة يلحظ تغييبًا لدور النّساء الفلسطينيّات في الحياة الاجتماعيّة والنّضاليّة والاقتصاديّة في تلك الفترة. لكنّ الحكاية الفلسطينيّة ما قبل النّكبة لن تكتمل دون البحث في دور المرأة النّضاليّ وفهمه، وعدم الاقتصار على ما قدّمته المرأة البرجوازيّة المدينيّة، والّذي يُتناقلُ أغلبَ الأحيان على حساب تاريخ المرأة الرّيفيّة التي كانت أكثر انفتاحًا على العمل النّضاليّ المباشر، ربما بسبب عملها في الأرض، واضطرارها لمواجهة التحدّيات المادّيّة المترتّبة على الاستعمار.

ورغم أن الاستعمار قدّم نفسه في كثير من الأحيان على أنّه نصيرٌ لحرية المرأة، وعلى أنّ وجوده يهدف أساسًا إلى "نشر الحرّيّة والعدالة للفئات المهمّشة"، إلّا أنّ المتتبّعَ لسياق الأحداث يجد أنّ الاستعمار أضعفَ إمكانات أيّ نهضة حقيقيّة للمرأة، بحجّة المهادنة مع المجتمع والعادات والتّقاليد.

لكنّ المرأة لم تحتج إلى الاستعمار لتبرير ما تفعله، فناضلت في البيت كما ناضلت في الشّارع، قاومت الاستعمار سياسيًّا واقتصاديًّا ومعنويًّا، ووقفت إلى جانب الثّوار، مقاتلةً وناقلةً للمعلومات ورافعةً للمعنويات وحافظةً للأسرار والأسلحة.

من جبل لجبل لحملّك سلاحك
بعد الحرب العالميّة الأولى عانى الفلسطينيّون من ضغوطات اقتصاديّة هائلة، فقد كانت فلسطين ساحة حرب، الأمر الذي دمّر البنية التّحتية وخفّض من عدد السّكان وأحدث المجاعة، بالإضافة إلى غزو الجراد وانخفاض قيمة العملة، وتمزيق الاقتصاد.2

في تلك الأحيان، فرض الانتداب البريطانيّ قوانينَ توظيفيّةً منحت الوظائفَ للطّبقةِ البرجوازيّة الصّغرى على حساب الطّبقات الأخرى، وأهمل حقّ التّعليم بشكل عام، فلم يستثمر سوى 5% من ميزانيّته في ذلك القطاع. وفي نهاية عام 1927، كان عدد مدارس الذّكور ثلاثًا وخمسين مدرسة، مقابل أربعِ مدارسَ فقط للإناث، وهو ما يعكس غياب المرأة عن تفكير الاستعمار، رغم شعاراته التي دعت إلى تحريرها، رادًّا ذلك إلى أسباب عقليّة المجتمع التي لا تسمح للمرأة بالتّعليم، وهو التّبرير ذاته الذي قدّمه لوضعها في أدوارٍ وظيفيّة نمطيّة دون التّخصّصات الأخرى، حين ادّعت السّلطات عدم وجود "معلّمات مسلمات" ذوات كفاءة في الرّيف لتشغيلهن.3 لكنّ "كفاءة" نساء الرّيف بلغت مستوياتٍ لم يتوقّعها المستعمر.

كانت علاقة القرويّات بالسّلاح حميمة، وكنَّ يعتنينَ به كما لو كان طفلًا من أطفالهنّ، ينظّفنه ويرعينه ويخبّئنه في الحقول. حين هاجم الجيش "أم أحمد" خبّأت المسدّس داخل فستانها ثمّ دفنته في الفناء المزروع بالبطاطا، وبعد جمعها لبعض حبّات البطاطا للتّمويه، باغتها أحد الجنود الإنجليز وقال لها: "إنت شو بتساوي؟" ردّت أمّ أحمد: "أنا بطلّع من هادا -وقد أمسكت البطاطا- مشان أطعمي هادا -مشيرة إلى الولد". قلها: "بسّ هيك؟" قالت له: "بسّ هيك".4

لم يحدث هذا الحراك النسويّ القويّ صدفةً، لقد دفع الصّدام مع الاستعمار البريطانيّ بالحركة الوطنيّة الفلسطينيّة إلى البروز، وكان سؤالُ الهويّة السّؤالَ الأبرز. وكان هذا أيضًا وضعَ الحركة النّسويّة في صراع مع هويّتها الوطنيّة والمجتمعيّة، ودفعها للبحث عن توجّهاتها السّياسّية وخطابها الوطنيّ.

في المدن، تأسّست جمعيّات نسويّة لا تُعنى فقط بالقضايا الخيريّة والنّسائيّة، بل تبحث عن طرق فعّالة لمقاومة الاستعمار. مدينة القدس التي اعتُبِرت مركزًا مدنيًّا، شكّلت حاضنةً لتلك المؤسّسات، فأسّست "حرم فايز بيه حداد" أوّل رابطة للسّيدات العربيّات في القدس عام 1919، بينما تأسّس عام 1921 "أوّل اتّحاد نسائيٍّ فلسطينيّ" بقيادة زليخة شهابي وإميليا سكاكيني،10 وتبعه "جمعيّة الاتّحاد النّسائيّ في نابلس".11

لعب المرأة الرّيفيّة دورها السّياسيّ في موقعها، فعندما طبّق الانتداب "نظام التيل" الاعتقاليّ - وهو مجموعة من المعتقلات الجماعية يترك المعتقلون فيها في العراء دون أيّ مراعاة لعوامل الطّقس، كالحرارة والبرودة الشدّيدة- تحرّكت النّساء الرّيفيّات وزرن القناصل الأوروبيّين في القدس، وأقنعن بعضهم بإرسال طبيب أوروبيّ لفحص المعتقلين، الأمر الذي أدّى إلى إنقاذ بعضهم من الموت.12

مؤسّسات أخرى تشكّلت في منتصف العشرينيّات وحتّى منتصف الثّلاثينيّات، منها جمعيتَا رعاية الطّفل اليافاويّة والنّهضة النّسائيّة في رام الله عامَ 1925، تبعتهما جمعية الاتحاد النسائيّ في القدس والاتحاد النسائيّ في عكا عامَ 1929، وجمعيّة الإحسان في حيفا عامَ 1930، وجمعيّة نهضة الفتاة الحيفاويّة عامَ 1933.13 أمّا عام 1928، فشهد تأسيس "جمعيّة السّيدات العربيّات"، التي كانت أوّل جمعيّة تنصّ صراحة في دستورها على انخراط المرأة في العمل السّياسيّ.14

هناك حكايتان حول طلب الناشطات النّسائيات لقاءَ زوجة المندوب السّامي لتقديم مطالبهنّ، الأمر الذي قوبل بالرّفض بحجّة أنّ هذا الموضوع سياسيٌّ، وأنّ زوجة المندوب السّامي لا علاقة لها بالسّياسة.

تقول الحكايةُ السّائدة إنّ المندوب السّامي عبّر عن سروره بلقاء السّيدات، واعتبرها نقلة نوعيّة في مشاركة المرأة السّياسيّة، وشدّد على قوله إنّه سيبذل جهده لتحقيق السّلام والرّفاهية، ولكنّه، في الوقت نفسه، صرّح بأنّه جهة غير ذات اختصاص في التّعامل مع بعض النّواقض العضويّة للسّلام والرّفاهية، ولكنّ وزارة المستعمرات هي المختصّة بذلك. وتنقل كتب التّاريخ في العادة ما علّقت به الكاتبة الإنكليزيّة المس أندروز على مؤتمر السّيدات قائلة: "إنّ هذه المظاهرة المنظّمة، والّتي سارت وفقًا لبرنامج السّيدات العربيّات اللّواتي يعملن لإنجاح القضيّة العربيّة، كشفت عن قوة ذات شأن في تاريخ القضيّة الفلسطينيّة".15

يظهر المندوب في هذه الحكاية كسياسيٍّ بريطانيٍّ تقدميّ، وبالرّغم من "صلاحياته المحدودة" فإنّه يقدّر هذه النّهضة العظيمة للنّساء، والتي، كما يبدو، كانت بسبب رحابة صدر الانتداب المتحضّر. لكن، إذا ألقينا نظرة على إحدى أوراق المندوب السّامي نفسه، فإنّنا نرى شيئًا آخر.

يقول المندوب السّامي في أوراقه الرّسميّة إنّه اجتمع بوفد النّساء العربيّات أثناء انعقاد المؤتمر، ورفض طلب الوفد تنظيم تظاهرة، وهدّد "بعض القادة المسلمين" بأنّهم إن لم يتدخّلوا لمنع المظاهرة، فإنّه من الممكن أن تُضرب نساؤهم، فكان من "القادة المسلمين" أن تعاونوا وتغيّرت ترتيبات التّظاهرة، التي سلكت طرقًا فرعيّة كي تصل المسجد الأقصى. يفسر ذلك سبب انطلاق مسيرة كهذه بصمت وعبر شوارع فرعيّة، هذا الّصمت الذي إن لم يوضع في سياقه الحقيقيّ فإنّه قد يعطي انطباعًا خاطئًا حول العمل الاحتجاجيّ النّسائيّ. سُجّل لبعض النّساء أنّهنَّ رفعن حجابهنّ عند مقابلة المندوب السّامي دليلًا على قلّة التّقدير، والبعض الآخر رفض شرب القهوة التي قدّمت في ضيافة المندوب، للتّعبير عن عدم الرّضى.1617 لقد انصاع بعض الرّجال لتهديدات المندوب السّامي، ومورست ضغوط على النّساء لتغيير سير المظاهرة، الّتي، ورغمًا عن ذلك، رسمت علامة فارقة في تاريخ الحركة الاحتجاجيّة.

تضميد الجراح
مثلما حملت المرأة السّلاح وخاضت في السّياسة، لعبت دورها الذي لعبته دائمًا في السّلم والحرب، وهو تضميد الجراح، سواء جراج الجسد، فقد تلقّت بعض النّساء الفلسطينيّات دورات في الإسعاف الأوليّ ساعدتهنّ على تطبيب بعض المرضى إلى حين وصول الطّبيب.

في العشرينيّات والثّلاثينيّات، شكّلت عكّا بؤرة لإعدام المقاومين، وأصبح يوم الثّلاثاء تحديدًا يومًا رسميًّا للحزن. حتّم هذا على سيّدات عكا أن يبذُلن المزيد من الجهد لتضميد جراح عائلات المعتقلين والشّهداء، من أرامل ويتامى، وتقديم الدّعم العاطفيّ والماليّ.18

ارتبطت مظاهر الفرح والأغنيات والتّهاليل بمظاهر الثّورة الفلسطينيّة دائمًا، وكانت النّساء بطلاتها، فزغردةُ أمّ الشّهيد، على جدليّتها، أعلت قيمة التّضحية بالغالي والنّفيس في سبيل الكرامة والعدالة والعيش بحرّيّة. كما غنّت النّساء لطلب الفزعة عند الحاجة والتّحريض على الأعداء، كما كانت تغنّي نساء يعبد:

هذول أهل يعبد ومين يقدر يحاصركو
يا حاملين البارود والخناجر في خواصركو
سألت ربّ السّما من فوق ينصركو
نصرة عزيزة وما يغلث خواطركو19

وحين يذكر القائد العربيّ فوزي القاوقجي شدّة الأجواء الحماسيّة الّتي تخلّلت اجتماعه مع قادة الفصائل الفلسطينيّة في آب 1936، يضع بارود البنادق وأهازيج النّساء في الخانة ذاتها.20 وتحتفظ الذّاكرة الشّعبية بمخزون هائل من الأغاني والأشعار الشّعبية المرتبطة بالثّورة، والتي اتّسمت بالعفويّة والحميميّة والتّلقائيّة والارتجاليّة، وكانت قدرة النّساء تتجلّى في نظم ملحمة شعريّة فلّاحيّة، فنسمع في رثاء نجية برهم من قرية رامين، وهي طفلة صغيرة، للشّهيد القائد عبد الرّحيم الحاج محمد:

درّج هالفرس من نصّ قاع الدار بيظا محجّلة تلفي ع أبو كمال
درّج هالفرس من نصّ هالحارة بيظا محجّلة تلفي ع سارة
أبو كمال بحور كثير قطعها وكم بلاد بظرب السّيف حماها
أبو كمال قمر يظوي على الخلّة وخيوله قوطعت ليكم يا عصملّه
أبو كمال قمر يغطّي ع الغابة وخيوله قوطعت ليكم يا ركّابِ
ع قيادتنا لنطيح الحروبات نطلّعها سمعة ونشكل البنات
ع قيادتنا لنطيح ع الشّام نطلعها سمعة ونشكل النّسوان
عقيادتنا لنطيح ع جنين نطلعها سمعة ونشكّل الحريم
أبو الرّاجح بلاد الغرب إله فيه إن اختلفت القيادة عنده يلفيها
ريّس العصابة قال أبو الرّاجح من كلّ شدّة يا ريته ناجح
بدّه لربوعه سبع ذبايح مجاري الهنا للّي ذوّقونا21

*إعداد المتحف الفلسطيني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- مصادر
1عبد الهادي، فيحاء. أدوار المرأة الفلسطينية في الثلاثينات 1930. المساهمة السياسية للمرأة الفلسطينية. البيرة: مركز المرأة الفلسطينية للأبحاث والتوثيق، 2005، ص 46.
2Fleichman, Ellen. “Jerusalem Women’s Organizations During the British Mandate, 1920s-1930s.” Jerusalem: Passia, 1994, p. 13.
3Fleichman, Ellen. "Jerusalem Women's Organizations," p. 12 - 15.
4عبد الهادي، فيحاء. أدوار المرأة، ص 84.
5المصدر السابق، ص 88.
6سرحان، نمر و كبها، مصطفى. سجل القادة والثوار والمتطوعين لثورة 1936-1939. القدس: دار الهدى، 2009، ص 298، ص 925.
7عبد الهادي، فيحاء. أدوار المرأة، ص 83-85.
8خرطبيل، وديعة. ذكريات ومذكرات وديعة قدورة خرطبيل: بحثا عن الأمل والوطن، ستون عاما من كفاح امرأة في سبيل قضية فلسطين. بيروت: بيسان للنشر والتوزيع، 1995، ص 76.
9علقم، نبيل. تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية ودور المرأة فيها. البيرة: مركز دراسات التراث والمجتمع الفلسطيني، جمعية إنعاش الأسرة، 2005، ص 86.
10عبد الهادي، فيحاء. أدوار المرأة، ص 202.
11علقم، نبيل. تاريخ الحركة الوطنية، ص 81.
12عبد الهادي، فيحاء. أدوار المرأة، ص 68-69.
13علقم، نبيل. تاريخ الحركة الوطنية، ص 81.
14خرطبيل، وديعة. ذكريات ومذكرات، ص 57.
15عقل، أمين وآخرون. جهاد فلسطين، ص 174-175.
16Fleichman, Ellen. “Jerusalem Women." pp. 25 - 26
17عبد الهادي، فيحاء. أدوار المرأة، ص 374
18صالح، جهاد. أسمى طوبي 1905-1983، رائدة الكتابة النسوية في فلسطين. البيرة: وزارة الثقافة، دائرة النشر والدوريات، 2011، ص 30.
19عقل، محمد. دور النساء في ثورة عام 1936. شبكة قدس الإخبارية، 2013. استرجع بتاريخ 20-5-2015: http://www.qudsn.co/article/31493
20سرحان، نمر و كبها، مصطفى. سجل القادة والثوار، ص 693.
21المصدر السابق، ص 518.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...